شهد اتفاق وقف إطلاق النار في درعا في جنوب سوريا انتهاكات إثر قصف متبادل بين الفصائل المعارضة وقوات النظام، التي صعّدت حملتها العسكرية وسيطرت على بلدة أم المياذن، ما أدى إلى تأجيل إجلاء غير الراغبين بالتسوية، في وقت أعلنت الأمم المتحدة، الأحد، أن معظم السوريين النازحين قرب حدود الأردن، الذين بلغ عددهم الأسبوع الماضي 95 ألفاً، غادروا عائدين إلى الداخل السوري.
وفيما أعلن «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن حرس الحدود الأردني استهدف النازحين خلال محاولتهم العبور إلى الأردن، قال مدير «المرصد» رامي عبد الرحمن لوكالة الصحافة الفرنسية: «شنّت قوات النظام صباح الأحد ضربات جوية على بلدة أم المياذن في ريف درعا الجنوبي الشرقي، ما أسفر عن مقتل 3 مدنيين»، مضيفاً: «بعد القصف العنيف، بدأت تلك القوات باقتحام البلدة» الواقعة شمال معبر نصيب الحدودي مع الأردن، قبل أن يعلن في وقت لاحق سيطرته عليها بعد استهدافها بالبراميل المتفجرة والغارات الصاروخية.
واستهدفت الطائرات الحربية السورية أيضاً الأحياء الواقعة تحت سيطرة الفصائل المعارضة في مدينة درعا، ما أسفر عن مقتل مدني، بحسب المصدر ذاته. وقبل ذلك، استهدفت الفصائل المعارضة رتلاً لقوات النظام على الطريق الدولية قرب أم المياذن ما تسبب بمقتل وإصابة عدد من عناصر قوات النظام، وفق «المرصد» الذي لفت إلى ارتفاع حصيلة قتلى العملية العسكرية في محافظة درعا إلى 162 مدنياً غالبيتهم في قصف لقوات النظام والطيران الروسي.
ويأتي تجدد أعمال العنف بعد هدوء استمر منذ الجمعة مع إبرام روسيا للاتفاق مع الفصائل المعارضة.
وقال متحدث باسم الفصائل المعارضة للوكالة، «حصل قصف متبادل بين الطرفين، فتأجلت أول دفعة لإجلاء المقاتلين المعارضين إلى الشمال السوري بموجب الاتفاق».
وكان من المفترض أن تبدأ عملية إجلاء غير الراغبين بالتسوية صباح أمس (الأحد)، بعد تجهيز مائة حافلة لنقل الدفعة الأولى، وفق المتحدث الذي أشار إلى أنها تأجلت إلى وقت لاحق «تقريباً يومين».
ومن المقرر أن يتم تنفيذ الاتفاق في درعا على 3 مراحل بدءاً بريف المحافظة الشرقي إلى مدينة درعا وصولاً إلى ريفها الغربي. وتتضمن المرحلة الأولى دخول قوات النظام إلى معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وهو ما جرى تنفيذه يوم الجمعة.
وأتى ذلك في وقت قال المنسق المقيم للأمم المتحدة ومنسق الشؤون الإنسانية في الأردن، أندرس بيدرسن، خلال مؤتمر صحافي، أن هناك «نحو 150 إلى 200 نازح فقط قرب الحدود الآن، في المنطقة الحرة السورية الأردنية قرب معبر جابر (المسمى نصيب على الجانب السوري) ومعظمهم من الرجال»، وهو ما نفاه عبد الرحمن لـ«الشرق الأوسط»، مؤكداً أنه لم يغادر أكثر من 60 ألفاً، بينما لا يزال هناك نحو 20 ألف شخص.
وأشار بيدرسن إلى أن معظم النازحين عادوا إلى قراهم وبلداتهم، مؤكداً أنه «لا يمكن تحديد العدد الإجمالي للنازحين في الجنوب السوري ككل الآن بسبب الأوضاع هناك».
وبدأ آلاف النازحين بالعودة إلى منازلهم في محافظة درعا إثر التوصل إلى اتفاق برعاية روسية يوقف القتال، ويتيح لدمشق استعادة المحافظة الجنوبية بكاملها، مهد الاحتجاجات التي اندلعت ضد النظام في العام 2011 قبل تحولها نزاعاً دامياً. وكانت تقديرات الأمم المتحدة تشير الأسبوع الماضي إلى وجود 330 ألف نازح في الجنوب السوري.
وتابع بيدرسن: «كل ما نعرفه هو أن هناك عدداً كبيراً من النازحين في جنوب سوريا وفي الجنوب الغربي على الأخص». وناشد «الشركاء وأطراف النزاع في سوريا على الأرض تمكين الأمم المتحدة من إدخال المساعدات»، مؤكداً جهوزية قوافل الأمم المتحدة على الحدود الأردنية للقيام بذلك.
وكان الأردن رفض فتح حدوده أمام النازحين، قائلاً إنه لم يعد قادراً على استيعاب المزيد من اللاجئين على أرضه، إلا أنه قدم مساعدات للنازحين قرب حدوده، ووفر مستشفيين ميدانيين لخدمتهم.
ويستضيف الأردن نحو 650 ألف لاجئ سوري مسجلين لدى الأمم المتحدة، فيما تقدر عمان عدد الذين لجأوا إلى البلاد بنحو 1.3 مليون منذ اندلاع النزاع السوري في 2011. وتقول عمان إن كلفة استضافة هؤلاء تجاوزت 10 مليارات دولار.
وبدأت قوات النظام وحلفاؤها في 19 يونيو (حزيران) الماضي عملية عسكرية واسعة ضد مواقع فصائل المعارضة في محافظة درعا، بهدف استعادة السيطرة عليها. وبعد أسابيع من القصف والمفاوضات التي تولاها الجانب الروسي، تم التوصل إلى اتفاق.
وخلال العامين الأخيرين، شهدت مناطق عدة في سوريا اتفاقات مماثلة تسميها دمشق باتفاقات «مصالحة»، آخرها في الغوطة الشرقية قرب دمشق، وتم بموجبها إجلاء عشرات الآلاف من المقاتلين والمدنيين إلى شمال البلاد. وغالباً ما شهد تنفيذ اتفاقات مماثلة عراقيل عدة، بينها انتهاكات لوقف إطلاق النار، ما يؤخر تنفيذها.
قصف متبادل في الجنوب السوري يؤخر إجلاء رافضي الهدنة
الأمم المتحدة تؤكد عودة معظم النازحين و«المرصد» يشكك بالأرقام
قصف متبادل في الجنوب السوري يؤخر إجلاء رافضي الهدنة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة