اتحادات مستقلة تسعى إلى إيجاد حلول تمويلية لمنسوبي الجامعات الأميركية

كثيرون من الأكاديميين بدوام جزئي أشرفوا على الإفلاس

الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)
الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)
TT

اتحادات مستقلة تسعى إلى إيجاد حلول تمويلية لمنسوبي الجامعات الأميركية

الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)
الاتحاد الدولي لعمال الخدمات قام برعاية ندوة في بوسطن الشهر الماضي لاتحاد يسعى إلى تنظيم مساعدات لمنسوبي الجامعات المحلية (نيويورك تايمز)

كانت جيليان ماسون تحب الأدب بشكل كبير في الكلية، ولذلك قررت الدخول في هذا المجال، وحصلت على شهادة الدكتوراه في الدراسات الأميركية من جامعة بوسطن. وحصلت ماسون على وظائف تدريس بدوام جزئي في جامعات مختلفة، ولكن بعد مرور 10 سنوات على عملها كأستاذة مساعدة، أدركت ماسون أنها لن تجد وظيفة بعقد دائم على الإطلاق أو حتى الوظيفة التي توفر الأجر الكافي لسداد حاجات الفرد وعائلته.
وتقول ماسون «كنت أقوم بتدريس خمس دورات في ثلاث جامعات مختلفة. وقد بدأت أتعرض للإفلاس بشكل سريع فيما كانت تتزايد قروض الدراسة الخاصة بي». وبناء على ذلك، تركت ماسون مهنة التدريس وأصبحت عضوا في إحدى منظمات التعليم العالي، حيث كانت تشارك في حركة تسعى إلى التعرف على الجامعات الأميركية التي يتحول فيها الأساتذة المساعدون الأعضاء بالكليات - وهي البيئة الأكاديمية التي يحصل العاملون فيها على دخل ضعيف - إلى العمل الجماعي.
ومن بين الأكاديميين العاملين بالكليات تبلغ نسبة العاملين بعقود ثابتة أو الذين في طريقهم إلى التثبيت 25 في المائة فقط من إجمالي تلك القوى العاملة، حيث انخفضت تلك النسبة إلى أكثر من الثلث عما كانت عليه في عام 1995. وتشغل أغلبية العاملين في هذا المجال وظائف مؤقتة مشروطة، حيث لا يعمل أغلبهم كمساعدين بدوام جزئي فحسب، بل كمساعدين للأساتذة الجامعيين ومحاضرين بدوام كامل أيضا. وتسعى النقابة الدولية لخدمة الموظفين Service Employees International Union، بجانب أعضاء في مجالات الرعاية الصحية وتوفير الرعاية والخدمات العامة، جاهدة بشكل سريع إلى إضافة وإدراج مساعدي الأساتذة الجامعيين على قوائمها وتنظيم ذلك الأمر في الكليات الخاصة في العديد من المناطق الحضرية.
وفي واشنطن، شُكلت نقابة تضم الجامعة الأميركية وجامعة جورج تاون وجورج واشنطن وجامعة مونتغمري. وفي منطقة لوس أنجليس، قدم الأساتذة المساعدون في كلية ويتير وجامعة لافيرن طلبهم إلى المجلس الوطني للعلاقات العمالية لإجراء انتخابات النقابة. وفي بوسطن، قام العاملون بدوام جزئي بجامعة تافتس بالتصويت على الانضمام إلى نقابة خدمات الموظفين في شهر سبتمبر (أيلول)، في حين فشل التصويت في شهر أكتوبر (تشرين الأول) في جامعة بنتلي بسبب الاحتياج إلى صوتين إضافيين. ويجري تنفيذ الحملات في جامعتي نورث إيسترن وليزلي.
وفي سياق متصل، تقول أدريانا كيزار، مديرة مشروع دلفي بجامعة جنوب كاليفورنيا الخاص بتغيير الجامعة وتحقيق النجاح للطلاب، إن «استراتيجية النقابة الدولية لخدمة الموظفين مليئة بالزخم في الوقت الحالي»، مضيفة «إننا نعرف أن تشكيل النقابات يؤدي إلى زيادة المرتبات، أو على الأقل البدء بزيادة الامتيازات والإعانات».
وفي هذا الصدد، كشفت دراسة، نشرها ائتلاف القوى العاملة من الأكاديميين (Coalition on the Academic Workforce) في العام الماضي، أن الأساتذة المساعدين المنضمين إلى النقابة حصلوا على نسبة 25 في المائة في دورة تدريبية أكثر من ذويهم غير المنضمين إلى النقابة. وفي أحدث منتديات نقابة خدمات الموظفين التي انعقدت في بوسطن بشأن عمل الأساتذة المساعدين، تحدث المنظمون كيف أن وجود نقابة على مستوى المدينة قد يساعد في زيادة المرتبات وتحسين ظروف العمل وحل المشاكل المتعلقة بالحصول على مزايا الإعانات الصحية. وبموجب قانون حماية المريض والرعاية ميسورة التكلفة، سيكون أصحاب العمل، الذين لديهم ما يزيد على 50 موظفا، مطالبين بتوفير التأمين الصحي للموظفين الذين يعملون لمدة 30 ساعة، على الأقل، أسبوعيا. ووفقا لبحث مسؤولي الموارد البشرية الصادر مؤخرا عن موقع «إنسايد هاير إيد» (Inside Higher Ed)، أعرب نصف عينة البحث تقريبا أن كلياتهم أو جامعتهم تضع قيودا على ساعات عمل الأساتذة المساعدين، ولذلك فإنهم لن يكونوا مؤهلين بالحصول على المزايا الصحية. وعندما سأل المنظمون بالنقابة هؤلاء الموجودين في منتدى الأساتذة المساعدين بشأن أكثر الأمور التي يودون تغييرها، كان التأمين الصحي هو الأكثر أهمية بجانب الرواتب وظروف العمل.
وفي المقابل، تتصدى بعض الجامعات لجهود تكوين تلك النقابة. فقد وكلت جامعة نورث إيسترن، التي تضم 1400 عضو من أعضاء الكلية العاملين بدوام جزئي وغير المثبتين، شركة «جاكسون لويس»، التي تعتبر واحدة من أكثر شركات المحاماة المناوئة لتشكيل تلك النقابة على مستوى البلاد.
ومن جانبه، رفض جوزيف عون، رئيس جامعة نورث إيسترن إجراء مقابلة معه. وقال عميد الجامعة ستيفن دبليو دايركتور، في خطاب يناقش الحملة التنظيمية للنقابة، إن أعضاء الكلية والإدارة قد شجعوا بشكل كبير للغاية العلاقة التعاونية القائمة على الاحترام والثقة المتبادلة.
وحسبما جاء في الخطاب قال دايركتور «نحن نشجع جميع أعضائنا بالكلية للتعامل مباشرةً مع الجامعة بشأن أي أمور أو مخاوف قد تكون لديهم. إن ما يهمنا هو إدراك مدى التأثير الذي سيقع على مجتمعنا في حال تخليك عن حقوقك لفعل ذلك مع منظمة خارجية، وهو الأمر الذي لا يكون مألوفا بالنسبة لثقافتنا».
وفي السياق نفسه، يقول الأساتذة الجامعيون إنهم يشعرون بقليل من الدعم من جانب الطلبة في معظم الجامعات. وقال دوغلاس كيردورف، الأستاذ المساعد في مادة التاريخ في جامعة بنتلي والذي يقوم بتدريس دورة واحدة في هذا الفصل الدراسي، إنه قد ارتدى شارة الحملة القومية لتحسين التعليم العالي Adjunct Action خلال الحملة التنظيمية أملا في أن يسأله الطلبة عن ذلك، ومن ثم يتسنى له إخبارهم بأنه يحصل على 5000 دولار أميركي مقابل الدورة التدريبية، في حين أن الكثير من الإداريين تقريبا يكسبون أكثر من 250 ألف دولار في العام. وأردف كيردورف قائلا «بيد أن الطلاب كانوا غير فضوليين بشأن هذا الأمر».
وعلاوة على ذلك، تساءل الأساتذة المساعدون بشأن كيفية حشد تأييد أولياء الأمور، الذين قد لا يكونون على دراية بشأن تأثير ظروف عمل الكلية على الأحوال الخاصة بتعلم الطلبة أو المصاريف الدراسية الضخمة التي كانوا يدفعونها للمحاضرين الذين يتنقلون بين العديد من الجامعات ولا يشغلون مناصب، بل وقد يحصل هؤلاء الأساتذة المساعدون على القليل جدا من المال بما يجعلهم مؤهلين للحصول على الأطعمة المدعومة.
وقد فحصت الكثير من الدراسات، باستخدام المناهج المختلفة، تأثير الأساتذة المساعدين على نجاح الطلبة، حيث كانت أكثر التأثيرات التي جرى اكتشافها سلبية. بيد أنه في شهر سبتمبر، أصدر المكتب القومي للأبحاث الاقتصادية دراسة كشفت أن الطلبة المستجدين بجامعة نورث إيسترن، الذين حصلوا على أولى دوراتهم على يد الأساتذة الأعضاء غير المثبتين بالكلية، قد تعلموا أكثر من نظرائهم الذين حصلوا على الدورات التمهيدية الأساسية على يد أساتذة جامعيين عاملين بعقود دائمة. وبوجه عام، فمع ذلك يعمل الأساتذة المساعدون الأعضاء بهيئة تدريس الكلية في جامعة نورث إيسترن، التي تعد إحدى جامعات النخبة، بدوام كامل مع الحصول على كامل المزايا وعقود لعدة سنوات.
وفي حين أن الدراسة لم تتطرق إلى الأساتذة المساعدين الذين يعملون بدوام كلي حيث تجري إعارتهم ما بين الفصل الدراسي والفصل الدراسي الآخر، قال ديفيد فيجليو، المؤلف البارز، في مقابلة أجريت معه، إن الدراسة قدمت دليلا على أن ما يهم الطلبة هو الحالة التدريسية طوال الوقت وليس التثبيت في المناصب. وأضافت الدراسة أن «زيادة عدد الأساتذة المعينين بدوام كامل في الكليات والجامعات الأميركية قد تشكل مصدرا للإزعاج أقل مما يعتقد البعض».
بيد أن دراسة قومية تمهيدية، قُدمت مؤخرا في مؤتمر للتعليم العالي، كشفت أن النسبة المئوية لأعضاء الجامعات العاملين بدوام جزئي في الكليات الصغيرة ليس لها تأثير على نجاح الطلبة. وأثناء منتدى بوسطن، قال المنظمون من نقابة خدمات الموظفين، الذين يحللون تكاليف المعيشة المحلية ورواتب الأساتذة المساعدين، إنه بينما كان تدريس 12 دورة في العام «حملا ثقيلا بشكل غير عادي»، سيتعين على الأساتذة المساعدين تدريس من 17 إلى 24 دورة سنويا لكي يتمكنوا من سداد قيمة السكن في شقة مكونة من غرفتي نوم واستخدام المنافع، ثم العمل لتدريس دورتين إلى أربع دورات أخرى من أجل تغطية مصاريف البقالة. ومع ذلك يعتبر الادخار من أجل التقاعد والخروج للتنزه وتناول الوجبات أمرا غير ممكن أو مسموح به.
لم يكن الأجر الزهيد للأساتذة المساعدين أمرا مفاجئا بالنسبة لويليام شيمر وباربارا شيمر، اللذين يعملان كأستاذين مسا عدين بجامعة نورث إيسترن. فعلى وجه الإجمال، يقوم ويليام وباربارا بتدريس 11 دورة في هذا الفصل الدراسي، حيث يُدرّس وليام خمس دورات في نورث إيسترن ودورتين في وينتورث، بينما تدرّس باربارا أربع دورات في نورث إيسترن، ويحصل كل واحد منهما على ما يتراوح بين 2100 و6500 دولار أميركي اعتمادا على المكان والعدد.
وقد طُلب من ويليام في مرة من المرات، يوم الجمعة، تدريس دورة جديدة تبدأ يوم الاثنين التالي، حيث أُخبر بأن يأتي مبكرا في ذلك اليوم لأخذ الكتاب المدرسي. وفي إحدى المرات أُلغيت دورة من الدورات التي كانت باربارا تعتمد عليها قبيل بدء المحاضرة الأولى. ومثلما هو الحال بالنسبة لمعظم المحاضرين العاملين بدوام جزئي، لا يحظى الأساتذة المساعدون بتأمين وظيفي أو مزايا الحصول على الإعانات الصحية. بيد أن الأمر الذي دفع ويليام إلى الانضمام لحملة النقابة كان عدم وجود أي مكتب. ويشير ويليام إلى ذلك الأمر قائلا «استخدمنا حقيبة سيارتنا كمكتب، وكنا نهرع إليها في فترة ما بين المحاضرات لوضع مجموعة واحدة من الكتب والمواد والحصول على ما كنا نحتاجه. ثم جرى قطر مكتبنا في إحدى الأيام، ومن ثم قررت حينذاك الانضمام إلى النقابة».
وتقول باربارا إنه على الرغم من أن المنتدى قد جعل مأزق الأساتذة المساعدين يبدو أمرا صعب المراس، فإنه أيضا أعطاها الأمل بأن هناك حركة وطنية لتحسين الموقف قد بدأت تحدث زخما.
وفي سياق متصل، عقد النائب عن ولاية كاليفورنيا جورج ميلر، العضو الديمقراطي البارز في لجنة التعليم والقوى العاملة بمجلس النواب، منتدى إلكترونيا للأساتذة المساعدين الشهر الماضي من أجل مشاركة الأخبار الخاصة بظروف عملهم. ومن الجدير بالذكر، أن الأضواء قد سُلطت على مشاكل الأساتذة المساعدين في شهر سبتمبر في أحد مقالات الرأي الذي نُشر في صحيفة «بوست غازيت» في بيتسبرغ من قبل أحد المحامين باتحاد عمال الصلب (United Steelworkers) الذي وصف وفاة مارغريت ماري فوغتكو، الأستاذة المساعدة بجامعة دوكين (Duquesne University) والبالغة من العمر 83 عاما، حيث كان عمال الصلب يقومون بالتنظيم.
لم تحصل فوغتكو، التي كانت تقوم بتدريس اللغة الفرنسية في جامعة دوكين لمدة 25 عاما، على ما يزيد على 25 ألف دولار أميركي، حتى عندما كانت تقوم بتدريس ثماني دورات في العام، وهو مقدار العمل الذي تضاءل تدريجيا ليصل إلى تدريس دورة واحدة في الفصل الدراسي. وقد جرى فصل فوغتكو، التي أصيبت بالسرطان، في الربيع الماضي، مع عدم الحصول على معاش أو تعويض مقابل إنهاء الخدمة، ثم تُوفيت بعد ذلك في شهر أغسطس (آب). وقال المحامي إن فوغتكو قد تلقت خطابا من خدمات حماية البالغين يفيد بأنها كان يُشار إليها على أنها شخص يحتاج إلى المساعدة والرعاية. وعندما طُلب من المحامي توضيح ذلك الأمر، قال إن الإخصائي الاجتماعي تفاجأ بهذا الأمر متسائلا «هل كانت أستاذة جامعية؟».
وقد باتت هذه القصة هي نقطة التألب للأساتذة المساعدين على مستوى البلاد. وتقول ماريا ميستو، رئيسة المنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الأساتذة المساعدين (New Faculty Majority) «كان ذلك الأمر مهما للكثير من الناس، حيث إنه يعتبر رمزا يجسد كيف يمكنهم إنهاء هذا الأمر بأنفسهم».
* خدمة «نيويورك تايمز»



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).