انقسام فصائل الجنوب السوري بعد «تسوية» بصرى الشام

الاتفاق نص على 13 بنداً... والمعارضة تسعى لضمانات روسية

نازحون من درعا باتجاه الحدود الأردنية السبت الماضي (أ.ب)
نازحون من درعا باتجاه الحدود الأردنية السبت الماضي (أ.ب)
TT

انقسام فصائل الجنوب السوري بعد «تسوية» بصرى الشام

نازحون من درعا باتجاه الحدود الأردنية السبت الماضي (أ.ب)
نازحون من درعا باتجاه الحدود الأردنية السبت الماضي (أ.ب)

فجر اتفاق «مصالحة» بين دمشق وفصيل «شباب السنة» برئاسة أحمد العودة في مدينة بصرى الشام، إحدى كبريات المدن في ريف درعا، انقساماً حاداً بين الفصائل المعارضة والمكونات المدنية للوفد المفاوض مع الجيش الروسي وسط مساع من قياديين معارضين للحصول على ضمانات من موسكو بعدم ملاحقة المدنيين المعارضين وترتيبات لمعبر نصيب على حدود الأردن.

عرض شفوي
وعقد يوم السبت الماضي في بصرى الشام اجتماع للمفاوضات بحضور ممثلين من الحكومة السورية وجنرال روسي قدم 9 شروط شفهية إلى وفد المعارضة الذي ضم العودة وبشار الزعبي وأدهم أكراد ولجنة إدارة الأزمة بممثليها المدنيين. والشروط التسعة هي: «وقف إطلاق النار، وتسليم السلاح الثقيل والمتوسط للشرطة الروسية خلال الأيام الأولى من الاتفاق، وتسليم السلاح الخفيف خلال تسوية الأوضاع، ودخول الشرطة السورية والشرطة الروسية، وتقديم أسماء المسلحين من أجل تسوية أوضاعهم والدولة الروسية هي الضامنة، وإعطاء مواقع المعارضة للجيش، وعدم ترحيل الناس من أماكنهم، وتسوية أوضاع المسلحين من أسبوع حتى 10 أيام، وتكون مدينة درعا ومعبر نصيب تحت سيطرة الدولة».
من جهته، طلب وفد المعارضة وقتا للتشاور مع قاعدته الشعبية وحلفائه خصوصاً واشنطن وعمّان، ووافق الجيش الروسي على وقف القصف مع استمرار قضم مناطق أخرى عبر تسويات ومصالحات، وصلت إلى 8 قرى وقتذاك مع بث احتفالات من مناطق المعارضة بينها داعل، إضافة إلى شن غارات تفاوضية كانت بينها غارات ضربت معبر نصيب على حدود الأردن.

اتفاق خطي
وإذ رفض وفد إدارة الأزمة برئاسة المحامي عدنان المسالمة والزعبي العرض الشفوي الروسي، وقال الزعبي: «الموت بشرف أو الحياة بكرامة»، فإن العودة واصل المفاوضات ووصل إلى اتفاق في بصرى الشام أول من أمس، نص على 13 بندا، هي: «وقف فوري وشامل للنار، والبدء بتسليم السلاح الثقيل بدءا من اليوم (الأحد)، وعودة الأهالي إلى البلدات التي لا يوجد فيها الجيش بصورة طبيعية وعودة الأهالي إلى التي فيها الجيش برفقة الشرطة العسكرية الروسية والهلال الأحمر بضمانة الشرطة العسكرية الروسية، والبدء بتسليم السلاح المتوسط المشمول بوقف النار، وتسوية أوضاع الأهالي، وتوزيع نقاط التسوية جغرافيا بحسب الحاجة وفق آلية متفق عليها، ورفع العلم السوري بالتزامن مع دخول مؤسسات الدولة، والمقاتلون الذي يسوون أوضاعهم ويرغبون بقتال الدواعش ينتسبون إلى فيلق الاقتحام (في الجيش السوري) بالدرجة الأولى في المنطقة الجنوبية، وتسوية أوضاع المنشقين والمطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية وتأجيلهم لستة أشهر، والعمل على عودة جميع الموظفين إلى وظائفهم الحكومية، وحل مشكلة المعتقلين والمخطوفين وفق آلية آستانة وتبادل جثث القتلى (وتضم آلية آستانة الضامنين الثلاثة روسيا وإيران وتركيا)، ويشمل هذا الاتفاق المنطقة من درعا غربا إلى بلدة صماد شرقا ومن بصر الحرير شمالا إلى حدود الأردن، والضامن لهذا الاتفاق هو الجانب الروسي». وجرى أمس تبادل جثث بين قوات الحكومة والمعارضة حيث نقلت إلى ريف السويداء المجاور.
ولم يتضمن الاتفاق ذكرا لمعبر نصيب؛ من النقاط الخلافية، لأن فصائل «الجيش الحر» تريد إدارة مشتركة، وكانت فاوضت على ذلك ضمن آلية اتفاق «خفض التصعيد» مع أميركا والأردن وروسيا في نهاية العام الماضي، حيث جرى البحث في العائدات الجمركية وتقاسمها، وأن ترافق الشرطة الروسية البضائع من المعبر إلى مدينة درعا؛ بين 13 و18 كيلومترا.
ويعتقد أن الحديث عن «عودة مؤسسات الدولة» في الاتفاق يشمل معبر نصيب. واستمرت الغارات على درعا البلد حيث يرفض مقاتلون فيها «المصالحة» باعتبار أنهم رأس الحربة في الوصل بين مدينة درعا ومعبر نصيب.

انسحاب مدني
وإذ ارتفع إلى 13 بلدة على الأقل، عدد القرى التي وافقت على «التسويات»، بقي الجدل أمس حول ما إذا كانت فصائل أخرى ستنضم إلى اتفاق بصرى الشام الذي نص على جميع مناطق ريف درعا. وأعلن أمس «المنسق العام لفريق إدارة الأزمة» المحامي عدنان المسالمة الانسحاب من المفاوضات مع الجانب الروسي، مما عكس شرخا بين أطراف المعارضة في الجنوب. وقال المسالمة في بيان: «لم نحضر المفاوضات اليوم (أمس)، ولم نكن طرفاً في أي اتفاق حصل، ولن نكون أبداً». وأضاف: «عمل البعض على استثمار صدق وشجاعة الثوّار الأحرار، من أجل تحقيق مصالح شخصيّة ضيّقة أو بأفضل الشروط من أجل تحقيق مصالح آنيّة مناطقية تافهة على حساب الدم السوري»، داعيا إلى «النفير العام».
ووجه معارضون إلى العودة اتهامات وصلت إلى «الخيانة»، لكنه رد أمس في تسجيل صوتي، قائلا إن بقاء «الأهالي أفضل من بقاء السلاح»، مشيرا إلى أن الخيارات كانت تضيق وحاول الحصول على أحسن اتفاق ضمن بقاء أهل درعا وعدم تهجيرهم. كما لمح إلى «غياب القرار» لدى قادة معارضين.
ولوحظ أن الاتفاق المعروض في الجنوب السوري يختلف عن غيره في غوطة دمشق وريف حمص، من أنه لم يتضمن تهجير المعارضين وعائلاتهم إلى الشمال السوري، بل نص على بقائهم وعملهم تحت الغطاء الروسي في قتال «جيش خالد» التابع لـ«داعش» وفصائل تابعة لـ«هيئة تحرير الشام» التي تضم «فتح الشام» (النصرة سابقا).
وقال الناشط في مدينة درعا عمر الحريري لوكالة الصحافة الفرنسية: «يرفض الطرف الروسي خروج أي شخص من درعا إلى إدلب أو أي مكان آخر، وهذا هو سبب الرفض المستمر من معظم الفعاليات خوفاً من ملاحقات أمنية لاحقاً ومن عمليات انتقامية لو حصل الاتفاق». وتابع: «الوضع صعب، والفصائل وكل المكونات الثورية في درعا أمام خيارات صعبة جداً. يضيق الخناق علينا أكثر فأكثر».
ويحاول معارضون سياسيون وعسكريون تحسين شروط التفاوض مع الجانب الروسي للوصول إلى ترتيبات. وقال مصدر: «تحاول المعارضة الحصول على ضمانات قوية من الروس لمنع ملاحقة المعارضين وبقاء سلاح خفيف ومتوسط لدى المقاتلين، إضافة إلى صيغة وسط تتعلق بالحدود مع الأردن وترتيبات معبر نصيب». لكن مصدرا آخر نقل عن ضابط روسي قوله أمس: «الجيش السوري سينتشر في معبر نصيب والحدود مع الأردن ويجب تسليم كل السلاح، وإلا فإن الحافلات الخضر بالانتظار»، في إشارة إلى إمكانية تهجير من يرفض الاتفاق، إلى شمال سوريا، كما حصل في غوطة دمشق وريف حمص، مما أدى إلى رفع عدد الساكنين في إدلب وريفها إلى 2.5 مليون شخص.



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.