كوشنر: القادة العرب تمسكوا خلال لقاءاتنا بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية

دعا الفلسطينيين إلى «تشجيع قيادتهم» على الحل... وتعهد معالجة القضايا الأساسية ضمن حزمة

TT

كوشنر: القادة العرب تمسكوا خلال لقاءاتنا بدولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية

أكد مستشار الرئيس الأميركي جاريد كوشنر، في مقابلة صحافية أمس، تمسك قادة الدول العربية الذين التقاهم خلال جولته الحالية في المنطقة مع مبعوث الرئيس الأميركي للسلام في الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، بـ«إقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية». وأشار إلى أنه «مستعد للعمل» مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس «إذا رغب بذلك».
وقال كوشنر في مقابلة مع رئيس تحرير صحيفة «القدس» التي تصدر في الأراضي الفلسطينية وليد أبو الزلف، إنه يعتقد أن الرئيس عباس «ملتزم بالسلام». وقال إن القادة العرب الذين التقاهم في جولته «أوضحوا أنهم يريدون رؤية دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية. إنهم يريدون اتفاقا يمكّن الشعب الفلسطيني من أن يعيش بسلام، وأن تتاح له الفرص الاقتصادية نفسها التي يتمتع بها مواطنو بلدانهم. إنهم يريدون أن يروا صفقة تحترم كرامة الفلسطينيين وتضع حلاً واقعياً للقضايا التي تمت مناقشتها منذ عقود. جميعهم يصرون على أن المسجد الأقصى يجب أن يبقى مفتوحاً لجميع المسلمين الذين يرغبون في الصلاة».
ورأى أن «على الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تقديم تنازلات متبادلة لصنع السلام ومستقبل مشرق للشعبين». ونفى ضمناً الطابع الإقليمي للاتفاق، لافتاً إلى أن «نقاط الصفقة الفعلية هي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، لكن الخطة الاقتصادية التي نعمل عليها يمكن أن تظهر ما يأتي كجزء من صفقة عندما يتم تحقيقها مع بعض الاستثمارات الضخمة التي تمتد إلى الشعبين الأردني والمصري أيضاً».
ووجه رسالة إلى الفلسطينيين، قائلاً: «أنتم تستحقون أن يكون لديكم مستقبل مشرق. الآن هو الوقت الذي يجب على كل من الإسرائيليين والفلسطينيين تعزيز قيادتيهما، وإعادة التركيز لتشجيعهما على الانفتاح تجاه حل وعدم الخوف من المحاولة. لقد وقعت أخطاء لا حصر لها وفرص ضائعة على مرّ السنين، ودفعتم أنتم، الشعب الفلسطيني، الثمن. أظهروا لقيادتكم أنكم تدعمون الجهود لتحقيق السلام. دعوهم يعلموا بأولوياتكم وامنحوهم الشجاعة للحفاظ على عقل منفتح نحو تحقيقها». وتابع: «لا تدعوا قيادتكم ترفض خطة لم ترها بعد. الكثير قد حدث في العالم منذ بدأ هذا الصراع قبل عقود. لقد تحرّك العالم إلى الأمام بينما تُركتم في الوراء. لا تسمحوا لصراع أجدادكم بتحديد مستقبل أطفالكم».
وأضاف أن «احتمالات السلام ممكنة للغاية، فالقادة الذين التقينا بهم جميعاً يهمهم كثيراً أمر الشعب الفلسطيني، ويدركون أن حياة الشعب الفلسطيني لا يمكن أن تتحسن إلا عندما يكون هناك اتفاق سلام يوافق عليه الطرفان. إنهم يعلمون بأن الوصول إلى اتفاقية هو أمر صعب، وهذا هو سبب أنها استعصت على الجانبين منذ عقود، ولكنهم جميعاً يدركون الفائدة التي ستعود على المنطقة إذا تم تحقيق السلام».
ورفض كوشنر التحدث عن تفاصيل «الصفقة» التي يعمل عليها، «لكن كما قلت في خطابي في القدس إنني أؤمن بأنه من أجل الوصول إلى اتفاق، سيكسب كلا الطرفين أكثر مما يعطيان، وسيشعران بالثقة بأن حياة شعبيهما ستكون أفضل حالاً بعد عقود من الآن بسبب التنازلات التي يقدمانها. سيكون الأمر متروكاً للقيادة والشعب من كلا الطرفين لتحديد ما هو مقبول كحل وسط مقابل مكاسب كبيرة».
وأعرب عن اعتقاده بأن «القيادة الفلسطينية متخوفة من أننا سنقوم بنشر خطتنا السلمية وسيعجب بها الشعب الفلسطيني لأنها ستؤدي إلى فرص جديدة له ليحقق حياة أفضل بكثير». وأضاف أن الرئيس محمود عباس «يعلم أننا مستعدون لمقابلته ومواصلة المناقشة عندما يكون مستعداً. لقد قال علانية إنه لن يجتمع بنا، وقد اخترنا عدم ملاحقته. لقد واصلنا عملنا بشأن الخطة وبناء توافق في الآراء حول ما يمكن واقعياً تحقيقه اليوم وما الذي سيستمر في المستقبل. إذا كان الرئيس عباس مستعداً للعودة إلى الطاولة، فنحن مستعدون للمشاركة في النقاش، وإذا لم يكن كذلك الأمر، فإننا سنقوم بنشر الخطة علانية»، مشيراً إلى أنها «على وشك الاكتمال». غير أنه شكك في «مدى قدرة الرئيس عباس، أو رغبته، في أن يميل إلى إنهاء الصفقة».
وعدّ أن الرئيس الفلسطيني «لديه نقاط حوار لم تتغيّر خلال السنوات الـ25 الماضية. لم يتم التوصل إلى اتفاق سلام في ذلك الوقت. ومن أجل الوصول إلى صفقة، على كلا الجانبين أن يتحرّكا وأن يلتقيا في نقطة ما بين مواقفهما المعلنة. ولست متأكداً من قدرة الرئيس عباس على القيام بذلك». وأضاف: «هناك الكثير من البيانات والإدانات الحادة، ولكن لا توجد أفكار أو جهود مع احتمالات للنجاح».
ورأى أن «ما يحدث في غزة محزن جداً... أهل غزة رهائن لقيادة سيئة. لقد انحدر اقتصادهم إلى أسفل بسبب عدم القدرة على التواصل مع العالم. طالما أن هناك صواريخ يتم إطلاقها وأنفاق تُحفر، فسيكون هناك خنق على الموارد المسموح بدخولها. إنّها حلقة مفرغة... وأعتقد أن الطريق الوحيد لشعب غزة هو تشجيع القيادة على السعي إلى وقف إطلاق نار حقيقي يمنح الثقة لبدء السماح لمزيد من التجارة والسلع بالتدفق إلى غزة».
وحين سُئل عن القضايا الأساسية، أجاب بأن «القضايا الأساسية التقليدية ضرورية ونركز عليها بشكل مكثف مع تقديرنا الكبير للاختلافات التاريخية بين الجانبين. نحن ملتزمون بإيجاد حزمة من الحلول يمكن للطرفين العيش معها. مجرد حلّ القضايا الأساسية من دون خلق مسار لحياة أفضل لن يؤدي إلى حل دائم».



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».