إسرائيل: المصادقة على قوانين عنصرية في مقدمها قانون القومية اليهودية

TT

إسرائيل: المصادقة على قوانين عنصرية في مقدمها قانون القومية اليهودية

صادق الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، أمس وأول من أمس، على سلسلة قوانين جديدة تستهدف تعميق سياسة التمييز العنصري ضد المواطنين العرب (فلسطينيي 48)، والمساس باللغة العربية، وتكريس الاستيطان، وتقييد فرص الاعتراض عليه في المحكمة العليا، وتثبيت وضع إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي، وتغليب اليهودية على كل شيء آخر.
وجرت عمليات التصويت على هذه القوانين بأبحاث ماراثونية، بذلت الحكومة جهدا خارقا لتمريرها قبل نهاية الدورة الصيفية للكنيست، التي اختتمت أمس الأربعاء. فيما حاولت المعارضة إجهاض هذه المحاولات، بالمماطلة والتأخير المتعمد، حتى آخر دقيقة من يوم أمس. ولكن الأكثرية الائتلافية لأحزاب اليمين، والجهود الكبيرة لتسوية الخلافات فيما بينها، حسمت النقاشات لصالح تمرير القوانين، بعد إجراء بعض الإصلاحات فيها.
وكان من أبرز هذه القوانين، المشروع الذي بادرت إليه وزيرة القضاء، أييليت شاكيد، الذي يسحب من المحكمة العليا صلاحية النظر في التماسات يتقدم بها الفلسطينيون من سكان الأراضي المحتلة عام 67، ويعطيها إلى المحكمة المركزية، مثل قضايا الاعتراض على مصادرة الأراضي الفلسطينية، والتخطيط والبناء فيها. وبحسب القانون الجديد، سيكون بالإمكان الاستئناف على قرارات المحكمة المركزية إلى المحكمة العليا، ولكن من دون أن تكون الأخيرة الهيئة القضائية الأولى التي تناقش دعاوى الفلسطينيين. وفي أعقاب المصادقة على اقتراح القانون، قالت شاكيد، إن «القانون يطبع الحياة في يهودا والسامرة (الضفة الغربية المحتلة) ومن الآن سوف ينعم المستوطنون بالحق في التقاضي بجميع المستويات القضائية، كباقي المواطنين في البلاد». وتابعت: «التماسات اليسار ضد المستوطنات سوف ينظر فيها بدقة وعدل. هدم المستوطنات سيقل، وسيتعزز البناء الاستيطاني».
وقالت المعارضة، إن هذا القانون ينسجم مع سياسة الحكومة لمحو الخط الأخضر من الناحية القضائية، ووضع عقبات أمام المحكمة العليا، تمنعها من اتخاذ قرارات لإخلاء البؤر الاستيطانية.
وأخطر هذه القوانين هو قانون القومية، الذي جاء ليعزز الطابع اليهودي لإسرائيل، ويمنح الشرعية للتمييز العنصري ضد المواطنين العرب. وقد شهد مشروع القانون بهذا الخصوص تعديلات كثيرة للتخفيف من طابعه العنصري، خوفا من ردود الفعل الدولية؛ إلا أنه بقي في جوهره قانونا عنصريا.
وأكدت «القائمة المشتركة»، التي تضم الأحزاب العربية الوطنية لفلسطينيي 48 التي عارضت القانون بكل شدة، أن القانون «يهدف إلى المساس بمكانة وبوضعية المواطنين العرب في البلاد، عبر عدة بنود تستهدفهم بشكل مباشر، أبرزها إقصاء وتهميش اللغة العربية، وخفض مكانتها في البلاد، من لغة رسمية إلى لغة ذات (وضع خاص)، والبند الذي يشجع إقامة بلدات لتشجيع الاستيطان اليهودي، بحسب القانون الجديد». وأيدتها في ذلك أحزاب المعارضة الإسرائيلية الصهيونية، التي رأت أن «القانون يسيء إلى سمعة إسرائيل الدولية، ويزود معارضي إسرائيل بسلاح يتهم إسرائيل بأنها دولة (أبرتهايد) وأن الصهيونية عنصرية».
وكان نائب المستشار القضائي للحكومة، المحامي راز نيزري، قد عارض بعض البنود، كونها توحي بالتمييز العنصري؛ لكنه عاد وأيده، بدعوى أن التعديلات الجديدة عليه ألغت البنود التي يمكن أن تفهم على أنها عنصرية. وقال إن الصياغة النهائية التي تتحدث عن أن «الدولة ترى في تشجيع الاستيطان قيمة قومية عليا»، لا ينطوي على تمييز عنصري، وأنه شخصياً لا يرى ضيراً في تشجيع الاستيطان اليهودي، ولا في مقولة إن الحقوق القومية متاحة لليهود فقط، بينما لا يجوز أن يكون هناك تمييز في الحقوق الفردية، وبالتالي، فإن الصيغة الجديدة مقبولة ويمكن الدفاع عنها أمام المحكمة، لافتاً إلى أن هذه الصيغة لا تمنع المواطنين العرب، كأفراد، من السكن في تجمعات يهودية أو التملك فيها.
وقال رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، إن «القانون مهم للغاية، وهو أمر مهم لضمان تأسيس وجود إسرائيل كدولة قومية للشعب اليهودي».



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.