طارق صالح يدعو في عدن إلى طرد الحوثيين من صنعاء

قال إن تحرير الحديدة «مسألة وقت»... واليمن {عربي وليس فارسياً أو تركياً}

العميد طارق صالح
العميد طارق صالح
TT

طارق صالح يدعو في عدن إلى طرد الحوثيين من صنعاء

العميد طارق صالح
العميد طارق صالح

بعد نحو أسبوع فقط من أول خطاب ميداني للعميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبد الله صالح، ظهر مجدداً في خطاب جديد من وسط معسكر للتدريب غربي مدينة عدن، لمناسبة استقبال لواء جديد انضم إلى قواته التي يقودها في مواجهة الميليشيات الحوثية تحت مسمى المقاومة الوطنية.
ورحب طارق صالح في خطابه الذي بثته مساء الأربعاء قناة «اليمن اليوم» التابعة لأقارب الرئيس الراحل والتي تبث من العاصمة المصرية القاهرة، بعناصر القوة الجديدة، الذين وصلوا إلى مدينة عدن، وقال إنه يشد على أياديهم لإنهاء فترة الاستعداد والتدريب.
وامتدح في خطابه أبناء مدينة عدن التي قال إنها «احتضنت كل الرجال الذين أتوا من مختلف المحافظات»، ممتدحاً طريقة أبنائها ومقاومتهم الذين ثاروا ضد الميليشيات الحوثية التي أشار إليها بوصف «الكهنوت»، وهو ما قاد إلى طردها من مدينتهم ومن مناطق الجنوب اليمني بشكل عام، مشيراً إلى أنهم خرجوا عن بكرة أبيهم لحمل السلاح، بمن فيهم النساء اللواتي قارعن الوجود الحوثي على غرار ما فعلن مع الاستعمار البريطاني في ستينات القرن الماضي.
ودعا نجل شقيق الرئيس الراحل، إلى «هبة شاملة» ضد الوجود الحوثي في بقية المحافظات، على غرار ما فعل سكان عدن، وقال «عندما تدق ساعة الصفر، يجب أن يهبّ الناس هبّة رجل واحد لمساندة أبطال المقاومة المشتركة والجيش الوطني، المقاومة المشتركة التي تشمل حراس الجمهورية وإخوانكم رجال العمالقة وأبطالها وأسود تهامة وفي مختلف الجبهات... في حرض، في ميدي، في صعدة، في الجوف، في نهم، في البيضاء، في تعز».
وعلى غرار ما قاله في خطابه السابق، حرص طارق صالح على أن يبدو حديثه جامعاً لكل القوى اليمنية التي تواجه الميليشيات الحوثية في مختلف الجبهات، كما حرص على تأكيد أن قواته تشارك في عملية تحرير اليمن من قبضة الميليشيات تحت قيادة قوات التحالف الداعمة للشرعية التي تقودها السعودية وتساندها دولة الإمارات.
وتابع بالقول «أحيي كل الرجال الذين يبذلون الغالي والنفيس ويضحون بدمائهم من أجل تحرير هذه الأرض الطيبة الطاهرة... وطن كل اليمنيين واستعادة دولته الحرة المستقلة ذات النظام الجمهوري الديمقراطي وعاصمتها صنعاء ولا غير صنعاء».
وتوضيحاً منه - كما يبدو - للجدل الدائر حول توقف العمليات العسكرية عند أطراف مدينة الحديدة، في ظل المساعي الأممية والضغوط الدولية التي تحاول التوصل إلى اتفاق مع الميليشيات لتجنيب المدينة ومينائها المعارك التي يحتمل أن تؤثر سلباً على إمدادات السلع، قال طارق صالح مخاطباً قواته «ثقوا، تماماً، أن موضوع الحديدة شبه منتهٍ... المسألة مسألة وقت لنثبت للعالم بأن هذه العصابة لا تريد السلام ولا تريد إلا أن تخرج بالقوة، وبقوة السلاح».
وهاجم في خطابه عناصر الميليشيات، وقال «إنهم يريقون الدم اليمني في كل مكان من أجل ما يدعونه من حق إلهي.. ويفرضون على الناس منطقهم وملازمهم وتدريسها إجبارياً في المؤسسات الرسمية»، في إشارة إلى المناهج الطائفية الإيرانية التي تفرضها الجماعة على السكان والجامعات والمدارس.
وأضاف مستهجنا أسلوب الجماعة الحوثية وفكرها الطائفي البعيد عن روح العصر بقوله «في هذا العصر الحديث عصر التكنولوجيا عصر الفضاء... نحن نعود إلى (ملازم) جلبت علينا الفقر والدمار والدماء... يريد الحوثي أن يحكم الشعب اليمني بنَفَسٍ سلالي طائفي ويدعي حقه الإلهي في حكمنا».
ونفى طارق صالح أن يكون نهج الحوثيين على صلة بتمثل الإسلام وتعاليمه، مؤكداً أنهم جاؤوا بـ«إسلام غير الإسلام»؛ إذ إن الإسلام على حد قوله «جاء ليساوي بين الناس وأتى بثروة عظيمة للإنسانية ولم يأتِ ليفضل جنساً على جنس آخر، كما يدعي الحوثيون».
وذكّر جنوده بانتهاكات الميليشيات الحوثية، بحقهم، حين سطت على معسكراتهم، وقال «طردونا من المعسكرات، ونهبوا السلاح من أيادي الجنود والأفراد، واليوم يتسكعون في كل قبيلة وفي كل قرية وفي كل معسكر يبحثون عن مقاتلين للساحل الغربي بل وصلت بهم الوقاحة أن يبحثوا عن مقاتلين في العراق وفي إيران، وفي (حزب الله) من لبنان بنَفَسٍ طائفي ليس فيه ذرة قومية أو عربية أو وطنية أو إسلامية، فقط نَفَس طائفي حصروا اليمن في هذه الجهة».
وكانت الجماعة الحوثية لجأت أخيراً إلى الاستنجاد بأشياعها الطائفيين في العراق ولبنان وإيران، بشكل صريح وعلني، وظهر زعيم «حزب الله» اللبناني حسن نصر الله في خطاب قال فيه، إنه يتمنى أن يشارك مع الحوثي في معارك الساحل الغربي، كما ظهر قادة في الحشد الطائفي العراقي، يعلنون استعدادهم للقتال إلى جوار عناصر الجماعة.
ولإزالة اللغط حول مشروعية قواته، قال طارق صالح «نؤكد أننا ضمن قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة نشارك في تحرير بلدنا، ونعتبر هذا التحالف نواة لقوة عربية لدحر أي مخطط تآمري ضد الأمة العربية والمنطقة في الحاضر وفي المستقبل».
وأكد نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل، على عروبة اليمن وعدم تبعيتها لأي من المشروعين الفارسي والتركي، وقال «اليمن هي أصل العرب، وتنتمي إلى أمتها العربية، ما عمرها انتمت لا لفارس ولا للباب العالي في إسطنبول، اليمن عربية، وستظل عربية، نحن ننتمي إلى اليمن ولا ننتمي إلى عصابة» في إشارة إلى الميليشيات الحوثية الطائفية.
ولكي يدفع شبهة انحيازه إلى أي طائفة أو مذهب بعينه، أكد طارق صالح على وجود التنوع في إطار الوطن الواحد، والتعايش بين الفرق والمذاهب، وقال «اليمنيون على مدى التاريخ تعايشوا فيما بينهم... الزيدي والشافعي والصوفي والسلفي»، مختتماً خطابه، بالعبارة الشهيرة: «الدين لله والوطن للجميع».
ولقي خطاب طارق صالح، ارتياحاً واسعاً، في أوساط الناشطين اليمنيين، واعتبره بعضهم في تغريدات على مواقع التواصل الاجتماعي، خطاباً جامعاً وحريصاً على وحدة اليمنيين والقوى المختلفة في مواجهة المشروع الحوثي.
وكان نجل شقيق صالح، نجا بأعجوبة من قبضة الميليشيات الحوثية، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بعد أن تمكنت من تصفية عمه ووأد انتفاضته ضدها، والتنكيل بأنصاره وأقاربه وقيادات حزبه، وكان أول ظهور له في محافظة شبوة في 11 يناير (كانون الثاني)، معزياً في القيادي عارف الزوكا الذي قتل رفقة عمه في صنعاء.
وخلال ثلاثة أشهر، تمكن طارق صالح بإسناد من تحالف دعم الشرعية من إعادة تجميع قوة ضخمة من أتباع عمه العسكريين بخاصة، من ضباط وجنود ما كان يعرف إبان حكم صالح، بقوات الحرس الجمهوري وقوات الأمن المركزي، وأطلق عليها تسمية «المقاومة الوطنية»، كما أطلق على ألويتها القتالية ألوية «حراس الجمهورية».
وأدى انخراط قواته في المعارك إلى جانب ألوية العمالقة السبعة، وألوية المقاومة التهامية، في 19 أبريل (نيسان) الماضي، إلى تغيير المعادلة على الأرض؛ إذ تمكنت القوات من تحرير مناطق شاسعة في الساحل الغربي، غرب تعز وجنوبها الغربي، قبل أن تتوغل فجأة لتحرير محافظة الحديدة، حيث قطعت أكثر من 120 كيلومتراً من الخوخة جنوباً بمحاذاة الساحل الغربي، إلى مطار مدينة الحديدة وأطرافها الجنوبية شمالاً.
وفي ظل الضغوط الدولية والأممية للتهدئة وتأجيل تحرير الحديدة عسكرياً، لجأت القوات المشتركة في الأسابيع الأخيرة، إلى تأمين خطوط إمدادها نحو الحديدة، إذ أطلقت عملياتها لتحرير الشق الشرقي من الساحل الغربي، وانتزعت قبل أيام مركز مديرية التحيتا، وباتت على أطراف مدينة زبيد، المحاذية لها شرقا، على مسافة 10 كيلومترات.
وفي خطابه الماضي، دعا طارق صالح، العسكريين كافة والأمنيين الخاضعين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية إلى سرعة التحاقهم بقوات الجيش والمقاومة، سواء في مأرب أو صعدة أو حجة أو عدن، أو في الساحل الغربي، حيث تشارك قواته في معارك التحرير ضد الوجود الحوثي.
وكانت الميليشيات الحوثية تلقت ضربة موجعة بإفلات نجل شقيق صالح، من قبضتها؛ إذ كان رأسه مطلوباً لقادة الجماعة، باعتباره المسؤول الأول عن تفجير الأوضاع ضدها في صنعاء، كما أنها فشلت في الضغط عليه من خلال تهديده بتصفية أقاربه المعتقلين لديها، وفي مقدمهم نجله الأكبر عفاش، وشقيقه محمد، ونجلا عمه، مدين وصلاح.
وبحسب مقربين منه، يعتقد طارق صالح، أن اللحظة الراهنة ليست لحظة مناسبة للتنازع على المكاسب السياسية بين الفرقاء اليمنيين، بقدر ما هي لحظة لرص الصفوف وتوحيدها من أجل استعادة صنعاء، ووأد المشروع الإيراني في اليمن، والثأر من الجماعة التي خطفت الدولة اليمنية، وقتلت عمه.
ويشكك الخصوم السابقين لعمه، في نواياه ومساعيه المستقبلية، لجهة أنه لم يعترف بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي، على حد زعمهم، لكن اعترافه في خطابيه الأخيرين بقوات الجيش التابعة للشرعية، في جبهات مأرب ونهم وصنعاء وتعز والجوف وحجة، ودعوته للالتحاق بها، يبدد، بحسب المراقبين، الجزء الأكبر من هذه المخاوف.


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.