قائد الجيش اللبناني في أميركا للمرة الثالثة منذ تعيينه

مصادر مواكبة للزيارة تعتبرها {إشارة دعم}

TT

قائد الجيش اللبناني في أميركا للمرة الثالثة منذ تعيينه

عكست زيارة قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون إلى الولايات المتحدة، التزاماً أميركياً بتمكين الجيش اللبناني وتطوير قدراته العسكرية بوصفه شريكاً استراتيجياً للجيش الأميركي في المنطقة لمحاربة الإرهاب، وتدحض في رسائلها المباشرة كل الأنباء التي ظهرت في وقت سابق عن مراجعة أميركية لمساعدة الجيش.
وبدأ العماد عون، أمس، زيارة رسمية إلى الولايات المتحدة الأميركية، تستمر لعدة أيام، يلتقي خلالها عدداً من المسؤولين العسكريين والمدنيين للبحث في سبل تعزيز علاقات التعاون بين جيشي البلدين.
وتعدّ هذه الزيارة الثالثة لقائد الجيش اللبناني إلى واشنطن منذ تسلمه قيادة الجيش في ربيع عام 2017، حيث قام بزيارتين سابقتين؛ الأولى بعد توليه قيادة الجيش، والثانية كانت تكريمية بعد معركة «فجر الجرود» التي خاضها الجيش ضد التنظيمات الإرهابية على الحدود الشرقية مع سوريا، وطهّر خلالها الجرود الشرقية من العناصر المتطرفة.
ولا تنفي مصادر مواكبة للزيارة أنها «لافتة في توقيتها»، مؤكدة أن رسائلها المباشرة «تؤكد أنه لا تغيير في سياسة الولايات المتحدة في دعم الجيش اللبناني ولا تراجع عن ذلك»، خلافاً لكل الأنباء التي ظهرت في الأشهر الماضية بأن واشنطن تجري مراجعة لدعم الجيش اللبناني. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط»، إن «الجيش الأميركي يعدّ الجيش اللبناني شريكاً استراتيجياً له في المنطقة وفي جهود محاربة الإرهاب وتثبيت الاستقرار»، مشددة على أن واشنطن ترى أن «الاستثمار بتثبيت الأمن في لبنان هو الاستثمار بالجيش لأنه يمثل خط الدفاع الأول بوجه الإرهاب».
ولفتت المصادر إلى الاهتمام الأميركي الكبير بالجيش اللبناني وبتعزيز قدراته، لأن «التجارب الأخيرة أثبتت أن الجيش قادر على حماية الحدود وقادر على استخدام السلاح وحده وتحقيق الإنجازات»، في إشارة إلى استخدام السلاح الأميركي الذي قدمته إليه واشنطن على شكل مساعدات في معركة «فجر الجرود» في أغسطس (آب) الماضي.
وتوقفت المصادر أيضاً عند الاستقرار في الداخل اللبناني، سواء على صعيد توقيف شبكات الإرهاب وتثبيت الاستقرار ومرور الانتخابات النيابية في إطار أمني هادئ، قائلة إن هذا الاستقرار «يلفت الأميركيين الذين يقدرون الجيش وإنجازاته». ولفتت المصادر إلى أن السفيرة الأميركية لدى لبنان إليزابيث ريتشارد «مناصرة جداً للجيش وتقدر جهوده وإنجازاته، وتحرص على أن يلتقي كل المسؤولين الأميركيين الذين يزورون لبنان بقائد الجيش ويستمعون منه شخصياً لوضع الجيش ومهامه والمساعدات التي تصل إليه».
وتأتي الزيارة بعد أسبوعين من اكتمال تسليم السرب الجوي من طائرات «سوبر توكانو A29» التي قدمتها الولايات المتحدة للجيش اللبناني، إثر تسليم لبنان 4 طائرات منها أضيفت إلى طائرتين تسلمهما لبنان في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وسط تأكيدات أميركية بأن الولايات المتحدة «ستواصل دعم تكامل هذه الطائرات في قدرات» الجيش اللبناني على مدار السنوات المقبلة، وتأهيل «قوات جوية استثنائية».
ووصفت مصادر عسكرية الزيارة بالـ«روتينية»، وأن اللقاء «يكون سنوياً لمراجعة المساعدات وتقييمها وتحديد مدى فعاليتها وكيف استخدمت، وما النظرة المستقبلية لمساعدات إضافية، فضلاً عن التعرف إلى حاجات الجيش المستقبلية». وقالت المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط»، إن معركة «فجر الجرود» «سيكون لها مكان أساسي في هذه المحادثات، لأنها معركة خاضها الجيش واستخدم فيها مساعدات عسكرية أميركية وحقق فيها نجاحاً كبيراً»، كما أشارت إلى أنه ستكون للعماد عون «لقاءات جانبية مع بعض المسؤولين الأميركيين لتنسيق التعاون»، لافتة إلى أن البحث «سيصب في إطار استمرار المساعدات للجيش اللبناني».
ونفت المصادر العسكرية وجود وعود جديدة بمساعدات نوعية إضافية بعد، موضحة أن «هناك برنامج مساعدات وميزانية للجيش، وفي جلسة التقييم سيُحكى عن الأسلحة المستخدمة ونتائجها وأوجه الحاجة لتطوير قدرات الجيش»، مشيرة إلى أن هناك ضباطا من مختلف الأفواج والألوية التي تسلمت المساعدات يرافقون قائد الجيش إلى الولايات المتحدة وسيطرحون خلال الاجتماعات حاجات الجيش لتطوير قدراته.
وكانت واشنطن وعدت بأنه في وقت قريب ستكمل قوة طائرات «A29» من خلال 6 طائرات مروحية هجومية خفيفة من طراز «MD530G» كان أعلن عنها في ديسمبر (كانون الأول) الماضي عندما زار الجنرال فوتيل لبنان.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم