بوغبا يستغل إمكاناته ويعيد اكتشاف نفسه

قدّم أداءً رائعاً في مونديال روسيا وأنكر ذاته لمصلحة الفريق خلافاً لمسيرته مع {مانشستر يونايتد}

تطور هائل طرأ على مستوى بوغبا في كأس العالم (أ.ف.ب)
تطور هائل طرأ على مستوى بوغبا في كأس العالم (أ.ف.ب)
TT

بوغبا يستغل إمكاناته ويعيد اكتشاف نفسه

تطور هائل طرأ على مستوى بوغبا في كأس العالم (أ.ف.ب)
تطور هائل طرأ على مستوى بوغبا في كأس العالم (أ.ف.ب)

خلال المؤتمر الصحافي لمنتخب فرنسا، قبل مواجهته الهامة والمرتقبة أمام نظيره الكرواتي في نهائي كأس العالم 2018 بروسيا، حضر صامويل أومتيتي أولاً، وكان من المنتظر أن يتبعه بول بوغبا. وأخطأ المنسق العام للمنتخب الفرنسي في اسم صامويل أومتيتي قائلاً: «السيدات والسادة، أقدم لكم بول أومتيتي». وقد تعامل أومتيتي، الذي يقدم مستويات رائعة مع المنتخب الفرنسي في كأس العالم، مع الأمر بمنتهى الذكاء، حيث وقف وسط ضحكات الحاضرين، وغادر القاعة قبل أن يعود مرة أخرى.
وكان الجميع في انتظار بول بوغبا، الذي يقدم هو الآخر مستويات رائعة مع المنتخب الفرنسي في المونديال، بعد موسم متقلب ومتذبذب المستوى مع مانشستر يونايتد لم يكن خلاله يقوم بأدواره الدفاعية على أكمل وجه، وهو ما أدى إلى توتر العلاقة بينه وبين المدير الفني لمانشستر يونايتد جوزيه مورينيو. لكن في كأس العالم الحالية بروسيا، ظهر بوغبا بشكل مختلف تماماً. صحيح أن أداء بوغبا لم يرتق إلى أداء النجم الشاب كيليان مبابي، الذي قاد فرنسا للوصول إلى المباراة النهائية للبطولات الكبرى للمرة الخامسة خلال 20 عاماً، لكن نجم خط وسط مانشستر يونايتد أظهر قدراته الحقيقية وقدم مستويات رائعة ساهمت في وصول منتخب بلاده لنهائي المونديال.
وقال بوغبا في وقت سابق رداً على بعض الأسئلة الصحافية: «أنا أدافع بمنتهى السعادة». وفي الحقيقة، كان يجب أن نرى رد فعل مورينيو، وهو يجلس على مقعده محللاً للمباريات على قناة «روسيا اليوم» على هذه التصريحات من جانب لاعبه في مانشستر يونايتد! لكن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو «كيف نجح المدير الفني للمنتخب الفرنسي ديديه ديشامب في أن يجعل بوغبا يلعب بكل هذا الالتزام والتوازن بين الدفاع والهجوم؟»، ويمكن أن نطرح السؤال بشكل مختلف ونقول: «كيف نجح ديشامب في تحقيق ما فشل فيه مورينيو؟».
وقال مورينيو عن أداء بوغبا في مباراة الدور نصف النهائي التي فازت فيها فرنسا على بلجيكا بهدف دون رد: «لقد لعب بوغبا بنضج كبير، فعندما كانت المباراة تتطلب منه الالتزام بواجبات مركزه ويستحوذ على الكرة، كان يفعل ذلك. وعندما استبدل ديشامب أوليفر جيرو بستيفن نزونزي، كان بوغبا يلعب بحرية أكبر، لكن لم يكن هذا يعني القيام بأشياء سخيفة. لقد أتيحت له الحرية لكي يحتفظ بالكرة بعيداً عن مناطق الخطورة. لقد نجح في الاستحواذ على الكرة وصناعة فرصة خطيرة لأنطوان غريزمان. إنه لاعب ناضج للغاية».
وكان هناك انطباع بأن بوغبا قد نجح أخيراً في التعبير عن قدراته وإمكاناته بأفضل طريقة ممكنة، لكن ما السبب في ذلك؟ كيف نجح بوغبا في التخلي عن اللعب الفردي والقيام بالأشياء التي تصب في مصلحة الفريق فقط، في الوقت الذي يرى فيه لاعباً شاباً مثل مبابي يلعب بحرية كبيرة داخل الملعب؟ يقول بوغبا: «إذا تحركت بشكل رائع وفعال، فهذا أمر جيد، لكن لو فقدت الكرة فهذا أمر سيئ».
ربما يكون السبب في هذا التطور الهائل في مستوى بوغبا هو إدراكه لحجم البطولة التي يلعب بها، وربما يعود السبب إلى وجود نغولو كانتي إلى جواره في خط الوسط. ومن الإنصاف أن نقول إن بوغبا لم يلعب بهذه القوة في خط وسط يعتمد على لاعبين اثنين في محور الارتكاز مع مانشستر يونايتد. وربما يكون السبب وراء هذا الأداء القوي لبوغبا هو الخبرات الكبيرة التي يمتلكها في كأس العالم، لأن هذه هي المرة الثانية التي يشارك فيها نجم خط الوسط الفرنسي في المونديال. ومهما كانت أسباب تألق بوغبا، فيجب الإشادة به لأنه يلعب بمنتهى إنكار الذات من أجل مصلحة الفريق.
وقال بوغبا: «إنه كأس العالم، ويتعين علينا جميعاً أن نضحي. ويجب علينا أن ندافع. صحيح أنني لست قوياً في هذا الأمر بالدرجة نفسها، لكنني أقوم بذلك بكل سعادة. لدينا جميعاً الهدف نفسه وهو تحقيق الفوز، وأعتقد أنني أصبحت أكثر نضجاً، وقد ساعدني اللاعبون الآخرون كثيراً في هذا الأمر». وأضاف: «أنطوان غريزمان على سبيل المثال يلعب في خط الهجوم، لكنه يتحدث معي ويطلب مني أن أعود للدفاع. ولو كان أدائي قد تحسن فإن الفضل في ذلك يعود إلى الفريق وإلى المدير الفني. المشاركة في كأس العالم للمرة الثانية تختلف تماماً عن المرة الأولى. إنك تلعب أمام فرق لديها خبرات كبيرة وأمام لاعبين عظماء، وأنا أيضاً لا يمكنني أن ألعب بالطريقة نفسها التي ألعب بها مع النادي. لقد وجدنا شكلاً من أشكال التوازن مع الجميع ومع نغولو كانتي على وجه التحديد».
وتابع: «نحن نركض سوياً ونهاجم سوياً وندافع سوياً، وهذا هو ما يجعلنا أقوى. وحتى النقاد ساعدوني على تطوير مستواي، لكن هذا لا يعني أن يبدأوا في توجيه الانتقادات لي! أعتقد أن الطريقة التي ينظر بها الناس لي قد تغيرت. أنا ألعب كلاعب خط وسط الآن، وهذا هو الدور الذي أقوم به. ألعب بشكل أقل في الناحية الهجومية، وأعتقد أن الناس تحكم على أدائي الآن كلاعب خط وسط وليس كلاعب مطلوب منه أن يسجل ويصنع الأهداف».
ويبلغ بوغبا من العمر 25 عاماً، لكن أومتيتي يرى أنه لاعب ولد لكي يكون قائداً داخل الملعب. والآن، أصبح بوغبا أحد أهم اللاعبين في صفوف المنتخب الفرنسي وأكثرهم توجيهاً للاعبين داخل الملعب وداخل غرفة خلع الملابس. يقول بوغبا عن القائد السابق للمنتخب الفرنسي باتريك فييرا: «باتريك فييرا نصحني بأن أتحدث مع اللاعبين، وأن أوجه لهم النصائح، وهذا هو ما أقوم به الآن. دائماً ما أنظر إلى فييرا على أنه مثال يجب أن نحتذي به، لأنه ولد لكي يكون قائداً».
وقد وصل المنتخب الفرنسي للمباراة النهائية لكأس العالم، لكن لاعبيه وجهازه الفني والإداري يؤمنون بأنه من دون الفوز في المباراة النهائية، والحصول على لقب المونديال، فإن هذا يعني أن الفريق لم يحقق أي شيء. هذه هي العقلية التي يفكر بها الفرنسيون، بعد الدرس الذي تعلموه في نهائيات كأس الأمم الأوروبية عام 2016 بعدما فازوا على ألمانيا في مباراة الدور نصف النهائي، وتوقعوا أن يفترسوا البرتغال في المباراة النهائية، ويحصلوا على اللقب، لكنهم خسروا أمام رفاق كريستيانو رونالدو بهدف دون رد وخسروا البطولة التي أقيمت على أراضيهم. لقد كانت الثقة الزائدة هي السبب في خسارتهم للبطولة، والآن تعلم الفرنسيون أن يؤدوا مهمتهم حتى النهاية.
يقول بوغبا عن ذلك: «في كأس الأمم الأوروبية اعتقدنا أننا قد حصلنا على لقب البطولة بالفعل قبل المباراة النهائية. عندما فزنا على ألمانيا في الدور نصف النهائي، اعتقدنا أننا قد حصلنا على البطولة. لقد أدركنا هذا الخطأ الآن ولا نريد أن نكرره مرة أخرى. سوف نستعد بشكل مختلف هذه المرة. لقد كانت العطلة التي حصلنا عليها بعد انتهاء كأس الأمم الأوروبية 2016 مروعة، وما زلت أتذكر ما حدث جيداً. لقد كانت تجربة مريرة، ولا نريد أن تتكرر مرة أخرى. إننا لم نقطع كل هذا المشوار الطويل حتى نخسر في المباراة النهائية».



بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
TT

بداية رائعة لليفربول... لكن القادم أصعب

سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)
سلوت رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح صاحب الهدف الثاني (أ.ب)

بدأت حقبة ليفربول تحت قيادة مديره الفني الجديد أرني سلوت، بشكل جيد للغاية بفوزه بهدفين دون رد على إيبسويتش تاون، الصاعد حديثاً إلى الدوري الإنجليزي الممتاز. كان الشوط الأول محبطاً لليفربول، لكنه تمكّن من إحراز هدفين خلال الشوط الثاني في أول مباراة تنافسية يلعبها الفريق منذ رحيل المدير الفني الألماني يورغن كلوب، في نهاية الموسم الماضي.

لم يظهر ليفربول بشكل قوي خلال الشوط الأول، لكنه قدم أداءً أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وهو الأداء الذي وصفه لاعب ليفربول السابق ومنتخب إنجلترا بيتر كراوتش، في تصريحات لشبكة «تي إن تي سبورتس» بـ«المذهل». وقال كراوتش: «كان ليفربول بحاجة إلى إظهار قوته مع المدير الفني والرد على عدم التعاقد مع أي لاعب جديد. لقد فتح دفاعات إيبسويتش تاون، وبدا الأمر كأنه سيسجل كما يحلو له. هناك اختلافات طفيفة بين سلوت وكلوب، لكن الجماهير ستتقبل ذلك».

لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أظهر سلوت الجانب القاسي من شخصيته؛ إذ لم يكن المدير الفني الهولندي سعيداً بعدد الكرات التي فقدها الفريق خلال الشوط الأول الذي انتهى بالتعادل السلبي، وأشرك إبراهيما كوناتي بدلاً من جاريل كوانساه مع بداية الشوط الثاني. لم يسدد ليفربول أي تسديدة على المرمى في أول 45 دقيقة، لكنه ظهر أقوى بكثير خلال الشوط الثاني، وسجل هدفين من توقيع ديوغو جوتا ومحمد صلاح، ليحصل على نقاط المباراة الثلاث.

وأصبح سلوت ثاني مدرب يبدأ مشواره بفوزٍ في الدوري مع ليفربول في حقبة الدوري الإنجليزي الممتاز بعد جيرار أولييه، في أغسطس (آب) 1998 عندما تولى تدريب الفريق بالشراكة مع روي إيفانز. وقال سلوت بعد نهاية اللقاء: «لقد توليت قيادة فريق قوي للغاية ولاعبين موهوبين للغاية، لكنَّ هؤلاء اللاعبين يجب أن يفهموا أن ما قدموه خلال الشوط الأول لم يكن كافياً. لقد خسرنا كثيراً من المواجهات الثنائية خلال الشوط الأول، ولم نتعامل مع ذلك بشكل جيد بما يكفي. لم أرَ اللاعبين يقاتلون من أجل استخلاص الكرة في الشوط الأول، وفقدنا كل الكرات الطويلة تقريباً. لكنهم كانوا مستعدين خلال الشوط الثاني، وفتحنا مساحات في دفاعات المنافس، ويمكنك أن ترى أننا نستطيع لعب كرة قدم جيدة جداً. لم أعتقد أن إيبسويتش كان قادراً على مواكبة الإيقاع في الشوط الثاني».

وأصبح صلاح أكثر مَن سجَّل في الجولة الافتتاحية للدوري الإنجليزي الممتاز، وله تسعة أهداف بعدما أحرز هدف ضمان الفوز، كما يتصدر قائمة الأكثر مساهمة في الأهداف في الجولات الافتتاحية برصيد 14 هدفاً (9 أهداف، و5 تمريرات حاسمة). وسجل صلاح هدفاً وقدم تمريرة حاسمة، مما يشير إلى أنه سيؤدي دوراً محورياً مجدداً لأي آمال في فوز ليفربول باللقب. لكن سلوت لا يعتقد أن فريقه سيعتمد بشكل كبير على ثالث أفضل هداف في تاريخ النادي. وأضاف سلوت: «لا أؤمن كثيراً بالنجم الواحد. أؤمن بالفريق أكثر من الفرد. إنه قادر على تسجيل الأهداف بفضل التمريرات الجيدة والحاسمة. أعتقد أن محمد يحتاج أيضاً إلى الفريق، ولكن لدينا أيضاً مزيد من الأفراد المبدعين الذين يمكنهم حسم المباراة».

جوتا وفرحة افتتاح التسجيل لليفربول (أ.ب)

لم يمر سوى 4 أشهر فقط على دخول صلاح في مشادة قوية على الملأ مع يورغن كلوب خلال المباراة التي تعادل فيها ليفربول مع وستهام بهدفين لكل فريق. وقال لاعب المنتخب الإنجليزي السابق جو كول، لشبكة «تي إن تي سبورتس»، عن صلاح: «إنه لائق تماماً. إنه رياضي من الطراز الأول حقاً. لقد مرَّ بوقت مختلف في نهاية حقبة كلوب، لكنني أعتقد أنه سيستعيد مستواه ويسجل كثيراً من الأهداف». لقد بدا صلاح منتعشاً وحاسماً وسعيداً في فترة الاستعداد للموسم الجديد. لكنَّ الوقت يمضي بسرعة، وسينتهي عقد النجم المصري، الذي سجل 18 هدفاً في الدوري الإنجليزي الممتاز الموسم الماضي، خلال الصيف المقبل. وقال سلوت، الذي رفض الخوض في تفاصيل مستقبل صلاح: «يمكنه اللعب لسنوات عديدة أخرى». ويعد صلاح واحداً من ثلاثة لاعبين بارزين في ليفربول يمكنهم الانتقال إلى أي نادٍ آخر في غضون 5 أشهر فقط، إلى جانب ترينت ألكسندر أرنولد، وفيرجيل فان دايك اللذين ينتهي عقداهما خلال الصيف المقبل أيضاً.

سيخوض ليفربول اختبارات أكثر قوة في المستقبل، ويتعيّن على سلوت أن يُثبت قدرته على المنافسة بقوة في الدوري الإنجليزي الممتاز ودوري أبطال أوروبا. لكنَّ المدير الفني الهولندي أدى عملاً جيداً عندما قاد فريقه إلى بداية الموسم بقوة وتحقيق الفوز على إيبسويتش تاون في عقر داره في ملعب «بورتمان رود» أمام أعداد غفيرة من الجماهير المتحمسة للغاية. وقال كول: «إنه فوز مهم جداً لأرني سلوت في مباراته الأولى مع (الريدز). أعتقد أن الفريق سيتحلى بقدر أكبر من الصبر هذا الموسم وسيستمر في المنافسة على اللقب».

لكنَّ السؤال الذي يجب طرحه الآن هو: هل سيدعم ليفربول صفوفه قبل نهاية فترة الانتقالات الصيفية الحالية بنهاية أغسطس؟

حاول ليفربول التعاقد مع مارتن زوبيمندي من ريال سوسيداد، لكنه فشل في إتمام الصفقة بعدما قرر لاعب خط الوسط الإسباني الاستمرار مع فريقه. وقال كول: «لم يحلّ ليفربول مشكلة مركز لاعب خط الوسط المدافع حتى الآن، ولم يتعاقد مع أي لاعب لتدعيم هذا المركز. سيعتمد كثير من خطط سلوت التكتيكية على كيفية اختراق خطوط الفريق المنافس، وعلى الأدوار التي يؤديها محور الارتكاز، ولهذا السبب قد يواجه الفريق مشكلة إذا لم يدعم هذا المركز».