الهجمات الإرهابية في مالي تخيم على ختام القمة الأفريقية بحضور ماكرون

ولد عبد العزيز: تحالف دول الساحل مع فرنسا سيحقق تنمية واستتباباً للأمن

رئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز مستقبلاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله إلى نواكشوط أمس (رويترز)
رئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز مستقبلاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله إلى نواكشوط أمس (رويترز)
TT

الهجمات الإرهابية في مالي تخيم على ختام القمة الأفريقية بحضور ماكرون

رئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز مستقبلاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله إلى نواكشوط أمس (رويترز)
رئيس موريتانيا محمد ولد عبد العزيز مستقبلاً الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لدى وصوله إلى نواكشوط أمس (رويترز)

ألقت الهجمات الإرهابية الأخيرة التي شهدتها مالي بظلالها على لقاءات والجلسات الختامية للقمة الأفريقية، في العاصمة الموريتانية نواكشوط أمس، والتي شارك فيها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إذ عقد لقاء مع قادة دول الساحل الأفريقي الخمس (موريتانيا، ومالي، والنيجر، وتشاد، وبوركينافاسو) على هامش القمة.
وكانت جماعات إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، قد شنت خلال الأيام الثلاثة الماضية، عدة هجمات في مالي، أسفرت في مجموعها عن مقتل 15 مدنياً وإصابة عشرات آخرين، من ضمنهم ثلاثة جنود فرنسيين وصفت إصاباتهم بالخطيرة، وكان أعنف هجوم ذلك الذي استهدف مساء الجمعة الماضي مقر قيادة القوات العسكرية المشتركة في دولة مالي.
ودفعت هذه الهجمات قادة مجموعة دول الساحل الأفريقي الخمس إلى عقد لقاء تشاوري مساء السبت، على هامش القمة الأفريقية، قبل أن يعقدوا اجتماعاً تشاورياً آخر مساء أمس (الاثنين) بحضور الرئيس الفرنسي، وقال رئيس النيجر محمدو يوسفو لوكالة الصحافة الفرنسية على هامش اللقاء، إن «هذه الهجمات ينبغي أن تعزز تصميمنا لمحاربة الإرهاب لضمان أمن شعوبنا».
الرئيس الفرنسي وصل إلى نواكشوط ظهر أمس، في زيارة صداقة وعمل تستمر ليومين، وهي أول زيارة من نوعها لرئيس فرنسي إلى موريتانيا منذ أكثر من عقدين، وقال الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز معلقاً على الزيارة: «أشكر الرئيس إيمانويل ماكرون والوفد المرافق له، على تلبية الدعوة التي وجهناها له للقيام بزيارة صداقة وعمل لبلادنا».
وأضاف ولد عبد العزيز أن «وجود الرئيس الفرنسي بين ظهرانينا اليوم، يكتسي أهمية بالغة بالنسبة لنا، ويترجم عمق الروابط التي تجمع فرنسا وموريتانيا. إن هذه الروابط راسخة وقوية وتعززها شراكة متنوعة ومتميزة»، وتخصص فرنسا دعماً قوياً لموريتانيا في مجال محاربة الإرهاب، وذلك عبر مجموعة دول الساحل الخمس التي يوجد مقرها في نواكشوط.
وفي هذا السياق قال ولد عبد العزيز، إن الرئيس الفرنسي عمل على «دعم مجموعة دول الساحل الخمس في عملها الدؤوب لتحقيق تنمية المنطقة ومحاربة الإرهاب، ضمانا لاستتباب الأمن وتحقيق التنمية في المنطقة»؛ مشيراً إلى أن ماكرون «قدم في وقت مبكر، دعمه لمجموعة الخمس في الساحل، من خلال دعوته إلى إنشاء تحالف من أجل الساحل»، كما ساندت فرنسا بقوة تعبئة التمويل لضمان نشر القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل الأفريقي.
من جهة أخرى لمح ماكرون في تصريحات أدلى بها في المطار عقب وصوله إلى نواكشوط، إلى إمكانية نشر قوات عسكرية في منطقة الساحل الأفريقي، وقال: «أريد في البداية أن أتضامن مع إخوتنا في مالي بعد الهجمات الجبانة والبغيضة، التي شنها الإرهابيون ضد مقر قيادة القوة العسكرية المشتركة لدول الساحل، وبعد ذلك ضد غاو».
وأضاف ماكرون: «عدة جنود فرنسيين أصيبوا، تتم الآن عملية نقلهم إلى فرنسا، ولكن من قتلوا على يد الإرهابيين كانوا مدنيين ماليين، مدنيين أفارقة»، وأضاف ماكرون قبل الدخول في لقاء مع قادة دول الساحل: «اليوم سنخرج بقرارات حاسمة وإجراءات ملموسة بخصوص نشر قواتنا العسكرية».
وخلص في تصريحه الصحافي المقتضب، إلى تأكيد التزام فرنسا ومجموعة دول الساحل الخمس «بمكافحة القوى الظلامية التي تزهق أرواح الأبرياء في أفريقيا»، مشيراً إلى ضرورة «تعزيز وتقوية الروابط بين فرنسا وأفريقيا»، معبراً عن سعادته بالمشاركة في القمة الأفريقية التي تحتضنها نواكشوط.
وكانت السلطات الموريتانية قد رفعت من مستوى الإجراءات الأمنية في صباح اليوم الثاني من أيام القمة الأفريقية، تزامناً مع وصول الرئيس الفرنسي؛ حيث انتشرت أعداد كبيرة من قوات الأمن وعناصر الجيش على الطرق الرئيسية في العاصمة، كما انتشرت وحدات عسكرية على الطريق السريع الرابط بين نواكشوط والمطار الدولي، الواقع على بعد 25 كيلومتراً إلى الشمال منها. كما جرى تكثيف الإجراءات الأمنية المحيطة بقصر المؤتمرات، حيث شارك الرئيس الفرنسي في جلسات القمة الأفريقية، وفي لقاء مع قادة دول الساحل الأفريقي، كما زار ماكرون مقر الأمانة الدائمة لمجموعة دول الساحل الخمس الموجود في نواكشوط، والذي أحيط بسياج أمني سميك.
وكانت موريتانيا قد استدعت أعداداً كبيرة من أفراد الجيش وقوات الأمن من مختلف التشكيلات إلى العاصمة نواكشوط، قبل أيام من انعقاد القمة الأفريقية، وذلك لضمان أقصى درجات الحيطة والحذر، إذ إنها المرة الأولى التي تنعقد فيها قمة أفريقية في إحدى عواصم منطقة الساحل الأفريقي، التي تعاني منذ سنوات من الهجمات الإرهابية.



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».