«فتح» تؤكد امتلاكها «ملاحظات» على اقتراح المصالحة المصري

قالت مصادر في حركة فتح لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة تعد «ورقة شاملة» تتضمن رؤيتها للمصالحة الفلسطينية، وستعرض على مصر هذا الأسبوع رداً على الاقتراحات المصرية الأخيرة. وأكدت المصادر أن حركة فتح، التي ترى في مصر راعي المصالحة الوحيد، «تتعامل مع الدور المصري باهتمام وتقدير شديد، لكن لديها ملاحظات على الورقة المصرية الأخيرة».
وتابعت المصادر أن «الملاحظات ستناقش مع المسؤولين المصريين الذين قدموا اقتراحات وليست ورقة نهائية». ويفترض أن يصل وفد من «فتح» يرأسه عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير عزام الأحمد، وهو مسؤول ملف المصالحة في حركة فتح، إلى مصر خلال يومين، لتقديم رد على المقترحات المصرية عبر ورقة لـ«فتح» تتضمن مواقفها من المصالحة وملفاتها جميعاً.
وقال عزام الأحمد أمس، إنه سيتوجه إلى القاهرة لتسليم تصور حركة فتح النهائي حول المقترحات المصرية، لمناقشتها من قبل الجانب المصري مع حركة حماس، مضيفاً: «في حال تم الاتفاق سيعقد لقاء ثنائي بين الحركتين».
وكانت «حماس» وافقت رسمياً على الورقة المصرية بشأن المصالحة الفلسطينية، لكن «فتح» امتنعت عن التعليق.
ونشرت «الشرق الأوسط» معلومات عن موقف «فتح» المتمثل بضرورة «تسلم قطاع غزة كاملاً».
وتستند الورقة المصرية الجديدة إلى اتفاق المصالحة الأخير، وذلك عبر تطبيقه بالتدرج، أي عبر مراحل مرفوقة بجدول زمني، لكن مع تغييرات تقوم على اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تتولى شؤون الضفة والقطاع، وتعمل على إجراء انتخابات عامة جديدة، والاتفاق على حلول واضحة مسبقاً وملزمة لمشكلة الجباية المالية وموظفي حكومة «حماس» السابقة.
وتطالب الورقة بوقف أي إجراءات ضد قطاع غزة، والبدء بتوظيف كوادر حركة حماس المدنيين (نحو 20 ألفاً) بعد عودة الوزراء إلى وزارتهم وتسلمها بالكامل، كما تطالب الورقة بإعادة رواتب موظفي السلطة كاملة ودفع السلطة للموازنات التشغيلية للوزارات والمؤسسات الحكومية. لكن لم تشمل الاقتراحات حلولاً واضحة لمسائل أخرى؛ مثل كيفية السيطرة على الأجهزة الأمنية، ومصير العسكريين التابعين لـ«حماس»، والمؤسسة القضائية، والسلاح.
وفي إشارة إلى تسريب القيادي في «حماس» موسى أبو مرزوق تفاصيل عن الورقة المصرية، ما أغضب «فتح»، قال الأحمد أمس: «ما سربته حركة حماس على لسان القيادي فيها موسى أبو مرزوق لا أساس له من الصحة، وهي تصريحات متناقضة، والهدف من نشرها هو إثارة الرأي العام الفلسطيني، وتفجير المقترحات المصرية قبل أن تولد». وأكد الأحمد أن ما قدمته مصر هو مشروع مقترحات لآليات تنفيذ اتفاق المصالحة وليس ورقة نهائية.
وشدد الأحمد على أن الجانب المصري طلب من الحركتين عدم الإدلاء بأي تصريحات حول المصالحة والتحركات لإنهاء الانقسام، إلا أن حركة حماس لم تلتزم بذلك.
وتشمل الورقة «الفتحاوية» رؤية الحركة للمصالحة. وتريد «فتح» سيطرة كاملة على غزة، خصوصاً في مجال الأمن، إضافة إلى المعابر والجباية والقضاء والوزارات وسلطة الأراضي. وقالت مصادر «فتح» إن السلطة تريد سيادة حقيقية على هذه القطاعات، وليس مجرد واجهة. وأضافت: «أولاً يجب تمكين الحكومة، وهذا يعني حكومة مسؤولة عن كل شيء، الأجهزة الأمنية والقضاء وسلطة الأراضي والوزارات. كل شيء وليس مجرد واجهة، ثم بعد ذلك يجري الحديث عن حكومة وحدة وطنية مهمتها التحضير لانتخابات عامة». وتابعت المصادر: «من دون تسلم حقيقي لكل شيء لن ينجح شيء».
وأردفت: «بخصوص الإجراءات المتخذة ضد موظفين في غزة يقررها الرئيس. وبخصوص موظفي (حماس) الموقف واضح، بعد عودة الوزراء والموظفين لوزارتهم يتم إعادة دمج الموظفين القدامى، ويحصر الوزراء الشواغر، ويتم توظيف موظفي (حماس) المدنيين فقط. وهناك لجنة مكلفة بذلك».
ويعد التحرك المصري الجديد أهم تقدم يحدث على المصالحة منذ توقف قبل أشهر طويلة. وتريد مصر إنقاذ الاتفاق الذي رعته في 12 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي. وجاءت الجهود المصرية المكثفة بعد أن وصل الطرفان (فتح وحماس) لطريق مسدودة.
واختلفت الحركتان حول هذه القضية بشكل محدد بعد الاتفاق، فاتهمت الحكومة الفلسطينية حركة حماس بتشكيل حكومة ظل، وطالبت بتمكينها من الجباية المالية، والسيطرة على المعابر والأمن والقضاء، والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى أعمالهم، قبل أي خطوات أخرى، لكن «حماس» اتهمت الحكومة بتهميش غزة، واشترطت عليها استيعاب موظفيها والتدخل المباشر لدعم القطاعات المختلفة ورفع الإجراءات «العقابية» عن غزة.
وساءت العلاقة لاحقاً بين الحركتين، بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمد الله في القطاع في مارس (آذار) الماضي، وهي المحاولة التي اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «حماس»، بالوقوف وراءها مباشرة، متعهداً باتخاذ إجراءات وطنية ومالية ضد القطاع. ورفع عباس من حدة إجراءاته ضد قطاع غزة بعد محاولة الاغتيال، وسيصعدها تدريجياً إذا لم يتم الاتفاق مع «حماس».