إسرائيل تغلق معبراً أساسياً لغزة... وتهدد بخطوات أخرى

سفينة ثانية تنطلق من شواطئ القطاع اليوم «نحو العالم»

فلسطيني يعيد إلقاء قنبلة مسيلة للدموع أطلقها الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات على حدود غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يعيد إلقاء قنبلة مسيلة للدموع أطلقها الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات على حدود غزة (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تغلق معبراً أساسياً لغزة... وتهدد بخطوات أخرى

فلسطيني يعيد إلقاء قنبلة مسيلة للدموع أطلقها الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات على حدود غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يعيد إلقاء قنبلة مسيلة للدموع أطلقها الجيش الإسرائيلي خلال اشتباكات على حدود غزة (أ.ف.ب)

أقدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه، أفيغدور ليبرمان، أمس (الاثنين)، على سلسلة خطوات عقابية لقطاع غزة، لممارسة الضغوط على حركة حماس حتى ترضخ للشروط الإسرائيلية وتطلق سراح الأسرى الإسرائيليين لديها. ومن أبرز هذه الخطوات إغلاق معبر أبو سالم، الذي يعتبر شريان الحياة للقطاع تجارياً واقتصادياً، إلا أن نتنياهو تحدث عن خطوات أخرى سرية.
وقال نتنياهو في بيان له، أمس: «قلت منذ فترة طويلة إنني لا أنوي أن أنشر مسبقاً جميع التفاصيل التي تتعلق بالخطوات التي نتخذها أو نخطط لها، ولكن بعد مشاورات أجريتها مع وزير الدفاع، قررنا أن نشدد فوراً الإجراءات التي نتخذها حيال حكم حماس في قطاع غزة. وفي خطوة ملموسة نتخذها، سنغلق اليوم (أمس) معبر كرم أبو سالم، وستكون هناك خطوات أخرى ولن أفصح عنها».
وكانت مصادر عسكرية قد ذكرت، أمس، أن إسرائيل تمنع دخول مساعدات إنسانية من جهات دولية تم إرسالها بغرض التخفيف من المعاناة الإنسانية في قطاع غزة المحاصر منذ سنوات. كما أغلقت سلطات الاحتلال، أمس، مكاتب محطة تلفزيون «القدس» في المدينة، بدعوى أنها قناة تخدم حماس وغيرها من «تنظيمات الإرهاب». وأكدت أن الوزير ليبرمان، هو الذي يقف وراء التشدد الجديد في التعاطي مع غزة، وأنه يشترط إعادة «جثث» الجنود المحتجزين في قطاع غزّة مقابل أي تخفيف للحصار المفروض على القطاع. وقد أقدم على خطوته هذه بعدما أعلنت حماس للوسطاء بين الطرفين، أنها ترفض ربط قضية الأسرى بالأوضاع الأمنية والإنسانية. وأخبرت أنها مستعدة للتفاوض مع إسرائيل على هدنة طويلة جداً، مقابل فك الحصار. وأما موضوع الأسرى، فهي تشترط للتفاوض، أن يطلق سراح أسرى صفقة شاليط، الذين تمت إعادة اعتقالهم من جديد في السنتين الأخيرتين. وبعدها ستطالب بإطلاق سراح مزيد من الأسرى.
يذكر أن هذه الهبة من نتنياهو وليبرمان، جاءت في أعقاب خروج عائلة الجنديين الإسرائيليين الأسيرين في حملة، تطالب الحكومة بممارسة ضغوط حربية على حماس لإطلاق سراح ابنيهما، اللذين أعلن عنهما أنهما جثتان. وانضم إلى هذه الحملة بعض من قوى اليسار الصهيوني، الذي يتهم الحكومة بمساعدة حماس على البقاء في الحكم، باعتباره مصلحة إسرائيلية تضمن فيها استمرار الانقسام الفلسطيني، وبالتالي تعرقل التقدم في مفاوضات السلام. وقد برز في هذا الجنرال عمرام متسناع، الرئيس الأسبق لحزب العمل، الذي قال إن على الحكومة أن تعود لسياسة الاغتيالات ضد قادة حماس والعمل على إسقاط حكمها بالقوة، وبذلك تتيح لنشوء قيادة أخرى تفاوض على السلام وكذلك على إطلاق سراح الأسرى.
وقالت أوساط عسكرية، إن اجتياح قطاع غزة بات أقرب من أي وقت مضى، وإن ما يمنع تنفيذ هجوم على القطاع هو الخوف من أن يتم فتح جبهة في الشمال ضد إسرائيل في حال نشوب حرب في الجنوب. والجيش الإسرائيلي، الذي أجرى تدريبات على حرب مزدوجة كهذه، يفضل ألا يدير حرباً على جبهتين في وقت واحد.
وخرج القائد السابق للمنطقة الجنوبية في الجيش الإسرائيلي، الجنرال سامي ترجمان، بتحذير من مخاطر عملية عسكرية تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة. وقال ترجمان، الذي كان قائداً لقوات الاحتلال خلال الحرب الأخيرة في سنة 2014، خلال دراسة أعدها لمعهد واشنطن للأبحاث، إن على إسرائيل أن تحذر من تكرار نسخة الحرب العقيمة وغير الضرورية في غزة. وأوصى إسرائيل والدول «المعتدلة» في المنطقة والمسؤولين حول العالم، بإعادة إنعاش الاقتصاد في قطاع غزة، مقابل امتناع حماس عن مواصلة البناء العسكري بدلاً من المطالبة بنزع السلاح الذي ليس عملياً في هذه المرحلة. كما أوصى بأن يتم تحسين الأوضاع الاقتصادية أيضاً في الضفة الغربية، حتى لا تعطى الفرصة لحماس للسيطرة عليها. وفي دراسته، رأى ترجمان أن النموذج الأكثر نجاعة في التعامل مع قطاع غزة، هو استخدام التنمية لإدارة الصراع، بطريقة تقلل من المخاطر العسكرية لإسرائيل الناشئة عن البدائل الأخرى. ونبّه إلى الخسائر البشرية والأعباء التي ستتكبدها الحكومة جراء أي عمل عسكري يؤدي إلى انهيار حكم حماس وانتشار الفوضى في القطاع، أو في حال سيطرت حماس على الضفة الغربية.
وأشار إلى عوامل قد تدفع إسرائيل لشن عملية عسكرية ضد قطاع غزة من أجل الإطاحة بحكم حماس، من أبرزها: الجمود السياسي، أو الأزمة الإنسانية في القطاع، أو تهديد عسكري للاستقرار ومهاجمة حماس لإسرائيل. وقال ترجمان إن عملية عسكرية للجيش الإسرائيلي في قطاع غزة، من المحتمل أن تشعل جبهات أخرى مثل الجبهة السورية أو اللبنانية، لكن من دون التورط في الشمال بشكل عام، فإن عملية من هذا القبيل لن تفيد إسرائيل. وفي سياق متصل، أعلنت هيئة الحراك الوطني لكسر الحصار، إطلاق سفينة الحرية الثانية، اليوم، من غزة نحو العالم. وقال بسام مناصرة الناطق باسم الهيئة، في مؤتمر صحافي حضره ممثلون عن الفصائل الفلسطينية وطلبة وجرحى وأطفال وعالقون، إن الرحلة البحرية تحمل عدداً من الجرحى والمرضى الذين حال إغلاق المعابر دون سفرهم إلى الخارج. وطالب الجهات ذات العلاقة بالعمل على توفير الحماية الكاملة لهذه الرحلة الإنسانية، التي قال إنه من خلالها «نتطلع لتدشين خط ملاحة بحري يربط غزة بالعالم، ويمكن أهل غزة من السفر بحرية دون قيود».
وكانت الهيئة عملت على إبحار سفينة الحرية الأولى في 29 مايو (أيار) الماضي، وعلى متنها 17 فلسطينياً اعتقلتهم البحرية الإسرائيلية وأعادتهم إلى غزة عدا قبطانها سهيل العامودي، الذي وجهت له لائحة اتهام بمساعدة حماس، وينتظر المحاكمة.



إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
TT

إسرائيل تعترض صاروخاً حوثياً عشية «هدنة غزة»

عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)
عنصر حوثي يحمل مجسم صاروخ وهمي خلال تجمع في جامعة صنعاء (أ.ف.ب)

اعترضت إسرائيل صاروخين باليستيين أطلقتهما الجماعة الحوثية في سياق مزاعمها مناصرة الفلسطينيين في غزة، السبت، قبل يوم واحد من بدء سريان الهدنة بين تل أبيب وحركة «حماس» التي ادّعت الجماعة أنها تنسق معها لمواصلة الهجمات في أثناء مراحل تنفيذ الاتفاق في حال حدوث خروق إسرائيلية.

ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تشن الجماعة المدعومة من إيران هجمات ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي، وتطلق الصواريخ والمسيرات باتجاه إسرائيل، وتهاجم السفن الحربية الأميركية، ضمن مزاعمها لنصرة الفلسطينيين.

وقال المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، يحيى سريع، في بيان متلفز، عصر السبت، بتوقيت صنعاء، إن جماعته نفذت عملية عسكرية نوعية استهدفت وزارة الدفاع الإسرائيلية في تل أبيب بصاروخ باليستي من نوع «ذو الفقار»، وإن الصاروخ وصل إلى هدفه «بدقة عالية وفشلت المنظومات الاعتراضية في التصدي له»، وهي مزاعم لم يؤكدها الجيش الإسرائيلي.

وأضاف المتحدث الحوثي أن قوات جماعته تنسق مع «حماس» للتعامل العسكري المناسب مع أي خروق أو تصعيد عسكري إسرائيلي.

من جهته، أفاد الجيش الإسرائيلي باعتراض الصاروخ الحوثي، ونقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» أن صافرات الإنذار والانفجارات سُمعت فوق القدس قرابة الساعة 10.20 (الساعة 08.20 ت غ). وقبيل ذلك دوّت صافرات الإنذار في وسط إسرائيل رداً على إطلاق مقذوف من اليمن.

وبعد نحو ست ساعات، تحدث الجيش الإسرائيلي عن اعتراض صاروخ آخر قبل دخوله الأجواء، قال إنه أُطلق من اليمن، في حين لم يتبنّ الحوثيون إطلاقه على الفور.

ومع توقع بدء الهدنة وتنفيذ الاتفاق بين إسرائيل و«حماس»، من غير المعروف إن كان الحوثيون سيتوقفون عن مهاجمة السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة وبريطانيا في البحر الأحمر، وخليج عدن؛ إذ لم تحدد الجماعة موقفاً واضحاً كما هو الحال بخصوص شن الهجمات باتجاه إسرائيل، والتي رهنت استمرارها بالخروق التي تحدث للاتفاق.

1255 صاروخاً ومسيّرة

زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي استعرض، الخميس، في خطبته الأسبوعية إنجازات جماعته و«حزب الله» اللبناني والفصائل العراقية خلال الـ15 شهراً من الحرب في غزة.

وقال الحوثي إنه بعد بدء سريان اتفاق الهدنة، الأحد المقبل، في غزة ستبقى جماعته في حال «مواكبة ورصد لمجريات الوضع ومراحل تنفيذ الاتفاق»، مهدداً باستمرار الهجمات في حال عودة إسرائيل إلى التصعيد العسكري.

جزء من حطام صاروخ حوثي وقع فوق سقف منزل في إسرائيل (أ.ف.ب)

وتوعّد زعيم الجماعة المدعومة من إيران بالاستمرار في تطوير القدرات العسكرية، وقال إن جماعته منذ بدء تصعيدها أطلقت 1255 صاروخاً وطائرة مسيرة، بالإضافة إلى العمليات البحرية، والزوارق الحربية.

وأقر الحوثي بمقتل 106 أشخاص وإصابة 328 آخرين في مناطق سيطرة جماعته، جراء الضربات الغربية والإسرائيلية، منذ بدء التصعيد.

وفي وقت سابق من يوم الجمعة، أعلن المتحدث الحوثي خلال حشد في أكبر ميادين صنعاء، تنفيذ ثلاث عمليات ضد إسرائيل، وعملية رابعة ضد حاملة الطائرات «يو إس إس ترومان» شمال البحر الأحمر، دون حديث إسرائيلي عن هذه المزاعم.

وادعى المتحدث سريع أن قوات جماعته قصفت أهدافاً حيوية إسرائيلية في إيلات بـ4 صواريخ مجنحة، كما قصفت بـ3 مسيرات أهدافاً في تل أبيب، وبمسيرة واحدة هدفاً حيوياً في منطقة عسقلان، مدعياً أن العمليات الثلاث حقّقت أهدافها.

كما زعم أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «ترومان» شمال البحر الأحمر، بعدد من الطائرات المسيرة، وهو الاستهداف السابع منذ قدومها إلى البحر الأحمر.

5 ضربات انتقامية

تلقت الجماعة الحوثية، في 10 يناير (كانون الثاني) 2025، أعنف الضربات الإسرائيلية للمرة الخامسة، بالتزامن مع ضربات أميركية - بريطانية استهدفت مواقع عسكرية في صنعاء وعمران ومحطة كهرباء جنوب صنعاء وميناءين في الحديدة على البحر الأحمر غرباً.

وجاءت الضربات الإسرائيلية الانتقامية على الرغم من التأثير المحدود للمئات من الهجمات الحوثية، حيث قتل شخص واحد فقط في تل أبيب جراء انفجار مسيّرة في شقته يوم 19 يوليو (تموز) 2024.

مطار صنعاء الخاضع للحوثيين تعرض لضربة إسرائيلية انتقامية (أ.ف.ب)

وإلى جانب حالات الذعر المتكررة بسبب صفارات الإنذار وحوادث التدافع في أثناء الهروب للملاجئ، تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ حوثي، في 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، كما أصيب نحو 20 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في الـ21 من الشهر نفسه.

واستدعت الهجمات الحوثية أول رد من إسرائيل، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

دخان يتصاعد في صنعاء الخاضعة للحوثيين إثر ضربات غربية وإسرائيلية (أ.ف.ب)

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر 2024، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.