تحرير جبال استراتيجية في صعدة وتعز

TT
20

تحرير جبال استراتيجية في صعدة وتعز

دفعت الانهيارات الميدانية المتلاحقة في صفوف الميليشيات الحوثية، في جبهات الساحل الغربي والبيضاء ونهم وصعدة، قادة الجماعة، إلى اللجوء مجدداً إلى استنفار القبائل الموالية لها واستئناف عملية التعبئة العامة لإعادة العسكريين السابقين إلى الخدمة في صفوفها. جاء ذلك، في وقت تستعد فيه قوات الجيش اليمني المسنودة بتحالف دعم الشرعية إلى إطلاق عمليات واسعة في جبهات البيضاء وصعدة والجوف ونهم وصرواح، بالتزامن مع العملية المرتقبة لحسم معركة الحديدة.
وعكست الاجتماعات المكثفة لنائب الرئيس اليمني الفريق علي محسن الأحمر، في مأرب، مع كبار قيادات الجيش، إصراراً غير مسبوق من قبل الشرعية اليمنية لتحريك جميع الجبهات القتالية، بوتيرة أشد، في سياق مسعاها للحسم الميداني ضد الميليشيات الحوثية. وعقد الفريق الأحمر، أمس، اجتماعاً، مع قادة المنطقة العسكرية السابعة في الجيش اليمني، بحضور المفتش العام للقوات المسلحة اليمنية القائم بأعمال رئيس الأركان اللواء الركن عادل القميري، ومدير دائرة العمليات الحربية اللواء الركن خالد الأشول، وقادة الوحدات والألوية وقائد قوات التحالف في مأرب العميد علي ساير العنزي.
وناقش الاجتماع مع قادة المنطقة العسكرية التي تختص بالعمليات في صنعاء وجبهة نهم، المستجدات والتطورات الميدانية ووضع الوحدات العسكرية وأحوال المقاتلين المرابطين في جبهات المنطقة.
وأكد نائب الرئيس اليمني في تصريحات نقلتها وكالة «سبأ»... «عزم قيادة الشرعية والتحالف بقيادة المملكة العربية السعودية على استعادة الدولة اليمنية وإرساء السلام الدائم المبني على المرجعيات الثلاث المتمثلة في المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني وقرار مجلس الأمن الدولي 2216».
وشدد الفريق الأحمر على ضرورة مضاعفة الجهود وتكثيف التدريب والتأهيل واستكمال المهام والخطط العسكرية، وقال: «إن النصر قاب قوسين أو أدنى وإن صنعاء العروبة ستعود إلى هويتها اليمنية كحاضنة لكل اليمنيين وستتطهر - على حد قوله من دنس وجرائم الميليشيات الحوثية».
واستمع نائب الرئيس اليمني إلى «تقارير قادة الوحدات ومستوى الجاهزية القتالية ومعنويات المقاتلين» وسط ترجيحات بوجود خطة عسكرية للزحف نحو صنعاء وتصعيد العمليات في جبهة نهم.
وجاء الاجتماع العسكري غداة اجتماع آخر عقده الأحمر مع قادة المنطقة العسكرية السادسة المختصة بالعمليات في الجوف وصعدة وعمران، إذ أفادت المصادر العسكرية بأن الأيام المقبلة ستشهد تحركاً غير مسبوق لجبهات الجوف وصعدة وصولا إلى عمران.
كما أطلق الفريق الأحمر، أمس، تصريحات شديدة اللهجة، هاجم فيها الميليشيات الحوثية بشدة، وتوعدها بالحسم العسكري، خلال اجتماع آخر عقده مع قادة الجيش في بيحان وجبهات البيضاء، في سياق تهنئته لهم بالانتصارات الميدانية الأخيرة في البيضاء، التي أدت إلى تحرير ناطع ونعمان وعقبة القنذع شرق المحافظة ومناطق واسعة في جبهة قانية في الجهة الشمالية.
وذكرت المصادر الرسمية أن الأحمر عقد اللقاء بحضور قائد قوات التحالف بمحافظة مأرب العميد علي العنزي للاطلاع على سير العمليات العسكرية واستكمال المهام المطلوبة. وخاطب الأحمر القادة الحاضرين في الاجتماع بقوله: «إن وطنكم يستحق هذه التضحيات وإن البيضاء واليمن بكامله لم يكن يوماً ما حوثيّاً، ولن يرضخ أو يقبل بميليشيا الكهنوت الإيرانية».
وطبقاً للمصادر الرسمية، فقد أكد نائب الرئيس على أن «من يتهاون اليوم مع الحوثي سيفوته الشرف في الدفاع عن الوطن، فالشرعية والتحالف عازمون على استعادة الدولة اليمنية ودحر مشروع إيران في اليمن والنصر حليفنا بإذن الله».
وثمّن الفريق الأحمر دعم التحالف، بقيادة المملكة العربية السعودية وإسهاماته في تحقيق الانتصار في البيضاء وفي مختلف الجبهات، وشدَّد على مضاعفة الجهود ومواصلة السير حتى استكمال تحرير البيضاء ورفع المعاناة التي خلفتها الميليشيات على أبناء المحافظة خلال السنوات الماضية.
وفي وقت سابق أفادت لـ«الشرق الأوسط» مصادر عسكرية، بأن قوات ضخمة تضم نحو 12 لواءً عسكريّاً وأمنيّاً، تستعد لاستكمال تحرير البيضاء انطلاقاً من أماكن تمركزها الحالية في مديرية الملاجم وفي جبهة قانية، وصولاً إلى ذمار غرباً، وإلى صنعاء من جهتي الجنوب، والجنوب الشرقي، وذلك بالتزامن مع رفع وتيرة العمليات في مختلف الجبهات. وقال مصدر أمني رفيع لـ«الشرق الأوسط» إن خطة تحرير البيضاء ستتم بالتزامن مع انتشار أمني واسع لتأمين المدن والمناطق المحررة في المحافظة حيث ستتحرك القوات العسكرية لتحرير مديريات البيضاء الخاضعة لسيطرة الميليشيات فيما ستقوم القوات الأمنية بالانتشار بالمناطق المحررة بالوقت ذاته لتثبيت الأمن والاستقرار ومحاربة عناصر تنظيمي «القاعدة» و«داعش» الإرهابيين اللذين ينشطان في بعض مناطق المحافظة.
من جهة أخرى، استكملت قوات الجيش اليمني بدعم من طيران التحالف، تحرير سلسلة جبال تويلق الاستراتيجية الحدودية الواقعة بين مديريات رازح وشدا وحيدان، جنوب غرب محافظة صعدة. وقال قائد اللواء الثالث عاصفة محمد بن عبد الله العجابي في تصريحات رسمية نقلها موقع الجيش»إن القوات نفذت عملية واسعة لتأمين سلسلة جبال تويلق المطلة على الخط الحدودي، وقامت بتمشيط جميع المواقع المحيطة به، وتطهير ما تبقى من جيوب للميليشيات.
وأكد أن المعارك أسفرت عن تكبيد الميليشيات خسائر بشرية كبيرة، لافتاً إلى أن عشرات الجثث لا تزال متناثرة في السلسلة الجبلية. وتقع جبال تويلق في منطقة حدودية استراتيجية، إذ تطل على محافظة الخوبة السعودية، والمناطق القريبة منها، مثل أحد المسارحة والجابري. كما أن السيطرة عليها وعلى الطريق الدولي المتاخم لها من جهة الشرق في الأراضي اليمنية، سيتيح للقوات محاصرة مديريتي رازح وشدا ومناطق الضيعة الواقعة شمالا، كما يسمح لها بالتقدم جنوبا باتجاه منطقة الحصامة للالتحام بجبهة الملاحيظ في مديرية الظاهر، حيث تتقدم القوات فيها شرقا نحو منطقة مران وهي المعقل الرئيسي لزعيم الجماعة الحوثية.
وذكرت المصادر الرسمية اليمنية، أن قوات الجيش عثرت أثناء تطهير جبال تويلق على مخزن أسلحة يحتوي على صواريخ موجهة وأخرى مضادة للدروع، بالإضافة إلى كميات كبيرة من الألغام والعبوات المختلفة، وأجهزة اتصالات.
إلى ذلك، تمكنت قوات الجيش أمس من السيطرة على مرتفعات وادي رسيان بمنطقة البرح غرب تعز وسط مواجهات عنيفة مع الميليشيات، وذلك لقطع خطوط الإمداد للأخيرة. ونقل الموقع الرسمي للجيش أن «القوات العسكرية أحرزت تقدماً منذ ساعات الصباح الأولى في مرتفعات وادي رسيان وأحكمت سيطرتها على عدد من الجبال المطل على الوادي إلى جانب عدد من التلال لتتواصل المواجهات بين الجيش والميليشيات بمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة».
وشنّت قوات اللواء السادس عمالقة «قصفاً مكثفاً بالدبابات وأسلحة الهاون على مواقع الميليشيات بعد تقدمها في رسيان والسلاسل الجبلية القريبة، حيث تسعى للوصول إلى قطع الخط بين الجراحي وتعز والمار بمديرية مقبنة شمالا».
في غضون ذلك، استنفرت الميليشيات في صنعاء، أتباعها القبليين، من أجل حشد المجندين، وأمرت قادتها المحليين باستئناف عملية التعبئة العامة لإعادة العسكريين السابقين إلى الخدمة.
وأظهرت الاجتماعات الحوثية المكثفة والتصريحات التي أطلقها قادة الجماعة، أمس، حالة واسعة من الارتباك والهلع، جراء عجزها عن حشد المزيد من المجندين لإسناد مقاتليها، في مختلف الجبهات، خصوصاً أنها دفعت بأغلب عناصرها في الآونة الأخيرة إلى الحديدة غربا.


مقالات ذات صلة

اختباء القادة الحوثيين من الغارات الأميركية يحدّ من تحصيل الجبايات

العالم العربي وقفة احتجاجية لسائقي شاحنات نقل الرمل المخصص للبناء في مدينة ذمار لرفض الجبايات الحوثية (إكس)

اختباء القادة الحوثيين من الغارات الأميركية يحدّ من تحصيل الجبايات

توقفت بعض أعمال الجباية الحوثية بسبب الحملة العسكرية الأميركية والاحتجاجات المهنية لبعض القطاعات، غير أن الجماعة تواصل فرض جباياتها لصالح المجهود الحربي

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رجل يمشي وسط مركز إيواء الأفارقة في صعدة (رويترز)

هل يتعمد الحوثيون استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية لتجنب القصف؟

يعتقد مسؤولون وباحثون يمنيون أن جماعة الحوثي تتعمد استخدام السجناء والمعتقلين دروعاً بشرية تجنباً للقصف الجوي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الجماعة الحوثية تسعى لتجنيد مقاتلين جدد في ظل تضاعف مخاوف السكان على أبنائهم (غيتي)

الحوثيون يبتزون السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين

لجأ الحوثيون لابتزاز السكان بالغذاء والخدمات لتجنيد المقاتلين بعد العزوف عن المعسكرات الصيفية، في حين كشف تحالف حقوقي عن تضليل إعلامي بشأن انفجار في مدرسة أطفال

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي مسؤولو الخارجية اليمنية والسورية خلال مراسم رفع العلم بمقر السفارة اليمنية في دمشق (سبأ)

اليمن يعلن إعادة فتح سفارته في دمشق... وينتظر من إيران «بادرة حُسن نية»

أكدت وزارة الخارجية اليمنية إعادة فتح أبواب سفارتها في العاصمة السورية دمشق، الأحد، وممارسة مهامها بشكل رسمي بعد أن سيطرت الميليشيات الحوثية الإرهابية عليها…

عبد الهادي حبتور (الرياض)
شؤون إقليمية منظومة القبة الحديدية بالقرب من عسقلان في جنوب إسرائيل (أرشيفية - رويترز)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن

أعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، أنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل دخوله أراضي إسرائيل، ومسيّرة آتية من الجهة الشرقية.


وزير الإعلام السوري: أحداث ريف دمشق تعكس توترات المرحلة الانتقالية

تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)
تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)
TT
20

وزير الإعلام السوري: أحداث ريف دمشق تعكس توترات المرحلة الانتقالية

تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)
تصاعد أعمدة الدخان في صحنايا قرب دمشق (أ. ب)

أكد وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى اليوم الأربعاء، أن خطاب الدولة لا يميز بين أكثرية أو أقلية بل يقوم على المواطنة، وذلك بعد أحداث عنف طائفية دموية في ريف دمشق.

ولقي العشرات حتفهم في جرمانا وصحنايا بريف دمشق يومي الثلاثاء والأربعاء إثر مواجهات بين مسلحين مسلمين ودروز بعد انتشار مقطع صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد.

وقال وزير الإعلام في مقابلة مع «تلفزيون سوريا»، إن أجهزة الدولة السورية سعت إلى حماية السكان داخل جرمانا وخارجها من أي اعتداء، مؤكدا أن العنف في المدينة طال أيضا أفراداً من إدارة الأمن العام.
وأضاف المصطفى أن أحداث العنف التي شهدها ريف دمشق «تعكس توترات المرحلة الانتقالية». وأكد أن قوات الجيش والأمن العام سيطرت على منطقة أشرفية صحنايا بعد أحداث العنف التي تسببت في مقتل 16 على الأقل، بحسب وسائل إعلام سورية.

إلى ذلك، قتل شخصان جراء غارة شنّتها إسرائيل على منطقة صحنايا قرب دمشق أثناء اشتباكات بين مسلحين مرتبطين بالسلطات وآخرين من الدروز في بلدة صحنايا، بحسب ما أفاد مسؤول محلي اليوم الأربعاء.

ووفقا لوكالة الصحافة الفرنسية، قال محافظ ريف دمشق عامر الشيخ خلال مؤتمر صحافي «قام طيران الاحتلال الإسرائيلي خلال هذه العملية... باستهداف إحدى دوريات الأمن مما أدى لمقتل أحد عناصر الدورية وأحد أهالي بلدة أشرفية صحنايا» وجرح آخرين.

 

وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) في وقت سابق اليوم، نقلا عن مدير الأمن في ريف دمشق بانتهاء العملية الأمنية في منطقة أشرفية صحنايا بعد أحداث عنف أسفرت عن سقوط قتلى.

ونقل «تلفزيون سوريا» عن مصدر عسكري قوله إن قوات الجيش السوري والأمن العام تسيطر على كامل منطقة أشرفية صحنايا في ريف دمشق، مضيفاً أن قوات الأمن العام اعتقلت عددا من «المسلحين الخارجين عن القانون» في صحنايا لتقديمهم إلى المحاكمة.

وذكرت وسائل إعلام سورية أنه جرى التوصل إلى اتفاق مبدئي لوقف إطلاق النار في جرمانا وصحنايا «وتحديد خطوات عملية لتحقيق التهدئة في المنطقتين».

وفي وقت سابق وصل وفد من مشايخ محافظة السويداء وزعماء من الطائفة الدرزية إلى صحنايا في محاولة لاحتواء التوتر.

واندلعت أعمال عنف طائفية في منطقة جرمانا ذات الأغلبية الدرزية بالقرب من دمشق أمس الثلاثاء بين مسلحين دروز ومسلمين سنة أسفرت عن مقتل 12، بحسب وسائل إعلام سورية.

وامتد العنف إلى صحنايا ذات الأغلبية الدرزية أيضا، وذكرت وسائل إعلام سورية أن 16 لقوا حتفهم اليوم الأربعاء بعد هجوم مسلح استهدف مقرا للأمن العام. وأفاد «تلفزيون سوريا» في وقت لاحق بمقتل اثنين من أفراد الأمن العام برصاص «مجموعات خارجة عن القانون» قرب طريق سريع يربط بين السويداء ودرعا في جنوب البلاد.

وقالت وزارة الداخلية السورية إن العنف اندلع بعد تداول تسجيل صوتي يتضمن إساءة للنبي محمد، مشيراً إلى أنها تحقق في مصدره.

وأكدت سوريا التزامها بحماية الأقليات، بما في ذلك الطائفة الدرزية.

وقالت وزارة الخارجية السورية في بيان إنها ترفض بشكل قاطع جميع أشكال التدخل الخارجي «وتعتبر الدعوات التي أطلقتها جماعات خارجة عن القانون، شاركت في أعمال عنف على الأراضي السورية، للمطالبة بما يسمى 'حماية دولية'، دعوات غير شرعية ومرفوضة بشكل كامل».

وأضافت «تؤكد الجمهورية السورية التزامها الراسخ بحماية جميع مكونات الشعب السوري دون استثناء، بما في ذلك أبناء الطائفة الدرزية، التي كانت ولا زالت جزءا أصيلا من النسيج الوطني السوري».