هل كان اختيار مجلة الـ«تايم» للبابا فرنسيس شخصية العام لغرض تسويقي؟

شخصيات أخرى حركت الرأي العام ولم تختف صورها من الشاشات أو صدر الصحف

غلاف مجلة {تايم} للاسبوع الماضي
غلاف مجلة {تايم} للاسبوع الماضي
TT

هل كان اختيار مجلة الـ«تايم» للبابا فرنسيس شخصية العام لغرض تسويقي؟

غلاف مجلة {تايم} للاسبوع الماضي
غلاف مجلة {تايم} للاسبوع الماضي

قلة من القادة الدينيين والروحيين اختارتهم مجلة «تايم» الأميركية كأبرز شخصيات العام. مارتن لوثر كينغ وآية الله الخميني والبابا يوحنا بولس الثاني, سبب اختيارهم ليس بالحاجة للتفكير مرتين. مثل هذه الشخصيات أشعلت ثورات وأسقطت أنظمة وغيرت قوانين وحولت ثقافات. وأخيرا جرى اختيار شخصية دينية جديدة، وهو البابا فرنسيس. لم يمض على اعتلائه عرش البابوية سوى تسعة أشهر فقط، ومع ذلك يجري اختياره شخصية العام. في الوقت الذي أعجب اختيار المجلة للبابا الكثيرين، إلا أنه أثار حيرة البعض. لم يتوقعوا هذا الاختيار، وكانوا يفكرون بشخصيات أخرى حركت الرأي العام، ولم تختفِ تقريبا صورها من الشاشات أو على صدر الصحف، مثل مسرب الأسرار إدوارد سنودن, أو وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي أو حتى الفنانة الأميركية المراهقة مايلي سايروس، ولكن اسم قائد الكنيسة الكاثوليكية تخطى الجميع واعتلى القائمة.
«هل يستحق هذا اللقب؟!» هذه أحد الأسئلة الأكثر ترددا، والإجابات ليست حاسمة.
يقول بعض المعلقين إن البابا فرنسيس كسر التقاليد منذ البداية، وأثار الاهتمام، عندما طلب من الجموع المحتشدة لرؤيته لأول مرة بأن تصلي له، بدل أن يقوم هو، كما هو التقليد، بمباركتها أولا. كم أنه بدا مختلفا وأكثر قربا وفهما للعالم المعولم الذي تلعب فيه وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي دورا أساسيا (عدد المتابعين له في موقع الحساب «تويتر» أكثر من ثلاثة ملايين ونصف المليون). هذا على العكس من سلفه البابا بنديكتوس السادس عشر، الأكثر عزلة وانشغالا بالقضايا الدينية والفلسفية. ثم أثارت بعد ذلك تصريحاته حنق المحافظين الكاثوليك، مثل تصريحه الشهير في الطائرة عندما سُئل عن موقف الكنيسة من المثلية الجنسية، فقال: «من أنا لأحكم عليهم؟!». وأكمل على مشاهد الإثارة المتواصلة، بظهوره وهو يغسل قدم صبية سجينة مما أثار ضجة إعلامية حول العالم.
يقول أحد الصحافيين المتخصصين بمتابعة أخبار البابا والكنيسة الكاثوليكية إنه لم يتفاجأ بالاختيار، لأن البابا جعل الصحافيين مشغولين كل يوم تقريبا. فأفعاله وتصريحاته وتلميحاته لا تتوقف، ورغبته في الخروج للناس وعدم الانزواء في الفاتيكان مستمرة منذ البداية. إنه الوحيد الذي جعل الناس في روما يتكلمون عن موضوع آخر غير الفضائح المستمرة لرئيس الوزراء الإيطالي السابق برلسكوني.
بالإضافة إلى التصريحات والأفعال التي تحمل في كل مرة قدرا كبيرا من المفاجأة والصدمة أحيانا، قام البابا بتحركات أكثر عمقا استرعت اهتمام المراقبين. تركيزه على قضية الفقر بشكل أساسي يعبر عن رغبة واضحة منه لتجديد النظرة للكنيسة الكاثوليكية التي حاربت كثيرا على جبهات مثل الإجهاض أو الزواج المثلي، التي تُعدّ قضايا أساسية في خطابها في السنوات الماضية، ليتحول الخطاب إلى قضايا أخرى غير مختلف عليها ولا تثير الشقاق أو الصدام، مثل قضية الفقر والعدالة الاقتصادية والاعتناء بالمرضى والضعفاء.
البابا قال في إحدى المقابلات معه إن الكنيسة ركزت أكثر من اللازم على قضايا مثيرة للاختلافات، مثل الإجهاض، وحان الوقت لتكون «بيتا للجميع». يسعى لتحويل الكنيسة من التركيز على العقيدة إلى الخدمة، كما أشارت «تايم» (مرة أخرى، معاكسا لسلفه الذي سمي بـ«حارس العقيدة»!). الهدف هو تغيير صورة الكنيسة التي بدت في السنوات الأخيرة منقطعة الصلة بالناس، ولكنه يريد الآن أن تضم كثيرين تحت جناحها. لقد قام، كما أشارت المجلة، بتغيير اللحن وليس الكلمات.
كل هذه التغييرات بدت جلية، وحركت الرأي العام حول العالم. من المؤكد أنه يعرف جيدا كيف يجلب الأضواء للقضايا التي يرغب في التركيز عليها. أكثر قربا للشباب ومحبوب من الكاميرات ومقرب من البسطاء.. ولكن هل يكفي هذا لوضعه في المرتبة الأولى؟
بعض النقاد يؤكدون أن الإجابة هي لا، ومن دون تردد. أحد الكتاب الساخرين شبّه اختيار الـ«تايم» له باختيار لجنة جائزة نوبل المبكر للرئيس الأميركي باراك أوباما، وهو لم يمضِ سوى بضعة شهور على رئاسته. من المؤكد لو أن لجنة الاختيار في العاصمة السويدية تمهلت قليلا، فستغير رأيها. الانتقادات تعتمد على فكرة منطقية تقول إنه من المبكر جدا الحكم فعلا على ما أثاره البابا، لأن الأشياء فوّارة في بدايتها، وقد تأخذ منحنى آخر مختلفا مع مرور السنوات. صحيح أن البابا فرنسيس يخلق حالة من الإثارة والضوضاء حول العالم، ولكن صوتها ليس مرتفعا، كما يتخيل البعض.
ولكن هناك انتقادات أخرى موجهة صوب المجلة تشير إلى أن اختيارها أتى لغرض تسويقي بحت. السبب يبدو واضحا. هذه الأيام هي مواسم الأعياد الدينية المسيحية، واختيار شخصية البابا كنجم العام، يعني أن المجلة تريد أن تبيع الكثير من النسخ التي سيتخاطفها الزبائن، بسبب تصاعد المستوى الروحاني في هذا الوقت من العالم. المجلة اختارت البابا لمصلحتها الذاتية ولمراكمة المزيد من المال، أكثر بالفعل من كون البابا هو الشخص الأكثر إثارة للاهتمام وسائل الإعلام خلال هذا العام، ومن يستحق اللقب فعلا.
«لماذا لم يقع الاختيار على إدوارد سنودن؟»، هذا هو السؤال الأكثر إحراجا. سنودن هو بالفعل الشخص الأكثر إثارة للعناوين الإخبارية خلال عام 2013. في الوقت الذي كانت أخبار البابا تظهر وتغيب، كانت التغطية عن سنودن والأسرار التي سربها متواصلة. لكن المجلة لم تضعه على رأس القائمة لأنها لم ترغب ربما بإثارة المزيد من الضجيج والمشكلات، لأن هناك من يعده خائنا قام بإفشاء أسرار الدولة لأعدائها. اختيار هذا «الخائن» على الغلاف كرجل العام سيثير المزيد من المشكلات على المجلة العريقة الخاسرة ماديا، التي تبحث عن العوائد المادية.



المنتدى الإعلامي العربي للشباب يدعو للاستثمار في طاقات الجيل الجديد وتطوير قدراتهم الإبداعية

جانب من إحدى جلسات المنتدى العربي الإعلامي للشباب في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من إحدى جلسات المنتدى العربي الإعلامي للشباب في دبي (الشرق الأوسط)
TT

المنتدى الإعلامي العربي للشباب يدعو للاستثمار في طاقات الجيل الجديد وتطوير قدراتهم الإبداعية

جانب من إحدى جلسات المنتدى العربي الإعلامي للشباب في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من إحدى جلسات المنتدى العربي الإعلامي للشباب في دبي (الشرق الأوسط)

دعا المنتدى الإعلامي العربي للشباب ضرورة الاستثمار في طاقات الشباب، وتشجيعهم على استخدام قدراتهم الإبداعية والتكنولوجية لتطوير المحتوى الإعلامي العربي، مما يسهم في تشكيل مستقبل أفضل، وأشار المشاركون إلى ضرورة إعطاء الشباب فرصة للتعبير عن أفكارهم وتشكيل مستقبل الإعلام.

وأكد متحدثون في المنتدى الذي حضره الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الثاني لحاكم دبي رئيس مجلس دبي للإعلام، والذي يعد افتتاحاً لأعمال «قمة الإعلام العربي 2024»، والتي ينظّمها نادي دبي للصحافة، إلى الحاجة لمواءمة النتائج التعليمية مع متطلبات سوق العمل ودعم المبادرات الشبابية الإبداعية.

وقال الدكتور سلطان النيادي، وزير دولة لشؤون الشباب في دولة الإمارات في الجلسة التي حملت عنوان «طموح الشباب»، إن المنتدى يمثل فرصة نموذجية للقاء جموع شابّة ملهمة لتبادل الأفكار والخبرات من أجل إعداد الشباب ليكونوا قادة ومبتكرين، وتسعى لتجسيد طموحات أوطانهم.

ولفت إلى ضرورة الاستثمار في طاقات الشباب، وتشجيعهم على استخدام قدراتهم الإبداعية والتكنولوجية لتطوير محتوى إعلامي يسهم في تشكيل مستقبل أفضل، ويعكس الثقافة والقيم الأخلاقية العربية القائمة على السلام والتعايش.

ودعا النيادي الشباب العربي ليكونوا رواداً في فضاء الإعلام الرقمي، وأن يعملوا على تحقيق التغيير الإيجابي والمستدام، مؤكدا أن دورهم «حاسم» في صياغة الاتجاهات وتحديد مسارات التطور بما يملكونه من ملكات الإبداع والابتكار، ليسهموا في إثراء المشهد الإعلامي بفكرهم الواعي وإدراكهم لمتطلبات بناء أسس غدٍ أكثر إشراقاً.

ولفت وزير الدولة لشؤون الشباب إلى أن دور الشباب في ابتكار إعلام المستقبل لا يقتصر على مجرد تبني التكنولوجيا الحديثة، بل يتعداها إلى تشكيل رؤية جديدة للإعلام، وتقديم محتوى مؤثر يمنح أفراد المجتمع الإيجابية، ويُلهمهم ليكونوا مشاركين في تحقيق الإنجازات، مشيراً إلى أن التواجد الكبير للشباب على وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية يمنحهم القدرة على توجيه رسائلهم وآرائهم بسهولةٍ وتأثيرٍ كبيرين.

الاستثمار في الشباب

وشدد على أهمية دعم الشباب وتشجيعهم على المشاركة الفعّالة في صناعة المحتوى الإعلامي الداعم للتوجهات التي تخدم في بناء مجتمعات طموحة ومتماسكة، كون الشباب يمثلون محرك التغيير نحو عالم أكثر تطوراً وتنوعاً.

من جهتها قالت منى المرّي، نائب الرئيس والعضو المنتدب لمجلس دبي للإعلام، رئيسة نادي دبي للصحافة، إن إطلاق قمة الإعلام العربي يعكس المكانة الرائدة التي تتميز بها دبي كحاضرة للإعلام والإعلاميين، بل وللمبدعين في شتى المجالات، وقالت إن تصدر المنتدى الإعلامي العربي للشباب أعمال القمة مع انطلاقها ما هو إلا تأكيد على مدى الاهتمام الذي توليه دولة الإمارات ودبي بفئة الشباب.

وكانت الدكتورة ميثاء بوحميد، مدير نادي دبي للصحافة، كشفت في كلمتها الافتتاحية عن مبادرة مهمة إطلاق «إبداع – جائزة الإعلام للشباب العربي» إحياءً للجائزة التي أطلقها الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، في العام 2001، وحملت آنذاك اسم «جائزة إبداع لطلاب الإعلام»، تأكيداً لحرص دبي على إيجاد المحفزات اللازمة للشباب لتطوير قدراتهم الإبداعية في مجال العمل الإعلامي.

وكشفت عن فئات الجائزة والتي ستضم سبع فئات هي: فئة التصوير الفوتوغرافي، فئة ⁠البودكاست، ⁠فئة الفيديو القصير، فئة الألعاب الإلكترونية، فئة الانميشن، ⁠فئة الجرافكس وفئة التقارير الصحافية.

وأضافت الدكتورة بوحميد إلى اتساع مساحة التحولات الإعلامية في المنطقة في حين زادت سرعة المتغيرات العالمية على كافة الأصعدة، فيما ظل الثابت الوحيد في معادلة التغيير سريعة الوتيرة هو الشباب، والذين وصفتهم بأنهم عنوان المرحلة وأساس المستقبل.

ونبّهت الدكتورة ميثاء بوحميد إلى اتساع الفجوة بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل، ما دعا إلى سرعة المبادرة لأخذ زمام المبادرة بالسعي إلى توحيد الجهود من أجل تلبية طموحات خريجي الإعلام والشباب في كافة القطاعات الإبداعية، مؤكدة الانحياز الكامل لهذه الفئة المهمة ولما تحمله من أفكار مبدعة من شأنها إحداث نقلات نوعية حقيقية في المجال الإعلامي.

يذكر أن قمة الإعلام العربي 2024 هي المظلة التي تجمع أربع فعاليات إعلامية هي: «المنتدى الإعلامي العربي للشباب»، و«منتدى الإعلام العربي»، والذي تنطلق فعاليات دورته الـ22 غداً الثلاثاء، و«جائزة الإعلام العربي» بنسختها لـ23 ويقام حفل توزيع جوائزها غداً الثلاثاء 28 مايو (أيار) و«جائزة رواد التواصل الاجتماعي العرب» في نسختها الرابعة، ويأتي حفل توزيع جوائز فئاتها المختلفة في ختام القمة وضمن ثاني أيام منتدى الإعلام العربي يوم الأربعاء 29 مايو الجاري.

ويشارك في القمة نحو 4000 من الإعلاميين، يتقدمهم عدد من الساسة والقيادات الإعلامية العربية ورؤساء تحرير الصحف المحلية والعربية، وكبار الكتاب والمفكرين في العالم العربي، ورموز العمل الإعلامي.