«القوات» تتمسك بحصة مساوية لـ«الوطني الحر» في الحكومة اللبنانية

الراعي يدعو لإشراك غير المحزبين

TT

«القوات» تتمسك بحصة مساوية لـ«الوطني الحر» في الحكومة اللبنانية

أفضت المعطيات الأخيرة المتعلقة بتأليف الحكومة اللبنانية العتيدة أن لا أفق زمنياً بعد لإعلان التشكيلة الجديدة، في ظل إصرار «حزب القوات اللبنانية» على «التمثيل الصحيح»، وهو الحصة الحكومية المتساوية مع حصة «التيار الوطني الحر» في الحكومة، الأمر الذي يعارضه وزير الخارجية في حكومة تصريف الأعمال ورئيس «الوطني الحر» جبران باسيل، وتتهمه «القوات» بالوقوف وراء محاولات الاستئثار بالحصة المسيحية، مؤكدة أنها «لن تُحرج ولن تخرج من الحكومة».
وتدخل البطريرك الماروني بشارة الراعي أمس على خط التأليف، بالدعوة إلى عدم إهمال غير المحزبين، وإشراكهم في الحكومة. وقال الراعي في قداس الأحد: «إننا في كلّ يوم، ننتظر ولادة الحكومة الجديدة، وهي مع الأسف ما زالت تتعثّر»، مشددا على أن «الشّعب لا يريدها مؤلّفة من أشخاص عاديين لتعبئة الحصص وتقاسم المصالح وإرضاء الزّعامات، بل يريدها الشّعب والدول الصّديقة الدّاعمة للبنان والمشاركة في مؤتمرات روما وباريس وبروكسل، حكومة مؤلّفة من وزراء يتحلّون بالكفاءة التقنوقراطيّة والمعرفة وروح الرّسالة والتجرّد والأخلاقيّة والتفاني».
وأشار الراعي إلى أنه «إذا كان لا بدّ من تمثيل للأحزاب والأحجام، فليكن على هذا المقياس»، مضيفا أنه «يجب عدم إهمال الأكثريّة الباقية من خارج الأحزاب والأحجام النيّابية، وفي صفوفها شخصيّات وطنيّة رفيعة، يجب أن تكون جزءاً أساسياً في الحكومة العتيدة». وقال: «إذا كان لا بدّ من ألوان سياسيّة، فالّلون المفضّل هو لون الوطن، دولة وشعباً ومؤسّسات».
ورأى الراعي أن «تحدّيات كبيرة تنتظر الحكومة الكفوءة المنتظرة، ومنها إجراء الإصلاحات في الهيكليّات والقطاعات التي فصّلها بالتحديد البيان الختامي لمؤتمر باريس بغية النّهوض الاقتصادي بكلّ قطاعاته».
وتمثل عقدة تمثيل «القوات» أبرز العقد التي تحول دون إعلان وشيك للحكومة، في وقت يرفض الحزب تحميله المسؤولية بالوقوف وراء تأخير الحكومة، متهماً رئيس التيار الوطني الحر بالاستئثار.
ورأى عضو تكتل «الجمهورية القوية» النائب وهبه قاطيشا أن تحميل «القوات» المسؤولية عن التأخير في إعلان الحكومة «يقف وراءه المستأثرون بكل شيء»، مشدداً على أن «القوات» «لا تريد إلا التمثيل الصحيح، وتنفيذ الاتفاقيات المعمول بها» في إشارة إلى «اتفاق معراب» الذي كشف رئيس الحزب الدكتور سمير جعجع عن أحد بنوده في وقت سابق والقاضي بأن تكون حصة «القوات» مساوية لحصة «التيار الوطني الحر» في الحكومة.
وقال قاطيشا لـ«الشرق الأوسط»: «المستأثرون يحاولون إحراجنا لإخراجنا، لكننا لن نُحرج ولن نخرج»، مؤكداً «إننا متمسكون بالتمثيل الصحيح»، وهو خمسة وزراء بينهم حقيبة سيادية أسوة بحصة «التيار الوطني الحر»، فضلاً عن موقع نائب رئيس الحكومة. وقال: «التنازل عن المطلب يجب أن يقابله تنازل مقابل من الطرف الآخر»، لافتاً إلى أن «اتفاق معراب يحدد هذا الواقع، وإذا أراد الطرف الآخر التنصل من الاتفاق فهذا شأنه، لكن الرأي العام سيحاسب المستأثرين، فالشعب أعطانا وكالة بتمثيله لا يمكن التخلي عنها».
وعن العلاقة بين «القوات» و«التيار الوطني الحر» في ظل التجاذب على الحصص الحكومية، قال قاطيشا إن «هناك اتفاقيات ونحن حريصون عليها»، لافتاً إلى أنه في ملف تشكيل الحكومة «علاقتنا المباشرة هي مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، والرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري». وقال: «نحن مع الرئيس الحريري في خندق واحد، وهو متفهم ويستوعب وضعنا الشعبي وحجم تمثيلنا، وهو يصر على تمثيل كل القوى بحجمها الأساسي، ويعطي كل ذي حق حقه»، مشدداً على أن المطالبة بحقيبة سيادية ونائب رئيس الحكومة «هو حقنا الطبيعي».
وأمام تعقيدات تقفل احتمال ولادة الحكومة سريعاً، قال قاطيشا إن «عودة المتعنتين لضميرهم وحجمهم الطبيعي من شأنه أن يدفع إلى تشكيل الحكومة سريعاً»، أما «إذا بقي المتعنتون على محاولاتهم للاحتكار والحيلولة دون تمثيل حزبي القوات والكتائب بحجمهما الطبيعي، فهذا يعني أن التشكيل سيكون صعباً»، مشدداً على أن «سرعة التأليف مرتبط بعدم عرقلة الطرف الآخر صاحب فكرة الاستئثار، وهو وزير الخارجية جبران باسيل تحديداً وليس التيار الوطني الحر بأكمله».
وفيما ظهر الصراع على الأحجام عائقاً أمام إعلان وشيك للحكومة، رأى وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش، أن «إطار المهلة الزمنية لتشكيل الحكومة ما زال مقبولا، ولكن ليس هناك من داع للمبالغة في تضخيم الأحجام ولا سيما أن الانتخابات النيابية أفرزت وأظهرت حجم كل القوى السياسية»، مضيفاً: «إذا اعتمدنا قاعدة حجم التمثيل وإعطاء حقائب بحسب هذا الحجم، فيجب ألا يكون هناك أحد مختلف مع الآخر لأن الأحجام واضحة».
وشدد فنيش، وهو ممثل «حزب الله» في حكومة تصريف الأعمال، على «ضرورة وجود تعاون جدي لولادة حكومة وحدة وطنية تنطلق من رؤية واحدة، فضلا عن وضع النزاعات والخلافات والتجاذبات السياسية جانبا وعدم الإصغاء للتدخلات الخارجية، وإسقاط كل الرهانات على أي متغيرات ولا سيما أنه أمام هذه الحكومة الجديدة مهام مسؤوليات كبرى أبرزها معالجة ما يشكو منه الوطن على مستوى الكثير من الأمور الاجتماعية والاقتصادية والإنمائية والمالية».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.