توقعات بموجة حماسية أولية ثم اتفاق «يحفظ ماء الوجه»

توقعات بموجة حماسية أولية ثم اتفاق «يحفظ ماء الوجه»
TT

توقعات بموجة حماسية أولية ثم اتفاق «يحفظ ماء الوجه»

توقعات بموجة حماسية أولية ثم اتفاق «يحفظ ماء الوجه»

في ظل تمسك الإدارة الأميركية بخيار الرسوم الجمركية، وتأكيدات بكين على الرد برسوم مضادة، يبقى السؤال المهم حاليا هو مدى تحمل كل من الاقتصاديين الأكبر على مستوى العالم لعواقب هذه الحرب التي ستؤثر، بلا شك، على حجم الاستثمارات والنمو الاقتصادي في كلا البلدين.
ولن يقتصر الأمر على ذلك فحسب، فنشوب حرب تجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم سيكون له توابع سلبية كبيرة على الدول الأخرى التي ترتبط اقتصاداتها بهاتين الدولتين.
وشهدت الأسابيع الماضية ثلاث جولات تفاوضية بين الصين وأميركا، لمحاولة تجنب نشوب حرب تجارية بين الطرفين، عبر التوصل إلى آلية تهدف بالأساس إلى تقليل العجز التجاري الأميركي، وتوفر ضمانة أكبر للشركات الأميركية عند دخول السوق الصينية. ورغم أن الصين تعهدت خلال تلك الجولات بزيادة مشترياتها من الولايات المتحدة بنسبة كبيرة بهدف تقليل العجز التجاري، ومحاولة لإرضاء أميركا وإثنائها عن فرض رسوم حمائية قد تتسبب في حرب تجارية بين البلدين، فإن ذلك العرض لم يرضِ الرئيس ترمب، وأصر على تنفيذ تهديداته بفرض حزمة رسوم جمركية على الصين بقيمة 50 مليار دولار على مرحلتين. ومن المقرر أن يتم تطبيق المرحلة الثانية خلال الشهرين المقبلين، وتستهدف صادرات صينية بقيمة 16 مليار دولار، فيما تعهدت الصين من جانبها بفرض رسوم مضادة على الصادرات الأميركية بالقيمة نفسها.
ويقول سكوت كينيدي، مدير الاقتصاد السياسي بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب تعتقد أن بداية حرب تجارية - على الأقل - ستكون في صالحها، وأن الدعم السياسي المحلي للرئيس ترمب ما زال قويا بين الجمهوريين كما كان من قبل، وأن الضغط على الصين فيما يتعلق بالتجارة ربما يساعد الولايات المتحدة في استعادة مصداقيتها في قضايا أخرى؛ خاصة في ظل أن ترمب يرى أن الاقتصاد الأميركي قوي بما فيه الكفاية لتحمل تبعات الحرب التجارية، سواء مع الصين أو غيرها.
ويضيف كينيدي أن «حماس الإدارة الأميركية تجاه الصراع التجاري سوف يتآكل عندما تدخل الحرب التجارية حيّز التنفيذ الفعلي، ويتراجع الدعم السياسي المحلي للرئيس. عند هذه النقطة ستصبح الولايات المتحدة أكثر رغبة في التفاوض، وسترغب الصين أيضا في العودة مرة أخرى إلى طاولة المفاوضات».
ويرى كينيدي أنه ما زال من الصعب عليه أن يعتقد أن إدارة ترمب يمكنها أن تتفاوض على اتفاق شامل مع الصين يلتزم به الطرفان. ويضيف: «أتوقع أن يسعى الطرفان للتوصل إلى اتفاق لحفظ ماء الوجه؛ بحيث يبدو جيدا على الورق لكنه لا يدوم». ويرى المحللون أن التوصل لاتفاق تجاري مع الصين سيكون صعبا في بعض الجوانب، وأهمها ما يتعلق بالدعم الذي تقدمه الحكومة الصينية للصناعات المحلية في إطار برنامج «صنع في الصين 2025»، الذي تقدم بكين من خلاله مليارات الدولارات من الدعم للشركات الصينية، خاصة في مجالات السيارات الكهربائية والأجهزة الآلية غيرها.



بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
TT

بكين تتهم أوروبا بفرض «حواجز تجارية غير عادلة»

سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)
سيدة تتسوق في أحد المتاجر بمدينة ليانيونغانغ شرق الصين (أ.ف.ب)

قالت الصين الخميس إن تحقيقاتها في ممارسات الاتحاد الأوروبي وجدت أن بروكسل فرضت «حواجز تجارية واستثمارية» غير عادلة على بكين، مما أضاف إلى التوترات التجارية طويلة الأمد.

وأعلنت بكين عن التحقيق في يوليو (تموز)، بعدما أطلق الاتحاد تحقيقات حول ما إذا كانت إعانات الحكومة الصينية تقوض المنافسة الأوروبية. ونفت بكين باستمرار أن تكون سياساتها الصناعية غير عادلة، وهددت باتخاذ إجراءات ضد الاتحاد الأوروبي لحماية الحقوق والمصالح القانونية للشركات الصينية.

وقالت وزارة التجارة، الخميس، إن تنفيذ الاتحاد الأوروبي للوائح الدعم الأجنبي (FSR) كان تمييزاً ضد الشركات الصينية، و«يشكل حواجز تجارية واستثمارية». ووفق الوزارة، فإن «التطبيق الانتقائي» للتدابير أدى إلى «معاملة المنتجات الصينية بشكل غير موات أثناء عملية التصدير إلى الاتحاد الأوروبي مقارنة بالمنتجات من دول أخرى».

وأضافت بكين أن النظام لديه معايير «غامضة» للتحقيق في الإعانات الأجنبية، ويفرض «عبئاً ثقيلاً» على الشركات المستهدفة، ولديه إجراءات غامضة أنشأت «حالة من عدم اليقين هائلة». ورأت أن تدابير التكتل، مثل عمليات التفتيش المفاجئة «تجاوزت بوضوح الحدود الضرورية»، في حين كان المحققون «غير موضوعيين وتعسفيين» في قضايا، مثل خلل الأسواق.

وأوضحت وزارة التجارة الصينية أن الشركات التي عدّت أنها لم تمتثل للتحقيقات واجهت أيضاً «عقوبات شديدة»، الأمر الذي فرض «ضغوطاً هائلة» على الشركات الصينية. وأكدت أن تحقيقات نظام الخدمة المالية أجبرت الشركات الصينية على التخلي عن مشاريع أو تقليصها، ما تسبب في خسائر تجاوزت 15 مليار يوان (2,05 مليار دولار).

وفي سياق منفصل، تباطأ التضخم في أسعار المستهلكين في الصين خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فيما واصلت أسعار المنتجين الانكماش وسط ضعف الطلب الاقتصادي.

وألقت عوامل، تتضمن غياب الأمن الوظيفي، وأزمة قطاع العقارات المستمرة منذ فترة طويلة، وارتفاع الديون، وتهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب فيما يتعلق بالرسوم الجمركية، بظلالها على الطلب رغم جهود بكين المكثفة لتحفيز القطاع الاستهلاكي.

وأظهرت بيانات من المكتب الوطني للإحصاء، الخميس، أن مؤشر أسعار المستهلكين ارتفع 0.1 في المائة الشهر الماضي على أساس سنوي، بعد صعوده 0.2 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) السابق عليه، مسجلاً أضعف وتيرة منذ أبريل (نيسان) الماضي. وجاءت البيانات متسقة مع توقعات الخبراء في استطلاع أجرته «رويترز».

وظل مؤشر أسعار المستهلكين ثابتاً على أساس شهري، مقابل انخفاض بواقع 0.6 في المائة في نوفمبر، وهو ما يتوافق أيضاً مع التوقعات. وارتفع التضخم الأساسي، الذي يستثني أسعار المواد الغذائية والوقود المتقلبة، 0.4 في المائة الشهر الماضي، مقارنة مع 0.3 في المائة في نوفمبر، وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر.

وبالنسبة للعام ككل، ارتفع مؤشر أسعار المستهلكين 0.2 في المائة بما يتماشى مع وتيرة العام السابق، لكنه أقل من المستوى الذي تستهدفه السلطات عند نحو ثلاثة في المائة للعام الماضي، مما يعني أن التضخم أخفق في تحقيق الهدف السنوي للعام الثالث عشر على التوالي.

وانخفض مؤشر أسعار المنتجين 2.3 في المائة على أساس سنوي في ديسمبر، مقابل هبوط بواقع 2.5 في المائة في نوفمبر، فيما كانت التوقعات تشير إلى انخفاض بنسبة 2.4 في المائة. وبذلك انخفضت الأسعار عند بوابات المصانع للشهر السابع والعشرين على التوالي.

ورفع البنك الدولي في أواخر ديسمبر الماضي توقعاته للنمو الاقتصادي في الصين في عامي 2024 و2025، لكنه حذر من أن أموراً تتضمن ضعف ثقة الأسر والشركات، إلى جانب الرياح المعاكسة في قطاع العقارات، ستظل تشكل عائقاً.