آلاف اليهود يتدفقون على القدس الشرقية المحتلة في ذكرى «خراب الهيكل»

حاولوا الاعتداء على رئيس «مجلس الإفتاء الأعلى» وعدد من تجار المدينة

قوات أمن إسرائيلية تتولى حماية عدد من المستوطنين في باحة الأقصى(أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية تتولى حماية عدد من المستوطنين في باحة الأقصى(أ.ف.ب)
TT

آلاف اليهود يتدفقون على القدس الشرقية المحتلة في ذكرى «خراب الهيكل»

قوات أمن إسرائيلية تتولى حماية عدد من المستوطنين في باحة الأقصى(أ.ف.ب)
قوات أمن إسرائيلية تتولى حماية عدد من المستوطنين في باحة الأقصى(أ.ف.ب)

خلال تدفق آلاف المستوطنين اليهود على القدس الشرقية المحتلة، في ذكرى «خراب الهيكل»، حاولت مجموعة منهم، أمس (الأحد)، الاعتداء على رئيس «مجلس الإفتاء الأعلى» في فلسطين، الشيخ محمد أحمد حسين، خلال تواجده بالقرب من باب الأسباط في القدس القديمة، أثناء إجرائه مقابلة تلفزيونية. فيما قام آخرون بتخريب بضائع لتجار فلسطينيين في سوق القطانين، واشتبكوا معهم. وكالعادة، تدخلت الشرطة واعتقلت عددا من المواطنين الفلسطينيين.
وكان آلاف المستوطنين اليهود تدفقوا على القدس الشرقية لأداء الصلوات والطقوس اليهودية التلمودية في ذكرى الهيكل، الذي يعتقدون أنه كان قائما في المكان الذي يقوم به اليوم مسجد قبة الصخرة في باحة الأقصى. وأتاحت الشرطة الإسرائيلية لأكثر من ألف مستوطن أن يدخلوا باحات الأقصى صباحا، وعادت بعد صلاة الظهر، وفتحت لهم المجال للمرة الثانية، عبر باب المغاربة لمزيد من الاقتحامات. وقد انتشرت الوحدات الخاصة في ساحات الحرم، وعمدت إلى إبعاد الفلسطينيين لتوفير الحماية للمجموعة الثانية من المستوطنين، علما بأن 1023 مستوطنا اقتحموا الأقصى في ساعات الصباح.
وجددت القوى الوطنية والإسلامية دعواتها للنفير والتصدي لاقتحام المستوطنين لساحات المسجد الأقصى. وقال وزير الأوقاف، يوسف إدعيبس: «نطالب بحماية المسجد الأقصى من اقتحامات عصابات المستوطنين، وندعو إلى شد الرحال إلى الأقصى لصد هجماتهم المسعورة والحفاظ على حق المسلمين فيه».
وقالت القوى الوطنية والإسلامية في مدينة القدس، في بيان لها، إن «اقتحامات المستوطنين بوتيرة متزايدة، مقدمة بائسة للتقسيم الزماني والمكاني وفرض أمر واقع جديد، وإن ذلك يحتم علينا الالتفاف حول مسرى رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم) وحمايته من أعداء البشرية والإنسانية، وإن الواجب الوطني والديني والأخلاقي، يدعونا للجم هؤلاء الرعاع، وذلك من خلال التواجد والاحتشاد في باحات المسجد الأقصى المبارك وإعلاء التكبيرات، ومواجهة هذا العدوان البربري».
وأكدت القوى على حق الشعب الفلسطيني في الدفاع عن المقدسات، محملة حكومة الاحتلال الإسرائيلي تداعيات هذا العدوان الهمجي، ومطالبة في الوقت ذاته، المجتمع الدولي بضرورة تحمل مسؤولياته وتوفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني وللمقدسات.
وأفاد شهود عيان بأن عملية الاقتحام لساحات الأقصى منظمة وتتم بموجب دعوات «منظمات الهيكل»، مشيرين إلى وجود حافلات تقوم بنقل المستوطنين إلى باب المغاربة، ومن هناك إلى الأقصى بترتيبات مع الشرطة والجيش. ودعت مختلف القوى والمؤسسات المقدسية المواطنين إلى شد الرحال، والتوجه إلى الأقصى للتصدي لاقتحامات ومسيرات المستوطنين بالقدس والأقصى. وأكدت حركة الجهاد الإسلامي، أن ما يرتكبه الاحتلال بالسماح لمئات المستوطنين باقتحام ساحات المسجد الأقصى عدوان خطير، يمس كل مسلم وكل عربي وكل فلسطيني.
من جانبها، حذرت حركة حماس من أن استمرار اقتحام المسجد الأقصى من قِبل قطعان المستوطنين ينذر بتفجير الأوضاع من جديد في وجه الاحتلال. واعتبرت الحركة على لسان المتحدث باسمها عبد اللطيف القانوع، اقتحام مئات المستوطنين لساحات المسجد الأقصى، عدوانا جديدا على الشعب الفلسطيني.
وفي عمان، أدانت الحكومة الأردنية بأشدّ العبارات الانتهاكات الإسرائيلية، وخصوصا اقتحامات المستوطنين والمتطرفين الاستفزازية التي جرت أمس. وقالت وزيرة الدولة لشؤون الإعلام، الناطق الرسمي باسم الحكومة الأردنية، جمانة غنيمات، في بيان، إن مثل هذه الممارسات، المُدانة والمرفوضة، التي تتم بحماية الشرطة الإسرائيلية، تنتهك حرمة هذا المكان المقدّس، وتستفز مشاعر المُصليّن والمسلمين في جميع أنحاء العالم. كما تمثل انتهاكا لالتزامات إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، بموجب القانون الدولي والقانون الإنساني الدولي، وانتهاكا أيضاً، لجميع الأعراف والمواثيق الدولية، التي تؤكد على ضرورة احترام أماكن العبادة للديانات كافة. وشددت غنيمات، على أهمية احترام إسرائيل، كقوة قائمة بالاحتلال، للوضع التاريخي والقانوني القائم في المسجد الأقصى المبارك، واحترام إدارتها الشرعية المتمثلة بإدارة أوقاف القدس.
وأشارت إلى أن السفارة الأردنية في تل أبيب، قدمت مذكرة احتجاج دبلوماسية لوزارة الخارجية الإسرائيلية، صباح أمس، تُعبّر عن إدانة المملكة الشديدة لهذه الانتهاكات.
يُشار إلى أن الأردن هو صاحب الحق في الإشراف على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس المحتلة، وفق اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين عام 1994.
وكان اجتياح المستوطنين للقدس قد بدأ في ساعات الليل، بعد انتهاء الصيام في ذكرى خراب الهيكل، فأدوا صلوات وشعائر تلمودية أمام أبواب المسجد الأقصى، خصوصا باب القطانين، وسط أعمال استفزازية في محيط البلدة، وذلك بمناسبة ما يسمى «يوم الحداد اليهودي» أو «التاسع من آب»، الذي يأتي بمناسبة ما يسمى «ذكرى خراب الهيكل الثاني»، الذي بدأ ليل السبت.
وذكرت مصادر فلسطينية أن مجموعات كبيرة من المستوطنين ملأت باحة حائط البراق (الجدار الغربي للمسجد الأقصى) طوال ساعات الليلة الماضية، وخرجت بمسيرات متعددة واستهدف معظمها سوق القطانين التاريخي في شارع الواد، المُفضي بنهايته إلى المسجد الأقصى، وشرعت بأداء صلوات وطقوس وشعائر تلمودية أمام باب الأقصى من هذه الجهة بحراسة مشددة من قوات الاحتلال.
وشنت أجهزة الأمن الإسرائيلية، فجر أمس (الأحد)، حملة اعتقالات جديدة في مدينة القدس المحتلة، طالت 7 مواطنين، بينهم سيدة، وجرى تحويلهم إلى مراكز توقيف وتحقيق في المدينة المقدسة. وأفادت مصادر فلسطينية، بأن الاعتقالات شملت الناشطة المقدسية المعلمة هنادي الحلواني، والشبان محمد الدباغ، ومأمون الرازم، وعمرو أبو عرفة، وروحي الكلغاصي، وجهاد قوس. كما اعتقلت الشاب سعد صايل من بلدة حزما شمال شرقي القدس المحتلة.



أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
TT

أحداث سوريا تدفع الحوثيين لإطلاق مجاميع من المعتقلين

الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)
الحوثيون هددوا برد قاسٍ على أي تحرك وقالوا إنهم أقوى من النظام السوري (إعلام حوثي)

دفعت الأحداث المتسارعة التي شهدتها سوريا الحوثيين إلى إطلاق العشرات من المعتقلين على ذمة التخطيط للاحتفال بالذكرى السنوية لإسقاط أسلافهم في شمال اليمن، في خطوة تؤكد المصادر أنها تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية ومواجهة الدعوات لاستنساخ التجربة السورية في تحرير صنعاء.

وذكرت مصادر سياسية في إب وصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين أطلقوا دفعة جديدة من المعتقلين المنحدرين من محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد مضي ثلاثة أشهر على اعتقالهم بتهمة الدعوة للاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بنظام حكم الإمامة في شمال البلاد عام 1962.

الكثيري والحذيفي بعد ساعات من إطلاق سراحهما من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن معتقلين آخرين من صنعاء تم إطلاق سراحهم أيضاً، ورأت أن هذه الخطوة تهدف إلى امتصاص النقمة الشعبية على إثر انكشاف حجم الجرائم التي ظهرت في سجون النظام السوري، الذي كان حليفاً للحوثيين.

وبحسب هذه المصادر، تم إطلاق سراح محمد الكثيري، وهو أول المعتقلين في محافظة إب، ومعه الناشط الحوثي سابقاً رداد الحذيفي، كما أُطلق سراح المراهق أمجد مرعي، والكاتب سعيد الحيمي، والطيار الحربي مقبل الكوكباني، مع مجموعة من المعتقلين الذين تم نقلهم إلى السجون السرية لمخابرات الحوثيين في صنعاء.

وتوقعت المصادر أن يقوم الحوثيون خلال الأيام المقبلة بإطلاق دفعة من قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اعتقلوا للأسباب ذاتها.

امتصاص النقمة

كان الحوثيون، وفقاً للمصادر السياسية، يرفضون حتى وقت قريب إطلاق سراح المعتقلين الذين يُقدر عددهم بالمئات، وأغلبهم من محافظة إب، ومن بينهم قيادات في جناح حزب «المؤتمر الشعبي»، أمضوا أكثر من ثلاثة أشهر في المعتقل واتُهموا بالتخطيط لإشاعة الفوضى في مناطق حكم الجماعة من خلال دعوة السكان للاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم الإمامة.

تعنت حوثي بشأن إطلاق سراح قيادات حزب «المؤتمر الشعبي» (إعلام محلي)

وبيّنت المصادر أن الجهود التي بذلتها قيادة جناح حزب «المؤتمر» المتحالف شكليّاً مع الحوثيين، وكذلك الناشطون والمثقفون والشخصيات الاجتماعية، وصلت إلى طريق مسدود بسبب رفض مخابرات الحوثيين الاستجابة لطلب إطلاق سراح هؤلاء المعتقلين، على الرغم أنه لا يوجد نص قانوني يجرم الاحتفال بذكرى الثورة (26 سبتمبر 1962) أو رفع العلم الوطني، فضلاً عن أن الجماعة فشلت في إثبات أي تهمة على المعتقلين عدا منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي تدعو للاحتفال بالمناسبة ورفع الأعلام.

وتذكر المصادر أنه عقب الإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد وانكشاف حجم الانتهاكات والجرائم التي كانت تُمارس في سجونه، ووسط دعوات من أنصار الحكومة المعترف بها دولياً لإسقاط حكم الحوثيين على غرار ما حدث في سوريا وتفكك المحور الإيراني في المنطقة، سارعت الجماعة إلى ترتيب إطلاق الدفعات الجديدة من المعتقلين من خلال تكليف محافظي المحافظات باستلامهم والالتزام نيابة عنهم بعدم الاحتفال بذكرى الإطاحة بالإمامة أو رفع العلم الوطني، في مسعى لامتصاص النقمة الشعبية وتحسين صورتها أمام الرأي العام.

مراهق أمضى 3 أشهر في المعتقل الحوثي بسبب رفع العلم اليمني (إعلام محلي)

ورغم انقسام اليمنيين بشأن التوجهات الدينية للحكام الجدد في سوريا، أجمعت النخب اليمنية على المطالبة بتكرار سيناريو سقوط دمشق في بلادهم، وانتزاع العاصمة المختطفة صنعاء من يد الحوثيين، بوصفهم أحد مكونات المحور التابع لإيران.

وخلافاً لحالة التوجس التي يعيشها الحوثيون ومخاوفهم من أن يكونوا الهدف المقبل، أظهر قطاع عريض من اليمنيين، سواء في الشوارع أو على مواقع التواصل الاجتماعي، ارتياحاً للإطاحة بنظام الحكم في سوريا، ورأوا أن ذلك يزيد من الآمال بقرب إنهاء سيطرة الحوثيين على أجزاء من شمال البلاد، ودعوا الحكومة إلى استغلال هذا المناخ والتفاعل الشعبي للهجوم على مناطق سيطرة الحوثيين.