الحكومة الجديدة أسيرة شد الحبال بين عون وجعجع

{حزب الله} يتمسك بتمثيل حلفائه السنّة

رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل إطلاق «الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني في لبنان» أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل إطلاق «الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني في لبنان» أمس (دالاتي ونهرا)
TT

الحكومة الجديدة أسيرة شد الحبال بين عون وجعجع

رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل إطلاق «الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني في لبنان» أمس (دالاتي ونهرا)
رئيس الحكومة سعد الحريري في حفل إطلاق «الإطار الاستراتيجي الوطني للتعليم والتدريب المهني والتقني في لبنان» أمس (دالاتي ونهرا)

تلاشت كل الأجواء الإيجابية التي أحاطت بعملية تشكيل الحكومة الجديدة. فبعدما كان المعنيون بالتشكيل يتوقعون الانتهاء من مهمتهم في ساعات أو أيام معدودة، باتوا يرجحون اليوم الدخول في حالة من المراوحة نتيجة تمسك كل طرف بشروطه خاصة بعد رفض رئيس الجمهورية العماد ميشال عون الصيغة التي تقدم بها رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري نهاية الأسبوع الماضي، معتبرا أنها تعطي «القوات اللبنانية» من حصته وحصة «التيار الوطني الحر».
ونبهت مصادر نيابية في «التيار» من «محاولة لتحميل الرئيس عون ووزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل مسؤولية تأخير تشكيل الحكومة»، لافتة إلى أن «هناك من يحاول الضغط علينا للرضوخ لشروطه مستفيدا من استعجالنا عملية التشكيل نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة وإصرارنا على وجوب أن تنطلق حكومة العهد الأولى، كما يسميها الرئيس عون، سريعا بعملها». وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «لسنا بصدد التنازل عن حقوقنا والرضوخ لفرض البعض قواعد جديدة للتشكيل يسعون ليبنوا عليها في عملية تشكيل الحكومات المقبلة. فإذا كان الرئيس عون قد تنازل في حكومة تصريف الأعمال الحالية عن منصب نائب رئيس الحكومة لتسهيل التشكيل في حينها، فذلك لا يعني أنه ارتضى التنازل عن حق رئيس الجمهورية بأن يسمي شخصيا شخصية تتولى هذا الموقع».
من جهتها، أكدت مصادر مواكبة لعملية التشكيل، أنه رغم كل التعقيدات وتمسك كل فريق بمطالبه فإن «الطبخة الحكومية لا تزال على نار حامية، وهي إما تنضج خلال أيام أو تحترق». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «الاتصالات والمشاورات مستمرة، لكن لا شيء محسوم بعد».
وأوضحت مصادر قيادية في تيار «المستقبل» أن ما تقدم به رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري إلى الرئيس عون يوم الجمعة الماضي، لم يكن تشكيلة حكومية أو «طبخة جاهزة»، إنما «صيغة جس نبض»، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أن العقدة الأبرز التي لا تزال تؤخر التشكيل هي العقدة المسيحية المحصورة بعملية شد الحبال المتواصلة بين «القوات اللبنانية» من جهة ورئيس الجمهورية و«التيار الوطني الحر» من جهة أخرى. وأضافت: «على الفرقاء المستعجلين لتشكيل الحكومة أن يخففوا من شروطهم».
وأكدت مصادر «المستقبل» أن الرئيس الحريري ورئيس «القوات» سمير جعجع «لطالما كانا بخندق واحد على المستوى الاستراتيجي»، موضحة أن «تجاوب رئيس الحكومة المكلف اليوم مع مطالب (القوات) يندرج بإطار سعيه إلى تشكيل حكومة فاعلة ومتوازنة تضمن نجاح العهد».
وبدا واضحا في الساعات الماضية أن تجاذب «القوات» و«الوطني الحر» على موقع نائب رئيس الحكومة، يشكل إحدى أبرز الإشكاليات التي تعيق الولادة الحكومية، إضافة لإصرار «القوات» على الحصول على حصة وزارية توازي حصة «التيار»، وقد أدى ذلك لاحتدام السجال بين نواب ووزراء الطرفين. وأكد عضو تكتل «لبنان القوي» النائب سليم خوري، أن «التكتل» يريد تشكيل حكومة تضم الأطراف السياسية كافة دون استثناء «بحسب التمثيل الذي أفرزته الانتخابات النيابية التي أجريت لأول مرة بحسب القانون النسبي، دون إغفال الحصة الوزارية لرئيس الجمهورية التي كرسها العرف في حكومات ما بعد الطائف إضافة إلى منصب نائب رئيس الحكومة». بالمقابل، تحدث أمين سر تكتل «الجمهورية القوية» النائب القواتي السابق فادي كرم عن نية بالاستئثار «عند تيار الفساد والتسلط هي المسؤولة، ليست فقط عن تأخير التأليف، ولكن أيضا عن عرقلة العهد». وأضاف: «فجعهم للاستفادة من موارد الشعب اللبناني لا حدود له وهدفهم واضح، إزاحة كل من يعترض حساباتهم المزرعية».
ولا تقتصر العقد التي تؤخر التشكيل على الخلاف العوني – القواتي، إذا يشكل إصرار «حزب الله» على تمثيل النواب السنة الـ10 المقربين منه كما الحزب «السوري القومي الاجتماعي» عقدة إضافية، خاصة أن الحريري قفز فوق هذه المطالب كليا في الصيغة التي تقدم بها لعون والتي لم تلحظ تمثيل هؤلاء. وتؤكد مصادر «الثنائي الشيعي» أنه «لا إمكانية لقيام حكومة يتم فيها إقصاء وعزل أحد المكونات اللبنانية خاصة بعدما أكدت الانتخابات النيابية أن التمثيل السني غير محصور بالحريري». ويُضاف إلى كل هذه العقد، عقدة التمثيل الدرزي التي لم يتم حتى الساعة إيجاد أي حل لها في ظل إصرار الحزب «التقدمي الاشتراكي» على الحصول على الحصة الدرزية الوزارية، كاملة، مقابل تمسك رئيس الحزب «الديمقراطي اللبناني» النائب طلال أرسلان بالتمثل بوزير درزي في الحكومة الجديدة.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.