تمديد ولاية البرلمان اللبناني للمرة الثانية «أمر واقع» مع فشل التوافق على رئيس جديد

نائب بكتلة عون لـ «الشرق الأوسط»: متمسكون بالانتخابات النيابية ولو وفق «قانون الستين»

جانب لاحدى جلسات البرلمان اللبناني
جانب لاحدى جلسات البرلمان اللبناني
TT

تمديد ولاية البرلمان اللبناني للمرة الثانية «أمر واقع» مع فشل التوافق على رئيس جديد

جانب لاحدى جلسات البرلمان اللبناني
جانب لاحدى جلسات البرلمان اللبناني

لم يعد الحديث عن تمديد ولاية البرلمان اللبناني مرة ثانية، بعد أن مدد لنفسه المرة الأولى منتصف العام الماضي، بموافقة غالبية مكوناته باستثناء كتلة النائب ميشال عون، مجرد احتمال عابر، مع إقرار نواب وقياديين في كتل سياسية عدة لـ«الشرق الأوسط» بأن «خيار التمديد بات أقرب من احتمال الانتخابات النيابية». ويبرر هؤلاء وجهة نظرهم بالظروف الأمنية المحلية معطوفة على الوضع الإقليمي وما يجري في سوريا والعراق، مشددين في الوقت ذاته على أن الأولوية تبقى لإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها وتجنيب لبنان مرحلة «الفراغ الكلي».
ورغم تعهد البرلمان في نهاية شهر مايو (أيار) 2013 بعد تمديد ولايته لعام وخمسة أشهر، بإقرار قانون انتخاب جديد قبل موعد الانتخابات في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، فإنه لم يتمكن من عقد أي جلسة مخصصة لدرس قانون الانتخاب، بموازاة إعلان غالبية القوى السياسية رفضها إجراء الانتخابات وفق القانون المعمول به وهو قانون الستين الأكثري، الذي يجعل كل قضاء دائرة انتخابية، من جهة، وعدم نيل مشروع قانون اللقاء الأرثوذكسي، الذي ينص على أن تنتخب كل طائفة نوابها، أكثرية تسمح بإقراره ومن ثم اعتماده.
ومع فشل الأفرقاء اللبنانيين في التوصل حتى الآن إلى تسوية تسمح بإجراء انتخابات رئاسية، يبدو أن التسليم بالشغور الرئاسي سينعكس سلبا على استحقاق الانتخابات النيابية التي يفترض أن تحصل في شهر نوفمبر المقبل، علما بأن المهلة الأخيرة لدعوة الهيئات الناخبة محددة في العشرين من شهر أغسطس (آب) المقبل. ولكن في ظل عدم إقرار قانون انتخابات جديد، سيجد النواب أنفسهم بين خياري إجراء الانتخابات وفق القانون المعمول به، أي قانون الستين الأكثري، أو اللجوء إلى تمديد ولاية البرلمان للمرة الثانية.
وفي حين لا يستبعد نواب في قوى «14 آذار» احتمال تمديد ولاية البرلمان في حال عدم إجراء انتخابات رئاسية، يكرر نواب وقياديون في كتلة عون رفض التمديد، استكمالا لموقفهم الرافض له العام الماضي، وسط توقعات بألا يمانع حزب الله خيار التمديد مع استمرار مخاوفه الأمنية محليا وترقبه نتائج الأزمة السورية المستمرة.
وفي سياق متصل، يكشف النائب في كتلة عون سليم سلهب لـ«الشرق الأوسط» أن «فريقه السياسي مصر على رفض التمديد مهما كانت الأسباب الموجبة وبغض النظر عن الوضع الأمني»، موضحا أنه «في حال عدم التوصل إلى إقرار قانون انتخاب جديد، فلن نتردد في القبول بإجراء الانتخابات وفق القانون المعمول به وهو قانون الستين بموجب تعديلات الدوحة».
ويشير سلهب إلى أن تكتل عون «أثار مسألة تمديد ولاية البرلمان خلال اجتماعه الأخير، وأكد تمسكه بموقفه الرافض للتمديد في ضوء التسريبات حول موافقة غالبية الكتل على المضي في هذا الخيار»، مذكرا بأنه «سبق له أن رفض هذه الخطوة، علما بأن الأوضاع الأمنية كانت حينها أفضل بكثير مما هي عليه الآن».
في المقابل، يوضح النائب إيلي ماروني، المنضوي في كتلة حزب الكتائب اللبنانية التي يترأسها الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «إننا في المرة الماضية، رفضنا اعتماد قانون الستين لشوائبه الكثيرة وما زلنا على الموقف ذاته اليوم، لكن المسألة ليست هنا، بل في كوننا نرفض التشريع في غياب رئيس للجمهورية وفي ظل الفراغ». ويلفت إلى أن «الأولوية تبقى لانتخاب رئيس جديد، ومن ثم نذهب إلى البرلمان لإقرار قانون جديد للانتخابات النيابية وإجرائها على أساسه».
وفي الوقت ذاته، يقول ماروني في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» إنه «في ظل الخلافات العميقة بين القوى السياسية والوضع الأمني الذي أدى حتى إلى إلغاء الإفطارات الرمضانية نتيجة العجز عن حماية أمن هذه التجمعات، وفي ظل تداعيات شغور الرئاسة الذي يبدو أنه سيطول، ونظرا لأننا نعيش تفاعلات الحرب السورية والعراقية أخيرا وانعكاساتهما الكبيرة على لبنان، كل ذلك يجعل تمديد ولاية البرلمان مرة ثانية أقرب من إجراء الانتخابات النيابية».
من ناحيته، يصر «تيار المستقبل» على لسان النائب في كتلته زياد القادري، على أولوية إجراء الانتخابات الرئاسية، محملا في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، كلا من عون و«حزب الله» «مسؤولية تعطيل الانتخابات الرئاسية، من خلال طرح مبادرات تبدّي أمورا أخرى على الاستحقاق الرئاسي»، في إشارة إلى اقتراح عون انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب عبر دورتين ومطالبته بأن تنتخب كل طائفة نوابها. ويوضح أن «هذه الطروحات غير واقعية وبعيدة كل البعد عن موافقة حلفائه، قبل المستقبل وقوى (14 آذار)».
ويشدد القادري على أن «من يعطل الاستحقاق الرئاسي يسهم في وضع مزيد من العصي في دواليب الاستحقاقات الدستورية وأولها الانتخابات النيابية»، وحمل المسؤولية لقوى «8 آذار»، معربا عن اعتقاده أن «موقف عون يلائم (حزب الله) المرتبط بحسابات إيرانية لإبقاء الشغور على مستوى الرئاسة»، موضحا «إننا متمسكون أكثر بأن يعمل مجلس الوزراء وفق الدستور ويكون منتجا ويسهر على الأمن ومصلحة الناس، وكذلك الأمر بالنسبة للبرلمان لناحية التشريع فيما يتعلق بالملح والضروري».
وفي حين لم يغلق الباب أمام إمكانية انتخاب رئيس قبل موعد الانتخابات النيابية»، يلفت القادري في الوقت ذاته إلى أنه «في ظل إمعان (حزب الله) في التدخل في الصراعات الإقليمية، لا يمكن تقدير حراجة الموقف الأمني حتى موعد الانتخابات النيابية». ويسأل: «إلى أين سنأخذ البلد إذا أجرينا الانتخابات النيابية في ظل شغور الرئاسة؟». ويتابع: «إجراء الانتخابات النيابية يعني أن الحكومة الحالية ستصبح بحكم المستقيلة، ومن ثم كيف سنشكل حكومة جديدة في ظل غياب رئيس يجري الاستشارات النيابية، ويكلف على أساسها رئيسا لتشكيل الحكومة ومن ثم يوقع مراسم تشكيلها، واستطرادا لا يمكن للبرلمان التشريع في وجود حكومة غير مسؤولة دستوريا بحكم كونها مستقيلة»، مستنتجا أنه «عندها، سنقع في الفراغ الكلي».
وفي حين يتمسك القادري بأن «الأولوية تبقى لانتخاب رئيس جديد بأسرع وقت ممكن»، يعرب مصدر قيادي في «تيار المستقبل» لـ«الشرق الأوسط» عن اعتقاده أن «التمديد سيفرض نفسه ما لم تحصل تسويات كبرى أو انتصارات»، متوقعا الذهاب إلى مرحلة من «الجمود بأحسن الأحوال»، على حد تعبيره.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.