كاتب «سائق التاكسي» يعود مخرجاً لفيلم مشابه ومختلف

بول شرادر يواصل إعجابه بأبطاله الخاسرين

TT

كاتب «سائق التاكسي» يعود مخرجاً لفيلم مشابه ومختلف

آخر فيلم قام بول شرادر، كاتب «تاكسي درايفر» من بين أفلام أخرى قبل أن يصبح مخرجاً من العام 1978، هو «فيرست ريفورم» الذي يكاد أن يكون أفضل فيلم حققه إلى اليوم. إن لم يكن فهو أحد اثنين أو ثلاثة من بين أعماله التي تبلغ 21 فيلماً.
وهناك الكثير مما يمكن للناقد أن يلفت النظر إليه، وفي مقدمتها أن المخرج لا يخون ما تقوم عليه كل أعماله، كاتباً أو مخرجاً. فأبطاله (وشخصياته الأساسية حولها) رجال ونساء خاسرون. ولدوا كذلك ويعيشون كذلك وسوف يموتون، على الأرجح، كذلك.
لديهم مهام ثقيلة. رسالات حياة يختارونها ثم يحتارون فيما هم فاعلون بها.
هنا في «فيرست ريفورم» نجد أن المهمّة الملقاة على القس تولر (إيثان هوك) كبيرة يتولاها بالتزام مقلق. حكاية المخرج بول شرادر عنه مليئة بالحزن حياله، ومن خلاله حزنهما على ما آلت إليه الأنفس التي كان تولر قد انصرف لتطهيرها. ليس الكثير من الأنفس بتعداد الذين يؤمون الكنيسة التي يرعاها وتقع في مقاطعة ألباني، في ولاية نيويورك، ويعود بناؤها إلى سنة 1767 ميلادية. مياه كثيرة جرت من تحت جسور الحياة منذ ذلك الحين، وتولر يجد نفسه وحيداً إلا من تقاليد تمسك بزمامه ومشاكل تطرق بابه، من بينها مشكلة امرأة حامل تنشد نصيحته فيما إذا كان عليها الإبقاء على جنينها أو إجراء عملية إجهاض.
دورها أكبر من ذلك بالتدريج، لكن ليس من قبل أن يكشف الفيلم لنا المزيد عن تولر. كان راعياً دينياً عمل في خدمة الجيش لفترة وتزوّج ورزق بابن سمّاه جوزف. لكننا لا نراه. نسمع عنه فقط، وذلك لأن والده كان حثّه على الانضمام إلى الجيش، فقام بذلك (مكرهاً)، حيث تم إرساله إلى العراق وقُتل خلال تلك الحرب. كيف سيسامح القسيس نفسه حيال فعلته هذه، وهو الذي يطلب الغفران لسواه؟
موت ابنه أنهى زواجه وزاده يأساً وبؤساً إلى أن أُسندت إليه العناية بالكنيسة التي يعمل فيها ولها. حين تتجه إليه ماري (أماندا سيفرايد) لمساعدتها تكشف لها أن حبلها من زوجها مايكل (فيليب إتنجر) الذي تتلبسه نظرة سوداوية للعالم قد تدفعه للانتحار. مشكلة مايكل هي أنه ينظر إلى العالم نظرته إلى وادٍ سحيق. يؤمن بأن القيامة اقتربت، وأن من بين علاماتها ما يحدث للبيئة المحيطة بنا، وماري اكتشفت ورقة كتبها يعلن فيها عن استعداده للانتحار حتى مع علمه أن زوجته حامل منه. عوض أن يحاول تولر ردع مايكل عن عزمه، يتبنى قضيته بدوره.
ما سبق كاف لكي يحمل القس رسالة أخرى علاوة على ما يحمله من مسؤوليات، ومستنداً إلى مفهومه ونظرته للحياة ولنفسه. هذا المفهوم نسمعه كـ«Voice Over» أو نراه حين يجلس القس إلى مفكرته يسطر فيها مشاعره ورؤاه.
حين يفعل ذلك، وحين يؤم وجبة غذاء، يحرص على زجاجة نبيذ يتناولها بشراهة كونه، فوق مشاكله الأخرى، مدمن خمر. والأمر يصل إلى ذروته في المشاهد الأخيرة، تلك التي يفقد فيها القس صلابته الروحية وثقته بنفسه وبرسالته ويصل إلى حد فقدان الإيمان المطلق.
الأفلام التي كتبها أو أخرجها بول شرادر تعاملت دوماً مع التيه الناتج عن الذات الحائرة بين الدين والدنيا، التي لا تستطيع أن تتحمّل تبعات إيمانها فتنحرف عنه. نلحظ ذلك في «تاكسي درايفر» الذي أخرجه مارتن سكورسيزي سنة 1974 وصاعداً. وهو لا يحاول حل معضلات أبطاله، بل يعرض لمتاهاتهم، ولو أنه يبدي تفضيله المبني على إيمانه الديني في نهاية المطاف.

- كاميرا
الحق مع الأب المفجوع باختفاء ابنته التي تحوّلت إلى ممثلة أفلام إباحية في فيلمه الثاني مخرجاً (1979)، وهو «Hardcore» وباحث ناقم في «Affliction» («بلاء»، 1997) حكاية تحر يبحث عن الفاعل وخلال ذلك، وكما الحال في «فيرست ريفورم»، يجد أمامه أسئلة تتعلق برؤيته وكيانه ورجاحة اختياراته.
لا يترك شرادر في هذا الفيلم أوراقاً كثيرة لكي يملأها المشاهد بخياله واستيحاءاته. كل شيء مغلق كانغلاق شخصية بطله تولر على نفسه فهو غير قادر على الاستجابة لنصائح القس الأكبر والأخبر، وغير قادر على إصلاح نفسه. لا يحقق بذلك «الإصلاح» الذي يعنيه العنوان لا بيده ولا تحت رعاية سواه. الأسماء التي يختارها المخرج لشخصياته تعكس التأطير الذي ينشده: مايكل هو اسم الرجل الذي يبحث عن ملاذ، وماري هي زوجته التي تفهم ما يمر به القسيس و- لاحقاً - تريده حبيباً. جوزف هو اسم ابن القسيس الذي مات.
الاستيحاء لا يتوقف عند هذه الأسماء - الرموز. في فيلم روبير بريسون «مفكرة قسيس ريف» (Diary of a Country Priest ‪أو‬ Journal d‪’‬un cure de Campagne كما سُمي بالإنجليزية)، حيث الراهب هناك يعاني من الأسئلة الحارة ذاتها، ومن إدمانه الشرب كذلك. في فيلم أندريه تاركوفسكي «Sacrifice» («التضحية»، 1986) هناك شخصية الرجل القلق على مصير العالم، كذلك هو موجود في فيلم إنغمار برغمن «Winter Lights» («أضواء شتوية»، 1963) ومعه شخصية راهب يحاول تهدئة خواطره ومخاوفه، ولو أن المخاوف في «تضحية» و«أضواء شتوية» تتمحور حول نهاية الحياة على الأرض بفعل انفجار نووي.
أسلوب شرادر لاستخراج ما يملأ شخصيته الرئيسية يقوم على تحديق الكاميرا عن بعد (معظم الأحيان)، ومن دون تحريكها، وذلك في تصوير ثابت قام به ألكسندر دينان. هناك مشهدان فقط تدور الكاميرا فيهما حول شخصيته، لكن ما تصوّره بلقطاتها الثابتة يؤدي إلى النتيجة ذاتها التي تنتج عن الموضوع: كلاهما، المضمون كما المشاهد الملتقطة لكل شيء، بالإضافة إلى الشخصية ذاتها، رمادي داكن لا أمل فيه. نظرة شرادر تشارك نظرة تولر ومايكل، بينما توغل في تفكيك مبادئ رجل دين مربوط إلى مشاكله بحبل غليظ.
إيثان هوك يتبنى الشخصية جيداً. لم يظهر في أي دور لا يعكس فيه تلك القدرات المناسبة مهما كان مستوى الفيلم الذي يقوم بتمثيله، لكنه هنا يجد الفرصة لتقديم شخصية لديها 110 دقائق لتعبر عما يجول في داخلها مع كل مرحلة يخطوها، وهو يفعل ذلك بإجادة مطلقة. والجميع من حوله جيدون. بعضهم، مثل مايكل الذي يؤديه فيليب إتنجر، مقنعون بعدما زرع الكاتب - المخرج على ألسنتهم حوارات سديدة تشرح موقفهم ومخاوفهم.

- رسالة إصلاح
شخصيات «فيرست ريفورم» تنضم إلى شخصيات المخرج الدائمة من حيث إن موجودة أمامنا لكي تخسر رهاناته. هذه هي حال بطله هنا وحال بطله في «تاكسي درايفر»، ولا يمكن تجاهل التشابه. الشخصية التي لعبها روبرت دينيرو شريرة من حيث تريد إصلاح العالم. الشخصية التي يؤديها إيثان هوك هي خيّرة من حيث إنها تريد - أيضاً - إصلاح العالم. هذا الفارق ما بين الهوية الأولى قبل تبلور الأحداث أساسي لكنه لا يمحي التشابه ذاته. كل ذنب ترافيز بيكل (دينيرو) في «سائق التاكسي» هو أنه لم يعرف كيف يمكن له أن يفعل ذلك سلمياً. مشكلة تولر أنه لا يعرف كيف يفعل ذلك إلا بالسلم. وكلاهما يخفق.
سيناريو «سائق التاكسي» قاد شرادر للتعاون ثلاث مرّات أخرى مع مارتن سكورسيزي، وفي كل مرّة تمحور الموضوع حول الدين في الظاهر، وفي الخفاء، وحول الرجال غير القادرين على تغيير أنفسهم أو إصلاح ما حولهم. هذه الأفلام هي «ثور هائج» و«العشاء الأخير للمسيح» و«استخراج الموتى».
الجدير بالقول في النهاية، أن شرادر ينجز أفلامه بسهولة إنتاجية نسبية. اسمه يتبلور كسينمائي لم يقل بعد كل ما يريد قوله، ربما لأنه يعاني مثل أبطاله من الشعور بأنه في رحلة لإيصال رسالة إصلاحية. إذا كان هذا صحيحاً فالسبب ليس تقصيره بل منواله من الأفلام التي تنأى بنفسها عن السائد.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».