مومياء «أوتزي» منجم معلومات عن حقبة مفصلية في تاريخ البشرية

بقيت جثّة رجل الجليد مطمورة لآلاف السنين في إيطاليا

مومياء «رجل الجليد» التي عثر عليها  في مدينة بولزانو الواقعة عند سفح جبال الألب الإيطالية
مومياء «رجل الجليد» التي عثر عليها في مدينة بولزانو الواقعة عند سفح جبال الألب الإيطالية
TT

مومياء «أوتزي» منجم معلومات عن حقبة مفصلية في تاريخ البشرية

مومياء «رجل الجليد» التي عثر عليها  في مدينة بولزانو الواقعة عند سفح جبال الألب الإيطالية
مومياء «رجل الجليد» التي عثر عليها في مدينة بولزانو الواقعة عند سفح جبال الألب الإيطالية

في رائعة الأخوين رحباني «بيّاع الخواتم» التي عُرضت للمرة الأولى مطالع ستينات القرن الماضي، يحذّر المختارُ شبابَ الضيعة في عيد «لعزّابي» بأنّ من لا تَصْدق نواياهم تجاه الصبايا سيتعرّضون للعقاب على يد «نواطير الثلج» الذين (... يقرأون الخفايا، ويصفّون النوايا)، ويقتادون المذنبين إلى (... جبل في البريّة، ويحبسونهم في عُليّة ليس فيها سوى العتم والثلج).
وفي مدينة بولزانو الواقعة عند سفح جبال الألب الإيطالية، يفتخر السّكان بأن مواطنهم الأشهَر هي مومياء «رجل الجليد» التي عثر عليها كشّافان ألمانيّان بالصدفة في سبتمبر (أيلول) 1991 على علو 3210 أمتار عند الحدود بين إيطاليا والنمسا، وأقاموا لها متحفاً مخصصا يستقطب الزّائرين والباحثين من كل أنحاء العالم. وتُعتبر هذه المومياء الطبيعية الأقدم في أوروبا، بعد أن حدّد العلماء تاريخ وفاة رجل الجليد قبل 5255 سنة، أي في بداية العصر النّحاسي الذي لا يُعرف سوى القليل النادر عن الحياة البشرية خلاله.
وقد أطلق الباحثون اسم «أوتزي» (نسبة إلى سلسلة جبال أوتزتال حيث عُثر عليها)، على هذه المومياء التي ما تزال في حال مذهلة من الصون لبقائها مطمورة تحت الجليد آلاف السنين. وتقول أورسولا فيرير المشرفة على مشروع البحوث العلمية في مومياء رجل الجليد (إنّ أحدث التقنيّات قد استخدمت لتحليل كل قيراط من جسم أوتزي الذي أصبح مصدراً لا ينضب للمعلومات عن تاريخ أوروبا الإنتروبولوجي في تلك الحقبة). وقد تركّز آخر هذه البحوث على الأدوات التي كانت في حوزة رجل الجليد، وهي معروضة إلى جانب المومياء في المتحف، ويتبيّن منها أنّ ذلك الرجل الذي كان في الخامسة والأربعين من عمره كان هاربا ومصابا بنبلة في كتفه عندما وصل إلى المكان حيث عُثر عليه ميتا متأثراً بجرحه النازف. ويُستدلّ من الأدوات التي عُثر عليها بجانبه أنّه كان أيمناً، وأنّه قد تنقّل كثيراً في الفترة الأخيرة من حياته، إذ عاش لفترة على علو 2500 متر من ثمّ نزل إلى منطقة أقل برودة على ارتفاع 1200 متر ليصعد مجدداً إلى المنطقة الجليدية على علو 3000 متر حيث أصيب بسهم في كتفه.
وتضيف فيرير أنّ البحوث الأخيرة حول الأدوات أظهرت أنّ رجل الجليد كان في وضع حرج عندما وصل إلى موقعه الأخير، لكن أسئلة كثيرة عن أسباب تنقّله وظروف مقتله ستبقى من غير أجوبة. وتابعت: «كما تبيّن أنّ الفأس النحاسية التي كانت بحوزته، مصدرها من منطقة توسكانة، مما يدلّ على وجود حركة مبادلات تجارية غامضة في أوروبا خلال تلك الفترة، لا يُعرف شيء عنها حتى الآن». ولكن تؤكد فيرير «أنّ أوتزي منجم معلومات قد يحمل مفاجآت أخرى عن حقبة مفصلية في تاريخ البشرية عندما انتقل الإنسان من عصر الترحّل البدائي إلى عصر العوائل المستقرة والزراعة وتربية الماشية».
أمّا عن «الجريمة»، فيقول بول غوتسنير خبير الأشّعة في مستشفى بولزانو إنّ البحوث استغرقت عشر سنوات قبل أن يكتشفوا رأس النبلة في الكتف اليسرى للمومياء، مما تسبب في إصابة ذراعه بالشّلل ويفسـّر الوضعية الغريبة للذراع اليسرى عند العثور عليها.
وقد أقدمت إدارة المتحف مؤخرا على التعاقد مع المحقق الألماني الشهير آلكسندر هورن من مدينة ميونيخ، لكشف ملابسات عملية اغتيال رجل الجليد التي وقعت في أعالي جبال الألب مطالع العصر النحاسي. وفي الاستنتاجات الأولى التي توصّل إليها هذا الخبير العالمي في تحليل مواصفات المجرمين، أنّ رجل الجليد كان خرج ظافرا من معركة قبل أن يُغتال غدرا... رغم وصول المحقق متأخرا قليلاً إلى مسرح الجريمة التي وقعت قبل خمسة آلاف سنة.



هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
TT

هشام خرما لـ«الشرق الأوسط»: أستلهمُ مؤلفاتي الموسيقية من التفاصيل

من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز
من حفل افتتاح بطولة العالم للجمباز

يعتمد الموسيقار المصري هشام خرما طريقة موحّدة لتأليف موسيقاه، تقتضي البحث في تفاصيل الموضوعات للخروج بـ«ثيمات» موسيقية مميزة. وهو يعتزّ بكونه أول موسيقار عربي يضع موسيقى خاصة لبطولة العالم للجمباز، حيث عُزفت مقطوعاته في حفل الافتتاح في القاهرة أخيراً.
يكشف خرما تفاصيل تأليف مقطوعاته الموسيقية التي عُزفت في البطولة، إلى جانب الموسيقى التصويرية لفيلم «يوم 13» المعروض حالياً في الصالات المصرية، فيعبّر عن فخره لاختياره تمثيل مصر بتقديم موسيقى حفلِ بطولة تشارك فيها 40 دولة من العالم، ويوضح: «أمر ممتع أن تقدّم موسيقى بشكل إبداعي في مجالات أخرى غير المتعارف عليها، وشعور جديد حين تجد متلقين جدداً يستمعون لموسيقاك».
ويشير الموسيقار المصري إلى أنه وضع «ثيمة» خاصة تتماشى مع روح لعبة الجمباز: «أردتها ممزوجة بموسيقى حماسية تُظهر بصمتنا المصرية. عُزفت هذه الموسيقى في بداية العرض ونهايته، مع تغييرات في توزيعها».
ويؤكد أنّ «العمل على تأليف موسيقى خاصة للعبة الجمباز كان مثيراً، إذ تعرّفتُ على تفاصيل اللعبة لأستلهم المقطوعات المناسبة، على غرار ما يحدث في الدراما، حيث أشاهد مشهداً درامياً لتأليف موسيقاه».
ويتابع أنّ هناك فارقاً بين وضع موسيقى تصويرية لعمل درامي وموسيقى للعبة رياضية، إذ لا بدّ أن تتضمن الأخيرة، «مقطوعات موسيقية حماسية، وهنا أيضاً تجب مشاهدة الألعاب وتأليف الموسيقى في أثناء مشاهدتها».
وفي إطار الدراما، يعرب عن اعتزازه بالمشاركة في وضع موسيقى أول فيلم رعب مجسم في السينما المصرية، فيقول: «خلال العمل على الفيلم، أيقنتُ أنّ الموسيقى لا بد أن تكون مجسمة مثل الصورة، لذلك قدّمناها بتقنية (Dolby Atmos) لمنح المُشاهد تجربة محيطية مجسمة داخل الصالات تجعله يشعر بأنه يعيش مع الأبطال داخل القصر، حيث جرى التصوير. استعنتُ بالآلات الوترية، خصوصاً الكمان والتشيللو، وأضفتُ البيانو، مع مؤثرات صوتية لجعل الموسيقى تواكب الأحداث وتخلق التوتر المطلوب في كل مشهد».
يشرح خرما طريقته في التأليف الموسيقي الخاص بالأعمال الدرامية: «أعقدُ جلسة مبدئية مع المخرج قبل بدء العمل على أي مشروع درامي؛ لأفهم رؤيته الإخراجية والخطوط العريضة لاتجاهات الموسيقى داخل عمله، فأوازن بين الأشكال التي سيمر بها العمل من أكشن ورومانسي وكوميدي. عقب ذلك أضع استراتيجية خاصة بي من خلال اختيار الأصوات والآلات الموسيقية والتوزيعات. مع الانتهاء المبدئي من (الثيمة) الموسيقية، أعقد جلسة عمل أخرى مع المخرج نناقش فيها ما توصلت إليه».
ويرى أنّ الجمهور المصري والعربي أصبح متعطشاً للاستمتاع وحضور حفلات موسيقية: «قبل بدء تقديمي الحفلات الموسيقية، كنت أخشى ضعف الحضور الجماهيري، لكنني لمستُ التعطّش لها، خصوصاً أن هناك فئة عريضة من الجمهور تحب الموسيقى الحية وتعيشها. وبما أننا في عصر سريع ومزدحم، باتت الساعات التي يقضيها الجمهور في حفلات الموسيقى بمثابة راحة يبتعد فيها عن الصخب».
وأبدى خرما إعجابه بالموسيقى التصويرية لمسلسلَي «الهرشة السابعة» لخالد الكمار، و«جعفر العمدة» لخالد حماد، اللذين عُرضا أخيراً في رمضان.