احتجاجات مدن جنوب العراق تدخل أسبوعها الثاني

جانب من الاحتجاجات (رويترز)
جانب من الاحتجاجات (رويترز)
TT

احتجاجات مدن جنوب العراق تدخل أسبوعها الثاني

جانب من الاحتجاجات (رويترز)
جانب من الاحتجاجات (رويترز)

دخلت التظاهرات في العراق اليوم (الاثنين) أسبوعها الثاني، في تحرك احتجاجي شهد عنفا أسفر عن قتلى وجرحى، مما يسلط الضوء على الضائقة الاجتماعية التي تعاني منها فئات كبيرة من هذا البلد الذي أنهكته 15 عاما من النزاعات الدامية.
وبعد نحو ستة أشهر من إعلان السلطات العراقية «النصر» على تنظيم "داعش"، ووسط انخفاض كبير  للعنف في البلاد، التي سقط ثلثها بأيدي المتطرفين قبل أربع سنوات، عادت المشكلات الاجتماعية لتحتل رأس سلم الأولويات.
وخرج الآلاف في تظاهرتين جديدتين صباح اليوم في محافظتي ديالى وذي قار في شرق وجنوب بغداد.
وسبق للعراقيين أن عاقبوا الطبقة الحاكمة بالإحجام الكبير عن التصويت في الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في 12 مايو (أيار) الماضي، ويطالبون اليوم بتوزيع عادل للعائدات النفطية، خصوصا في جنوب البلاد المتوتر منذ أسبوع.
وتشكل الموارد النفطية للعراق 89 في المائة من ميزانيته، وتمثل 99 في المائة من صادرات البلاد، لكنها تؤمن واحدا في المائة من الوظائف في العمالة الوطنية لأن الشركات الأجنبية العاملة في البلاد تعتمد غالبا على عمالة أجنبية.
وتبلغ نسبة البطالة بين العراقيين رسميا 10.8 في المائة. ويشكل من هم دون 24 عاما نسبة 60 في المائة من السكان، مما يجعل معدلات البطالة أعلى مرتين بين الشباب.
وبالنسبة للمحتجين الذين هاجموا مقار مختلف الأحزاب السياسية في كل المحافظات الجنوبية، حيث أحرقوا بعضها أو أنزلوا صورا علقها السياسيون أنفسهم، فإن المشكلة الكبرى الأخرى هي الفساد.
ويؤكد هؤلاء أنه منذ الغزو الأميركي للعراق الذي أطاح نظام صدام حسين عام 2003، استولت الطبقة الحاكمة على الأموال العامة والموارد الطبيعية والمشاريع العامة، وحرمت العراقيين من البنى التحتية الأساسية.
يقول المتظاهر حسين غازي (34 عاما) من البصرة إن «هذه الحقول ملك لنا، ولا شيء لنا فيها».
فيما يشير عقيل كاظم (27 عاما) العاطل عن العمل إلى «أننا سمعنا كلاما كثيرا ولم يقدموا لنا شيئا، الآن سنحاسبهم بهذه التظاهرات».
بالإضافة إلى ذلك، فإن الجفاف العام الحالي وإقدام تركيا المجاورة على بناء سدود على الأنهار التي تمر عبر العراق، ضربا الموسم الزراعي بشكل كبير، وسط معاناة العراقيين أيضا من الانقطاع المزمن للكهرباء في ذروة الصيف الذي تلامس درجات الحرارة فيه 50 درجة.
وقتل ستة متظاهرين منذ انطلاق الاحتجاجات اليومية في محافظة البصرة الساحلية في جنوب العراق.
وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الذي زار البصرة الجمعة لتهدئة النفوس، أصدر بيانا مساء السبت أمر فيه «بتوسيع وتسريع آفاق الاستثمار للبناء في قطاعات السكن والمدارس والخدمات وإطلاق درجات وظيفية لاستيعاب العاطلين عن العمل وإطلاق تخصيصات مالية لمحافظة البصرة بقيمة 3.5 تريليون دينار فورا (نحو ثلاثة مليارات دولار)».
ودعا العبادي كل الأجهزة الأمنية لتكون على أهبة الاستعداد لأن الإرهاب يريد أن يستغل أي حدث أو خلاف» مؤكدا «أهمية العمل الأمني والاستخباري».
وتصاعد التوتر في التظاهرات التي خرجت في البصرة ضد البطالة وانعدام الخدمات العامة، وخصوصا الكهرباء، بعد مقتل متظاهر في الثامن من يوليو (تموز)، لدى إطلاق نار خلال تفريق التظاهرة، وامتدت لتشمل محافظات جنوبية أخرى، بما فيها النجف وميسان وكربلاء وذي قار والمثنى.
ويوم السبت، انقطعت خدمة الإنترنت في جميع أنحاء العراق، مع سريان شائعات عن وصول التظاهرات إلى بغداد. لكن السلطات أكدت اليوم أن الانقطاع سببه عمليات صيانة. وقد عادت الخدمة إلى العمل.
وأعلنت المرجعية الشيعية العليا تضامنها مع المحتجين، مطالبة الحكومة بإيجاد حلول سريعة.
وتأتي موجة الاحتجاج هذه فيما ينتظر العراق انتهاء عملية إعادة الفرز اليدوي النسبي لأصوات الانتخابات التشريعية التي شهدتها البلاد في 12 مايو، على خلفية شبهات بالتزوير.
ويجد العراق نفسه اليوم من دون سلطة تشريعية للمرة الأولى منذ إطاحة نظام صدام حسين في 2003.



تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
TT

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)
وقفة للجماعة الحوثية في وسط العاصمة صنعاء ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها (أ.ب)

أفرجت الجماعة الحوثية عن عدد ممن اختطفتهم، على خلفية احتفالاتهم بعيد الثورة اليمنية في سبتمبر (أيلول) الماضي، لكنها اختطفت خلال الأيام الماضية المئات من سكان معقلها الرئيسي في صعدة، ووجَّهت اتهامات لهم بالتجسس، بالتزامن مع بث اعترافات خلية مزعومة، واختطاف موظف سابق في السفارة الأميركية.

وذكرت مصادر محلية في محافظة صعدة (242 كيلومتراً شمال صنعاء)، أن الجماعة الحوثية تنفِّذ منذ عدة أيام حملة اختطافات واسعة طالت مئات المدنيين من منازلهم أو مقار أعمالهم وأنشطتهم التجارية، وتقتادهم إلى جهات مجهولة، بتهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل، مع إلزام أقاربهم بالصمت، وعدم التحدُّث عن تلك الإجراءات إلى وسائل الإعلام، أو عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

وقدرت المصادر عدد المختطَفين بأكثر من 300 شخص من مديريات مختلفة في المحافظة التي تُعدّ معقل الجماعة، بينهم عشرات النساء، وشملت حملة المداهمات منازل عائلات أقارب وأصدقاء عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عثمان مجلي، الذي ينتمي إلى صعدة.

فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

ورجحت المصادر أن اختطاف النساء يأتي بغرض استخدامهن رهائن لابتزاز أقاربهن الذين لم تتمكن الجماعة من الوصول إليهم، أو لإقامتهم خارج مناطق سيطرتها، ولإجبار من اختُطفنَ من أقاربهم على الاعتراف بما يُطلب منهن. وسبق للجماعة الحوثية اتهام حميد مجلي، شقيق عضو مجلس القيادة الرئاسي، أواخر الشهر الماضي، بتنفيذ أنشطة تجسسية ضدها، منذ نحو عقدين لصالح دول عربية وغربية.

إلى ذلك، اختطفت الجماعة الحوثية، الاثنين الماضي، موظفاً سابقاً في سفارة الولايات المتحدة في صنعاء، من منزله دون إبداء الأسباب.

وبحسب مصادر محلية في صنعاء؛ فإن عدداً من العربات العسكرية التابعة للجماعة الحوثية، وعليها عشرات المسلحين، حاصرت مقر إقامة رياض السعيدي، الموظف الأمني السابق لدى السفارة الأميركية في صنعاء، واقتحمت مجموعة كبيرة منهم، بينها عناصر من الشرطة النسائية للجماعة، المعروفة بـ«الزينبيات»، منزله واقتادته إلى جهة غير معلومة.

مسلحون حوثيون يحاصرون منزل موظف أمني في السفارة الأميركية في صنعاء قبل اختطافه (إكس)

وعبث المسلحون و«الزينبيات» بمحتويات منزل السعيدي خلال تفتيش دقيق له، وتعمدوا تحطيم أثاثه ومقتنياته، وتسببوا بالهلع لعائلته وجيرانه.

إفراج عن مختطَفين

أفرجت الجماعة الحوثية عن الشيخ القبلي (أمين راجح)، من أبناء محافظة إب، بعد 4 أشهر من اختطافه، كما أفرجت عن عدد آخر من المختطفين الذين لم توجه لهم أي اتهامات خلال فترة احتجازهم.

وراجح هو أحد قياديي حزب «المؤتمر الشعبي» الذين اختطفتهم الجماعة الحوثية إلى جانب عدد كبير من الناشطين السياسيين وطلاب وشباب وعمال وموظفين عمومين، خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، على خلفية احتفالهم بثورة «26 سبتمبر» 1962.

مخاوف متزايدة لدى اليمنيين من توسيع حملات الترهيب الحوثية بحجة مواجهة إسرائيل (أ.ب)

ومن بين المفرَج عنهم صاحب محل تجاري أكَّد لـ«الشرق الأوسط» أنه لم يعلم التهمة التي اختُطِف بسببها؛ كونه تعرض للاختطاف في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أي بعد شهرين من حملة الاختطافات التي طالت المحتفلين بذكرى الثورة اليمنية.

وذكر أن الوسطاء الذين سعوا لمحاولة الإفراج عنه لم يعرفوا بدورهم سبب اختطافه؛ حيث كان قادة أجهزة أمن الجماعة يخبرونهم في كل مرة بتهمة غير واضحة أو مبرَّرة، حتى جرى الإفراج عنه بعد إلزامه بكتابة تعهُّد بعدم مزاولة أي أنشطة تخدم أجندة خارجية.

خلية تجسس مزعومة

بثَّت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، اعترافات لما زعمت أنها خلية تجسسية جديدة، وربطت تلك الخلية المزعومة بما سمته «معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس»، في مواجهة الغرب وإسرائيل.

وطبقاً لأجهزة أمن الجماعة، فإن الخلية المزعومة كانت تسعى لإنشاء بنك أهداف، ورصد ومراقبة المواقع والمنشآت التابعة للقوة الصاروخية، والطيران المسيَّر، وبعض المواقع العسكرية والأمنية، بالإضافة إلى رصد ومراقبة أماكن ومنازل وتحركات بعض القيادات.

خلال الأشهر الماضية زعمت الجماعة الحوثية ضبط عدد كبير من خلايا التجسس (إعلام حوثي)

ودأبت الجماعة، خلال الفترة الماضية، على الإعلان عن ضبط خلايا تجسسية لصالح الغرب وإسرائيل، كما بثَّت اعترافات لموظفين محليين في المنظمات الأممية والدولية والسفارات بممارسة أنشطة تجسسية، وهي الاعترافات التي أثارت التهكُّم، لكون ما أُجبر المختطفون على الاعتراف به يندرج ضمن مهامهم الوظيفية المتعارف عليها ضمن أنشطة المنظمات والسفارات.

وسبق للجماعة أن أطلقت تحذيرات خلال الأيام الماضية للسكان من الحديث أو نشر معلومات عن مواقعها والمنشآت التي تسيطر عليها، وعن منازل ومقار سكن ووجود قادتها.

تأتي هذه الإجراءات في ظل مخاوف الجماعة من استهداف كبار قياداتها على غرار ما جرى لقادة «حزب الله» اللبناني، في سبتمبر (أيلول) الماضي، وفي إطار المواجهة المستمرة بينها وإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا، بعد هجماتها على طرق الملاحة الدولية في البحر الأحمر، والهجمات الصاروخية باتجاه إسرائيل.