جنبلاط يجدد تمسكه بكامل الحصة الدرزية بعد اجتماعه بعون

العقد الحكومية تراوح مكانها... ولقاءات بين المعنيين لتذليلها

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وليد جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وليد جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)
TT

جنبلاط يجدد تمسكه بكامل الحصة الدرزية بعد اجتماعه بعون

الرئيس ميشال عون مستقبلاً وليد جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)
الرئيس ميشال عون مستقبلاً وليد جنبلاط أمس (دالاتي ونهرا)

تراوح العقد الحكومية مكانها رغم الحراك والتواصل بين مختلف الأطراف وتحديدا بين المعنيين بها. وسجّل أمس لقاء بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحزب الاشتراكي النائب السابق وليد جنبلاط الذي جدد التأكيد على تمسكه بمطلبه حيال حصول «الاشتراكي» على كامل الحصة الدرزية، ومشيرا إلى أنه لم يتم التطرق إلى موضوع الحكومة ما يوحي مراوحة ما بات يعرف بـ«العقدة الدرزية» مكانها.
وقال جنبلاط بعد اللقاء الذي كان قد دعاه إليه عون: «الجلسة كانت عامة ولم نتحدث فيها عن موضوع الحكومة»، مضيفاً: «التمثيل الشعبي والسياسي أعطانا الحق بالمطالبة بكامل التمثيل الدرزي في الحكومة». وهو ما أكدت عليه مصادر وزارية في «الاشتراكي» لـ«الشرق الأوسط» قائلة: «لا جديد ولا نزال في مكاننا»، مجددة التأكيد أن العقد داخلية داعية الأطراف الأخرى إلى اعتماد معايير واحدة في مقاربة توزيع الحصص الوزارية.
ولفت جنبلاط إلى أنه لمس حرصا من عون على وحدة الجبل وتنوع الأحزاب، طالباً «من المناصرين التخفيف في اللهجة على مواقع التواصل والتفكير كما يفعل عون بحلّ المشكلات الأساسية ووضع خطة إنمائية لخلق فرص عمل».
وفي رد على سؤال عما إذا كان تراجع عن وصفه العهد بالفاشل قال جنبلاط: «لن أتراجع عن الكلمة التي قلتها ولو أنها لا تشمل كل العهد بل قسما منه».
وفي هذا الإطار، أوضح عضو «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن في حديث إذاعي أن «هناك محاولة لتبريد الأجواء من أجل فك الاشتباك الحكومي لتسريع الولادة، لكننا نأمل ألا تكون بالشكل فقط، بمعنى، من وضع العقد عليه أن يزيلها، فلتحترم إرادة الناس وتشكل الحكومة وفق نتائج الانتخابات»، مضيفاً: «فليحترموا نتائج الانتخابات. وهناك محاولات للعب على البيت الدرزي الداخلي، وهذا الأمر مرفوض ولن نقبل به على الإطلاق». وأكد أن «التواصل دائم مع الحريري بشكل مباشر وغير مباشر، وهو متفهم لمطالب جنبلاط».
وفي حين لفت أن «الرئيس المكلف هو فقط من يجري الاتصالات لتشكيل الحكومة»، سائلا: «من يشكل الحكومة اليوم الرئيس المكلف أم رئيس التيار؟»، وأضاف: «لا يجوز أن يتم اللقاء مع رئيس الجمهورية وتكون الأجواء إيجابية ومن ثم يطلب التواصل مع رئيس التيار».
وعلى خط تذليل العقدة المسيحية العالقة بين «التيار والوطني الحر» و«حزب القوات»، تمنى النائب في «تكتل لبنان القوي» إيدي معلوف «أن تحمل اللقاءات التي تحصل بين القيادات السياسية خيرا على صعيد تشكيل الحكومة التي هي بيد الرئيس المكلف».
ولفت معلوف في حديث إذاعي إلى أن لقاء رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع مع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل «مطروح إلا أن هناك أمورا يجب أن تترتب قبل حصوله»، لافتا إلى أن «اللقاء الذي جمع أول من أمس الوزير جبران باسيل بالوزير ملحم الرياشي يهدف إلى ترميم العلاقة بين الطرفين»، ونافيا أن يكون قد تم التطرق إلى موضوع الإحجام الذي «سيبحث في مرحلة لاحقة».
ورأى معلوف أنه «يجب الأخذ في الاعتبار في تشكيل الحكومة نقطتين مهمتين: المعيار الذي على رئيس الحكومة المكلف أن يضعه ونتائج الانتخابات التي قال من خلالها الشعب توجهاته».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم