إجلاء 422 من «الخوذ البيضاء» تمهيداً لنقلهم إلى ثلاث دول

العملية اعتٌبرت أولى ثمار التفاهمات الأميركية - الروسية - الإسرائيلية في سوريا

TT

إجلاء 422 من «الخوذ البيضاء» تمهيداً لنقلهم إلى ثلاث دول

في عملية عسكرية سرّية، نُفذت في الساعات الأولى من فجر أمس (الأحد)، أقدم الجيش الإسرائيلي على إخلاء نحو 422 مواطن سوري، من عناصر «الخوذ البيضاء» السوريين، الدفاع المدني في مناطق سيطرة الفصائل السورية المعارضة، معظمهم من الأطفال، من الجنوب السوري إلى الجولان المحتل، ومن ثم إلى الأردن، وذلك تمهيداً لنقلهم بعد ثلاثة أشهر من اليوم للعيش كمواطنين في ثلاث دول غربية، هي: بريطانيا وألمانيا وكندا.
وتأتي هذه العملية بطلب رسمي من وزارة الخارجية الأميركية وبتنسيق تام مع القوات الروسية في سوريا، وبموافقة من النظام السوري، ما جعل أوساطاً سياسية في تل أبيب تقول إن هذه العملية هي أولى ثمار التفاهمات الأميركية الروسية التي تعطي إسرائيل لأول مرة دوراً سياسياً معترفاً به في سوريا. وستعقبها لاحقاً محادثات إسرائيلية سورية عبر روسيا لترتيب الأوضاع على الحدود في هضبة الجولان المحتلة، تحت عنوان «العودة إلى أوضاع ما قبل سنة 2011، وفقاً لاتفاقية فض الاشتباك من سنة 1974». وأكدت هذه الأوساط، أن الأردن أيضاً كان شريكاً في هذه العملية، حيث تم الحصول على موافقته على إدخال النازحين السوريين، خصوصاً بعد أن تلقى تعهداً خطياً من برلين ولندن ومونتريال باستيعاب هؤلاء النازحين في دولها في غضون ثلاثة أشهر.
وكان الجيش الإسرائيلي قد أصدر بياناً رسمياً، صباح أمس، بانتهاء العملية قال فيه إنه «نفّذ عملية ليلية أجلى خلالها نحو 800 عنصر من الدفاع المدني السوري (الخوذ البيضاء) وعائلاتهم من منطقة القتال في جنوب سوريا وتم نقلهم براً إلى الأردن، وذلك بطلب من الولايات المتحدة ودول أوروبية». وحسب بيان الجيش الإسرائيلي فإن «عملية الإنقاذ» تمت بمراقبة الأمم المتحدة، مؤكداً أن «إسرائيل لا تتدخل في الأعمال القتالية الداخلية في سوريا، وتستمر في اعتبار النظام السوري مسؤولاً عن كل ما يحدث في البلاد».
وأعلنت الحكومة الأردنية، أنها سمحت للأمم المتحدة، بتنظيم مرور نحو 422 شخص من الدفاع المدني السوري، عبر الأردن لتوطينهم في دول غربية، لـ«أسباب إنسانية بحتة، حيث يوجد خطر على أرواحهم». وأكد الناطق الإعلامي باسم وزارة الخارجية في عمان محمد الكايد، أن «هؤلاء المواطنين السوريين سيبقون في منطقة محددة (لم يذكرها) مغلقة، خلال فترة مرورهم عبر الأردن». ولفت إلى أن «الأردن الذي يستضيف 1.3 ملايين سوري، لم ولن يتوانى عن أداء واجبه الإنساني رغم الأعباء الكبيرة التي يضعها ذلك على المملكة». وأشار الكايد إلى أن «تنظيم عملية مرور المواطنين السوريين يتم بإدارة الأمم المتحدة، وأنها لا ترتب أي التزامات على الأردن».
واتضح، وفقاً للمصادر من تل أبيب، أن عملية «الإنقاذ» هذه بدأت قبل عدة أيام، عندما توجه المتطوعون في «الخوذ البيضاء» إلى الولايات المتحدة وكندا والاتحاد الأوروبي وإسرائيل والأردن، طالبين إنقاذهم وأفراد عائلاتهم، من خطر جيش النظام السوري، الذي يعتبرهم أعداء. وقم تم تعيين «ساعة الصفر» مع إسرائيل في التاسعة من مساء السبت، أول من أمس، إذ وصلت حافلات تقلهم من عدة مناطق تجميع، في منطقة درعا وكذلك في منطقة القنيطرة. وتحركت الحافلات، حافلة حافلة، لكيلا تلفت نظر قوات مسلحة تابعة لتنظيمي «داعش» و«القاعدة». وتسلمهم الجيش الإسرائيلي على نقطتي حدود، إحداهما في معبر القنيطرة، والثانية في معبر غير رسمي فتحته إسرائيل خلال الحرب لعبور بعض الجرحى السوريين الذين تلقوا العلاج الطبي.
ومجموعة الدفاع المدني السوري هذه معروفة بالخدمات الكبيرة التي قدمتها خلال سنوات الحرب السورية. ونفذت خدمات إنقاذ وطوارئ لنحو 100 ألف سوري على أرض الوطن، بينها خدمات طبية وتقديم مساعدات غذائية وترميم بيوت والقيام بعمليات تنظيف وخدمات تعليم وغيرها. وبفضل هذا النشاط، تم ترشيحها لجائزة نوبل للسلام. والأغلبية الساحقة من أعضائها البالغ عددهم 3700 هم من الرجال ولكنها تضم أيضا نساء شاركن في عمليات إنقاذ، حسب وكالة الصحافة الفرنسية.
وظهرت المجموعة في عام 2013، عندما كان الصراع السوري يقترب من عامه الثالث، وتعمل في المناطق التي تسيطر عليها قوات المعارضة. ومنذ تأسيسها، توفي أكثر من 200 متطوع من «الخوذ البيضاء» وأصيب 500 آخرون. وقد تلقى بعض الأعضاء تدريباً في الخارج وعادوا لتوجيه الزملاء على أساليب البحث والإنقاذ.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.