السيستاني يؤيد مظاهرات البصرة... والعبادي يحاول تهدئتها

العقوبات الأميركية تحول دون تسديد مبلغ ديون الكهرباء إلى إيران

متظاهرون أشعلوا إطارات في أحد شوارع البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
متظاهرون أشعلوا إطارات في أحد شوارع البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
TT

السيستاني يؤيد مظاهرات البصرة... والعبادي يحاول تهدئتها

متظاهرون أشعلوا إطارات في أحد شوارع البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)
متظاهرون أشعلوا إطارات في أحد شوارع البصرة الليلة قبل الماضية (أ.ف.ب)

في تطور لافت، أعلنت المرجعية الشيعية العليا في العراق، أمس، تأييدها للمظاهرات الشعبية التي تشهدها منذ نحو أسبوع محافظة البصرة أقصى الجنوب العراقي. وقال الشيخ عبد المهدي الكربلائي ممثل المرجع الأعلى للشيعة في العراق آية الله علي السيستاني في خطبة الجمعة بمدينة كربلاء: «لا يسعنا إلا التضامن مع المواطنين في مطالبهم الحقة مستشعرين معاناتهم الكبيرة ومقدرين أوضاعهم المعيشية الصعبة وما حصل من التقصير الواضح من قبل المسؤولين سابقاً ولاحقاً في تحسين الأوضاع وتقديم الخدمات لهم على الرغم من وفرة الإمكانات المالية، إذ إنهم لو أحسنوا توظيفها واستعانوا بأهل الخبرة والاختصاص في ذلك وأداروا مؤسسات الدولة بصورة مهنية بعيداً عن المحاصصات والمحسوبيات ووقفوا بوجه الفساد من أي جهة أو حزب أو كتلة لما كانت الأوضاع مأساوية كما نشهدها اليوم».
وأضاف الكربلائي أنه «ليس من الإنصاف بل ولا من المقبول أبداً أن تكون هذه المحافظة المعطاءة من أكثر مناطق العراق بؤساً وحرماناً يعاني كثير من أهلها شظف العيش وقلة الخدمات العامة وانتشار الأمراض والأوبئة ولا يجد معظم الشباب فيها فرصاً للعمل بما يناسب إمكاناتهم ومؤهلاتهم». ولفت الكربلائي إلى أن «المسؤولين في الحكومتين المركزية والمحلية مطالبون بالتعامل بجدية وواقعية مع طلبات المواطنين والعمل على تحقيق ما يمكن تحقيقه منها بصورة عاجلة». وفي الوقت نفسه، دعا ممثل المرجعية «المواطنين إلى ألا تبلغ بهم النقمة من سوء الأوضاع اتباع سلوكيات غير سلمية وحضارية في التعبير عن احتجاجاتهم وألا يسمحوا للبعض من غير المنضبطين أو ذوي الأغراض الخاصة بالتعدي على مؤسسات الدولة والأموال العامة أو الشركات العاملة بالتعاقد مع الحكومة العراقية، لا سيما أن كل ضرر يصيبها فإنه سيعوض من أموال الشعب نفسه».
إلى ذلك، أعلن مكتب رئيس الوزراء حيدر العبادي مجموعة لقاءات أجراها العبادي مع الحكومة المحلية في البصرة والقيادات الأمنية هناك فور وصوله إلى المحافظة أمس قادماً من بروكسل، حيث حضر مؤتمراً دولياً هناك لمكافحة الإرهاب. وقال البيان إن العبادي «التقى محافظ البصرة أسعد العيداني وجرى خلال اللقاء مناقشة تقديم أفضل الخدمات للمواطن البصري وحل الإشكالات التي تقف حائلاً أمام تنفيذ عدد من المشاريع ومطالب المواطنين، وتم اتخاذ مجموعة من التوجيهات والقرارات التي تصب في مصلحة المحافظة وأهلها». ولم يفصح البيان عن ماهية القرارات التي تم اتخاذها.
ورغم زيارة العبادي للبصرة تواصلت الاحتجاجات أمس، ما أدى إلى توقف دخول وخروج الشاحنات من وإلى الميناء إثر المظاهرة التي نظمها العشرات من المواطنين بالقرب منه للمطالبة بتحسين الواقع الخدمي وإيجاد فرص عمل للعاطلين. وقال أحد الموظفين لوكالة «رويترز»: «أغلقوا الطريق المؤدية إلى الميناء ولا تستطيع الشاحنات الدخول أو الخروج. طلب منا المسؤولون بالميناء أن نعود إلى منازلنا». بدوره، قال المتظاهر محمد جبار (29 عاماً)، وهو خريج جامعي عاطل عن العمل: «لن نتوقف حتى تلبى مطالبنا». وأضاف: «إذا لم يوفروا لنا وظائف ويحسنوا الخدمات الحكومية مثل المياه والكهرباء، فسوف نغلق البصرة ونوقف إنتاج النفط».
من جهته، أكد عاصم جهاد المستشار الإعلامي لوزارة النفط في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الصادرات النفطية من حقول الجنوب لم تتأثر بسبب المظاهرات التي انطلقت في محافظة البصرة بسبب تردي الخدمات، ومن بينها الماء والكهرباء». وأضاف أن «خلية الأزمة التي تضم نحو 6 وزراء ومسؤولين كبار في الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي يرأسها وزير النفط جبار اللعيبي اتفقت على حزمة إجراءات من أجل إيجاد حلول للأزمة هناك»، مبيناً أن «ما جرى الحديث عنه على صعيد اقتحام مقرات شركات النفط أو إجلاء الموظفين الأجانب بالطائرات المروحية كان أمراً مبالغاً فيه جداً، والهدف منه هو زعزعة الوضع هناك لأسباب سياسية تريد أن تظهر الحكومة بمظهر العاجز عن السيطرة، بينما الأمر ليس كذلك تماماً».
من جانب آخر، كشف مصدر عراقي مطلع لـ«الشرق الأوسط»، أن «العقوبات الأميركية على إيران التي لم يستثنَ العراق منها هي التي تحول دون تسديد مبلغ الديون التي في ذمة الحكومة العراقية لإيران نظير شراء الكهرباء والواجبة السداد والبالغة نحو 100 مليون دولار أميركي». وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن اسمه أن «المبلغ تم رصده بالفعل وموضوع في أحد المصارف الرسمية، ولكن لا يمكن تحويل المبلغ بسبب العقوبات المفروضة على العراق، إذ إن إيران لا تبيع الكهرباء بالآجل إلى العراق»، مبيناً أن «خط الغاز الواصل من إيران إلى العراق مهدد بالقطع خلال فترة قريبة ما لم تسدد الأموال من قبل الجانب العراقي إلى إيران».



مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
TT

مصر: مقتل طالب يثير قلقاً من انتشار «العنف» بالمدارس

وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)
وزير التربية والتعليم يتابع انتظام العملية التعليمية بمدارس محافظة القليوبية (وزارة التربية والتعليم)

تجدد الحديث عن وقائع العنف بين طلاب المدارس في مصر، مع حادثة مقتل طالب في محافظة بورسعيد طعناً على يد زميله، ما أثار مخاوف من انتشاره، في ظل وقوع حوادث مماثلة بوقت سابق في محافظات مختلفة.

وشغلت المصريين خلال الساعات الماضية واقعة شهدتها مدرسة بورسعيد الثانوية الميكانيكية بمحافظة بورسعيد في مصر، الأحد، بعدما تداول مدونون «اتهامات عن تعدي طالب على آخر بسلاح أبيض ما أصابه بطعنة نافذة في القلب، أدت إلى وفاته».

وكشف وزارة الداخلية المصرية، الاثنين، ملابسات الحادث، مشيرة، في بيان، إلى أن عملية الطعن جاءت على خلفية مشاجرة نشبت بين الطالبين في فناء المدرسة، و«أنه بالانتقال وسؤال شهود الواقعة أفادوا بقيام طالب بالتعدي على المجني عليه بسلاح أبيض (مطواة) كانت بحوزته، فأحدث إصابته، ولاذ بالهرب بالقفز من أعلى سور المدرسة».

وعقب تقنين الإجراءات، وفق البيان، تم «ضبط مرتكب الواقعة بمكان اختبائه بالقاهرة، كما تم ضبط السلاح المستخدم في ارتكاب الواقعة».

وجاء التعقيب سريعاً من وزارة التعليم، حيث أكد الوزير محمد عبد اللطيف، أن «الوزارة لن تتهاون في اتخاذ جميع الإجراءات اللازمة لضمان حماية أبنائها الطلاب، وتوفير بيئة تعليمية آمنة، وسلامة سير العملية التعليمية في جميع محافظات الجمهورية».

وشدد في بيان، الاثنين، على أنه «لن يتم القبول بتكرار مثل هذا الحادث، أو أي تجاوزات من قبل الطلاب أو المعلمين أو أي مسؤول، وأي تجاوز ستتعامل معه الوزارة بإجراءات صارمة وحازمة».

وكانت الوزارة، في أول رد فعل عقب الحادث، اتخذت إجراءات عاجلة ومشددة تضمنت إلغاء تكليف مديرة المدرسة، وتحويل جميع المسؤولين في المدرسة إلى الشؤون القانونية.

ويدرس نحو 25 مليون طالب وطالبة في مرحلة التعليم الأساسي في مصر، تضمهم 60 ألف مدرسة، بحسب بيانات وزارة التربية والتعليم.

الواقعة أثارت تفاعلاً، وأعادت الحديث عن جرائم مشابهة، منها ما شهدته محافظة سوهاج (صعيد مصر)، قبل أيام، من إصابة طالب بالصف الأول الثانوي بجرح قطعي بالرقبة إثر تعدي زميله عليه بسلاح أبيض «كتر» إثر مشادة كلامية لوجود خلافات سابقة بينهما، بحسب وسائل إعلام محلية.

وزارة التعليم المصرية تسعى لحماية الطلاب وتطبيق أسس وقواعد التربية السليمة (الشرق الأوسط)

وخلال يوليو (تموز) الماضي، أقدم طالب بالثانوية العامة في محافظة بورسعيد أيضاً، على طعن زميله داخل إحدى لجان امتحانات الثانوية العامة، بدعوى عدم السماح له بالغش منه. وتكررت الواقعة للسبب نفسه خلال شهر أبريل (نيسان) الماضي، عندما طعن طالب ثانوي بالإسكندرية زميله بآلة حادة عقب الخروج من لجنة الامتحان لعدم تمكينه من الغش، حيث استشاط غضباً لعدم مساعدته.

ومن قبلها في شهر مارس (آذار)، قُتل طالب على يد زميله بسلاح أبيض «كتر» أمام مدرسة ثانوية بمحافظة القليوبية، بسبب معاكسة فتاة.

الخبير التربوي المصري، الدكتور حسن شحاتة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، يرجع مثل هذه الوقائع إلى «السلوك العدواني، الذي يكتسبه الطلاب من البيئة والمجتمع خارج المدرسة، من خلال مشاهدة التلفزيون وأفلام العنف، والألعاب العنيفة، وبالتالي ينقلونه إلى داخل المدرسة».

ولفت إلى أن «وقف هذا العنف مسؤولية مشتركة، فالأسرة عليها مهمة تجنيب الأبناء صور وأشكال السلوك العدواني، إلى جانب إفهام الطالب الخطأ من الصواب داخل المدرسة، والقوانين المنظمة للدراسة، والتشديد على الالتزام الأخلاقي داخل المؤسسة الدراسية، وكيف أنها مكان مقدس مثل دور العبادة».

ولا تمثل هذه الوقائع ظاهرة، وفق شحاتة، فهي «حوادث معدودة في ظل وجود 25 مليون طالب في مصر»، مبيناً أنه «مع ارتفاع كثافة الفصول، وعدم وجود أنشطة مدرسية مناسبة للتلاميذ، مما يؤدي إلى عدم تفريغ الشحنات الانفعالية لهم، وهنا يأتي دور المدرسة في إيجاد أنشطة في المدرسة رياضية وموسيقية وفنية، يمارسها الطلاب لتهذيبهم، مع وجود دور للمُعلم في تعليمهم السلوك السوي مع بعضهم البعض».

ويوضح الدكتور سعيد صادق، أستاذ علم الاجتماع بالجامعة المصرية اليابانية، لـ«الشرق الأوسط»، أن هذه الحوادث تعد «أعراضاً لتراجع النظام التعليمي»، وغياب «القيم التربوية».

ويلفت «صادق» إلى أن هذه الحوادث تعد امتداداً لإرث معروف بين الأسر تنصح به أطفالها، مثل عبارات: «لو حد ضربك في المدرسة اضربه» أو «خد حقك»، الذي معه «يقرر الطالب الاعتماد على نفسه في الحصول على حقه»، بينما الطبيعي، وفق صادق، عند تعرض الطالب لعنف أو تنمر «يشتكي للمعلم، ويرفع الأمر للإدارة لأخذ موقف ومعاقبة الطالب المعتدي؛ لكن مع غياب المعلم المؤهل وضعف إدارات المدارس، يغيب ذلك العقاب، وبالتالي نجد هذا العنف».