المعارضة السورية تسلّم السلاح الثقيل في درعا... والنظام يريد التلال

عناصر من الشرطة الروسية في ريف درعا (أخبار درعا)
عناصر من الشرطة الروسية في ريف درعا (أخبار درعا)
TT

المعارضة السورية تسلّم السلاح الثقيل في درعا... والنظام يريد التلال

عناصر من الشرطة الروسية في ريف درعا (أخبار درعا)
عناصر من الشرطة الروسية في ريف درعا (أخبار درعا)

بدأت الفصائل المعارضة في مدينة درعا تسليم سلاحها الثقيل للجيش السوري، ما يمهد لاستعادته السيطرة على كامل المدينة، بموجب اتفاق أبرم مع روسيا، في وقت أفيد فيه بتسلم قوات النظام تلالاً استراتيجية في ريف درعا.
ورفعت قوات النظام العلم الرسمي فوق أحياء سيطرت عليها الفصائل المعارضة لسنوات في مدينة درعا، مركز المحافظة الجنوبية، التي من المفترض أن تشهد قريباً عملية إجلاء المقاتلين المعارضين الرافضين للتسوية منها، إيذاناً باستعادة الجيش السوري السيطرة عليها بالكامل.
وأفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) بأنه جرى السبت «تسلم ذخيرة ثقيلة وعتاد متنوع من المسلحين في منطقة درعا البلد، في سياق الاتفاق على أن تتواصل العملية حتى الانتهاء من تسليم السلاح الثقيل والمتوسط».
كانت قوات النظام قد بدأت في 19 يونيو (حزيران)، بدعم روسي، عملية عسكرية في محافظة درعا، وحققت تقدماً سريعاً على الأرض، في مواجهة فصائل معارضة يعمل معظمها تحت مظلة النفوذ الأردني الأميركي. وعلى وقع الضغط العسكري، أبرمت روسيا وفصائل معارضة في المحافظة، في السادس من يوليو (تموز)، اتفاقاً لوقف إطلاق النار، ينص على تسليم الفصائل المعارضة سلاحها الثقيل، ودخول مؤسسات الدولة إلى مناطق سيطرتها تدريجياً، وإجلاء المقاتلين الرافضين للتسوية في محافظة إدلب إلى الشمال السوري. وعملت القوات النظامية وعناصر من الفصائل المعارضة في درعا، الجمعة، على إزالة السواتر الترابية التي قسمت أحياء المدينة لسنوات.
وأفادت «سانا»، السبت، بإزالة السواتر الترابية أيضاً على الطريق الدولي الذي يصل درعا بالحدود الأردنية جنوباً، حيث استعادت القوات النظامية قبل أسبوع السيطرة على معبر نصيب الاستراتيجي بين سوريا والأردن. وتُعد مدينة درعا مهد حركة الاحتجاجات ضد النظام في عام 2011، قبل أن تتحول إلى نزاع دامٍ أودى بحياة أكثر من 350 ألف شخص.
وبات الجيش النظامي بذلك يسيطر على نحو 85 في المائة من محافظة درعا، ولا تزال بعض الفصائل توجد بشكل أساسي في ريفها الغربي الذي تنضم بلداته تباعاً إلى الاتفاق.
وبدأت فصائل معارضة، السبت، في مدينتي انخل وجاسم، في ريف درعا الغربي، أيضاً تسليم أسلحتها الثقيلة، وفق الإعلام الرسمي.
وتتحضر الفصائل في مناطق أخرى في الريف الغربي أيضاً، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، لتسليم السلاح الثقيل، على أن تدخل لاحقاً المؤسسات الحكومية.
وبعد استعادة كل المناطق التي كانت تسيطر عليها الفصائل المعارضة في محافظة درعا، يبقى أمام الجيش النظامي جيب صغير في الريف الجنوبي الغربي، يوجد فيه فصيل «جيش خالد بن الوليد» المبايع لتنظيم داعش. ويرجح محللون أن تكون محافظة القنيطرة المجاورة، حيث تقع هضبة الجولان المحتلة، الوجهة المقبلة لقوات النظام.
إلى ذلك، بدأ الجيش السوري الحر بفتح الطريق إلى حي سجنة، بمدينة درعا جنوب سوريا، تمهيداً لانسحاب قوات النظام منه. ونقلت شبكة «سمارت» عن «المنسق العام لخلية الأزمة» في درعا، عدنان مسالمة، أن الجرافات باشرت بفتح الطريق، وإزالة السواتر الترابية من نقطة «الجمرك القديم» باتجاه جسر حي سجنة، كما قامت قوات النظام بخطوة مماثلة من جانبها. وتسلمت قوات النظام السوري تلالاً استراتيجية بمحيط مدينة إنخل، شمال درعا (جنوب سوريا)، بموجب اتفاق بين الروس والجيش السوري الحر، بعد ساعات من التوصل لاتفاق بين الأخير و«هيئة تحرير الشام» لإخراجها من المدينة.
وقال مسالمة إن الروس غير قادرين على ضبط ظاهرة «التعفيش»، التي تقوم بها قوات النظام السوري، وأضاف لـ«سمارت» أن الروس يحاولون الضغط على قوات النظام لإيقافها، وتابع: «لكنهم غير قادرين على ضبطها».



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.