بدء الإخلاء الكامل لبلدتي الفوعة وكفريا بعد إتمام اتفاق التهجير

انتهت فجر أمس الخميس عملية إجلاء جميع السكان من الفوعة وكفريا المواليتين للنظام في محافظة إدلب في شمال غربي سوريا، تنفيذا لآخر بنود اتفاق التهجير السكاني بين أربع بلدات تم التوصل إليه العام الماضي. وأصبحت البلدتان خاليتين تماماً، بعد ثلاث سنوات على حصار فرضته فصائل مقاتلة وإسلامية عليهما.
وكانت الفوعة وكفريا الشيعيتان آخر بلدتين محاصرتين في سوريا، بحسب الأمم المتحدة، بعدما استعادت قوات النظام خلال عمليات عسكرية وبموجب اتفاقات إجلاء المناطق التي كانت تحاصرها في البلاد.
وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية، إن «بلدتي الفوعة وكفريا باتتا خاليتين من السكان تماماً بعد انتهاء عملية الإجلاء فجراً بخروج 6900 شخص من مدنيين ومسلحين موالين للنظام»، بموجب اتفاق أبرمته روسيا، حليفة دمشق، وتركيا الداعمة للمعارضة، الثلاثاء. وبدأت العملية بعد منتصف ليل الأربعاء/ الخميس، وخرج سكان البلدتين اللتين حاصرتهما هيئة تحرير الشام وفصائل أخرى في 2015، في دفعة واحدة على متن أكثر من 120 حافلة. وشاهد مراسل الوكالة في قرية الصواغية المجاورة، خروج آخر الحافلات من البلدتين. وقد وصلت هذه الحافلات تباعاً إلى معبر العيس الواقع في جنوب محافظة حلب والفاصل بين مناطق سيطرة قوات النظام والفصائل. وعند معبر العيس من جهة سيطرة الفصائل، شاهد المراسل خروج أولى الحافلات باتجاه مناطق سيطرة القوات الحكومية في ريف حلب الجنوبي. وواكب العملية تشديد أمني. وأفاد المراسل عن مرافقة العشرات من مقاتلي هيئة تحرير الشام القافلة إلى حين وصولها إلى معبر العيس.
غير أن مصادر موثوقة للمرصد السوري، أكدت، أن أكثر من 700 من المعتقلين الذين أفرج عنهم من سجون ومعتقلات قوات النظام، كانوا اعتقلوا خلال الأيام والأسابيع الفائتة، خلال المفاوضات السرية التي كانت تجري بين أطراف الاتفاق، حيث عمدت قوات النظام لاعتقالهم خلال هذه الفترة، وسط اتهامات للنظام بـ«إضافة أسمائهم في ملف التفاوض للتحايل على الاتفاق الروسي - التركي».
وأثار هذا الإجراء استياء الأهالي في ذوي المعتقلين، والذين طالبوا بتوضيحات من الجهات المفاوضة عن المعارضة، فيما إذا كانت قدمت قوائم اسمية كاملة تضم 1500 شخص ممن يوجدون في المعتقلات الأمنية السورية، أم أنه جرى تسليم قوائم محددة تحوي مئات الأسماء ومن ضمنهم مقاتلون وعناصر في صفوف فصائل عاملة على الأراضي السورية، أم جرى فرض القوائم الاسمية من قبل النظام بشكل كامل ومن ضمنها معتقلون من عناصر الفصائل، كطعم لمخادعة الرأي العام وأطراف التفاوض، إذ أكدت المصادر أن أعدادا كبيرة من الذين جرى الإفراج عنهم بعد اعتقالهم خلال الأسابيع الفائتة، عمدوا للبقاء ضمن مناطق سيطرة قوات النظام مع ادعاءات بـ«تسوية أوضاعهم».
إلى ذلك، شهد مساء امس تطور لافت في هذا السياق، إذ افادت وكالة الأنباء الألمانية، توقف تنفيذ اتفاق بلدتي كفريا الفوعة وذلك بعد خلاف على هوية وتبعية المعتقلين الذين تم الإفراج عنهم. وأفادت مصادر مطلعة على تفاصيل التنفيذ، أن «المجموعات المسلحة رفضت تسليم باقي الحافلات التي تقل مواطنين من
كفريا والفوعة، احتجاجا على إخلال قوات النظام بشروط الاتفاق، حيث اعتبرت أن المعتقلين الذين افرج عنهم لا ينتمون إلى المعارضة وإنما هم مجرد معتقلين عاديين». ولفتت المصادر إلى أن «المعارضة المسلحة تطالب حاليا بالأفراج عن معتقلين جدد كي تسمح بإتمام الاتفاق».
ودخلت حتى الآن 98 حافلة تقل مواطنين من كفريا والفوعة إلى مناطق سيطرة النظام، بينما دخلت 26 حافلة تنقل مئات المعتقلين الى مناطق انتشار المجموعات المسلحة إلا أن 20 حافلة عادت بعد أن رفض المعتقلون النزول في إدلب.
وتحدثت المصادر عن محاولات حثيثة لاستكمال تنفيذ الاتفاق خلال الساعات القادمة، حيث ما تزال 23 حافلة لكفريا والفوعة و5 حافلات للمعتقلين المحررين، تنتظر التبادل والأفراج عن أسرى قرية اشتبرق.
وقالت مصادر في المعارضة إن مسؤولين من هيئة تحرير الشام، وهي تحالف يقوده الفرع السابق لتنظيم القاعدة، ومن الحرس الثوري الإيراني تفاوضوا على اتفاق المبادلة الأخير. ونقلت «رويترز»، عن قائد بالتحالف الإقليمي الداعم للأسد ومصدر بالمعارضة الإسلامية على علم بتفاصيل المحادثات السرية، قولهما، إن تركيا شاركت أيضا في العملية التي تستند إلى اتفاق أبرم العام الماضي ولم ينفذ بالكامل.
وأضاف أن بين من يجري نقلهم، رهائن علويين كانت فصائل من المعارضة قد احتجزتهم عندما اجتاحت إدلب قبل أكثر من ثلاث سنوات. وفي أبريل (نيسان) من العام الماضي، تم نقل الآلاف من البلدتين إلى منطقة خاضعة للحكومة في إطار اتفاق مماثل عبر وساطة. وفي المقابل، غادر مئات السكان بلدتي مضايا والزبداني على الحدود مع لبنان واللتين كانتا حينها في يد مقاتلين سنة من المعارضة وتحاصرهما قوات موالية للنظام. وتم نقل السكان إلى إدلب. لكن بنودا أخرى من الاتفاق، منها إجلاء السكان المتبقين في الفوعة وكفريا والإفراج عن 1500 معتقل من سجون الدولة، لم تستكمل في ذلك الوقت.