الحرب التجارية تغير وجهة المستثمرين حول العالم

تحولوا إلى الأسهم والسندات الدفاعية

متعاملون في بورصة نيويورك يتابعون مؤشرات الأسهم والعملات (أ.ب)
متعاملون في بورصة نيويورك يتابعون مؤشرات الأسهم والعملات (أ.ب)
TT

الحرب التجارية تغير وجهة المستثمرين حول العالم

متعاملون في بورصة نيويورك يتابعون مؤشرات الأسهم والعملات (أ.ب)
متعاملون في بورصة نيويورك يتابعون مؤشرات الأسهم والعملات (أ.ب)

ظهرت حدة الحرب التجارية وتداعياتها على أسواق المال الدولية، بعدما زادت حدة التوترات بين أكبر اقتصادين في العالم، مع تداخل اقتصادات كبرى أخرى بشكل أو بأخر في هذا الوضع الاقتصادي الجديد الذي فرض نفسه على تعاملات المستثمرين حول العالم.
وتحول المستثمرون إلى شراء الأسهم والسندات الدفاعية في الأسبوع الماضي، المنتهي في 11 يوليو (تموز)، في الوقت الذي فرضت فيه الولايات المتحدة رسوما جمركية على واردات صينية بقيمة 34 مليار دولار، ثم زادت حدة النزاع بالتهديد بفرض رسوم أخرى على سلع إضافية بقيمة 200 مليار دولار.
لكن الغريب في الأمر أن الملاذ الآمن، الذهب، لم يرتفع وسجل هبوطا هو الأدنى في سبعة أشهر، يوم الجمعة، آخر تعاملات الأسبوع، مع صعود الدولار إلى أعلى مستوى في أسبوعين.
ويخشى المستثمرون أن تتسبب الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة في إلحاق الضرر بالصادرات والاستثمار والنمو العالمي، وتدافعوا للتخلي عن الأصول العالية المخاطر.
وأظهرت بيانات من بنك أوف أميركا ميريل لينش يوم الجمعة، أن السندات اجتذبت تدفقات بقيمة 5.6 مليار دولار، أكبر تدفقات في 12 شهرا، فيما اجتذبت أسهم القطاعات الدفاعية مثل الرعاية الصحية تدفقات بحوالي 800 مليون دولار، هي الأكبر في عام. وإجمالا، اجتذبت صناديق الأسهم تدفقات صافية بلغت نحو 1.2 مليار دولار.
لكن بنك أوف أميركا ميريل لينش أشار إلى أن 34 من مؤشرات الأسهم التي تصدرها «إم إس سي آي» انخفضت منذ بداية العام، بينما ارتفع 11 مؤشرا فقط بعد أداء سلبي للأسواق العالمية في النصف الأول.
وتلقت صناديق ديون الأسواق الناشئة أول تدفقات في ثلاثة أشهر مع اجتذابها 900 مليون دولار.
واستمر نصيب الأسد من تدفقات الدخل الثابت في الذهاب إلى صناديق السندات التي تحظي بتصنيف عند درجة استثمارية، والتي اجتذبت 2.3 مليار دولار، فيما أنهت صناديق السندات ذات العائد المرتفع جفافا للتدفقات استمر تسعة أسابيع مع اجتذابها 500 مليون دولار.
وانحسر الطلب على المعادن النفيسة بفعل توقعات بزيادات في أسعار الفائدة الأميركية.
وتراجع الذهب في المعاملات الفورية 0.5 في المائة إلى 1240.66 دولار للأوقية (الأونصة) في أواخر جلسة التداول في سوق نيويورك بعد أن هبوط في وقت سابق إلى 1236.58 دولار، وهو أدنى مستوى له منذ الثاني عشر من ديسمبر (كانون الأول) كانون الأول.
وانخفضت العقود الأميركية للذهب 0.4 في المائة لتبلغ عند التسوية 1241.20 دولار للأوقية.
وأسعار الذهب منخفضة حوالي 9 في المائة عن مستوياتها في منتصف أبريل (نيسان) نيسان. وينهي المعدن الأصفر الأسبوع على هبوط قدره 1 في المائة.
وتراجعت الفضة في المعاملات الفورية 0.7 في المائة إلى 15.79 دولار للأوقية بعد أن لامست في وقت سابق من الجلسة أدنى مستوى منذ الثالث عشر من ديسمبر (كانون الأول) عند 15.67 دولار. وينهي المعدن الأبيض الأسبوع على خسارة قدرها 1.3 في المائة. وهبط البلاتين 1.8 في المائة إلى 823.90 دولار للأوقية بينما تراجع البلاديوم 1.5 في المائة إلى 934.80 دولار للأوقية.
وفي آخر الشهر الماضي، تكبدت صناديق الأسهم ثاني أكبر نزوح أموال أسبوعي لها على الإطلاق في ظل سحب 29.7 مليار دولار من الأصول عالية المخاطر مع استمرار أثر المخاوف من تنامي سياسة حمائية الرئيس الأميركي دونالد ترمب. وأظهرت بيانات «إي بي إف آر» التي استشهد بها بنك أوف أميركا فقد صناديق الأسهم الأميركية 24.2 مليار دولار في ثالث أكبر نزوح أسبوعي تشهده على الإطلاق وفي ختام نصف سنة أول اتسم بالتقلبات الشديدة ورفع أسعار الفائدة الأميركية.
تسارع أيضا نزوح الأموال عن صناديق الأسهم والسندات بالأسواق الناشئة مع قيام المستثمرين بالتخارج من الأصول مراهنين على تضرر الاقتصادات الناشئة من جراء زيادة قوية في الدولار الأميركي.
وخرج حوالي 18 مليار دولار من صناديق الأسهم والدين بالأسواق الناشئة في يونيو (حزيران) بعد نزوح ثمانية مليارات دولار في مايو (أيار).



كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
TT

كوريا الجنوبية تتعهد بالحفاظ على استقرار الأسواق بعد عزل يون

مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)
مشاركون في مظاهرة يحملون لافتات تطالب المحكمة الدستورية بإقالة الرئيس يون سوك-يول في سيول (رويترز)

تعهدت وزارة المالية في كوريا الجنوبية، يوم الأحد، بمواصلة اتخاذ تدابير استقرار السوق بسرعة وفعالية لدعم الاقتصاد، في أعقاب إقالة الرئيس يون سوك-يول، بسبب فرضه الأحكام العرفية بشكل مؤقت.

وأكدت الوزارة أنها ستستمر في التواصل بنشاط مع البرلمان للحفاظ على استقرار الاقتصاد، مشيرة إلى أنها تخطط للإعلان عن خطتها السياسية نصف السنوية قبل نهاية العام الحالي، وفق «رويترز».

وفي هذا السياق، دعا زعيم الحزب الديمقراطي المعارض، لي جاي-ميونغ، إلى تشكيل «مجلس استقرار وطني» يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة القضايا المالية والاقتصادية وسبل تحسين مستوى معيشة المواطنين. وأشار إلى أن التحدي الأكثر إلحاحاً هو تراجع الاستهلاك بسبب الطلب المحلي غير الكافي، وتقلص دور الحكومة المالي. وأضاف لي أن معالجة هذا الأمر تتطلب مناقشة عاجلة لموازنة إضافية يمكن أن تشمل تمويلاً لدعم الشركات الصغيرة، بالإضافة إلى استثمارات في الذكاء الاصطناعي والبنية التحتية، لمواجهة تحديات نقص الطاقة.

وكان البرلمان الذي يسيطر عليه الحزب المعارض، قد مرر مشروع موازنة 2025 بقيمة 673.3 تريليون وون، متجاوزاً اقتراح الحكومة الذي بلغ 677.4 تريليون وون، وذلك دون التوصل إلى اتفاق مع حزب «قوة الشعب» الذي ينتمي إليه الرئيس يون والحكومة.

من جهته، أعلن بنك كوريا -في بيان- أنه سيعتمد على كافة الأدوات السياسية المتاحة بالتعاون مع الحكومة، للرد على التحديات الاقتصادية، وتفادي تصاعد التقلبات في الأسواق المالية وأسواق العملات الأجنبية. وأكد البنك ضرورة اتخاذ استجابة أكثر نشاطاً مقارنة بالفترات السابقة من الإقالات الرئاسية، نظراً للتحديات المتزايدة في الظروف الخارجية، مثل تصاعد عدم اليقين في بيئة التجارة، وازدياد المنافسة العالمية في الصناعات الأساسية.

كما أكدت الهيئة التنظيمية المالية في كوريا الجنوبية أن الأسواق المالية قد تشهد استقراراً على المدى القصير، باعتبار الأحداث السياسية الأخيرة صدمات مؤقتة؛ لكنها ستوسع من الموارد المخصصة لاستقرار السوق إذا لزم الأمر.

من جهة أخرى، شهدت أسواق الأسهم في كوريا الجنوبية ارتفاعاً للجلسة الرابعة على التوالي يوم الجمعة؛ حيث بدأ المستثمرون يتوقعون تراجع حالة عدم اليقين السياسي بعد تصويت البرلمان على إقالة الرئيس يون. كما لم يتوقع المستثمرون الأجانب أن تؤثر الاضطرابات السياسية الأخيرة بشكل كبير على نمو الاقتصاد أو تصنيفه الائتماني لعام 2025، إلا أنهم أشاروا إلى تأثيرات سلبية محتملة على معنويات السوق، مما قد يؤدي إلى زيادة في سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي، واستمرار عمليات بيع الأجانب للأسواق المحلية.

غرفة تداول بأحد البنوك في سيول (رويترز)

وفي استطلاع أجرته «بلومبرغ»، أفاد 18 في المائة فقط من المشاركين بأنهم يعتزمون تعديل توقعاتهم بشأن نمو الاقتصاد الكوري الجنوبي لعام 2025، بسبب الأحداث السياسية الأخيرة، بينما أكد 82 في المائة أن توقعاتهم ستظل دون تغيير. كما توقع 64 في المائة من المشاركين أن يظل التصنيف الائتماني السيادي كما هو، في حين توقع 27 في المائة خفضاً طفيفاً. ووفقاً للاستطلاع، يُتوقع أن يتراوح سعر صرف الوون مقابل الدولار الأميركي بين 1.350 و1.450 وون بنهاية الربع الأول من 2025.

أما فيما يتعلق بأسعار الفائدة، فقد زادت التوقعات بتخفيضات مسبقة من قبل بنك كوريا؛ حيث توقع 55 في المائة من المشاركين عدم حدوث تغييرات، بينما توقع 27 في المائة تخفيضاً في الأسعار قريباً. وتوقع 18 في المائة تخفيضات أكبر. وأشار كيم سونغ-نو، الباحث في «بي إن كي للأوراق المالية»، إلى أن تحركات السوق ستعتمد بشكل كبير على قرارات لجنة السوق الفيدرالية الأميركية في ديسمبر (كانون الأول)؛ حيث قد يسهم أي تخفيض لأسعار الفائدة من جانب الولايات المتحدة في تعزيز توقعات تخفيض الفائدة في كوريا الجنوبية في الربع الأول من 2025.

وقد أكد كيم أن العوامل السياسية ليست المحرك الرئيسي للأسواق المالية؛ مشيراً إلى أن الاضطرابات السياسية عادة ما تكون لها تأثيرات قصيرة الأجل على الأسواق. وأضاف أن الركود الاقتصادي -وليس الأحداث السياسية- هو المصدر الرئيس للصدمات المالية الكبيرة.

كما أشار كثير من المسؤولين الماليين إلى أن إقالة الرئيس يون قد تعود بالفائدة على الاقتصاد الكوري الجنوبي. وفي مقابلة إعلامية، أكد محافظ هيئة الرقابة المالية، لي بوك هيون، أن عزل الرئيس سيكون خطوة إيجابية للاستقرار الاقتصادي في البلاد، معرباً عن اعتقاده بأن القضاء على حالة عدم اليقين السياسي أمر بالغ الأهمية لتحقيق استقرار الاقتصاد، وفق صحيفة «كوريا تايمز».

وفيما يخص التوقعات المستقبلية، أشار صندوق النقد الدولي في تقريره الأخير في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى أن النمو الاقتصادي في كوريا الجنوبية من المتوقع أن يصل إلى 2.2 في المائة في 2024 بدعم من صادرات أشباه الموصلات، في حين يُتوقع أن يسجل الناتج المحلي الإجمالي نمواً بنسبة 2 في المائة في 2025 مع اقتراب الاقتصاد من إمكاناته الكاملة. وأكد الصندوق أن حالة عدم اليقين لا تزال مرتفعة، والمخاطر تميل إلى الاتجاه السلبي.

وبينما يظل التضخم قريباً من هدف بنك كوريا البالغ 2 في المائة، شدد الصندوق على ضرورة تطبيع السياسة النقدية تدريجياً في ظل هذه الظروف، مع الحفاظ على تدخلات محدودة في سوق الصرف الأجنبي لمنع الفوضى. كما أشار إلى أهمية تعزيز التوحيد المالي في موازنة 2025 لمواجهة ضغوط الإنفاق الطويلة الأجل، مع التركيز على السياسات المتعلقة بمخاطر العقارات.

كما أشار إلى أهمية الإصلاحات الاقتصادية على المدى المتوسط والطويل لدعم النمو وسط التحولات الهيكلية؛ مشيراً إلى ضرورة معالجة تراجع القوة العاملة من خلال تحسين الخصوبة، وزيادة مشاركة النساء في العمل، وجذب المواهب الأجنبية، بالإضافة إلى تعزيز تخصيص رأس المال، وتحسين مرونة المؤسسات المالية.