الأردن: نقاشات لبرنامج إصلاح اقتصادي جديد يراعي المتغيرات المحلية

الحكومة تحاور صندوق النقد والقطاعات الاقتصادية والشعبية

رئيس الوزراء الأردني ووزير الدولة رجائي المعشر
رئيس الوزراء الأردني ووزير الدولة رجائي المعشر
TT

الأردن: نقاشات لبرنامج إصلاح اقتصادي جديد يراعي المتغيرات المحلية

رئيس الوزراء الأردني ووزير الدولة رجائي المعشر
رئيس الوزراء الأردني ووزير الدولة رجائي المعشر

بدأت الحكومة الأردنية حوارات مع الفعاليات الإعلامية والاقتصادية والسياسية والشعبية للخروج بقانون ضريبة دخل يتوافق عليه أغلبية المجتمع الأردني، ويحقق العدالة للجميع ويحافظ على الطبقتين الوسطى والفقيرة، بدلا عن القانون الذي تم سحبه من مجلس النواب.
وستقوم الحكومة الأردنية بفتح حوار أيضا مع صندوق النقد الدولي لمناقشة برنامج إصلاح اقتصادي وطني جديد، والذي تعكف الحكومة على إعداده خلال زيارة بعثة الصندوق للأردن في 16 يوليو (تموز) الحالي وفق ما أكده نائب رئيس الوزراء الأردني ووزير الدولة رجائي المعشر خلال لقائه عددا من الصحافيين.
وبين المعشر، أن «الحوارات ستكون جادة وتهدف إلى الوصول إلى توافق، وستكون هناك حوارات مع الصناعيين والتجار والنقابات والأحزاب»، متابعا «ما زلنا نضع معالم برنامج الإصلاح الوطني الاقتصادي، وسنبحث مع صندوق النقد الدولي، خلال زيارة البعثة، احتياجاتنا وطروحاتنا وسنقدم رؤيتنا، بما يناسب متغيراتنا المحلية، وسنطلب مفاوضات جديدة مع الصندوق».
وقال إن «الحكومة تسعى لتأطير رؤية حول مشروع القانون الجديد تربطه مع العبء الضريبي، الذي تجاهلته الحكومات في السنوات الأخيرة، على أن تجيب الرؤية تلك على الكثير من التساؤلات حول ضريبة المبيعات، ولماذا هي 4 أضعاف ضريبة الدخل... هل هذا عادل للطبقات الفقيرة والمتوسطة؟ ألا يعد تشوها؟»؛ لكن المعشر استدرك بالقول إنه «لا نية لتخفيض ضريبة المبيعات»، وأكد أنه «لا يمكن دراسة العبء الضريبي دون أن يكون هناك توازن بين ضريبة الدخل وضريبة المبيعات، ولا يعني ذلك خفض ضريبة المبيعات، لكن يعني ألا تكون هناك زيادة عليها لاحقا».
وقال المعشر إنه «من الضروري إعادة بناء قاعدة لضريبة الدخل لتمكننا من عمل دراسات على الأعباء الضريبية، ومن ثم إعداد قانون ضريبة دخل عادل»، مشيرا إلى أن مجلس الوزراء قرر تشكيل لجنة لدراسة العبء الضريبي تستعين بخبراء من الخارج، مبينا أن «اللجنة في طور التشكل».
وعن سلبيات مشروع قانون ضريبة الدخل السابق الذي سحبته الحكومة، قال المعشر إن المشروع قسم المستهدفين إلى مجموعات، وكانت أبرز إشكالياته «عبء الإثبات»، الذي فرضه مشروع القانون المسحوب على المكلف، في حين كان يجب فرضه على المقدر، مبينا أن تغيير هذا الإجراء سيغير منهجية الإدارة الضريبية، مؤكدا أهمية تحديد دور المقدر قانونيا.
وأضاف المعشر أنه يجب التفريق بين التجنب الضريبي والتهرب الضريبي، مبينا أن التجنب الضريبي يأتي نتيجة استغلال الثغرات القانونية في القانون، وهو ما يقتضي معالجة تلك الثغرات. أما التهرب الضريبي فهو إخفاء المكلف، بشكل مقصود، لمعلومات عن دخله، وعقوبته كانت على شكلين؛ الأول غرامات نتيجة تأخره في الإجراءات، والثاني السجن على من تثبت عليه التهمة، مؤكدا «إننا إذا استطعنا إغلاق منافذ التجنب الضريبي وبعض منافذ التهرب الضريبي، نستطيع أن نحسن الأداء دون المساس بالطبقتين المتوسطة والفقيرة».
وأشار إلى النسب الضريبية المفروضة على الأفراد والقطاعات، مبينا أن هذا المحور جدلي وإشكالي، مؤكدا أن هناك معايير عالمية تعتمد لهذه الغاية، متسائلا: «ما هو المعيار العالمي الذي نريد اعتماده، مع الأخذ في عين الاعتبار أن الهدف هو عدم تحميل المواطن أعباء جديدة، لأن المواطن حمل أعباء كثيرة، وكان الضحية الأولى للإجراءات الصعبة للحكومات»، ومؤكدا أنه «لا بد من أسس ومعايير تتناسب والمجتمع الأردني، ومؤشرات الفقر والبطالة وسلة الاستهلاك».
وأكد المعشر أن «تأطير وإعداد مشروع قانون جديد يجب أن يحيط بالجانب الاجتماعي والاقتصادي والمالي، وألا يؤدي مثلا إلى هجرة الكفاءات الوطنية إلى الخارج، فلا بد من اتخاذ قرار بعد نقاش عميق وموضوعي وفهم تام لكل المسائل». وقال إنه «لا بد من تحقيق التكافل الاجتماعي، وهو ما يعني أن يتحمل الغني ويساهم بشكل أكبر في تحمل العبء الضريبي، وأن لا يتم تحميله للفقير، بل أن يساعد الغني الفقير». وأكد أنه «لا بد من دراسة آثار وتبعات زيادة الضريبة على القطاع الصناعي، والتجاري، وقطاع الاتصالات، وشركات التمويل الأصغر»، لافتا أنه عند زيادتها على قطاع البنوك مثلا، فإن الأخيرة ستعكسها على المقترضين من المواطنين.
من جانبه، قال وزير المالية الأردني، إن «النقطة الجدلية حاليا تتمثل في ماهية النسبة المثلى للضريبة على القطاعات»، مؤكدا أن «لدينا استحقاقات ولدينا إطفاء للديون في اليورو بوند، لكننا نملك خطة تسديد وخطة تدفق نقدي، وتتطلب منا أن نعزز الاستقرار المالي والنقدي، وتحقق استراتيجية الدين العام عبر تخفيضها»، مبينا أن «هناك تحديات يجب مواجهتها».
من جانبه شدد وزير الصناعة والتجارة والتموين الأردني طارق الحموري على ضرورة أن ينظر الجميع للمصلحة العامة للاقتصاد الوطني وليس كل قطاع على حدة. متعهدا أمام القطاع التجاري بشراكة فاعلة وحوار دائم، وعدم اتخاذ أي قرارات إلا بعد عرضها ومناقشتها مع القطاع.
وأكد أن القطاع التجاري يعتبر شريكا حقيقيا وفاعلا في الاقتصاد الوطني، وأشار إلى وجود تحديات كبيرة تواجه الاقتصاد الوطني، جزء منها ناتج عن الوضع الإقليمي غير المستقر الذي تعيشه دول المنطقة.
وقال رئيس غرفة تجارة الأردن نائل الكباريتي إن القطاع التجاري يأمل بشراكة حقيقية مع الحكومة على أرض الواقع وعدم «التهميش» عند اتخاذ القرار الاقتصادي أو عند صياغة القوانين والتشريعات. وشدد على ضرورة أن تكون هناك دراسة للعبء الضريبي الذي يتحمله القطاع التجاري والخدماتي باعتباره الدافع الأكبر للضرائب وألا تتم معاقبة الشركات الملتزمة.
وأكد الكباريتي أن الوضع الاقتصادي بالأردن في «أسوأ حالاته» ولم يعهده الأردن منذ عقود طويلة رغم أن بعض الأرقام الرسمية تشير إلى غير ذلك، لكن على أرض الواقع الأمر مختلف، داعيا للتفكير بآليات تعمل على تحريك العجلة الاقتصادية وإشراك القطاع الخاص فيها.



التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
TT

التضخم في السعودية يسجل 2 % خلال نوفمبر الماضي على أساس سنوي

إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)
إحدى أسواق المنتجات الغذائية في السعودية (الشرق الأوسط)

ارتفع معدل التضخم في السعودية إلى 2 في المائة خلال نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، على أساس سنوي، مسجلاً أعلى مستوى منذ 15 شهراً، وذلك عطفاً على ارتفاع أسعار قسم السكن والمياه والكهرباء، والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة وأسعار أقسام السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة، مقابل انخفاض أسعار قسم النقل بنسبة 2.5 في المائة.

وعلى الرغم من ذلك الارتفاع فإن هذا المستوى جعل السعودية البلد الأقل ضمن مجموعة العشرين، في الوقت الذي عدَّه اقتصاديون معتدلاً نسبياً.

ووفق مؤشر الرقم القياسي لأسعار المستهلك، الصادر عن الهيئة العامة للإحصاء، الأحد، ارتفع قسم السكن والمياه والكهرباء والغاز وأنواع الوقود الأخرى بنسبة 9.1 في المائة، وقد تأثر بارتفاع مجموعة الإيجارات المدفوعة للسكن 10.8 في المائة خلال نوفمبر الماضي، بسبب زيادة في أسعار إيجارات الشقق 12.5 في المائة.

المطاعم والفنادق

وكان لارتفاع هذا القسم أثر كبير في استمرار وتيرة التضخم السنوي لنوفمبر 2024، نظراً للوزن الذي يشكله هذا القسم، الذي يبلغ 25.5 في المائة، وفي السياق ذاته، ارتفعت أسعار قسم السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة خلال نوفمبر السابق، متأثرة بارتفاع أسعار المجوهرات والساعات بأنواعها والتحف الثمينة 23.7 في المائة.

وسجلت أسعار قسم المطاعم والفنادق ارتفاعاً بنسبة 1.5 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار الخدمات الفندقية والشقق المفروشة بنسبة 5.9 في المائة، أما قسم التعليم فقد شهد ارتفاعاً بنسبة 1.1 في المائة، متأثراً بزيادة أسعار الرسوم لمرحلتي المتوسط والثانوي 1.8 في المائة.

الأغذية والمشروبات

في حين سجلت أسعار الأغذية والمشروبات ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.3 في المائة، مدفوعةً بارتفاع أسعار اللحوم والدواجن، 1.9 في المائة. من جهة أخرى، انخفضت أسعار قسم تأثيث وتجهيز المنزل بنسبة 2.9 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الأثاث والسجاد وأغطية الأرضيات بنسبة 4.4 في المائة.

وتراجعت أسعار قسم الملابس والأحذية بنسبة 2.3 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار الملابس الجاهزة 4.6 في المائة، وكذلك سجلت أسعار قسم النقل تراجعاً بنسبة 2.5 في المائة، متأثرةً بانخفاض أسعار شراء المركبات بنسبة 3.9 في المائة.

تنويع الاقتصاد

وقال كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، الدكتور نايف الغيث، لـ«الشرق الأوسط»، إن ارتفاع معدل التضخم في المملكة إلى 2 في المائة خلال نوفمبر الماضي، مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، يعكس التغيرات الاقتصادية التي تمر بها المملكة في إطار «رؤية 2030»، التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.

وبيَّن الغيث أن العامل الرئيسي وراء هذا الارتفاع كان قطاع السكن والمرافق، حيث شهد زيادة كبيرة بنسبة 9.1 في المائة. وكان لارتفاع أسعار إيجارات المساكن، وخصوصاً الشقق التي ارتفعت بنسبة 12.5 في المائة، الدور الأكبر في هذه الزيادة، موضحاً أن هذا القطاع يشكل 25.5 في المائة من سلة المستهلك، وبالتالي فإن تأثيره على معدل التضخم العام كان ملحوظاً.

ووفق الغيث، أسهم ارتفاع أسعار السلع والخدمات الشخصية المتنوعة بنسبة 2.7 في المائة في زيادة معدل التضخم، وأن هذا الارتفاع يعكس تغيرات في أنماط الاستهلاك وزيادة الطلب على بعض السلع والخدمات في ظل التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها المملكة.

تحسين البنية التحتية

على الجانب الآخر، يرى كبير الاقتصاديين في بنك الرياض، أن قطاع النقل شهد انخفاضاً بنسبة 2.5 في المائة، ما أسهم في تخفيف الضغط التضخمي إلى حد ما، وأن هذا الانخفاض قد يكون نتيجة لتحسن البنية التحتية للنقل وزيادة كفاءة الخدمات اللوجيستية، وهو ما يتماشى مع أهداف «رؤية 2030» في تطوير قطاع النقل والخدمات اللوجيستية.

وفي سياق «رؤية 2030»، يؤكد الغيث أنه من الممكن النظر إلى هذه التغيرات في معدلات التضخم كجزء من عملية التحول الاقتصادي الشاملة، مضيفاً أن الارتفاع في أسعار السكن، «على سبيل المثال»، قد يكون مؤشراً على زيادة الاستثمارات في القطاع العقاري وتحسن مستويات المعيشة.

وأبان أن الزيادة في أسعار السلع والخدمات الشخصية قد تعكس تنوعاً متزايداً في الاقتصاد وظهور قطاعات جديدة.

ولفت الغيث النظر إلى أن معدل التضخم الحالي البالغ 2 في المائة يعتبر معتدلاً نسبياً، ما يشير إلى نجاح السياسات النقدية والمالية في الحفاظ على استقرار الأسعار.