السراج يطالب بحزم دولي مع «معرقلي المصالحة» في ليبيا

فيما دعا فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني في العاصمة الليبية طرابلس، المجتمع الدولي إلى اتخاذ ما وصفه بموقف «حاسم وحازم» تجاه مَن اتهمهم بعرقلة المصالحة السياسية في البلاد، أعلن نائبه فتحي المجبري، مساء أول من أمس، عن استقالته من عضوية المجلس الرئاسي، الذي يضم تسعة أعضاء.
وجاءت هذه التطورات بينما تحدثت تقارير واردة من طرابلس عن قيام بعض الميليشيات المسلحة، التي تتنازع على السلطة والنفوذ، بحشد عناصرها وآلياتها العسكرية في بعض مناطق المدينة، عقب اندلاع اشتباكات مفاجئة بالقرب من خزانات شركة «البريقة» في طريق المطار بالعاصمة طرابلس.
لكن قوة الردع الخاصة، التابعة لحكومة السراج، قللت من أهمية هذه الاشتباكات، وقالت في بيان مقتضب، أمس، إن إشكالاً بسيطاً حدث مع منتسبي الكتيبة «301 مشاة»، التابعة لوزارة الدفاع، مشيرةً إلى أن «الأمر انتهى، ولا توجد أضرار من الجهتين»، قبل أن تدعو «ألسنة الفتنة لكي تخرس لأنه لن يكون هناك أي خلاف مع الإخوة».
إلى ذلك، قال بيان أصدره مكتب فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، مساء أول من أمس، إنه ناقش في تونس مع سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا وإيطاليا، بالإضافة إلى ممثلي فرنسا وألمانيا وروسيا والصين والمبعوث الأممي، وممثلة الاتحاد الأوروبي، «صعوبات التوافق السياسي في ليبيا».
وحسب البيان، فقد قال السراج للسفراء: «كلما قطعنا خطوة باتجاه المصالحة نجد من يعيدنا خطوات إلى الوراء»، مشيراً إلى أن «مؤتمر باريس كان آخر محاولات التوافق الذي تباينت حوله المواقف الدولية». معتبراً أن «بعض من حضر المؤتمر استغل هذا التباين للتنكر لمقرراته والتنصل من التزاماته»، مستشهداً على ذلك بخرق تلك المقررات، مثلما حدث في الموانئ النفطية مؤخراً. في إشارة ضمنية إلى المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني.
ورأى السراج أن «الانقسام السياسي لم يكن ليستمر لو وجد المعرقلون للتوافق موقفاً دولياً موحداً حاسماً وحازماً»، لافتاً إلى أن «التدخلات السلبية من دول إقليمية ودولية تطيل عمر الحالة الراهنة، حيث يعتمد المعرقلون على تناقض تلك المواقف». كما اتهم السراج دولاً لم يحددها بالانحياز إلى جانب بعض أطراف الصراع، وتزويدها بالسلاح، رغم قرارات الحظر المفروضة على السلاح بموجب قرارات الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي.
موضحاً أن «الصبر بدأ ينفد تجاه تراخي المجتمع الدولي، الذي فقد الكثير من مصداقيته في الشارع الليبي، وذلك بسبب تعمده أحياناً كثيرة اتباع سياسة الكيل بمكيالين».
وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد دعا لاجتماع أطراف النزاع الليبي في باريس خلال شهر مايو (أيار) الماضي، اتفق خلاله الأفرقاء الليبيون على إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية في العاشر من شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وقبول نتائجها، مع المساعدة في عملية دعم وتوفير المتطلبات الأمنية لحماية العملية الانتخابية.
في غضون ذلك، أعلن فتحي المجبري، نائب السراج، انسحابه من عضوية المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، المدعومة من بعثة الأمم المتحدة في العاصمة طرابلس.
وقال المجبري في بيان مقتضب عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، مساء أول من أمس: «لن أعود إلى طرابلس التي تسيطر عليها الميليشيات»، متهما إياها بأنها «تبتز مسؤولي حكومة الوفاق، وتحاول تمرير بعض الصفقات المشبوهة»، معتبراً أن الحكومة عاجزة عن توفير الأمن للمواطنين.
كما انتقد المجبري ما وصفه بـ«الغياب التام لدور الأجهزة الأمنية والقضائية، خصوصاً وزارة الداخلية والجهات التابعة لها». وتابع موضحاً: «الميليشيات للأسف هي من يسيطر على الموارد المالية، وما يحدث داخل حكومة الوفاق مسرحية».
وبهذا القرار يكون المجلس الرئاسي لحكومة السراج، المكون من رئيس وخمسة نواب وثلاثة وزراء دولة، قد فقد ثلاثة من أعضائه التسعة، بعد انسحاب علي القطراني، وعمر الأسود من المجلس، الذي تم تشكيله عقب إبرام الاتفاق السياسي في منتجع الصخيرات بالمغرب نهاية عام 2015. وكان المجبري قد صرح نهاية الشهر الماضي بأنه تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة، أسفرت عن إصابة اثنين من حراسه، بعدما هاجم مسلحون مقر إقامته في العاصمة طرابلس، قبل أن يتمكن من الهروب إلى العاصمة التونسية.
ويعد المجبري من أبرز المقربين من حفتر، علماً بأنه أيَّد قراره بشأن تسليم الموانئ النفطية لمؤسسة النفط في بنغازي، قبل أن يتراجع الأخير عن ذلك.
من جهة أخرى، أعلن المشير حفتر أنه في إطار متابعته الدائمة لكل القطاعات الخدمية، استقبل رئيس لجنة إدارة شركة الخليج العربي للنفط، وعضو لجنة الإدارة للتصنيع والاتصالات بالمؤسسة الوطنية للنفط، مشيراً إلى أنه اطلع خلال الاجتماع على سير الأعمال والمشاريع، التي ستنفَّذ خلال نصف السنة الثاني للعام الجاري، وحلول الصعوبات التي تواجهها لتنفيذ برامجها خلال هذه الفترة.