احتفاء رسمي واحتجاج شعبي يستقبلان ترمب في بريطانيا

تأمينه كلف لندن ملايين الدولارات... وماي تأمل بتعاون تجاري بعد «بريكست»

ترمب وميلانيا لدى وصولهما إلى مطار ستانستد في لندن أمس (أ.ف.ب)
ترمب وميلانيا لدى وصولهما إلى مطار ستانستد في لندن أمس (أ.ف.ب)
TT

احتفاء رسمي واحتجاج شعبي يستقبلان ترمب في بريطانيا

ترمب وميلانيا لدى وصولهما إلى مطار ستانستد في لندن أمس (أ.ف.ب)
ترمب وميلانيا لدى وصولهما إلى مطار ستانستد في لندن أمس (أ.ف.ب)

مروحيات خاصة، «حلقة فولاذية»، وحوالي 4 آلاف شرطي هي بعض مظاهر عملية أمنية ضخمة كلفت السلطات البريطانية ملايين الدولارات لاستقبال الرئيس الأميركي دونالد ترمب في عاصمتها لندن أمس. ورغم محاولات رئيسة الوزراء تيريزا ماي وحكومتها إضفاء نبرة إيجابية على هذه الزيارة المهمة، عبر عشرات التصريحات والبيانات الترحيبية وتسليطها الضوء على اللقاء المرتقب مع الملكة إليزابيث الثانية اليوم، فإن خطط المظاهرات الاحتجاجية الواسعة هيمنت على التغطية الإعلامية للزيارة وأثّرت على برنامجها.
وفي زيارته الرسمية إلى بريطانيا التي انطلقت بعد ظهر أمس وتستمر حتى الأحد، لن يقضي ترمب وسيدة أميركا الأولى ميلانيا إلا ليلة واحدة في لندن، في مقر إقامة السفير الأميركي لدى بريطانيا وودي جونسون. وقد بدا قناصون على سطوح مباني المنطقة، لم تستثن مئذنة مسجد «ريجنتس بارك» الملقّب بـ«مسجد لندن المركزي» القريب من «وينفيلد هاوس»، حيث توجّه ترمب وزوجته بمجرد هبوط طائرة «إير فورس وان» الرئاسية في مطار ستانستد. وانتشر في المنطقة ومختلف المواقع التي سيزورها الرئيس الأميركي مئات رجال الأمن، قدّرتهم صحيفة «ذي غارديان» بـ4000. كما أُقيم سياج أمني حول «وينفيلد هاوس» أمس. وتراوحت التقديرات لقيمة العملية الأمنية بين 10 ملايين جنيه إسترليني (13 مليون دولار أميركي) وفق صحيفة «ذي تايمز» التي وصفتها بأكبر انتشار أمني منذ أعمال عنف 2011، و30 مليون (39 مليون دولار) وفق «ذي صن»، التي تحدّثت بالإضافة إلى السياج الأمني، أو ما يعرف بـ«الحلقة الفولاذية»، ورجال الأمن عن الشرطة السرية المسلّحة والمركبات المصفحة التي سترافق الرئيس الأميركي إلى اسكوتلندا. ونالت «الحلقة الفولاذية»، وهو سياج حديدي مضاد للمتفجرات أُقيم في حديقة «ريجنتس» لتأمين مقر إقامة السفير الأميركي، الكثير من الاهتمام، كونها من المرات النادرة التي تتخذ فيه الحكومة البريطانية هذا النوع من الإجراءات الأمنية خلال زيارة رئيس أميركي. وزادت التحذيرات التي أطلقتها السفارة الأميركية في لندن عشية الزيارة من حدة انتقادات مناهضي سياسات الرئيس الأميركي. وقد وزعت السفارة، أول من أمس، بيانا تنصح بموجبه مواطنيها بـ«توخي الحذر إن كانوا في منطقة التجمعات الكبيرة التي قد تتخذ منحى عنيفا».
وتعتري زيارة ترمب الأولى إلى بريطانيا منذ تسلمه منصبه، أهمية بالغة بالنسبة لماي التي تواجه انتقادات حادة من طرف أعضاء حزبها المحافظ وتلقت صفعة سياسية مع استقالة وزيري الخارجية و«بريكست» قبل أيام. وبينما أكد ترمب دعمه لماي في أكثر من مناسبة وأشاد بالعلاقة الخاصة التي تجمع الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن بعض تصريحاته المباشرة أو عبر «تويتر» وضعت ماي في موقف محرج.
وكان آخر هذه التصريحات أمس، مباشرة قبل مغادرته مقر الناتو باتجاه لندن، مع تشكيكه في استراتيجية الحكومة البريطانية للخروج من الاتحاد الأوروبي. وقال الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي قبل التوجه إلى مطار ستانستد إن «بريكست يعني بريكست». وتابع: «الناس صوتوا لصالح قطع العلاقات بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي.. ولذلك أتصور أن هذا ما سيفعلونه، ولكن ربما يأخذون طريقا مختلفا قليلا. لا أعلم إن كان ذلك هو ما صوتوا من اجله. أود أن يسووا الأمر حتى ينتهي بسرعة». وفي تصريح آخر، قال ترمب إنه يتوجه إلى «نقطة ساخنة، مع الكثير من الاستقالات».
وكان وقع هذه التصريحات قويا في لندن، خاصة لتزامنه مع طرح الحكومة «ورقتها البيضاء» للخروج من الاتحاد الأوروبي أمام النواب. وردا على تصريحات ترمب، قالت ماي في بروكسل إن «ما نفعله هو تنفيذ تصويت الشعب البريطاني... وهذا ما يفعله اقتراحنا».
ولم تكن تصريحات الرئيس الأميركي، الذي أجّل زيارته إلى لندن أكثر من مرة، مفاجئة. إذ انتقد قبل انطلاق جولته الأوروبية بريطانيا التي «تعاني من اضطرابات»، في إشارة واضحة إلى استقالة وزيري الخارجية بوريس جونسون، و«بريكست» ديفيد ديفيس. وأعقب ترمب ذلك بمدح «صديقه» جونسون، والتلويح إلى رغبته في لقائه في لندن. وقبل ذلك بشهور، تسبب ترمب بموجة غضب شعبية وسياسية في بريطانيا بعد أن أعاد نشر تغريدات لزعيمة يمينية متطرفة ودخوله في جدال مع عمدة بلدية لندن صديق خان.
ورغم الخلافات الدبلوماسية بين ترمب وبريطانيا، تأمل الحكومة البريطانية في التوصل بسرعة لاتفاق تجاري مع الولايات المتحدة بعد مغادرة الاتحاد الأوروبي. وأدركت ماي أهمية الحفاظ على قوة العلاقات بين لندن وواشنطن، إذ كانت أول زعيمة سياسية تزور ترمب بعد تنصيبه رئيسا في البيت الأبيض. وقالت قبيل الزيارة: «عندما نخرج من الاتحاد الأوروبي، سنبدأ بوضع مسار جديد لبريطانيا في العالم وتحالفاتنا العالمية ستكون أقوى من قبل». وأضافت، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية، أنه «لا يوجد تحالف أقوى من علاقتنا الخاصة مع الولايات المتحدة، ولن يكون هناك تحالف أكثر أهمية في السنوات المقبلة». إلا أن «بطل بريكست»، نايجل فاراج، توقع أن «صداما حقيقيا» سيحدث بين الزعيمان. وقال في تجمع مؤيد لترمب في البرلمان: «كان بودي القول إن هذه ستكون زيارة ناجحة جدا، ولكنني أعتقد أنها ستكون صعبة للغاية»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
وتشمل زيارة ترمب وميلانيا إلى بريطانيا سبع محطات رئيسية، شملت أمس حفل استقبال في «وينفيلد هاوس» التقى خلاله الرئيس بموظفي السفارة الأميركية وأهاليهم، تلته مأدبة عشاء في قصر «بلينهام» ضمت حوالي 150 ممثلا عن عالم المال والأعمال، وعاد بعدها بمروحية خاصة إلى مقر إقامة السفير.
واليوم، يتوجه ترمب صباحا إلى قاعدة ساندهورست، ليشهد برفقة ماي عرضا عسكريا أميركيا - بريطانيا، ثم يعقد محادثات مع ماي في مقر رئاسة الوزراء الريفي في تشيكرز، ويشأركان بعدها في مؤتمر صحافي مشترك. يطير الرئيس وزوجته بعد ذلك إلى قصر «ويندزور»، لتناول الشاي مع الملكة إليزابيث الثانية، ثم إلى اسكوتلندا لقضاء يومين يزور خلالهما ملعب الغولف الخاص به.
وبموازاة مع الفعاليات الرسمية، من المتوقع أن يشارك آلاف المتظاهرين في «كرنفال مقاومة» ضد سياسات الرئيس الأميركي. وقد شارك المئات أمس في وقفة احتجاجية في لندن، لكن المسيرة الاحتجاجية الرئيسية ستنطلق بعد ظهر اليوم، ومن المتوقع أن تشهد مشاركة عشرات الآلاف من المتظاهرين، وفق صفحات مواقع التواصل الاجتماعي التي نظمتها منظمات حقوقية ويسارية. وفيما يتوقع أن يملأ المتظاهرون والأمن شوارع لندن اليوم، سيحلق في سمائها بالون يبلغ ارتفاعه 20 قدما في صورة «ترمب الرضيع» لمدة ساعتين صباحا.
ودافع رئيس بلدية لندن، أمس، عن قراره الموافقة على رفع البالون الضخم. وقال إن الاحتجاجات ليست ضد الأميركيين، وإنما هي انعكاس لحرية التعبير. وكتب في صحيفة «إيفننغ ستاندرد»: «اليوم أكثر من أي وقت مضى، علينا مسؤولية أن ندافع عن قيمنا ونضمن أن يتم سماع صوتنا في أنحاء العالم».



لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
TT

لندن وطوكيو وروما تطلق مشروعها لبناء طائرة قتالية جديدة

تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)
تصميم طائرة مقاتِلة من الجيل السادس لبرنامج القتال الجوي العالمي «GCAP» مغطاة بألوان العَلم الوطني للمملكة المتحدة (أ.ف.ب)

اتفقت المملكة المتحدة وإيطاليا واليابان، اليوم الجمعة، على إنشاء شركة مشتركة لبناء طائرتها المقاتِلة الأسرع من الصوت، والمتوقع أن تجهز في عام 2035، في إطار برنامج يحمل اسم القتال الجوي العالمي «GCAP».

وأعلنت الشركات المصنّعة الثلاث المسؤولة عن تطوير الطائرة المقاتِلة، الجمعة، في بيان، أنها وقّعت على اتفاقية إنشاء الشركة التي تملك كلٌّ منها ثُلثها. والشركات هي: «بي إيه إي سيستمز (BAE Systems)» البريطانية، و«ليوناردو (Leonardo)» الإيطالية، و«جايك (JAIEC)» اليابانية، التي أنشأتها، على وجه الخصوص، شركة ميتسوبيشي للصناعات الثقيلة.

وأنشئت الشركة المشتركة، التي ستبدأ أنشطتها منتصف عام 2025، في إطار برنامج القتال الجوي العالمي الذي أُعلن في عام 2022 بالشراكة بين لندن وروما وطوكيو. وستحلّ الطائرة الضخمة ذات الذيل المزدوج على شكل حرف V محل طائرات «إف-2» (F-2) اليابانية ومقاتِلات يوروفايتر الإيطالية والبريطانية. ومن المتوقع أن يمتد عمرها الافتراضي إلى ما بعد عام 2070، وفقاً للبيان.

وفي حال احترام الجدول الزمني، الذي وضعه القائمون على المشروع، فإنها ستدخل الخدمة قبل خمس سنوات على الأقل من الطائرة التي يبنيها مشروع نظام القتال الجوي المستقبلي «SCAF» الذي تُنفذه فرنسا وألمانيا وإسبانيا.