الرئيس الألماني يحذر من إزاحة جرائم النازية من الذاكرة

الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير
الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير
TT

الرئيس الألماني يحذر من إزاحة جرائم النازية من الذاكرة

الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير
الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير

يعتبر المؤرخون أن القيادي النازي البارز قائد قوات النخبة العسكرية (إس إس) هاينريش هيملر كان الرجل الثاني في النظام النازي، بعد أدولف هتلر. وهيملر هو منظم معسكرات الاعتقال النازية، وأحد المسؤولين الرئيسيين عن حملات التدمير الألمانية في شرق أوروبا، والقتل الجماعي لليهود الأوروبيين. وكشفت تقارير صحافية، أمس، أن ابنة هيملر عملت لدى وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية (بي إن دي) في ستينات القرن الماضي. وقال كبير مؤرخي الوكالة بودو هيشلهامر، في تصريحات لصحيفة «بيلد» الألمانية الصادرة أمس (الجمعة)، إن ابنة هيملر عملت لدى وكالة الاستخبارات الخارجية تحت اسم آخر لسنوات قليلة حتى عام 1963، وأضاف: «الوقت الذي خرجت فيه من الوكالة تزامن مع فترة التحول في الوعي، والتعامل مع الموظفين المتورطين في الحقبة النازية».
وتجدر الإشارة إلى أن وكالة الاستخبارات الخارجية الألمانية هي هيئة الاستخبارات الخارجية الوحيدة في ألمانيا. وشكلت الوكالة فريقاً بحثياً لمعالجة تاريخها إبان الحقبة النازية. وانتحر هيملر (1900 - 1945) عقب فترة قصيرة من أسره على يد الحلفاء.
وتزامن التقرير مع تحذيرات أطلقها أمس الرئيس الألماني فرانك - فالتر شتاينماير ضد إزاحة جرائم النازية من الذاكرة. واتهم شتاينماير ساسة في حزب «البديل من أجل ألمانيا»، اليميني الشعبوي، بالإضرار بسمعة ألمانيا، عبر تصريحاتهم بشأن ثقافة استعادة الذكريات الألمانية. وقال شتاينماير، في تصريحات لصحيفة «فرانكفورتر ألجماينه تسايتونج» الألمانية الصادرة أمس (الجمعة): «لديّ انطباع بأن كل الذين يتحدثون بهذه الطريقة لا يعرفون مطلقاً مدى الضرر الذي لحق بالاحترام والسمعة التي بنتها ألمانيا لدى جيرانها على مدار العقود الماضية بسبب ذلك»، مضيفاً أن الاستهزاء الذي تنطوي عليه مثل هذه التصريحات لا يمكن احتماله.
وقال شتاينماير إن ألمانيا احتاجت وقتاً طويلاً لاستعادة ذكريات هذه الجرائم، والاعتراف بمسؤوليتها تجاهها. وأضاف شتاينماير، خلال تدشين النصب التذكاري المقام في منطقة مالي تروستينتس في بيلاروس، حيث كان أكبر معسكر اعتقال نازي في الاتحاد السوفياتي المحتل من ألمانيا النازية خلال الفترة من عام 1941 حتى عام 1944: «الآن، تتضمن المسؤولية الإبقاء على ما حدث هنا ماثلاً في الأذهان. أؤكد لكم أننا سندافع عن هذه المسؤولية ضد الذين يقولون إنها انقضت بمرور الوقت».
وبحسب تقرير «بيلد»، عملت ابنة هيملر أمينة سر لدى وكالة الاستخبارات الخارجية في مدينة بولاخ، تحت اسم جودرون بورفيتس، خلال الفترة من نهاية عام 1961 حتى خريف عام 1963. وظلت جودرون نشطة في الأوساط اليمينية المتطرفة حتى الشيخوخة، وشاركت في مسيرات للنازيين الجدد. وبحسب التقرير، لم تعلن جودرون استنكارها مطلقاً لجرائم والدها النازية.
وقال شتاينماير: «أنا شخصياً أشعر بالخجل من هذا النوع من التصريحات. أشعر أيضاً بالخجل من المصطلحات التهوينية التي استخدمها ساسة ألمان أخيراً خلال التحدث عن حقبة النازية». وأعرب الرئيس عن قناعته بأن «الغالبية العظمى من الألمان لا يدعمون محاولة محو حقبة النازية من تاريخنا، أو التقليل من شأنها».
يذكر أن رئيس «البديل الألماني»، ألكسندر جاولاند، أثار استياء بتصريحات ذكر فيها أن هتلر والنازيين كانوا بمثابة «براز طير في التاريخ الألماني الناجح على مدار ألف عام».
وبعد ذلك اعترف جاولاند بأن هذه التصريحات «أسيء تفسيرها، وغير موفقة سياسياً».
وكان رئيس «البديل الألماني» في ولاية تورينجن، بيورن هوكه، قد أثار سخطاً أيضاً مطلع عام 2017 بمطالبته بـ«إجراء تغيير شامل لسياسة استعادة الذكريات الألمانية». وبحسب أبحاث حديثة، قُتل خلال الفترة من عام 1942 حتى عام 1944 ما يتراوح بين 40 ألفاً و60 ألف شخص بالرصاص أو الغاز، من بينهم يهود من غيتو مينسك، وآخرون من ألمانيا والنمسا. وتمت عمليات القتل في غابات بالقرب من أحد معسكرات السخرة هناك. وشارك في مراسم تدشين النصب التذكاري أيضاً الرئيس النمساوي، ألكسندر فان دير بيلن. وتجدر الإشارة إلى أن هذه أول زيارة يقوم بها رئيس ألماني لبيلاروس.
وأعرب شتاينماير عن قلقه إزاء تزايد وقائع معاداة السامية في ألمانيا، وقال: «سيظل في نطاق مسؤوليتنا التاريخية الاهتمام بتوفير الظروف التي لا يشعر فيها شخص في ألمانيا بالخوف من ارتداء كيباه (قلنسوة اليهود) أو ممارسة عقيدته اليهودية... هناك معاداة للسامية بين الوافدين إلينا، لكن في الأساس ستظل معاداة السامية مشكلتنا الألمانية».



من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
TT

من تنصيب ترمب إلى انتهاء حرب أوكرانيا... أهم الأحداث المتوقعة لعام 2025

ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)
ترمب خلال مناسبة بمدينة فينكس في ولاية أريزونا يوم 22 ديسمبر 2024 (رويترز)

هناك الكثير من الأحداث المهمة المنتظر حدوثها في عام 2025، بدءاً من تنصيب الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ومروراً بالانتخابات في أوروبا واضطراب المناخ والتوقعات بانتهاء حرب أوكرانيا.

ونقل تقرير نشرته شبكة «سكاي نيوز» البريطانية تفاصيل هذه الأحداث المتوقعة وكيفية تأثيرها على العالم ككل.

تنصيب دونالد ترمب

سيشهد شهر يناير (كانون الثاني) الحدث الأكثر أهمية بالنسبة للولايات المتحدة الأميركية، بل وربما للعالم أجمع، وهو تنصيب ترمب ليصبح الرئيس السابع والأربعين لأميركا.

وسيقع هذا التنصيب في يوم 20 يناير، وقد تعهد الرئيس المنتخب بالقيام بتغييرات جذرية في سياسات بلاده الداخلية والخارجية فور تنصيبه.

ونقل مراسل لشبكة «سكاي نيوز» عن أحد كبار مستشاري ترمب قوله إنه يتوقع أن يوقّع الرئيس المنتخب على الكثير من «الأوامر التنفيذية» الرئاسية في يوم التنصيب.

وتنبأ المستشار بأنه، بعد لحظات من أدائه اليمين الدستورية «سيلغي ترمب قدراً كبيراً من إرث الرئيس الحالي جو بايدن ويحدد اتجاه أميركا للسنوات الأربع المقبلة».

وعلى الصعيد المحلي، سيقرّ ترمب سياسات هجرة جديدة جذرية.

وقد كانت الهجرة قضية رئيسية في الحملة الانتخابية للرئيس المنتخب، حيث إنه وعد بترحيل الملايين وتحقيق الاستقرار على الحدود مع المكسيك بعد عبور أعداد قياسية من المهاجرين بشكل غير قانوني في عهد بايدن.

ويتوقع الخبراء أن تكون عمليات الترحيل الجماعي التي وعد بها خاضعة لمعارك قانونية، إلا أن فريق ترمب سيقاتل بقوة لتنفيذها.

ومن المتوقع أيضاً أن يصدر ترمب عفواً جماعياً عن أولئك المتورطين في أحداث الشغب التي وقعت في 6 يناير 2021، حين اقتحم الآلاف من أنصاره مبنى الكونغرس بهدف منع التصديق على فوز بايدن بالانتخابات.

وعلى الصعيد الدولي، يتوقع الخبراء أن يكون لرئاسة ترمب تأثيرات عميقة على حرب أوكرانيا، والصراع في الشرق الأوسط، وأجندة المناخ، والتعريفات الجمركية التجارية.

ومن المتوقع أن ينسحب ترمب من اتفاقية باريس للمناخ؛ الأمر الذي سيجعل أميركا غير ملزمة بأهداف خفض الانبعاثات الكربونية.

وفيما يتعلق بأوكرانيا، قال ترمب إنه يستطيع تحقيق السلام وإنهاء الحرب في غضون 24 ساعة.

أما بالنسبة للصراع في الشرق الأوسط، فقد هدَّد الرئيس الأميركي المنتخب حركة «حماس» بأنه «إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن في غزة قبل 20 يناير (موعد تنصيبه) سيكون هناك جحيم يُدفع ثمنه في الشرق الأوسط». إلا أن الخبراء لا يمكنهم توقع كيف سيكون رد فعل ترمب المتوقع في هذا الشأن.

انتخابات أوروبا

سيبدأ العام بانتخابات في اثنتين من أبرز دول أوروبا، وهما فرنسا وألمانيا.

سينصبّ التركيز أولاً على برلين - من المرجح أن ينتهي الأمر بالليبرالي فريدريش ميرز مستشاراً لألمانيا؛ مما يحرك بلاده أكثر نحو اليمين.

ويتوقع الخبراء أن تكون أولويات ميرز هي السيطرة على الهجرة.

أما في فرنسا، فسيبدأ رئيس الوزراء الفرنسي السابق إدوارد فيليب في الترويج لنفسه ليحلّ محل إيمانويل ماكرون رئيساً، بحسب توقعات الخبراء.

ويعتقد الخبراء أيضاً أن يتطور دور جورجيا ميلوني وينمو من «مجرد» كونها زعيمة لإيطاليا لتصبح قناة الاتصال بين أوروبا وترمب.

علاوة على ذلك، ستجري رومانيا انتخابات لاختيار رئيس جديد في مارس (آذار) المقبل.

الأوضاع في الشرق الأوسط

يقول الخبراء إن التنبؤ بما قد يحدث في الشرق الأوسط هو أمر صعب للغاية.

وعلى الرغم من تهديد ترمب بتحويل الأمر «جحيماً» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن الموجودين في غزة، فإن وضع الرهائن لا يزال غير معروف وغير محسوم.

وعلى الرغم من التفاؤل الأخير بشأن المفاوضات، لا تزال الخلافات قائمة بين «حماس» وإسرائيل. لكن وقف إطلاق النار لا يزال محتملاً.

لكن أي هدنة ربما تكون مؤقتة، وهناك الكثير من الدلائل على أن الجيش الإسرائيلي ينوي البقاء في غزة في المستقبل المنظور مع تزايد الدعوات إلى احتلال دائم بين الساسة الإسرائيليين من أقصى اليمين.

وما لم يتحسن الوضع الإنساني في غزة بشكل كبير وسريع، فإن سمعة إسرائيل الدولية سوف تستمر في التردي في حين تنظر محكمة العدل الدولية في اتهامات بالإبادة الجماعية.

ويتوقع الخبراء أن يفكر نتنياهو في ضرب إيران، سواء لردع الحوثيين أو للتصدي للبرنامج النووي للبلاد، لكن قد يتراجع عن ذلك إذا لم يحصل على دعم من الرئيس الأميركي القادم.

ومن بين الأحداث التي يدعو الخبراء لمراقبتها من كثب هذا العام هي صحة المرشد الإيراني المسن علي خامنئي، التي كانت مصدراً لكثير من التكهنات في الأشهر الأخيرة، حيث ذكرت الكثير من التقارير الإعلامية أنها متردية للغاية.

أما بالنسبة لسوريا، فسيحتاج قادة سوريا الجدد إلى العمل على دفع البلاد للاستقرار وجمع الفصائل الدينية والعسكرية المختلفة، وإلا فإن التفاؤل المفرط الذي شوهد بعد الإطاحة ببشار الأسد سينقلب وتحلّ محله تهديدات بوقوع حرب أهلية جديدة بالبلاد.

العلاقات بين الصين والولايات المتحدة

قد تكتسب المنافسة بين الصين والولايات المتحدة زخماً كبيراً هذا العام إذا نفَّذ دونالد ترمب تهديداته التجارية.

وقد هدد الرئيس الأميركي المنتخب بفرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع السلع الصينية؛ وهو ما قد يشعل حرباً تجارية عالمية ويتسبب في انهيار اقتصادي.

وتستعد بكين لمثل هذه المتاعب، وهي منخرطة بالفعل في إجراءات تجارية انتقامية مع الولايات المتحدة.

ودبلوماسياً، وفي حين توجد جهود لقلب العلاقة المتوترة بين المملكة المتحدة والصين، من المرجح أن تستمر مزاعم التجسس واتهامات التدخل الصيني في السياسة الأميركية، وهي اتهامات تنفيها بكين بشدة.

حرب أوكرانيا

يتوقع الخبراء أن تنتهي حرب أوكرانيا في عام 2025، مشيرين إلى أن القتال سيتوقف على الأرجح وأن الصراع سيتجمد.

وأشار الجانبان الروسي والأوكراني مؤخراً إلى استعدادهما لتقديم تنازلات من أجل التوصل إلى اتفاق سلام.

وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لـ«سكاي نيوز» إنه على استعداد للتنازل عن الأراضي التي تسيطر عليها كييف، بينما قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن روسيا مستعدة لتقديم تنازلات أيضاً.

إنه تحول دراماتيكي في اللهجة، نتج من انتخاب دونالد ترمب، بحسب الخبراء الذين قالوا إن المحادثات والتوصل لصفقة بات أمراً حتمياً الآن.

ومهما كانت النتيجة، ستقدمها روسيا للعالم على أنها انتصار لها.

ويعتقد الخبراء أن الكرملين يأمل في اختتام المفاوضات قبل التاسع من مايو (أيار)، الذي يصادف الذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي على ألمانيا النازية، ليكون الاحتفال الروسي مزدوجاً.

لكن المشاكل لن تنتهي عند هذا الحد بالنسبة لبوتين. فمع ارتفاع التضخم، وانخفاض قيمة الروبل، وضعف الإنتاجية، سيكون الاقتصاد هو معركة روسيا التالية.