افتتاح أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الخارج بكوريا الجنوبية

ماتيس تعهد بالإبقاء على موقف دفاعي «قوي» مع الحلفاء حيال بيونغ يانغ

وزير الدفاع الأميركي ونظيره الياباني في طوكيو أمس (بلومبيرغ)
وزير الدفاع الأميركي ونظيره الياباني في طوكيو أمس (بلومبيرغ)
TT

افتتاح أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الخارج بكوريا الجنوبية

وزير الدفاع الأميركي ونظيره الياباني في طوكيو أمس (بلومبيرغ)
وزير الدفاع الأميركي ونظيره الياباني في طوكيو أمس (بلومبيرغ)

دشّنت القوات الأميركية، أمس، في كوريا الجنوبية مقرها الجديد الذي اعتبرته أكبر قاعدة عسكرية لواشنطن في الخارج، وذلك بعد أسابيع من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب رغبته سحب الجنود الأميركيين.
وتربط الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية معاهدة، حيث اتخذت «القوات الأميركية في كوريا» من حي يونغسان في وسط سيول مقرا لها. واتفق البلدان الحليفان منذ العام 1990 على نقل المقر إلى معسكر هامفريز، وهي قاعدة في بيونغ تايك على بعد نحو 60 كيلومترا جنوبي العاصمة، كما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
لكن المشروع تأخر لسنوات جراء وجود اعتراضات في أوساط السكان ومشاكل مالية وأعمال بناء واسعة النطاق.
ولم يتم نقل أول وحدة إلى معسكر هامفريز، الذي يحمل اسم طيار قتل في حادث تحطم مروحية حتى العام 2013.
وتم الجمعة نقل مقر القوات الأميركية في كوريا وقيادة الأمم المتحدة التي تقودها واشنطن، وانضوى فيها الحلفاء خلال الحرب الكورية، في حين سيتم نقل وحدات أخرى لاحقا. ولدى الولايات المتحدة 28500 جندي في كوريا الجنوبية لحمايتها من الشطر الشمالي المسلح نوويا. ويأتي التحرك بعد أسابيع من قمة سنغافورة التي جمعت ترمب بزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون.
وخلال مؤتمر صحافي أعقب القمة، أعلن ترمب تعليق التدريبات العسكرية المشتركة مع سيول التي أكدت أنه لم يتم إعلامها بالقرار مسبقا، وأضاف أنه يريد في مرحلة ما «إعادة جنودنا» إلى الولايات المتحدة.
وطالب ترمب كوريا الجنوبية مرارا بدفع المزيد مقابل الوجد العسكري الأميركي فيها، حيث لا تزال المفاوضات جارية بشأن هذا الملف. لكن قائد القوات الأميركية في كوريا، فينسينت بروكس، قال خلال حفل الافتتاح أمس إن سيول ساهمت بأكثر من 90 في المائة من كلفة معسكر هامفري البالغة 10.8 مليار دولار، مشيرا إلى أنها «أكبر قاعدة أميركية في العالم» خارج أراضي الولايات المتحدة.
ويضم معسكر هامفري 513 مبنى، ويمتد على مساحة تقدر بأكثر من 14.7 مليون متر مربع. وستستضيف 43 ألف شخص، بينهم جنود وأفراد عائلاتهم بحلول نهاية العام 2022، وأشار بروكس إلى أن مبنى المقر مثّل «استثمارا مهما في الوجد بعيد الأمد للقوات الأميركية في كوريا»، مؤكدا على أن «القوات الأميركية في كوريا ستبقى شاهدا حيا على الالتزام الأميركي تجاه التحالف».
ولا يزال على كوريا الشمالية التي اجتاحت جارتها عام 1950 أن تتعهد علنا بالتخلي عن أسلحتها، رغم التحسن السريع الذي شهدته العلاقات في شبه الجزيرة الكورية مؤخرا. لكن وزير الدفاع الكوري الجنوبي سونغ يونغ - مو أكد أن القوات الأميركية في كوريا ستقوم بدور جديد مع تحول الظروف من حالة «حرب باردة إلى تعايش سلمي». وأضاف أنها «ستساهم ليس فقط بإحلال السلام في شبه الجزيرة، بل كذلك إلى السلام العالمي كعامل استقرار في شمال شرقي آسيا».
في غضون ذلك، تعهد وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس أمس بأن تحافظ واشنطن على موقف دفاعي «قوي» في المنطقة إزاء كوريا الشمالية، وشدد مجددا على أهمية التحالف بين بلاده واليابان. وأمام القلق بشأن الالتزام الأميركي إزاء الحلفاء الإقليميين، تعهد ماتيس بأن واشنطن لن تتهاون في موقفها رغم إعلان وقف المناورات المشتركة.
وشدد ماتيس على أن القرار بوقف هذه التدريبات اتّخذ من أجل تسهيل المفاوضات حول نزع السلاح النووي الكوري الشمالي، و«تعزيز فرص التوصل إلى حل سلمي لشبه الجزيرة الكورية»، لكن دون أن يعني ذلك تراجعا في قوة الموقف الأميركي في آسيا.
وتابع ماتيس خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الياباني، ايتسونوري أونوديرا، في طوكيو: «نُبقي على موقف دفاعي مشترك قويّ، من أجل أن نضمن أن دبلوماسيينا يواصلون التفاوض من موقع قوة لا جدال فيه»، في إشارة إلى المفاوضات الجارية مع كوريا الشمالية. وأضاف: «نحن منخرطون حاليا في محادثات غير مسبوقة مع كوريا الشمالية، لكن في هذه اللحظة الديناميكية يبقى التحالف القديم بين اليابان والولايات المتحدة صلبا»، معتبرا أن «هذا التحالف هو حجر الزاوية لاستقرار منطقة المحيط الهادئ الهندي، والتزامنا يظل راسخا». كما أوضح ماتيس أنه ناقش مع أونوديرا «إمكانية زيادة قدرات التحالف وتعزيز تعاوننا ورفع مستوى الأمن في المنطقة».
من جهته، شدد أونوديرا مجددا على أهمية المناورات العسكرية بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية «على صعيد الاستقرار في المنطقة، بما في ذلك في المستقبل»، إلا أنه أقرّ في الوقت نفسه بأن تعليق التدريبات «يمكن أن يدعم الجهود الدبلوماسية» المرتبطة بنزع السلاح النووي لكوريا الشمالية.
وشددت طوكيو مراراً أمام المسؤولين الأميركيين على ضرورة التطرق مع بيونغ يانغ إلى قضية اليابانيين الذين خطفتهم كوريا الشمالية في سبعينات القرن الماضي وثمانيناته، ولا تزال أخبارهم منقطعة. وعلّق ماتيس أمس بأنها «مشكلة إنسانية موجودة دائماً في محادثاتنا»، من دون أن يعطي مزيدا من الإيضاحات في شأن هذه القضية التي تعتبرها طوكيو أولوية قصوى.
ويسود قلق في شمال شرقي آسيا حول الطريقة التي ستواصل بها واشنطن الدفاع عن حلفائها في المنطقة بعد أن كال الرئيس الأميركي المديح للزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، ووصفه بأنه «شخص موهوب» سعياً لإقناعه بالتخلي عن السلاح النووي.
وتشعر اليابان بأنها أمام تهديد مباشر من كوريا الشمالية، التي كانت قبل محادثاتها مع الشطر الجنوبي والولايات المتحدة، هدّدت بإغراق الأرخبيل وأطلقت صاروخين فوقه العام الماضي. كما عبّرت طوكيو وسيول عن القلق من أن تركز المحادثات بين واشنطن وبيونغ يانغ على تهديد الصواريخ العابرة للقارات التي تطلقها الأخيرة، والقادرة على بلوغ الأراضي الأميركية، بينما اليابان وكوريا الجنوبية في مرمى الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى.
ودعا أونوديرا إلى أن تعمل بلاده والولايات المتحدة على تفكيك كل ترسانة بيونغ يانغ لأسلحة الدمار الشامل و«كل الصواريخ الباليستية على اختلاف مداها». ولم يعلق ماتيس على ذلك بشكل مباشر، واكتفى بالقول إن على الجانبين العمل لضمان أن يكون للدبلوماسيين الذين يتولون المفاوضات «دعما عسكريا قويا».
وللتشديد على هذه النقطة، قدم إلى أونوديرا ربطة عنق زرقاء اللون عليها شعار البنتاغون، قائلا: «تذكر أن لك صديقا في البنتاغون».
وكانت اليابان المحطة الأخيرة من جولة لماتيس شملت الصين، ثم كوريا الجنوبية. وسعى ماتيس في سيول إلى طمأنتها بأن الوجود العسكري الأميركي فيها لن يتغير. وقال لنظيره هناك إن «الالتزام الأميركي إزاء كوريا الجنوبية لا يزال متينا»، مضيفا أن ذلك معناه «بقاء مستوى القوات الأميركية في شبه الجزيرة الكورية على حاله».
وفي بكين، أكد الرئيس شي جينبينغ لماتيس أن بلاده «ليست توسعية»، لكنها «لن تتنازل عن شبر واحد من الأراضي» التي تركها الأجداد.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».