«بالعربي فلسفة»... مبادرة مصرية لتبسيط النّظريات الكبرى ونشرها

رسم لسقراط وتلامذته من مخطوط عربي.
رسم لسقراط وتلامذته من مخطوط عربي.
TT

«بالعربي فلسفة»... مبادرة مصرية لتبسيط النّظريات الكبرى ونشرها

رسم لسقراط وتلامذته من مخطوط عربي.
رسم لسقراط وتلامذته من مخطوط عربي.

دشّن باحثون مصريون مبادرة لتبسيط الفلسفة ونشرها خارج دوائر النخبة والمتخصصين، لتصبح متاحة لفئات مختلفة في المجتمع، من خلال محاضرات وورش تحرص على مشاركة الجمهور في النقاشات والقضايا الجدلية، وربط النظريات الفلسفية بواقع الحياة اليومية المعاصرة، بهدف تغيير المفهوم السائد عن أن الفلسفة مجرد نظريات نخبوية.
تسعى مبادرة «بالعربي فلسفة» إلى تبسيط الفلسفة لتكون غير معقدة، وتصل إلى فئات متنوعة من المجتمع لكسر تابوه الصورة الذهنية السائدة عن العلوم الفلسفية، باعتبارها أفكاراً نخبوية وصعبة ومنفصلة عن تفاصيل الحياة اليومية، بهدف نشر آليات التفكير المنطقي بين فئات متنوعة من المجتمع، ليتمكنوا من ربط النّظريات الفلسفية الكبرى بتفاصيل حياتهم اليومية، وفهم واقعهم والتعاطي معه بطريقة علمية.
من جهته يقول شريف سالم، المحاضر بقسم الفلسفة في الجامعة الأميركية، وأحد المحاضرين في المبادرة، لـ«الشرق الأوسط»: «النقاشات التي تدور عقب المحاضرات تؤكد أنّ القضايا الفلسفية الكبرى القديمة نفسها لا تزال تشغل العقل المصري، وهي الهوية والأديان والأخلاق والتفكير، والملاحظ أنّ الحاضرين يطرحون الأسئلة، ويذهبون في نقاشات ليس لها علاقة بموضوع المحاضرة، وهو ما يعكس بالأساس رغبتهم في المعرفة أو الحصول على إجابات لأسئلة تشغلهم».
ويضيف سالم: «أياً كانت القضية موضوع المحاضرة، سواء الأخلاق أو التفكير أو الحرية، يربطها الحضور بتلقائية بالأديان، ومنذ بداية المحاضرات كان المشاركون في النقاشات يطرحون أسئلتهم أو وجهة نظرهم بقدر كبير من الحدة والتربص، ومع مرور الوقت أصبحوا يشاركون في النقاشات بشكل أكثر هدوء، ودائماً ما يربطون القضية المطروحة بمشكلات حياتهم اليومية».
إلى ذلك، تقام المحاضرات والورش باللغة العربية في مقر الجامعة الأميركية بوسط القاهرة، ويحاضر فيها محاضرون من طلاب الدراسات العليا وخريجو قسم الفلسفة في الجامعة الأميركية، وتحرص المبادرة على تجنب الرتابة وتقديم أدوات تواصل جديدة لدفع الجمهور إلى المشاركة بطرق غير تقليدية، إذ تكون مدة المحاضرة نحو ساعة، يعقبها نقاش مفتوح مع الحضور مدته نحو الساعة ونصف الساعة، وهو ما يفسر مشهد القاعة الممتلئة بالجماهير، وهو مشهد غير مألوف في مصر، خصوصاً مع الاعتقاد السائد بأنّ الفلسفة مجموعة نظريات نخبوية يحتكرها المتخصصون.
في السياق نفسه، تقول يسرا حمودة، مؤسسة مبادرة «بالعربي فلسفة» لـ«الشرق الأوسط»: «عندما أسسنا المبادرة واجهتنا مشكلة أن كل أساتذة الفلسفة في الجامعة الأميركية لا يجيدون اللغة العربية، فكان الحل الأمثل هو الاستعانة بمحاضرين من طلبة الدراسات العليا وخريجي قسم الفلسفة والحاصلين على درجة الماجستير».
وتضيف حمودة، الحاصلة على بكالوريوس الفلسفة والإعلام في الجامعة الأميركية، وليسانس الحقوق من جامعة القاهرة: «شهدت المحاضرات إقبالاً واسعاً من جمهور متنوع ينتمي إلى فئات اجتماعية وثقافية وعمرية مختلفة، لكنّ الشباب بين مرحلة التعليم الثانوي ونهاية التعليم الجامعي أكثر إقبالاً، كما أنّ للنساء والفتيات مشاركة لافتة، سواء بالحضور أو في النقاشات الجدلية التي تعقب المحاضرات، وفي معظم الأحيان تستمر النقاشات وقتاً أطول كثيراً من الوقت المخصص لها بسبب التفاعل ورغبة الجمهور في المشاركة بالحوار».
بحكم طبيعة الفلسفة، فإنها تثير الأسئلة أكثر مما تقدم الإجابات، فتعدّد النّظريات والمدارس الفلسفية منذ نشأة التاريخ الإنساني يؤدي بطبيعة الحال إلى حماس المتخصصين وانحيازهم لنظرية عن أخرى، وهو ما تجسّد طوال مئات السنين في المعارك والمواجهات الثّقافية بين معتنقي النّظريات الفلسفية المختلفة من المفكرين والكتاب، ما دفع القائمين على المبادرة إلى الحرص على عدم تفضيل فيلسوف عن آخر، أو الانحياز لنظرية على حساب أخرى، كي يمكن تحقيق الأهداف الرئيسة من المحاضرات، وهي جعل الفلسفة جزءاً من حياة البشر اليومية، من خلال مناقشة القضايا والأفكار وتحديات الحياة المعاصرة واليومية التي تواجه الأفراد والمجتمع، ونشر الوعي واتباع طرق التفكير المنطقي، حتى يتسنّى للأفكار والنّظريات مساعدة الناس على فهم واقعهم.
تقول يسرا حمودة: «نحرص على ألّا نفضل فيلسوفاً عن آخر، أو ننحاز لنظرية عن الأخرى، حيث نقدم محاضرات متنوعة تحاول ربط النّظريات الفلسفية بالواقع المعاصر، ونعرض نماذج متعارضة من النظريات الفلسفية المختلفة حول القضية التي يتم مناقشتها، وللحرص على الموضوعية في طرح الأفكار المختلفة سنبدأ في المحاضرات المقبلة بإدخال تعديل جديد، إذ سيلقي المحاضرة الواحدة اثنان من المحاضرين يقدم كل منهما نظرية فلسفية مختلفة في نظرتها للقضية المطروحة للنقاش، على أن يستمر المحاضران في فقرة النقاش المفتوح مع الجمهور، كما دفعنا الإقبال الواسع إلى إدخال تخصصات علوم إنسانية بين المحاضرين».



مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
TT

مهرجان الرياض للمسرح ‬⁩يطلق دورته الثانية بـ20 عرضاً وتكريم السباعي

نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)
نجل أحمد السباعي يتلقى التكريم من المهرجان (واس)

انطلق، الأحد، مهرجان الرياض للمسرح بدورته الثانية، ويستمر لاثني عشر يوماً من العروض المسرحية المتنوعة، ومنصة محورية لدعم المسرحيين السعوديين، واكتشاف وتطوير المواهب الناشئة، والاحتفاء بالأعمال المميزة.

وشهد حفل افتتاح الدورة الثانية من المهرجان تكريم شخصية هذا العام؛ وهو الأديب والصحافي والمؤرخ الراحل أحمد السباعي، الذي اشتُهر بلقب «أبو المسرح السعودي»، وجَرَت تسميته شخصية العام في المهرجان؛ تقديراً لإسهاماته في إدخال المسرح السعودية وتطوير الفنون في المملكة.

وقُدِّم على خشبة مسرح مركز المؤتمرات بجامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بمدينة الرياض حيث يقام المهرجان، عرضٌ مسرحي يحكي انطلاقة المسرح في المملكة على يد الرائد أحمد السباعي، مطلع الستينات الميلادية من القرن العشرين.

والسباعي، المولود عام 1905، عمل، مطلع مشواره العملي، في قطاع التعليم، وشرع خلالها في الكتابة بصحيفة «صوت الحجاز»، التي تولّى رئاسة تحريرها لاحقاً، وأسس صحيفة «الندوة»، ثم مجلة «قريش» الأدبية.

ويسجَّل للسباعي أنه كان من أوائل الدائبين على إنشاء المسرح السعودي في بواكيره، وذلك في مطلع الستينات، واستقطب مدربين ذوي دراية وخبرة، للتمثيل من مصر، وجهز عرض الافتتاح، لكن محاولته لم تكلَّل بالنجاح وقتها، وتُوفي عام 1984. ‏

من حفل افتتاح المهرجان في دورته الثانية بالرياض (واس)

تطلعات طموحة للإبداع

تمثل الدورة الثانية للمهرجان امتداداً للنجاح الذي حققته الدورة الأولى، مع تطلعات طموحة لتقديم مزيد من الإبداع والتميز في السنوات المقبلة. يشارك، في نسخة هذا العام، 20 عرضاً سعودياً مع برنامج يشمل 3 ندوات، و6 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، وتتوزع العروض المشارِكة على مسارين؛ أحدهما للمسرح المعاصر ويضم 11 عرضاً، والآخر للمسرح الاجتماعي ويضم 9 عروض.

وقال سلطان البازعي، الرئيس التنفيذي للهيئة، إن مهرجان الرياض للمسرح في دورته الثانية يمثل إنجازاً جديداً لمسيرة المسرح السعودي، وانطلاقة نحو آفاق مسرحية مشرقة. وأضاف: «يجسد المهرجان قيمنا المشتركة، ونهدف إلى أن يكون المسرح السعودي مسرحاً يعكس هويتنا وثقافتنا، في ظل دعم القيادة الرشيدة، ونسعى إلى تحقيق مزيد من النجاحات». وأفاد البازعي بأن المهرجان سيشهد مشاركة 20 عملاً مسرحياً في مسارين مختلفين، إضافة إلى 3 ندوات حوارية، و3 ورش عمل، و20 قراءة نقدية، خلال 10 أيام من الإبداع المسرحي في تجربة ثرية واستثنائية. من جهته، أشار الدكتور راشد الشمراني، مدير المهرجان، إلى أن مهرجان الرياض للمسرح يمثل خطوة نوعية لتعزيز مكانة المسرح في المشهد الثقافي السعودي، موضحاً أن المهرجان يهدف إلى اكتشاف الطاقات الإبداعية ودعمها، إلى جانب تطوير المحتوى المسرحي وتوسيع قاعدة الجمهور، بما يُعزز دور المسرح بوصفه منصة للحوار والتواصل الإنساني، ويسهم في بناء مجتمع واعٍ بفنون الأداء والمسرح. وخلال الحفل، جرى تكريم لجنة الفرز والمشاهدة في المهرجان التي كان لها دور بارز في الدورة الحالية، وضمت نخبة من الأسماء وهم: حمد الرميحي، وعبد الناصر الزاير، وعبد الله ملك، والدكتور عزيز خيون، والدكتور خالد أمين. ويشهد المهرجان عرض مسرحيات الفرق المتأهلة في مسابقة المهرجان، والقادمة من 8 مدن، بالإضافة إلى مجموعة من الفعاليات الثقافية؛ منها ندوات وقراءات نقدية وورشة عمل، كما سيقدم المهرجان عروضاً يومية متنوعة وثقافية تعكس التنوع والإبداع.