ديشامب نجح في بناء منتخب فرنسا كما أراد

المدرّب اختار لاعبين شباباً أصحاب خبرات قليلة على حساب الأسماء {الرنانة}

غريزمان أحد الوجوه الشابة التي اعتمد عليها ديشامب (رويترز)
غريزمان أحد الوجوه الشابة التي اعتمد عليها ديشامب (رويترز)
TT

ديشامب نجح في بناء منتخب فرنسا كما أراد

غريزمان أحد الوجوه الشابة التي اعتمد عليها ديشامب (رويترز)
غريزمان أحد الوجوه الشابة التي اعتمد عليها ديشامب (رويترز)

لم يقدم المنتخب الفرنسي بقيادة ديديه ديشامب أداءً ممتعاً خلال مباراة الدور نصف النهائي أمام بلجيكا والتي انتهت بفوز فرنسا بهدف دون رد، لأن المدير الفني الفرنسي «البراغماتي» دفع بأكبر عدد ممكن من لاعبيه في خط الوسط ووضع ساتراً دفاعياً أمام خط مرماه. ومع ذلك، ظهرت فرنسا بشكل فاعل للغاية في الناحية الهجومية. صحيح أن هذه الفاعلية كانت موجودة دائماً في المنتخب الفرنسي، لكن يُحسب لديشامب أنه نجح في استغلال إمكانات لاعبيه وتحقيق التوازن المطلوب بين الدفاع والهجوم.
ووقعت بلجيكا، تماماً مثل الأرجنتين وأوروغواي، في الفخ الفرنسي ولم تتبنَّ نهجاً تكتيكياً وخططياً واضحاً. وقد ارتكب المدير الفني لمنتخب بلجيكا، روبرتو مارتينيز، خطأ فادحاً قبل انطلاق البطولة باختياره لاعباً واحداً فقط في مركز الظهير الأيمن وهو توماس مونييه. وعندما غاب لاعب باريس سان جيرمان الفرنسي بسبب الإيقاف، فإن الأمر كلّف بلجيكا غالياً. وعلاوة على ذلك، اتضح أن قرار مارتينيز التخلي عن دفاعه المعتاد بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي واللعب بأربعة مدافعين في ظل وجود يان فيرتونخين وناصر الشاذلي على الأطراف كان قراراً غريباً وازداد غرابة مع مرور كل دقيقة من عمر المباراة. وينطبق نفس الأمر على قراره عدم الاعتماد على دريس ميرتينز والدفع بكيفين دي بروين في الناحية اليمنى، وهو الأمر الذي جعل دي بروين غير قادر على الظهور بأدائه القوي والمعتاد أمام المتألق بليز ماتويدي.
وفي الحقيقة، كان من الممكن أن يقوم مارتينيز بمثل هذه التغييرات في الدوري الإنجليزي الممتاز مع فرق مثل إيفرتون وويغان، لكن لم يكن يتعين على مارتينيز أن يستهين بقدرات ديشامب، الذي يستحق كل الإشادة لاستغلاله هذه القرارات الغريبة من جانب مارتينيز. وبعد ست سنوات قضاها في قيادة المنتخب الفرنسي إثر مسيرة متوسطة المستوى مع بعض الأندية، نجح ديشامب في أن يجعل المنتخب الفرنسي يلعب بالطريقة التي يريدها. ليس هذا فحسب، لكنه نجح في وضع أفكاره حيز التنفيذ على أرض الملعب، وهو الأمر الذي كانت فرنسا تفتقر إليه في البطولات الكبرى في السابق.
ولم يختر ديشامب قائمة الـ23 لاعباً المشاركين في نهائيات كأس العالم بناءً على المهارات الفردية فقط، لكنه اختار عدداً من اللاعبين القادرين على اللعب بعضهم مع بعض بشكل متكامل من أجل مصلحة الفريق ولديهم القدرة على تنفيذ تعليمات المدير الفني. وقد رأينا في كأس الأمم الأوروبية 2016 كيف كان يقوم لاعب مثل ديميتري باييه بتفضيل اللعب الفردي والجمالي على حساب مصلحة الفريق ولعب مباراة كاملة بمنتهى القوة والندية، أو كيف كان يرتكب لاعبون مثل باتريس إيفرا أو باكاري ساغنا أخطاء دفاعية غير مقصودة، في الوقت الذي نرى فيه الآن أداءً قوياً من ظهيرَي الجنب الحاليين لوكاس هيرنانديز وبنيامين بافارد.
وعند اختياره قائمة المنتخب الفرنسي المشاركة في كأس العالم الحالية، لم ينظر ديشامب إلى مستوى لاعبين مثل مامادو ساخو في الماضي، أو يختار لاعبين كان يعتمد عليهم دائماً في السابق مثل موسى سيسوكو، ولم يختر لاعبين لمجرد أنهم يلعبون في الأندية الكبرى، مثل أنتوني مارسيال وألكسندر لاكازيت.
ويعد هذا أيضاً انعكاساً للبراغماتية التي يؤمن بها ديشامب، لأنه لم يبنِ فريقه على الموهبة فقط ولكن على طريقة اللعب كفريق جماعي. وفي الحقيقة، يجب الإشارة إلى أن شخصية ديشامب قد تغيرت وتطورت تماماً، ولولا هذا التطور لما رأيناه يتخلى عن لاعبين أصحاب خبرات مثل ساخو وبنزيمة وماتيو ديبوشي لكي يعتمد على لاعبين صغار في السن وأصحاب خبرات محدودة مثل بافارد وبريسنيل كيمبيمبي.
ومع ذلك، ما زال ديشامب يرتكب بعض الأخطاء التكتيكية من آن لآخر، مثل الدفع بلاعبي خط الوسط المهرة في الخط الأمامي بدلاً من المهاجم الصريح أوليفر جيرو، كما رأينا في المباراة الأولى أمام أستراليا، وهو الأمر الذي أدى إلى وجود مساحات كبيرة بين خطي الوسط والهجوم بشكل سبَّب الكثير من المشكلات للمنتخب الفرنسي. ومع ذلك، لم تكن الجوانب التكتيكية هي النقطة الأقوى بالنسبة إلى ديشامب، على الرغم من وصوله إلى حل عبقري يعتمد على الخلط بين طريقتي 4 - 4 - 2 و4 - 3 - 3.
لكن نقطة القوة الأبرز في ديشامب تكمن في قدرته على إدارة فريقه بشكل رائع. صحيح أن وجود كيليان مبابي بسرعته الخرافية وبول بوغبا وأنطوان غريزمان بذكائهما الواضح قد أسهم بقدر كبير للغاية في وصول «الديوك الفرنسية» للمباراة النهائية للمونديال، لكن الشيء الذي جعلهم ينجحون في تحقيق ذلك يتمثل في أنهم يلعبون بشكل جماعي من أجل مصلحة الفريق. وتنبع هذه الوحدة وهذا التعاون واللعب الجماعي من إصرار ديشامب على اختيار مجموعة من اللاعبين الشباب أصحاب الخبرات القليلة على حساب اللاعبين ذوي الأسماء الرنانة والخبرات الكبيرة. ومرة أخرى، أؤكد أن اللاعبين المستبعدين، وأبرزهم بالطبع كريم بنزيمة، لديهم خبرات أكبر، لكنهم ربما لم يكونوا قادرين على تنفيذ تعليمات ديشامب بالشكل الذي نراه مع اللاعبين الشباب.
ويُحسب لديشامب أيضاً أنه نجح في أن يجعل نجوماً مثل بوغبا وغريزمان يطوّعون مهاراتهم الفردية من أجل مصلحة الفريق، رغم الشعبية الجارفة لهؤلاء اللاعبين والاهتمامات التجارية الضخمة بهم في جميع أنحاء العالم، وهو أمر ليس بالهين على الإطلاق. ولم يكتفِ هؤلاء النجوم بالتخلي عن الفردية فحسب، لكنهم بذلوا أيضاً أقصى ما لديهم من جهد من أجل مصلحة الفريق، ورأينا كيف يضغط غريزمان من الأمام على مدافعي الفرق المنافسة وكيف يتراجع بوغبا إلى الخلف لمساعدة خط الدفاع وخط الوسط وقت الحاجة. والأهم من ذلك هو أن ديشامب قد نجح في إقناع نجمين مثل بوغبا وغريزمان بأن يقوما بأداء أدوارهما الدفاعية على أكمل وجه، في الوقت الذي يمنح فيه الحرية التامة للاعب شاب مثل كيليان مبابي.
ومرة أخرى، يعود كل ذلك إلى ديشامب الذي يقدم أفضل أداء له مع فرنسا. لقد شعر ديشامب بأن انخفاض مستوى مبابي منذ انتقاله إلى باريس سان جيرمان يعود إلى الصرامة التي كان يتبعها المدير الفني للنادي الفرنسي أوناي إيمري، وبالتالي قرر أن يمنح الحرية المطلقة للاعب البالغ من العمر 19 عاماً بالشكل الذي كان يلعب به مع نادي موناكو. ربما يكون هذا الأمر قد أصاب بوغبا وغريزمان بالذعر، لكننا لم نرَ أياً منهما يثعرب عن قلقه أو عدم ثقته بمديره الفني، وهو الأمر الذي يُحسب مرة أخرى لديشامب.
لقد غيَّر ديشامب الطريقة التي يعمل بها مع المنتخب الفرنسي وتطورت شخصيته بصورة مذهلة، ونجح في نقل أفكاره إلى لاعبي فريقه بشكل رائع. وخلال العامين الماضيين، تطورت فرنسا تحت قيادة ديشامب من مجرد فريق يضم كوكبة من اللاعبين الرائعين على المستوى الفردي إلى فريق جماعي يلعب لاعبوه من أجل مصلحة الفريق. قد لا يقدم المنتخب الفرنسي أداءً ممتعاً دائماً، لكن أصبح من الصعب الآن التشكيك في جدوى الطريقة التي يلعب بها ديشامب والدروس التي تعلمها خلال فترة توليه المسؤولية.



«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
TT

«مخاوف أمنية» تهدد بنقل المباريات الآسيوية إلى خارج إيران

ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)
ملعب الاستقلال في طهران سيستضيف مباراة النصر المقررة 22 اكتوبر المقبل (الشرق الأوسط)

كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، الأربعاء، عن فتح الاتحاد الآسيوي لكرة القدم ملفاً طارئاً لمتابعة الوضع الحالي المتعلق بالمباريات التي ستقام في إيران في الفترة المقبلة، وذلك بسبب الأحداث الأخيرة التي شهدتها المنطقة.

ويتابع الاتحاد الآسيوي، الأمر من كثب لتحديد مصير المباريات الآسيوية سواء المتعلقة بالمنتخب الإيراني أو الأندية المحلية في بطولات آسيا المختلفة.

ومن المتوقع أن يصدر الاتحاد الآسيوي بياناً رسمياً خلال الأيام القليلة المقبلة بشأن هذا الموضوع، لتوضيح الوضع الراهن والموقف النهائي من إقامة المباريات في إيران.

وحاولت «الشرق الأوسط» الاتصال بالاتحاد الآسيوي للرد على السيناريوهات المتوقعة لكنه لم يرد.

وفي هذا السياق، يترقب نادي النصر السعودي موقف الاتحاد الآسيوي بشأن مصير مباراته مع فريق استقلال طهران الإيراني، التي من المقرر إقامتها في إيران ضمن منافسات الجولة الثالثة من دور المجموعات في دوري أبطال آسيا النخبة.

ومن المقرر أن تقام مباراة النصر الثالثة أمام نادي الاستقلال في معقله بالعاصمة الإيرانية طهران في الثاني والعشرين من الشهر الحالي فيما سيستضيف باختاكور الأوزبكي في 25 من الشهر المقبل.

ومن حسن حظ ناديي الهلال والأهلي أن مباراتيهما أمام الاستقلال الإيراني ستكونان في الرياض وجدة يومي 4 نوفمبر (تشرين الثاني) و2 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين كما سيواجه الغرافة القطري مأزقاً أيضاً حينما يواجه بيرسبوليس الإيراني في طهران يوم 4 نوفمبر المقبل كما سيستضيف النصر السعودي يوم 17 فبراير (شباط) من العام المقبل في طهران.

وتبدو مباراة إيران وقطر ضمن تصفيات الجولة الثالثة من تصفيات آسيا المؤهلة لكأس العالم 2026 المقررة في طهران مهددة بالنقل في حال قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم باعتباره المسؤول عن التصفيات نقلها لمخاوف أمنية بسبب هجمات الصواريخ المضادة بين إسرائيل وإيران وسيلتقي المنتخبان الإيراني والقطري في منتصف الشهر الحالي.

ويدور الجدل حول إمكانية إقامة المباراة في إيران أو نقلها إلى أرض محايدة، وذلك بناءً على المستجدات الأمنية والرياضية التي تتابعها لجنة الطوارئ في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم.

في الوقت ذاته، علمت مصادر «الشرق الأوسط» أن الطاقم التحكيمي المكلف بإدارة مباراة تركتور سازي تبريز الإيراني ونظيره موهون بوغان الهندي، التي كان من المفترض أن تقام أمس (الأربعاء)، ضمن مباريات دوري آسيا 2 لا يزال عالقاً في إيران بسبب توقف حركة الطيران في البلاد.

الاتحاد الآسيوي يراقب الأوضاع في المنطقة (الاتحاد الآسيوي)

الاتحاد الآسيوي يعمل بجهد لإخراج الطاقم التحكيمي من الأراضي الإيرانية بعد تعثر محاولات السفر بسبب الوضع الأمني.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم قد ذكر، الثلاثاء، أن فريق موهون باجان سوبر جاينت الهندي لن يسافر إلى إيران لخوض مباراته أمام تراكتور في دوري أبطال آسيا 2 لكرة القدم، بسبب مخاوف أمنية في المنطقة.

وكان من المقرر أن يلتقي الفريق الهندي مع تراكتور الإيراني في استاد ياديجار إمام في تبريز ضمن المجموعة الأولى أمس (الأربعاء).

وقال الاتحاد الآسيوي عبر موقعه الرسمي: «ستتم إحالة الأمر إلى اللجان المختصة في الاتحاد الآسيوي لكرة القدم؛ حيث سيتم الإعلان عن تحديثات إضافية حول هذا الأمر في الوقت المناسب».

وذكرت وسائل إعلام هندية أن الفريق قد يواجه غرامة مالية وربما المنع من المشاركة في دوري أبطال آسيا 2. وذكرت تقارير أن اللاعبين والمدربين أبدوا مخاوفهم بشأن الجوانب الأمنية.

وأطلقت إيران وابلاً من الصواريخ الباليستية على إسرائيل، الثلاثاء، ثأراً من حملة إسرائيل على جماعة «حزب الله» المتحالفة مع طهران، وتوعدت إسرائيل بالرد على الهجوم الصاروخي خلال الأيام المقبلة.

وكان الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، قد أعلن في سبتمبر (أيلول) 2023 الماضي، أن جميع المباريات بين المنتخبات الوطنية والأندية التابعة للاتحادين السعودي والإيراني لكرة القدم، ستقام على أساس نظام الذهاب والإياب بدلاً من نظام الملاعب المحايدة الذي بدأ عام 2016 واستمر حتى النسخة الماضية من دوري أبطال آسيا.