الأمير ويليام ينهي جولته التاريخية بزيارة الأقصى... ويقول للفلسطينيين: «لم تُنسوا»

أنهى الأمير البريطاني ويليام، رحلته التاريخية في المنطقة، بزيارة للمسجد الأقصى وأماكن دينية أخرى في القدس الشرقية. واستهلَّ دوق كمبردج، يومه الأخير في المنطقة، بزيارة أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين بالنسبة للمسلمين، وتجول برفقة مسؤولين دينيين في جنباته، قبل أن يدخل إلى قبة الصخرة المشرفة، ثم المسجد القبلي.
واستمع ويليام في المسجد إلى شروح تاريخية ودينية حول المكان، الذي أحاطت به شرطة إسرائيلية لتأمين زيارة الأمير الذي اعتمر، بعد ذلك، القلنسوة التقليدية اليهودية «الكيباه»، وتوجه برفقة حاخامات إلى الحائط الغربي عبر ممر صنعته الشرطة الإسرائيلية.
ووضع الأمير ورقة أمنيات بين أحجار الحائط القديمة، ثم بسط راحة يده على الحائط، وأغمض عينيه، وانحنى للأمام من أجل إطلاق دعوات صامته، تقليداً للمصلين اليهود الذي اعتادوا وضع رسائل بين حجارة حائط المبكى، باعتباره بقايا الهيكل القديم. وبعد دقائق، وقع الأمير على كتاب زوار الحائط، هامساً: «أدعو الله رب السلام أن يمنَّ بالسلام على هذه المنطقة والعالم بأسره».
وحظيت جولة ويليام في الأقصى وحائط البراق الذي يسميه الإسرائيليون حائط «المبكى»، باهتمام كبير في إسرائيل، بسبب الجدل حول اعتماد جدول رحلة الأمير، البلدة القديمة في القدس ضمن «الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وعلى الرغم من الاعتراض الإسرائيلي الكبير على تعريف القدس الشرقية في برنامج الزيارة، أصر البريطانيون على عدم اعترافهم بالقدس الشرقية عاصمة لإسرائيل. وقال تقرير لقناة «حداشوت»، إن ويليام رفض أيضاً، لقاء رئيس بلدية القدس، نير بركات، في جولته الأخيرة بالمدينة.
وكان بركات طلب لقاء ويليام، الذي مكث في فندق «الملك داود» في القدس، لكن مسؤولين في السفارة البريطانية ردّوا على طلبه بأن الأمير كان سيسعد بلقائه خلال حفل عُقِد في منزل السفير البريطاني في رمات غان، الثلاثاء، ولكن لن يلتقي به في القدس، ولم يشارك بركات في اللقاء.
وزيارة الأمير ويليام، الثاني في الترتيب في ولاية العرش البريطاني، هي الأولى لشخصية مهمة في العائلة الملكية البريطانية.
وسار الأمير ويليام عبر أزقة القدس الضيقة في البلدة القديمة، وصولاً إلى كنيسة القيامة، وهناك استقبله رجال الدين المسيحيون من مختلف الطوائف، ورافقوه في جولة عبر الكنيسة التاريخية.
ولم ينسَ ويليام وضع إكليل من الزهور على ضريح جدته الكبرى، الأميرة أليس، في الطور، بالمدينة المقدسة. وأنقذت الأميرة أليس عائلة يهودية خلال المحرقة، ودُفِنت في المقبرة في أواخر ثمانينات القرن الماضي.
وقبل كل ذلك، أطلَّ الأمير على المدينة من على جبل الزيتون والتقط صوراً تذكارية.
وبزيارته المعالم الدينية في القدس، أنهى ويليام زيارة تاريخية التقى خلالها جنوداً بريطانيين وعرباً وشبان متحمسين ولاعبي كرة، واستمع لأغانٍ عربية وعروضٍ للدبكة، وتذوَّق طعاماً عربياً شعبياً، كما لعب الكرة على شواطئ إسرائيلية. وزار ويليام لخمسة أيام، الأردن وإسرائيل وفلسطين، بطلب من الحكومة البريطانية، «لإبداء نيات طيبة، والتعبير عن الآمال في تحقيق السلام في مناطق حكمتها بريطانيا منذ عام 1920 حتى عام 1948».
وسجَّلت وسائل إعلام إسرائيلية، ما وصفته بـ«هفوة دبلوماسية لويليام»، عندما استخدم مصطلح بلد في وصف فلسطين، قائلاً لعباس: «أشكركم على الترحيب بي، ويسرني جدا أن بلدينا يعملان معاً بشكل وثيق، وأنهما حققا نجاحات في الماضي في مجال التعليم والإغاثة».
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية، إن كلام الأمير «بدا مختلفاً عن لغة الدبلوماسيين الغربيين لدى تناولهم مسائل تتعلق بالصراع الفلسطيني - الإسرائيلي وتعقيداته، متحاشين استخدام كلمة (بلد) أو (دولة)، ومكتفين بدعم مطالبهم السيادية في المستقبل».
وتعليقاً على تصريحات الأمير ويليام، لم تحدد وزارة الخارجية البريطانية ما إذا كان اختيار كلمات الأمير متعمداً أو سهواً. وقال متحدث باسم الخارجية إن «الحكومة البريطانية تدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة وتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بسلام وأمان»، مضيفاً أن «بريطانيا ستعترف بدولة فلسطينية حين يكون ذلك في مصلحة إحلال السلام».
وفي وقت لاحق، ألقى الأمير كلمة في مقر القنصلية البريطانية في حي الشيخ جراح بالقدس الشرقية، دعا فيها إلى السلام، وقال للفلسطينيين إنه «لم يتم تناسيهم»، مضيفاً أنه اطلع خلال زيارته في مخيم الجلزون، شمال مدينة رام الله، «على المعاناة الكبيرة التي يعانيها اللاجئون، ولا يسعني سوى أن أتصور صعوبة العيش في مثل هذه الظروف في ظل محدودية الموارد ونقص الفرص».
وأضاف: «رسالتي هذا المساء هي أنه لم يتم تناسيكم». وقال الأمير إنه «تأثر نظراً للعدد الكبير من الناس في المنطقة الذين يتطلعون من أجل سلام عادل ودائم. هذا واضح تماماً بين الشباب الذين التقيتهم والذين يتطلعون إلى كتابة صفحة جديدة في تاريخ هذه المنطقة».
وردّاً على انتقادات على اختيار مكان الحفل، شدد القنصل العام البريطاني فيليب هول، على أن الموقف البريطاني «لم يطرأ عليه أي تغيير منذ عقود، إذ إننا نتبع قرارات مجلس الأمن الدولي التي تعتبر القدس القديمة جزءاً من الأراضي الفلسطينية المحتلة». وشكر الفلسطينيون الأمير ويليام وبريطانيا على الموقف من القدس والدولة، الذي يحمل دلالات كبيرة.
وقال أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، إن زيارة الأمير ويليام للأراضي الفلسطينية كانت في غاية الأهمية، مضيفاً أن «الرسالة التي حملها الأمير أكدت أن بلاده تسعى إلى تحقيق حل الدولتين على أساس حدود عام 67، وإقامة دولة فلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية تعيش بأمن وسلام إلى جانب إسرائيل».