22 ألف يهودي دخلوا باحات الأقصى عام 2017 ومارسوا طقوساً دينية
نتنياهو يسمح لوزرائه ولنواب اليمين واليسار بدخول ساحاته
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
تل أبيب:«الشرق الأوسط»
TT
22 ألف يهودي دخلوا باحات الأقصى عام 2017 ومارسوا طقوساً دينية
بعد سنتين من المنع، أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، أمرا يسمح لأعضاء الكنيست (البرلمان الإسرائيلي)، بالدخول إلى الحرم القدسي وباحات المسجد الأقصى المبارك. وقد وصل الأمر إلى رئيس الكنيست، يولي إدلشتاين، ويتضح منه أنه يشترط على كل وزير أو نائب من أي حزب يميني أو يساري، يريد أن يدخل إلى الحرم، أن يقوم بذلك مرة واحدة خلال كل 3 أشهر. وكان نتنياهو قد أصدر أمرا يمنع دخول الوزراء والنواب للحرم القدسي الشريف وباحاته، قبل أكثر من عامين ونصف العام، وتحديدا في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015، في أعقاب التوتر الشديد والصدامات العنيفة التي سادت القدس، بسبب النشاط الاستيطاني اليهودي في المدينة واقتحامات المستوطنين لباحة الحرم. وشمل هذا المنع، في حينه، أيضا، النواب العرب في الكنيست، وغالبيتهم من المسلمين. وهو ما عدّه النائب عن «الحركة الإسلامية» في «القائمة المشتركة»، طلب أبو عرار، «تأكيدا على أن إسرائيل تمنع حرية العبادة للمسلمين». وفي شهر أغسطس (آب) الماضي، أعلنت الشرطة الإسرائيلية في القدس، عن عدم اعتراضها على السماح لأعضاء الكنيست بدخول الأقصى ضمن برنامج تجريبي لها، وضعته بطريقة تتفادى بموجبها المواجهات التي قد تحدث بين أعضاء الكنيست خلال اقتحاماتهم للأقصى، ونواب عرب قد يتوجهون للحرم القدسي في الوقت نفسه. وتقرر أن يقوم أعضاء الكنيست بتنسيق الزيارة مع الشرطة، فيما مُنع الوزراء في حكومة نتنياهو من دخول الأقصى. وقد تمرد نائبان على هذا الأمر، هما عضو الكنيست عن حزب الليكود، يهودا غليك، وعضو الكنيست عن حزب «البيت اليهودي» شولي معلم، ودخلا ساحات المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، برفقة قوات معززة من الوحدات الخاصة، في أواخر ذلك الشهر (أغسطس من العام الماضي)، في خطوة هدفت لاختبار رد الفعل الشعبي الفلسطيني. وادعى نتنياهو أن قرار المنع جاء في إطار النية بتهدئة الأجواء حول المسجد الأقصى، وأن قراره الجديد بالسماح لهم بالزيارة، جاء في أعقاب مداولات أمنية عقدها أول من أمس الثلاثاء على خلفية الأوضاع الأمنية. لكن النائب غليك كشف أنه كان قد توجه إلى نتنياهو طالبا السماح له بدخول الحرم قائلا: «علمت أن النواب العرب في الكنيست دخلوا إلى الحرم طيلة شهر رمضان الأخير. وهذا يعني أن المنع يقتصر على النواب اليهود. وهذا تمييز غير مفهوم. فالحرم مقدس ليس فقط للمسلمين، كما تدعي دائرة الأوقاف، إنما أيضا لليهود. ولذلك توجهت إلى نتنياهو، ويسعدني أنه استجاب لطلبي ولو بشكل جزئي». يذكر أن 22 ألف يهودي دخلوا الحرم في عام 2017، بحراسة الشرطة الإسرائيلية، ومع أن هناك قرارا بمنع الصلوات اليهودية فيه، فقد مارس المئات منهم طقوسا دينية مختلفة، مثل الزواج حسب الشريعة اليهودية، والانبطاح على الأرض في إطار التعبد، وإقامة الصلوات وحلقات الرقص على أنغام الأناشيد والمزامير الدينية.
اتهامات صومالية لإثيوبيا تلقي بظلالها على «اتفاق المصالحة»
عناصر من الجيش الوطني الصومالي (رويترز)
اتهامات صومالية لإثيوبيا باستهداف قواتها تعد الأولى منذ إعلان المصالحة بين البلدين برعاية تركية، في 11 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وبعد نحو عام من الخلافات بعد توقيع أديس أبابا اتفاقاً مع إقليم الصومال الانفصالي، بشأن الحصول على منفذ بحري، ورفضته مقديشو.
ذلك الاستهداف، الذي نفته إثيوبيا، ووعدت بالتحقيق، يعد الأول منذ توقيع «إعلان أنقرة»، ويراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه يلقي بظلال قلق على اتفاق المصالحة، إذ يعد أول اختبار له بعد أقل من أسبوعين من الإعلان عنه، مؤكدين أنه «حال تكررت تلك الخروقات فسوف يكون استكمال الاتفاق محل شك، وسيزيد التوتر بمنطقة القرن الأفريقي».
الاتفاق الذي رعته تركيا في 11 ديسمبر الحالي بين الصومال وإثيوبيا، تعهد بإنهاء الخلاف وحُسن الجوار، والذهاب لمحادثات في نهاية فبراير (شباط) المقبل، بهدف التوصل إلى اتفاق نهائي في غضون 4 أشهر، بمساعدة تركية.
ونشب خلاف بين البلدين عقب توقيع إثيوبيا اتفاقاً مبدئياً في يناير (كانون الثاني) 2024 مع إقليم «أرض الصومال» الانفصالي عن مقديشو، تحصل بموجبه أديس أبابا على مَنفذ بحري يتضمّن ميناءً تجارياً، وقاعدة عسكرية في منطقة بربرة، لمدة 50 عاماً، مقابل اعتراف إثيوبيا بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة.
وهو ما قوبل برفض صومالي وعربي، لا سيما من القاهرة التي لديها مخاوف من تهديدات إثيوبية لأمنها عبر البحر الأحمر، وتبعه توقيع بروتوكول تعاون عسكري بين القاهرة ومقديشو في أغسطس (آب) الماضي.
واحتج وزير الدولة للشؤون الخارجية والتعاون الدولي، الصومالي علي محمد عمر، الثلاثاء، من سلوك القوات الإثيوبية في مدينة دولو جنوب الصومال، وذلك خلال لقاء وزير الدولة الخارجية الإثيوبي، مسقانو أرقا، بأديس أبابا، وأكد الأخير «استعداد بلاده لإجراء تحقيق فوري في الحادثة، والعمل مع مقديشو لمنع تكرار مثل هذه الحوادث»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية».
وكانت الحكومة الصومالية، قالت في بيان صحافي، الاثنين، إن «القوات الإثيوبية شنت هجوماً على مواقع تابعة للجيش الوطني في مدينة دولو بإقليم غدو، جنوب البلاد»، كما أكد البيان أن هذا الهجوم يشكل «انتهاكاً صريحاً» لاتفاق أنقرة في ظل «توجه وفد رفيع لمستوى، الاثنين، إلى أديس أبابا لبحث تنفيذه وتعزيز العلاقات الثنائية»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الصومالية» الرسمية بالتزامن.
غير أن إثيوبيا في بيان صحافي للخارجية الثلاثاء، أعربت عن «انزعاجها» من الاتهامات الصومالية، «هذا الادعاء غير صحيح، والحادث محرض عليه من قبل عناصر معينة عازمة على إخراج تطبيع العلاقات بين إثيوبيا والصومال عن مساره»، دون كشف أي جهة تتبع تلك العناصر.
ويرى المحلل السياسي في شؤون القرن الأفريقي، عبد الناصر الحاج أن الواقعة «حال لم تكن هناك ملابسات أو مبررات واضحة، فإنها بكل تأكيد تعد انتهاكاً صارخاً من قبل إثيوبيا لاتفاقية أنقرة التي كان بإمكانها طي صفحة من الصراعات التي تهدد أمن القرن الأفريقي بأكمله».
ويتفق معه المحلل السياسي والأكاديمي في شؤون القرن الأفريقي، الدكتور علي محمود، بأن الاستهداف الذي تم في ظل وجود وفد صومالي بأديس أبابا «قد يكون له تأثير سلبي على المحادثات الهشة التي جرت قريباً في أنقرة، والتي كان من المتوقع أن يكون سير المحادثات فيها إيجابياً وفعالاً».
ويفسر المحلل السياسي الصومالي، عبد الولي جامع بري، هذا الاستهداف بأنه «محاولة إثيوبية لفرض الهيمنة الإقليمية عبر سعيها إلى الحفاظ على نفوذها في الصومال، خاصة في ظل وجود قوى إقليمية ودولية أخرى مثل تركيا»، فضلاً عن أنها رغبة من أديس أبابا في «إرسال رسالة بأنها ما زالت لاعباً رئيساً في المنطقة، ولا يمكن تهميش دورها»، مشيراً إلى أن النفي أمر متوقع، وليس هناك مصلحة صومالية في أن تقول أمراً غير حقيقي الآن.
ويشير إلى أن حالة السخط على منصات التواصل الاجتماعي بشأن الواقعة تعكس عدم رضا قطاعات كبيرة من الشعب الصومالي عن الوضع الحالي، خاصة تجاه الحكومة، وهذه الانتقادات قد تؤدي إلى زيادة الضغوط الشعبية مما قد يدفع الحكومة إلى اتخاذ خطوات أكثر جدية لفرض السيادة الوطنية، فضلاً عن اختبار التزام الأطراف الخارجية، مثل تركيا، بدعم الاستقرار في الصومال.
وخيمت الانتقادات على لقاء المدير العام لجهاز المخابرات الإثيوبية، السفير رضوان حسين، مع نظيره الصومالي، عبد الله محمد علي، بأديس أبابا. وقال رضوان في منشور على وسائل التواصل الاجتماعي إنه «في إطار متابعة اتفاقية أنقرة، أكدنا التزامنا بالمضي قدماً، متجاهلين الانتقادات من القريب والبعيد، التي تهدف إلى الخروج عن المسار»، وفق ما نقلته «وكالة الأنباء الإثيوبية» الثلاثاء.
ورغم ذلك الالتزام، فإن «إعلان أنقرة» يُواجه «أول اختبار حقيقي مع هذا الخرق»، وفق بري، لافتاً إلى أن هذا التأثير يتوقف على «قدرة الأطراف المعنية على احتواء التصعيد، وإن لم يتم اتخاذ خطوات سريعة لضبط الوضع، فقد يُضعف الاتفاق»، وقد يؤدي تكرار الخرق إلى «تشكيك الأطراف الأخرى، بما في ذلك تركيا، في جدوى واستدامة الاتفاق».
ويحمل المشهد الحالي احتمال حدوث حالة من عدم الاستقرار في الصومال، بسبب تنافس القوى الإقليمية والدولية: مصر، وإثيوبيا، وتركيا، وغيرها، فضلاً عن «ضعف» الحكومة الصومالية أمام الضغوط الداخلية والخارجية، وحدوث تحديات أمام استكمال تنفيذ «إعلان أنقرة»، وفق بري.
ويرى الحاج أهمية أن تضع الصومال شروطاً جديدة أكثر وضوحاً في حال كان هناك ضغط من الجانب التركي بغية الحفاظ على الاتفاقية. وتبرز حاجة الصومال الحقيقية في إنهاء أي دور للقوات الإثيوبية ضمن بعثة حفظ السلام، بوصفه أحد أهم الشروط التي قد تحملها مقديشو لأجل استئناف الالتزام باتفاقية أنقرة، كما أكد الحاج أن تلك الشروط وسقوفات مطالبها، هي الاختبار الحقيقي لصمود اتفاق أنقرة.
فيما يعتقد الدكتور علي محمود أن التطورات الأخيرة لن تشكل تهديداً خطيراً للحوار الجاري بين الطرفين، وسوف تستمر، وسيتعين على الحكومة الصومالية أن تظل هادئة وحكيمة خلال هذه الفترة العصيبة التي تمر بها البلاد، وألا تجعل الوضع يزداد سوءاً.
ذلك الاستهداف لم تعلق عليه القاهرة التي رفضت الاتفاق الإثيوبي مع «أرض الصومال» مبكراً، ودعمت مقديشو باتفاق عسكري في أغسطس الماضي، ونوهت بأن «إعلان أنقرة» يؤكد على مبادئ حفظ ووحدة واستقرار الصومال، وفق بيان مشترك عقب لقاء وزيري خارجية البلدين بدر عبد العاطي وأحمد معلم فقي، الاثنين.
وفي مؤتمر صحافي مع فقي بالقاهرة، أعلن بدر عبد العاطي، أن بلاده ستشارك في قوة حفظ السلام الجديدة التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال، التي من المتوقع أن تنتشر في يناير 2025، وذلك «بناء على ترحيب من مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي».
وبعد تأكيد مصر مشاركة قواتها المصرية المقررة ضمن بعثة حفظ السلام في الصومال، يعتقد الحاج أن الفرصة باتت مواتية لأن يكون هناك تنسيق مصري صومالي أكثر من أي وقت مضى، خصوصاً أن مقديشو اختبرت النيات الإثيوبية من خلال ترحيبها باتفاقية أنقرة، وسط الاستعدادات الكبيرة التي أظهرها الجانب المصري، فيما يتعلق بدعم وإسناد السيادة الوطنية في الصومال، والمساهمة الضخمة التي عرضتها القاهرة لأجل حفظ الأمن والسلام في الصومال.