بريطانيا تطلق برنامجاً لمساعدة المتضررين في دارفور

«تعاضد 2» يهدف إلى مساعدة النازحين على بناء مواطنهم الأصلية

TT

بريطانيا تطلق برنامجاً لمساعدة المتضررين في دارفور

أعلنت مسؤولة بريطانية في الخرطوم أمس تدشينها لمشروع «تعاضد 2»، الممول بمنحة من المملكة المتحدة، بهدف الدفع بالتنمية في دارفور.
وتبلغ قيمة المنحة 23 مليون جينه إسترليني، وتهدف إلى المساعدة في بناء مجتمعات العائدين من معسكرات النزوح إلى مواطنهم الأصلية، عبر تمكينهم من إدارة الموارد الطبيعية، وتعزيز سبل كسب العيش، وتحسين نوعية غذاء الأسر المستهدفة، تماشيا مع استراتيجية حكومة السودان لإنعاش دارفور.
وأوضح كريستوفر بيكروفت، مدير إدارة التنمية الدولية البريطانية في الخرطوم، خلال تدشين برنامج «تعاضد 2»، بحضور ممثلين عن مفوضية العون الإنساني ووزارات الزراعة والصحة والثروة الحيوانية، التزام المملكة المتحدة بتقديم الدعم المستمر لعمليات إنعاش دارفور، من خلال برنامج «تعاضد 2» للسنوات الأربع القادمة، قصد تزويد المجتمعات الريفية في ولايات دارفور الخمس بمساعدة إنمائية طويلة الأجل، والحد من اعتمادها على المعونات الدولية، مما يعزز الانتقال من تقديم الخدمات الإنسانية إلى الإنعاش واعتماد برامج تضمن تنمية مستدامة لفترة طويلة بعد انتهاء المشروع.
وأكد بيكروفت أن مشروع «تعاضد 2» يستهدف أكثر من 177 ألف أسرة فقيرة في ولايات دارفور الخمس، موضحا أن هناك خمس منظمات عالمية تقوم بتنفيذ المشروع هي «كافود»، و«المعونة الكنسية النرويجية»، و«أوكسفام الأميركية»، بالإضافة إلى منظمة «الرؤيا العالمية»، و«أمكور»، وجامعة تافتس الأميركية.
ومن خلال مشروع «تعاضد 2» ستعمل هذه المنظمات على تحسين إدارة الموارد الطبيعية، مثل المياه، ودعم إنتاج المحاصيل والصحة والتغذية لإحداث تغير إيجابي دائم لذوي الدخل المحدود تحديدا، وللمجتمع كله في دارفور.
كما أوضح بيكروفت أن نجاح مشروع «تعاضد1» في تقديم الدعم لأكثر من 60 ألف أسرة في مرحلته الأولى لتصبح أكثر قدرة على الصمود أمام الأزمات المناخية، والصدمات المتصلة بالنزاعات، كان سببا في الانتقال لمشروع «تعاضد 2». وقد شجع الاستثمار في البنية التحتية من قبل الوكالات الحكومية والإنسانية على عودة عدد من الأسر النازحة. كما انعكست عمليات إنعاش الاقتصاد المحلي بشكل إيجابي على دمج دارفور، وتكاملها مع بقية أرجاء البلاد اجتماعيا واقتصاديا.
كما أوضح بيكروفت أن دارفور تحتاج إلى 7.2 بليون دولار «من أجل تحقيق تنمية شاملة، ونحن نقوم بخطوات في الطريق الصحيح، وعلى مراحل نخص بها دارفور وحدها. كما ننوي تقديم 85 مليون جينه إسترليني كهبة مقدمة من الشعب البريطاني للسودان، قصد المساعدة في تنمية الاقتصاد الكلي». وأضاف بيكروفت موضحا: «نلتزم بالعمل من خلال خطة خمسية لمساعدة الناس الأكثر ضعفا على تلبية احتياجاتهم الأساسية. بالإضافة إلى تحسين بيئة الأعمال التجارية، ودعم عمليات الاستثمار في الاقتصاد وتنمية الخدمات الأساسية».
تجدر الإشارة إلى أن دارفور عانت من نزاع مسلح منذ عام 2003 أدى إلى لمقتل مئات الآلاف من المدنين، ونزوح آخرين على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية، ما أثر على الوضع الاقتصادي للإقليم، ولجوء عدد كبير من النازحين للإقامة في معسكرات.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.