غريفيث في صنعاء مجدداً لإقناع الحوثيين بتسليم الحديدة من دون قتال

النواب اليمنيون يطالبون باستمرار العمليات العسكرية في الساحل الغربي حتى تحقيق كامل أهدافها

غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (رويترز)
غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (رويترز)
TT

غريفيث في صنعاء مجدداً لإقناع الحوثيين بتسليم الحديدة من دون قتال

غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (رويترز)
غريفيث لدى وصوله إلى مطار صنعاء أمس (رويترز)

عاد مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، مارتن غريفيث، إلى صنعاء، أمس، بعد نحو أسبوعين من زيارته السابقة لها، في سياق مساعيه الأممية الرامية إلى إقناع الميليشيات الحوثية بالانسحاب من مدينة الحديدة ومينائها الاستراتيجي، لتجنيب المدينة تبعات تحريرها بالقوة من قبل الجيش اليمني والمقاومة الشعبية المسنودة بتحالف دعم الشرعية، إلى جانب مساعيه لاستكمال الترتيبات لاستئناف مفاوضات السلام بين الشرعية والانقلابيين.
وجاءت عودة غريفيث إلى العاصمة اليمنية غداة تصريحات رسمية للنواب اليمنيين رفضوا فيها المساعي الرامية إلى وقف العمليات العسكرية لتحرير الحديدة، وعدوها محاولات عبثية من قبل أطراف دولية مشبوهة لإنقاذ الميليشيات الحوثية من الهزيمة الأقسى لمشروعها الانقلابي. وفي حين شدد النواب الموجودون خارج سيطرة الجماعة الحوثية، في بيانهم الذي انبثق عن لقاء تشاوري، على المضي في العمليات العسكرية، جاء موقفهم هذا متطابقاً مع تصريحات أخيرة للرئيس عبد ربه منصور هادي، وأخرى للحكومة اليمنية الشرعية، أكدت جميعها أن الحل الوحيد لوقف معركة التحرير هو الانسحاب الحوثي الكامل وغير المشروط من الحديدة ومينائها، ومن كل الموانئ الواقعة تحت سيطرة الجماعة على البحر الأحمر، بما في ذلك الانسحاب من مينائي رأس عيسى والصليف.
ولم يدل غريفيث، لدى وصوله مطار صنعاء، بأي تصريحات جديدة، في الوقت الذي ذكرت فيه مصادر أممية في صنعاء أن الزيارة ستستغرق 3 أيام، سيلتقي فيها المبعوث مع قادة الميليشيات، قبل أن يعود إلى العاصمة المؤقتة عدن للقاء الرئيس هادي وقادة الحكومة الشرعية لإطلاعهم على حصيلة جهوده مع قادة الجماعة الموالية لإيران.
وكان زعيم الجماعة الحوثية قد أعلن، عقب زيارة غريفيث السابقة، أن جماعته وافقت على وجود إشراف أممي على ميناء الحديدة، يتضمن الجوانب الفنية واللوجيستية، على حد زعمه، دون أن يتطرق إلى الموافقة على الانسحاب الكامل من المدنية ومينائها، كما تطالب الحكومة الشرعية.
وفي أحدث تصريحاته قبل أيام، كشف غريفيث أنه التقى الرئيس هادي في عدن، والمتحدث باسم الجماعة الحوثية محمد عبد السلام في العاصمة العُمانية مسقط، وأن الطرفين أكدا له استعدادهما للقدوم إلى طاولة المحادثات، مشيراً إلى أن مسؤوليته الأساسية تتمثل في بدء المفاوضات لإنهاء الحرب. وفي ما يتعلق بخطته بشأن الحديدة، قال: «إن الحديدة مسألة مهمة للغاية، ولكنها ليست أهم من التوصل إلى الحل السياسي»، مضيفاً أنه يأمل في أن يجلب الأطراف معاً للمفاوضات في غضون الأسابيع المقبلة، دون تحديد توقيت معين لاستئنافها. كما أشار إلى أنه يأمل في أن يجتمع مجلس الأمن الدولي الأسبوع المقبل، ليطرح أمامه خطة حول كيفية بدء المحادثات مرة أخرى.
وفي سياق متصل، أكد أعضاء مجلس النواب اليمني، في بيان رسمي صادر عن لقاء تشاوري للنواب الموجودين خارج سيطرة الميليشيات، على موقفهم الداعم للشرعية في حربها لاستعادة الدولة، وللتحالف الداعم لها، مطالبين بالضغط على الانقلابيين الحوثيين للعودة إلى مائدة المفاوضات، مع رفضهم لأي وقف لمعركة تحرير الحديدة.
ووصف النواب الدعوة إلى إيقاف معركة استعادة الحديدة بأنها «عبث باستراتيجية الحرب على طريق السلام، واستهتار بتضحيات الشهداء الذين قضوا على طريق تحقيق هذا الهدف في معارك الساحل منذ انطلاقها». كما طالبوا الرئيس هادي والحكومة الشرعية ودول التحالف بـ«استكمال معركة الحديدة حتى تحقيق كامل أهدافها»، لأن هذا الإنجاز على حد قولهم سيكون «كفيلاً بدفع الانقلاب لاستعادة رشده، والانصياع لمنطق الحوار والسلام».
وأعرب النواب عن أسفهم البالغ إزاء ما وصفوه بـ«الحملة التي تستهدف إنقاذ الانقلاب، وتشجيعه على مزيد من ارتكاب الجرائم، وتوفير الحماية له للمضي في رفضه للسلام والعودة إلى طاولة الحوار، مستفيداً من استمراره في الاستيلاء على أهم موارد الشعب التي حولها الحوثي لدعم مجهوده الحربي، واستمرار ارتكابه جرائم الحرب، ناهيك عن ضمان بقاء أهم المنافذ متاحة أمامه لاستقبال الأسلحة ومعدات الحرب والدمار المهربة إليه». وقال النواب اليمنيون في بيانهم: «إن دعوات إيقاف معركة الحديدة ليست سوى محاولة بائسة لتجنيب الانقلابين الهزيمة الأشد قسوة على مشروعهم، في سلسلة الهزائم التي يتجرعونها على امتداد الأرض اليمنية التي تعرضت لعدوان انقلابهم».
كما اتهموا من وصفوها بـ«الدوائر المعادية لليمن» بقيادة حملة إعلامية مشبوهة تستهدف، بحسب قولهم، «تفكيك الإرادة الدولية المجمعة على حق الشعب في استعادة دولته، ومؤسسات الشرعية، وإنهاء الانقلاب، والعودة إلى الحوار السياسي، بمرجعياته الواضحة المتمثلة في المبادرة الخليجية، ومخرجات الحوار الوطني، والقرارات الدولية» ذات الصلة.
وأشاروا إلى أنهم يذكرون «المجتمع الدولي أن الحرب إنما فُرضت على الشعب اليمني عندما اعتدت عصابات احترفت القتل، بحكم اكتسابها السلاح والمهارات القتالية من جمهورية إيران وعملائها في المنطقة، على النظام الجمهوري ومؤسساته الشرعية، وهو الأمر الذي استدعى مواجهته بدعم مستحق من التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، ومشاركة الإمارات العربية المتحدة».
وكان الرئيس هادي قد استقبل في عدن، أمس، قائد المقاومة التهامية عبد الرحمن حجري، فيما ذكرت المصادر الرسمية اليمنية أنه أشاد بـ«المواقف المشرفة التي سطرها أبناء تهامة، عبر مقاومتهم الباسلة لهزيمة الميليشيات الحوثية الإيرانية واستعادة كل المديريات، وصولاً إلى مدينة الحديدة، بالتنسيق مع الجيش والمقاومة الشعبية، وبدعم وإسناد من دول التحالف».
وتتهم الحكومة اليمنية الميليشيات الحوثية بأنها تناور فقط من أجل كسب الوقت، لكنها لا ترغب في إحلال السلام وإنهاء الانقلاب وتسليم مؤسسات الدولة وإعادة السلاح المنهوب من معسكرات الجيش، تنفيذاً لقرار مجلس الأمن 2216.
وفي الوقت الذي تستميت فيه الجماعة الموالية لإيران من أجل التشبث بالحديدة ومينائها، وأماكن وجودها الأخرى على الساحل الغربي لليمن، حشدت الآلاف من عناصرها استعداداً لخوض حرب شوارع مع القوات الحكومية داخل أحياء المدينة التي أغلقت شوارعها وحولتها إلى خنادق، وأحاطتها بزراعة آلاف الألغام المتنوعة.
وتحاول الجماعة الحوثية مع اقتراب القوات الحكومية من تحرير المدينة، بعد أن حررت مطارها، العزف لدى المنظمات الدولية، على وتر التداعيات الإنسانية التي يمكن أن تخلفها المواجهات، وهو الأمر الذي كانت القوات الحكومية والتحالف الداعم لها قد عملوا في خطة التحرير على تحاشيه من خلال اعتماد خطة موازية للدعم والإغاثة الإنسانية.


مقالات ذات صلة

سفير بريطانيا الأسبق لدى اليمن يصف الحوثيين بالطغاة واللصوص

العالم العربي أدت الحرب التي أشعلها الحوثيون قبل نحو 10 سنوات لأكبر أزمة إنسانية في العالم (أ.ف.ب)

سفير بريطانيا الأسبق لدى اليمن يصف الحوثيين بالطغاة واللصوص

وصف دبلوماسي بريطاني سابق جماعة الحوثي بأنها «مجموعة خبيثة وشوفينية وعنيفة»، تتألّف من «الطغاة واللصوص»، مبينا أن قادة الحوثيين لا يكترثون لعدد القتلى من الشعب.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع في عمان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين المختصين بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

تقدم في مشاورات مسقط واتفاق على مبادلة محمد قحطان بـ50 أسيراً حوثياً

شهدت جولة المفاوضات لتبادل الأسرى بين وفد الحكومة الشرعية والحوثيين في مسقط اختراقاً كبيراً، بعد اتفاق الجانبين على مبادلة محمد قحطان بـ50 أسيراً حوثياً.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من المواجهات العسكرية مع جماعة الحوثي الإرهابية (سبأ)

«العمالقة» تحبط هجومين حوثيين في جبهتي مأرب والساحل الغربي

أحبطت قوات العمالقة الجنوبية هجومين لجماعة الحوثي الإرهابية في جبهتي الساحل الغربي ومأرب خلال اليومين الماضيين، وكبدتها خسائر كبيرة في الأرواح والعتاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي وفد الحكومة اليمنية وفريق التفاوض المشترك لدول التحالف الخاص بملف المحتجزين والمخفيين قسرياً قبيل انطلاق المشاورات مع جماعة الحوثي الأحد في مسقط (الشرق الأوسط)

مصادر لـ«الشرق الأوسط»: الشرعية تتمسك بالإفراج عن محمد قحطان قبل الخطوة الثانية

في يومها الثاني ووسط تكتم شديد، تتواصل مشاورات تبادل الأسرى والمختطفين بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في العاصمة العمانية مسقط.

عبد الهادي حبتور (الرياض )
الولايات المتحدة​ إطلاق صاروخ توماهوك من مدمرة أميركية في البحر الأبيض المتوسط (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي يعلن تدمير 3 زوارق مسيرة للحوثيين في البحر الأحمر

 قال الجيش الأميركي، اليوم (الاثنين)، إنه دمر ثلاثة زوارق مسيرة لجماعة الحوثي اليمنية خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

حملات تعسف استهدفت 1161 منشأة تجارية في صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
TT

حملات تعسف استهدفت 1161 منشأة تجارية في صنعاء

مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)
مبنى وزارة الصناعة والتجارة الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية في صنعاء (فيسبوك)

تعرَّض 1161 متجراً وشركة في صنعاء، خلال الأسابيع الماضية، لعمليات دهم وابتزاز وإغلاق على أيدي مشرفين حوثيين، في حين اعتدى أتباع الجماعة على قرابة 90 شخصاً من المُلاك والعاملين في هذه المنشآت، وفق مصادر مطّلعة.

واستمراراً للحملات المُمنهجة لجباية الأموال، وتهديد الاقتصاد اليمني، وتهجير ما تبقّى من رأس المال من مناطق سيطرة الانقلابيين، لإحلال تجار مُوالين للجماعة؛ نفّذ الحوثيون تلك الحملات، وأجبرت خلالها عدداً من المتاجر والمنشآت الخاصة وصغار الباعة على دفع مبالغ مالية تحت عدة مسميات.

حوثيون يغلقون متجراً في صنعاء لعدم استجابة مالكه لدفع جبايات (إكس)

أقرّ تقرير صادر عن مكتب الصناعة والتجارة، الخاضع للجماعة في صنعاء، بأنه استهدف بالدهم والإغلاق وفرض الإتاوات أكثر من 233 منشأة ومتجراً متنوعاً، خلال 8 أيام، مضافاً إليها استهداف نحو 928 منشأة تجارية خلال شهر.

واشتكى تجار ورجال أعمال في صنعاء، تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، من استمرار مضايقات الجماعة، وقالوا إنها عادت لشن حملات جمع إتاوات وجبايات نقدية بالقوة تحت تسميات عدة؛ أبرزها تمويل الفعاليات ذات الطابع الطائفي، وتصعيد الجماعة العسكري في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي حين أشار بعض التجار إلى معاناتهم وصراعهم المرير مع حملات النهب والتعسف، التي تطولهم بين الفينة والأخرى، يشتكي هؤلاء من فرض مبالغ مالية تبدأ بـ5 آلاف ريال يمني، وتنتهي بـ100 ألف ريال. (الدولار يساوي 530 ريالاً في مناطق سيطرة الجماعة)، ويشمل ذلك صغار التجار وكبارهم.

إغلاق وتهديد

نتيجة لتجدُّد مسلسل نهب التجار ومُلاك الشركات في صنعاء، أغلقت بعض المتاجر أبوابها في عدد من الشوارع والأسواق قبل وصول حملات الانقلابيين.

وأكد سكان، لـ«الشرق الأوسط»، أن عدداً من المتاجر في أسواق السنينة ومذبح وهايل وسوق حجر والبليلي وحزيز أغلقت أبوابها فور معرفة مُلاكها بنزول حملات جباية ونهب جديدة.

حملات حوثية حديثة استهدفت محلات تجارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وهدَّد مسلَّحو الجماعة الحوثية، أثناء نزولهم الميداني، مُلاك المتاجر الذين فتحوا أبوابها، بإغلاقها واعتقالهم إذا لم يلتزموا بدفع ما عليهم من مبالغ مفروضة «مخالفات، ودعم شعبي ومجتمعي للفعاليات وللمقاتلين في الجبهات».

ويعاني القطاع الخاص اليمني، بما فيه القطاعان التجاري والصناعي، منذ 9 أعوام وأكثر من عُمر الانقلاب والحرب، سلسلة حملات تعسف ونهب وإغلاق ومصادرة وابتزاز وفرض جبايات مالية غير قانونية.

جاء ذلك في وقت توقَّع فيه البنك الدولي، في أحدث تقاريره، مزيداً من التدهور في الناتج المحلي في اليمن الذي يشهد حرباً منذ نحو تسع سنوات.

وأكد البنك الدولي أن اقتصاد اليمن لا يزال يواجه عقبات كبيرة مع تفاقم الصراع المستمر والتوترات الإقليمية والأزمات الاقتصادية والإنسانية، وقال إنه من المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 1.0 في المائة خلال 2024.

وشهد اليمن، في الفترة بين 2015 و2023، انخفاضاً بنسبة 54 في المائة في نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي، ما ترك غالبية اليمنيين في حالات فقر متفاوتة. ويؤكد البنك الدولي أن انعدام الأمن الغذائي يؤثر على نصف السكان، إذ ارتفعت معدلات وفيات الشباب، وتدهور الوضع المالي للحكومة المعترَف بها دولياً بشكل كبير خلال عام 2023.