وكيل وزراة الداخلية العراقية: نسعى لشراكة استراتيجية مع السعودية

أقر بعمليات في الأراضي السورية لمطاردة قيادات «داعش»

TT

وكيل وزراة الداخلية العراقية: نسعى لشراكة استراتيجية مع السعودية

كشف وكيل وزارة الداخلية العراقية لشؤون الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية اللواء ماهر نجم عبد الحسين لـ«الشرق الأوسط» أن العمل جار من أجل تأسيس شراكة استراتيجية على المدى البعيد بين العراق والمملكة العربية السعودية، مؤكداً أن «الأبواب مشرعة» لتبادل المعلومات الأمنية في مسألة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وضبط الحدود بين البلدين.
تصريحات المسؤول العراقي جاءت على هامش مؤتمر الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب، وقال فيها إن «اجتثاث (داعش) في العراق لا يزال قائماً بجهود عراقية؛ ولكن أيضاً بمساعدة التحالف الدولي»، موضحاً أن «المعارك العسكرية حسمت وبقيت المعارك الاستخباراتية» من أجل القضاء على «خلايا في مناطق متعددة، أكثرها في شمال بغداد بالمحافظات التي وجدت فيها بؤر التوتر وسيطر (داعش) عليها». وأضاف أن هذه الخلايا المتبقية موجودة في مناطق الجبال والصحراء، مؤكداً أن «القوات الأمنية والاستخباراتية تلاحقها دائماً». وكشف أن الإرهابيين «يتخفون في صحراء الأنبار وجنوب الموصل عبر منطقة كبيرة وتحتاج إلى قوات متواصلة وموجودة لغرض اجتثاثها بالكامل»، موضحاً أن ذلك يجري عبر «عمل عراقي صرف، لكن التحالف الدولي يساعد العراق من الناحية اللوجيستية».
وعن الانتقادات التي توجه للحكومة والسلطات العراقية بشأن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان يرتكبها خصوصاً «الحشد الشعبي» وغيره من الميليشيات، أكد أن «هذه ليست ميليشيات، لأن الميليشيات كيان مسلح تابع لتنظيم معين»، عادّاً أن «(الحشد الشعبي) هيئة رسمية حكومية (...) وهناك قاض من مجلس القضاء الأعلى ينظر في المخالفات التي يرتكبونها». لكنه استدرك بأنه «قد تحصل بين فترة وأخرى مخالفة من قبل شخص أو فرد وليس بطريقة منهجية».
وعن حجم مساهمة القوات العراقية في عمليات ضد «داعش» في الأراضي السورية، أوضح أنه «ما دامت الحدود غير ممسوكة بالشكل الصحيح، فإن (داعش) يستغل هذا من أجل التسلل إلى العراق. نحن لهم بالمرصاد داخل العراق وخارجه». وكشف أن «ضربات عدة تحققت من خلال معلومات استخباراتية في أماكن وجودهم»، مضيفاً أن «أكثر قيادات (داعش) العليا في هذه الأماكن وفي سوريا هم عراقيون، ونعرف تحركاتهم. لدينا معلومات عن تحركاتهم». وقال: «نعم، نطاردهم حتى خارج العراق، ولدينا تعاون دولي في هذا المجال، وهناك دول تستجيب لمعلوماتنا في هذا المجال».
وعما إذا كان هناك تعاون مع المملكة العربية السعودية، أجاب أن رئيس الوزراء حيدر العبادي «رسم على تأسيس مجلس تنسيقي بين المملكة العربية السعودية والعراق» يعمل «على قدم وساق لتأسيس شراكة استراتيجية على المدى البعيد»، موضحاً أن «هذه الشراكة أمنية وتجارية واقتصادية وعلمية». وأضاف: «لا تزال هناك محادثات من أجل إعداد مسودة لمذكرة تفاهم أمني عراقي - سعودي». وقال إنه «أحد أعضاء المجلس التنسيقي، والمملكة العربية السعودية دعتنا إلى اجتماع ثلاثي بين المملكة ودولة الكويت والعراق على مستوى وكلاء وزارات الداخلية بنهاية يوليو (تموز) الحالي في الرياض». وأكد أن «الأبواب مشرعة لتبادل أي شيء من المعلومات الأمنية، لأنه مهم جداً، وخصوصا مع دول الجوار، في مسألة مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة وضبط الحدود». وأشار إلى أن «السعودية بادرت بالعمل من أجل ترميم منفذ الجديدة الحدودي من أجل إعادة فتحه»، لافتاً إلى أن «الدعوة هدفها وضع الملاحظات حول المسودة المتعلقة باتفاق التعاون. وهناك جدية في هذا الأمر».
وعما يتردد عن وصاية إيرانية على المؤسسات العراقية، قال إن رئيس الوزراء «لن يسمح بتدخل أي شخص خارجي في إدارة الأمن». وأضاف: «نحن نستعين بالمعلومات فقط». واستدرك بأن الإيرانيين «قدموا المساعدة في الجانب اللوجيستي في المعارك مع (داعش). لكن حالياً (...) لا يوجد أي تدخل، ولن يسمح رئيس الوزراء بإدارة الأمن من جهة خارجية».
وبالنسبة للولايات المتحدة، قال المسؤول الأمني العراقي: «لدينا مسودة استراتيجية للأمن مع الولايات المتحدة» التي «قدمت الكثير ضمن الحرب ضد (داعش)»، مضيفاً أن المسودة «تناقش الآن على مستوى رفيع، وبعد الانتهاء من النقاش، ستمرر الاتفاقية إلى البرلمان من أجل الموافقة عليها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.