الحكومة الإسرائيلية مرتاحة لنتائج قمة ترمب ـ بوتين

شهدت حدود فصل القوات بين إسرائيل وسوريا في هضبة الجولان المحتلة، أمس، حراكاً غير عادي، إذ سحبت قوات النظام آلياتها الثقيلة وقسماً من جنودها شرقاً، وذلك تفادياً للتصادم مع إسرائيل في منطقة القنيطرة.
وفي الوقت ذاته، تدفق نحو 200 نازح سوري نحو الشريط الحدودي طالبين الدخول إلى إسرائيل، ولم يسمح لهم بذلك. واعتبر الإسرائيليون هذا الحراك منسجماً مع التفاهمات بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والأميركي دونالد ترمب، في قمة هلسنكي، حول دعم إسرائيل، والتزام النظام السوري ببنود الاتفاقيات الموقعة معها في سنة 1974.
وكان الرئيس ترمب قال بعد لقائه بوتين في مقابلة خص بها شبكة «فوكس نيوز» الأميركية: «في ختام لقائي مع بوتين توصلنا إلى تفاهمات جيدة بشأن إسرائيل. وتبين لي أنه - أي بوتين - يؤمن بإسرائيل ومعجب بنتنياهو. إن الروس يقدمون له المساعدات ونحن نقدم له المساعدات، وسيكون هذا جيداً لنا جميعاً». وأضاف: «لن نسمح لإيران بأن تجني الأرباح من هزيمة (داعش) في سوريا. بوتين وأنا نعمل سوياً على تعزيز الأمن الإسرائيلي، وكلانا تكلم مع نتنياهو، والجيشان الأميركي والروسي يعملان بتعاون رائع في سوريا».
وأعلن بوتين أنه اتفق مع ترمب على تأمين الحدود الإسرائيلية - السورية، وفقاً لاتفاقية فصل القوات بين الطرفين منذ 1974، وأضاف: «هذا سيمكننا من إعادة الهدوء إلى هذه المنطقة، وفي هذا أكبر خدمة لمصالح إسرائيل الأمنية».
في ضوء هذه التصريحات، بدا أن خروج بعض الوحدات العسكرية التابعة للجيش النظامي من مدينة القنيطرة هي خطوة مرتبة بين جميع الأطراف، خصوصاً إسرائيل وسوريا وروسيا والولايات المتحدة. وأشادت صحف اليمين الإسرائيلي، أمس، بهذه المواقف واعتبرتها تطورات مميزة تدل على أن «نتنياهو قائد سياسي بارع، خطط وهدد ونجح في فرض إرادته على الحلبة السورية». وقالت صحيفة «يسرائيل هيوم»، اليمينية، إن «الاستمرار في هذه السياسة سيعيدنا إلى حقبة الهدوء والأمان التي سادت بين إسرائيل وسوريا 40 سنة، لم يتم خلالها إطلاق رصاصة واحدة بين البلدين». لكن مصادر عسكرية في تل أبيب أبدت تحفظاً على هذه اللهجة المتفائلة، وقالت إن من يريد أن يتعاطى مع روسيا عليه أن يستخدم أربع عيون وأربع آذان. وأضافت: «خلال المعركة التي شنتها قوات النظام في منطقة درعا، قبل عدة أيام، كان هناك تعاون بين قوات النظام والجيش الروسي و(حزب الله) وقوات أخرى موالية لإيران». وقالت: «خلافاً لادعاءات جهات سياسية إسرائيلية بأن روسيا تعمل على إبعاد إيران عن الحدود، فإن المعلومات المتوفرة لدى الجيش الإسرائيلي تقول إن الروس وفروا غطاءً جوياً للقوات البرية التي عملت في المنطقة، وضمت بالإضافة إلى قوات النظام السوري عناصر عديدة من (حزب الله) اللبناني والميليشيات الأخرى الموالية لإيران».
وفي السياق، أكد المحاضر المتخصص في التاريخ الأميركي في جامعة حيفا، البروفسور الإسرائيلي أبراهام بن تسفي، أنه التقى مؤخراً عدداً من المسؤولين في البيت الأبيض، الذين أكدوا له أن «ترمب وبوتين توصلا إلى صفقة يجري العمل عليها منذ عدة شهور، بموجبها سيساعد الرئيس الروسي واشنطن في حربها ضد إرهاب (داعش) و(القاعدة) في سوريا، وسيتيح لها ضمان مصالحها في سوريا، بما في ذلك حماية أمن إسرائيل، والسعي لإجلاء الإيرانيين عن سوريا، وسيوفر لها أن تنسحب بلا خسائر من سوريا، مقابل سكوت واشنطن على ممارسات بوتين في أوكرانيا، بل ورفع العقوبات الأميركية التي فرضت على روسيا بسبب هذا النشاط».
وقال بن تسفي إنه «من وجهة نظر البيت الأبيض، هذا إنجاز مضاعف؛ ليس فقط أن موسكو تعهدت بضمان الاستقرار في إقليم نازف ومتخم بالعنف والتوتر، وبذلك تمكين الولايات المتحدة من أن تستكمل بأمان انسحابها منه، إنما هذا التعهد يشمل بشكل واضح بذل جهد لدفع مصلحة أميركية مركزية في الشرق الأوسط، ألا وهي ضمان أمن الحليف الإسرائيلي في الجبهة الشمالية. هكذا تحولت إسرائيل إلى جزء مركزي من صفقة تبادل عالمية. وفي المقابل، تتقبل الولايات المتحدة نهائياً، وإن لم يكن بشكل رسمي معلن، ضم شبه جزيرة القرم (لروسيا) والعمليات الخاطفة التي نفذتها موسكو في شرق أوكرانيا».
وفي ضوء ذلك، كتب خبير الشؤون الأمنية والاستراتيجية في صحيفة «معاريف» العبرية، يوسي ميلمان، أنه «لا شك أن قمة هلسنكي منحت إنجازاً شخصياً كبيراً لنتنياهو وسياسة حكومته في سوريا. وحصل استثماره خلال السنوات الثلاث الأخيرة بإقامة علاقات وثيقة مع بوتين، فالتقاه 10 مرات». وذكر ميلمان أن «بوتين لا يمنع إسرائيل من إحباط محاولات إيران لإقامة قواعد في سوريا، تشمل منظومات أسلحة متطورة، خصوصاً بطاريات مضادة للطائرات، بهدف تقييد حرية عمل سلاح الجو الإسرائيلي، وروسيا التي كانت تندد بالغارات الإسرائيلية في الماضي، لم تعد في الأشهر الأخيرة تتطرق إلى هذه الغارات».