مصر تقترح حكومة وحدة تمهد لانتخابات وتدرج في التطبيق

حلول واضحة للجباية ومدنيي «حماس»... وغموض حول مصير العسكر ومؤسسة القضاء

متظاهرون في نابلس بالضفة الغربية يرفعون صور الرئيس الفلسطيني أثناء مسيرة داعمة لحركة فتح (أ.ف.ب)
متظاهرون في نابلس بالضفة الغربية يرفعون صور الرئيس الفلسطيني أثناء مسيرة داعمة لحركة فتح (أ.ف.ب)
TT

مصر تقترح حكومة وحدة تمهد لانتخابات وتدرج في التطبيق

متظاهرون في نابلس بالضفة الغربية يرفعون صور الرئيس الفلسطيني أثناء مسيرة داعمة لحركة فتح (أ.ف.ب)
متظاهرون في نابلس بالضفة الغربية يرفعون صور الرئيس الفلسطيني أثناء مسيرة داعمة لحركة فتح (أ.ف.ب)

قالت مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط»، إن الأفكار المصرية الجديدة لإنجاز اتفاق مصالحة بين حركتي فتح وحماس، تستند إلى اتفاق المصالحة الأخير، وذلك عبر تطبيقه بالتدرج، أي عبر مراحل مسقوفة بوقت زمني، لكن مع تغييرات طفيفة، تقوم على اتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية جديدة تتولى شؤون الضفة والقطاع، وتعمل على إجراء انتخابات عامة جديدة، والاتفاق على حلول واضحة مسبقاً، وملزمة، لمشكلة الجباية المالية وموظفي حكومة «حماس» السابقة.
وبحسب المصادر، ركزت مصر على أكبر عقبتين ساهمتا في إفشال الاتفاق، وهما الموظفون من جهة «حماس»، والتمكين الأمني والمالي من جهة السلطة.
وأضافت المصادر: «لم تغير مصر شيئاً على الاتفاق، لكنها اقترحت تشكيل حكومة وحدة وطنية، وتسليم قطاع غزة للسلطة، بما في ذلك الأمن والجباية المالية، مقابل وقف أي إجراءات ضد قطاع غزة، والبدء بتوظيف موظفي حركة حماس المدنيين بعد عودة الوزراء إلى وزارتهم وتسلمها بالكامل».
لكن لم تشمل الاقتراحات حلولاً واضحة لمسائل أخرى، مثل كيفية السيطرة على الأجهزة الأمنية، ومصير العسكريين التابعين لـ«حماس»، والمؤسسة القضائية، والسلاح.
وقالت المصادر إن السلطة، في نهاية الأمر، أبلغت مصر أنها لا تمانع في مسألة التدرج، لكنها تريد التمكين الشامل، معابر وأمناً وجباية وقضاءً ووزارات وكل شيء. وأبلغت «حماس»، مصر، أنها ليست ضد التمكين، لكن يجب رفع العقوبات عن غزة واستيعاب موظفي «حماس» على قاعدة الشراكة.
واتفق الطرفان مبدئياً على ضرورة إجراء انتخابات عامة بعد فترة محددة من المصالحة. وأوضحت المصادر أن التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالمعابر والجباية المالية ومؤسسة الأمن والقضاء وسلطة الأراضي، التي أثارت خلافات سابقة، ستبحث في لقاءات مباشرة بين الطرفين في وقت قريب على مبدأ «تمكين السلطة».
وطالبت حركة فتح، «حماس»، بتطبيق الاتفاق السابق من أجل إنهاء الانقسام، وهو الطلب الذي طلبته «حماس» من «فتح» أيضاً.
وأكد عزام الأحمد عضو اللجنتين المركزية لـ«فتح» والتنفيذية لمنظمة التحرير، أن الأيام والساعات المقبلة ستشهد اتصالات حثيثة ومتسارعة ومكثفة، على قاعدة تطبيق ما اتفق عليه في اتفاقات المصالحة السابقة، مبدياً الكثير من التفاؤل والارتياح الشديد نحو إنجاز المصالحة هذه المرة.
كما أكد عضو المكتب السياسي لحركة حماس موسى أبو مرزوق، موافقة حركة حماس على المقترحات المصرية.
وأضاف أبو مرزوق، في تصريحات بثتها وكالة «صفا» المقربة من «حماس»، «لن نجري حوارات جديدة حول المصالحة، وسنبني على ما تم من اتفاقيات». وأوضح أبو مرزوق أن «حماس» وافقت على المقترح الذي عرضته مصر خلال زيارة وفد الحركة للقاهرة مؤخراً، و«مستعدة لتطبيقه بانتظار رد حركة فتح عليه».
ويفترض أن تعقد حركة فتح اجتماعات برئاسة عباس لحسم المسألة، ثم اجتماعات للقيادة الفلسطينية قبل الرد على المقترح المصري.
وأكد أبو مرزوق أن المقترح «يبدأ برفع فوري لجميع الإجراءات العقابية عن قطاع غزة، مع عودة الوزراء والتزامهم بالبنية الإدارية الحالية، وبدء مشاورات تشكيل حكومة وحدة وطنية».
وأشار إلى أن «(حماس) ستسلم الجباية الداخلية بغزة للسلطة، بعد الأخذ في الاعتبار رواتب موظفي الأمن، الذين لا تشملهم إجراءات اللجنة الإدارية، إضافة لتفعيل المصالحة المجتمعية، واجتماع اللجان الأمنية».
ولفت أبو مرزوق إلى أنه سيجري توحيد المؤسسة القضائية وسلطة الأراضي تحت إشراف مصري.
لكن يتوقع أن تذهب حركة فتح بتفاصيل محددة لهذه المسائل، وألا تبقى تحت عناوين عامة.
وقالت مصادر من الحركة لـ«الشرق الأوسط»، إن الحركة تتوجه لقبول المقترحات المصرية طالما تستند للاتفاق السابق، وتقوم على تمكين السلطة في قطاع غزة، لكنها ستؤكد على تمكين فعلي واتفاق على تفاصيل ذلك.
ويعد التحرك المصري الجديد أهم تقدم يحدث على المصالحة منذ توقف قبل أشهر طويلة. وتريد مصر إنقاذ الاتفاق الذي رعته في 12 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الماضي.
وجاءت الجهود المصرية المكثفة بعد أن وصل الطرفان (فتح وحماس) إلى طريق مسدودة بخصوص المسألة الأكثر أهمية في الاتفاق، وهي تمكين الحكومة الفلسطينية. واختلفت الحركتان حول هذه القضية بشكل محدد بعد الاتفاق، فاتهمت الحكومة الفلسطينية، حركة حماس، بتشكيل حكومة ظل، وطالبت بتمكينها من الجباية المالية، والسيطرة على المعابر والأمن والقضاء، والسماح بعودة جميع الموظفين القدامى إلى أعمالهم، قبل أي خطوات أخرى، لكن «حماس» اتهمت الحركة بتهميش غزة، واشترطت عليها استيعاب موظفيها والتدخل المباشر لدعم القطاعات المختلفة ورفع الإجراءات «العقابية» عن غزة.
وساءت العلاقة لاحقاً، بعد محاولة اغتيال رئيس الوزراء رامي الحمدالله في القطاع في مارس (آذار) الماضي، وهي المحاولة التي اتهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، حركة حماس، بالوقوف خلفها مباشرة، متعهداً باتخاذ إجراءات وطنية ومالية ضد القطاع.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.