بعثة أوروبية تناقش في الجزائر قضايا الهجرة والإرهاب

يبدأ وفد من لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان الأوروبي غدا زيارة إلى الجزائر، تستمر إلى غاية 22 من الشهر الحالي، يبحث خلالها مع عدد من المسؤولين المحليين ملف الهجرة السرية وترحيل المهاجرين المتحدرين من جنوب الصحراء، والأمن بمنطقة الساحل الأفريقي، إضافة إلى موضوع رئاسية 2019، واتفاق الشراكة الثنائي المتعثر بسبب وقف الجزائر استيراد منتجات عدة من بعض بلدان الاتحاد الأوروبي.
وقال مصدر حكومي جزائري لـ«الشرق الأوسط»، إن البعثة البرلمانية الأوروبية «مهتمة أكثر بالهجرة السرية، وبالدور الذي تؤديه الجزائر لمنع المهاجرين من الوصول إلى الضفة الشمالية من حوض المتوسط».
وكانت الحكومة الجزائرية قد رفضت طلباً من بعض دول الاتحاد بإقامة «مراكز إيواء مؤقتة للمهاجرين» فوق أراضيها، كوسيلة لوقف رحلتهم إلى أوروبا؛ تمهيداً لإعادتهم إلى بلدانهم الأصلية. وعدت الجزائر ذلك بمثابة «أداء دور دركي في شمال أفريقيا لفائدة أوروبا».
وتتعرض الجزائر منذ أسابيع لانتقادات حادة من تنظيمات حقوقية دولية، بسبب حملات ترحيل آلاف المهاجرين. إذ قال «مجلس حقوق الإنسان»، التابع للأمم المتحدة، إن الحكومة الجزائرية «تنتهك حقوق المهاجرين العمال واللاجئين»، و«لا تحترم تعهداتها الدولية» في هذا المجال. في المقابل، تقول الجزائر رداً على هذه الانتقادات بأنها «تحمي حدودها من شبكات الاتجار بالبشر والمخدرات والجريمة المنظمة وارتباطاتها بالإرهاب»، وترى أن الأمر يتعلق بسيادتها، ولا يحق لأي طرف أجنبي التدخل في شؤونها.
ونظمت الحكومة الجزائرية الأسبوع الماضي زيارة لبعض وسائل إعلام أجنبية إلى فضاءات عامة بالضاحية الغربية للعاصمة، حيث جمعت مهاجرين سريين لترحيلهم إلى الحدود الجنوبية، في محاولة لـ«إظهار الوجه الإنساني» للسلطات الجزائرية في التعامل مع المهاجرين، بحسب مراقبين.
وسيلتقي الوفد الأوروبي، حسب المصدر، برئيسي غرفتي البرلمان الجزائريين عبد القادر بن صالح وسعيد بوحجة. كما نظمت لأعضائه (عددهم 6) لقاءات مع رئيس الوزراء أحمد أويحي وأحزاب موالية للحكومة، وأخرى معارضة، وبرلمانيين من أحزاب عدة. وأضاف المصدر، أن محاربة الإرهاب في مالي وليبيا ستكون من ضمن اهتمامات الوفد الأوروبي.
وتعول بلدان أوروبا، وبخاصة تلك التي يجمعها حوض المتوسط بشمال أفريقيا، مخاوف من تهديدات الإرهاب على أمنها القومي. وقد تعاظمت هذه المخاوف منذ تعرض باريس لهجمات إرهابية في 2015، التي كانت سبباً في مضاعفة التعاون الاستخباراتي بين فرنسا ودول المغرب العربي، وبخاصة الجزائر التي تملك تجربة كبيرة في مجال محاربة الإرهاب.
من جهة أخرى، عبّر علي بن فليس، رئيس الوزراء سابقاً، أمس، في بداية اجتماع لكوادر الحزب المعارض الذي يرأسه (طلائع الحريات)، عن «قلق بالغ من الفضائح المتتالية، التي تعبر عن درجة متقدمة من انهيار المؤسسات، التي نخرتها الرشوة والفساد على كل المستويات، ومن اللاعقاب الصارخ الذي يحتمي به المستفيدون الحقيقيون من هذه الآفة، التي تمتد شبكاتها حتى داخل مؤسسات وإدارات، كان المفروض أن تسهر على تطبيق القانون».
وتناول بن فليس في خطابه قضية تشد أنظار الجزائريين بكثرة، تتعلق بسجن وتنحية مسؤولين في الجيش والشرطة، بسبب تورطهم في محاولة إدخال سبعة قناطير من الكوكايين عبر البحر، تم حجزها نهاية مايو (أيار) الماضي، فقال «لقد جاءت قضية الكوكايين لتؤكد الحجم الذي بلغه الإجرام، والدور المتزايد للمال، وبخاصة الفاسد منه على مقربة من دوائر السلطة السياسية. وهذه القضية، التي ليست مجرد قضية جزائية عادية، بما تمثله من حيث حجم المتاجرة بهذه الآفة والقطاعات المعنية بها وامتداداتها الدولية والمبالغ المالية الهائلة المرتبطة بها، تشكل تهديداً للأمن الوطني ولاستقرار البلد، وتشوه وتشين صورة الجزائر في الخارج. وبالتالي فهي تطرح الكثير من التساؤلات، التي لابد أن تسلط عليها كل الأضواء».
وأضاف بن فليس موضحاً «وزيادة على حجم الأضرار الفظيعة لهذه القضية المرتبطة بالمتاجرة بالكوكايين، فإن تفرعاتها وتشعباتها تؤكد الانتشار الواسع للرشوة، واللامبالاة والتجاوزات الخطيرة في بلدنا».