تأليف الحكومة في الفصل الأخير... واستبعاد سُنة «8 آذار»

بري: العقدة داخلية... والحل لدى عون والحريري

من لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري (رويترز)
من لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري (رويترز)
TT

تأليف الحكومة في الفصل الأخير... واستبعاد سُنة «8 آذار»

من لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري (رويترز)
من لقاء الرئيسين ميشال عون وسعد الحريري (رويترز)

حالت عقد داخلية دون إعلان تأليف الحكومة اللبنانية التي دخلت مرحلتها الأخيرة، مع تكثف المفاوضات بين الأطراف التي أفضت إلى مؤشرات شبه محسومة، أهمها استبعاد سُنّة قوى «8 آذار» من الحكومة، والجزم بأن الحقائب الشيعية كاملة ستتوزع مناصفة بين «حزب الله» و«حركة أمل» على أن تكون حقيبة المال من حصة «أمل»، فضلاً عن توزيع الحصص على القوى الأخرى في البرلمان بمعدل وزير لكل أربعة نواب.
وفي ظل اتساع النقاش بين القوى، والمفاوضات التي يجريها الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري، وتواصله مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، رأى رئيس مجلس النواب نبيه بري أن الأمل بأن تبصر الحكومة النور كان أول من أمس «لكن الظاهر أن شيئاً ما ليس جاهزاً بعد». ولفت إلى أن «العقدة داخلية»، وأن «الحل هو لدى رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري».
وسلّم الحريري تصوره للتشكيلة الحكومية للرئيس عون أول من أمس، وهو تصور احتاج إلى مفاوضات كي ينضج بسبب بعض العقد. وقالت مصادر مواكبة لعملية التأليف لـ«الشرق الأوسط»: «طالما لم تُعلن التشكيلة الحكومية، فإن الأمور لم تُحلّ بعد، وهي رهن الانتظار والمباحثات»، من غير أن تستبعد «احتمال تأخير إعلان الحكومة العتيدة».
وجزمت مصادر متعددة مواكبة لجهود تشكيل الحكومة بأن سنة قوى «8 آذار» «لن يمثلوا في الحكومة الجديدة»، وهي واحدة من أربع عقد كانت تعتري عملية التأليف إلى جانب العقدة الدرزية، وعقدتي حصة حزب «القوات اللبنانية» وحصة رئيس الجمهورية، في حين بات محسوماً منح تيار «المردة» الذي يترأسه النائب السابق سليمان فرنجية حقيبة وزارية من حصة المسيحيين، علماً بأن فرنجية من الشخصيات المحسوبة على قوى «8 آذار».
وأكد القيادي في «المستقبل» النائب السابق مصطفى علوش استبعاد سنة قوى «8 آذار» من الحكومة الجديدة، وقال: «المستقبل» لا يرغب في توزيرهم «لأنه مضرّ وليس مفيداً»، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «قبلنا بـ(حزب الله) لأنه أمر واقع، لكننا لسنا مستعدين للقبول بأطراف هي عملياً نتاج الحزب».
ومع استبعاد سنة قوى «8 آذار» من الحكومة الجديدة، تضاربت المعلومات حول توزيع الحصة السنّية (6 وزراء في حكومة ثلاثينية) بين القوى، في وقت بات محسوماً أن هناك وزيراً سنياً سيكون من حصة رئيس الجمهورية، ويكون بدلاً منه وزير مسيحي من حصة رئيس الحكومة، وسط معلومات عن أنه سيكون وزير الثقافة في حكومة تصريف الأعمال غطاس خوري.
وتضاربت المعلومات حول توزيع المقاعد السنية الخمسة، ففي حين اعتبر علوش أن الحديث عن أنهم سيكونون من حصة الحريري «هو كلام منطقي»، تحدثت مصادر أخرى عن احتمال توزيع المقاعد السنية (من ضمنها رئيس الحكومة) بين «المستقبل» ومنحه أربعة مقاعد، وكتلة «الوسط المستقل» التي يرأسها رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي ومنحه مقعداً وزارياً سنياً، إذا تعذر منحه وزيراً مسيحياً.
وقال علوش «لا شيء وارداً عن منح كتلة الوسط المستقل وزيراً سنياً» باعتبار أن «المقاعد السنية موزعة بين المستقبل (5 وزراء) ورئيس الجمهورية (وزير واحد)»: «إلا إذا كان الرئيس عون سيعطي (الوسط المستقل) وزيراً مسيحياً».
في المقابل، شددت مصادر «الوسط المستقل» على أن «من حق الكتلة أن تتمثل بوزير» بالنظر إلى أن الكتلة تتألف من أربعة نواب، مشيرة في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن ميقاتي «كان طالب بوزير من حصته في الاستشارات النيابية»، مشددة على أن توزيره «حق للكتلة، ولا خلاف إذا كان مسيحياً أم مسلماً؛ كون طائفة الوزير ستكون مرتبطة بكيفية دوران الحصص في الخلطة الحكومية على القوى السياسية».
في هذا الوقت، أبدى حزب «القوات» مرونة في المفاوضات الأخيرة، لكنها مرونة مشروطة بتنازل «الآخرين» أيضاً، في إشارة إلى «التيار الوطني الحر» الذي يطالب بسبعة وزراء، مقابل 3 وزراء من حصة رئيس الجمهورية، علماً بأن المتداول أن حصة «القوات» في المقترحات الأخيرة تراوحت بين 4 وزراء من بينهم نائب رئيس الحكومة، وخمسة وزراء. وقالت مصادر حزب «القوات» لـ«الشرق الأوسط»: «لم يحسم أي شيء بعد. التفاوض لا يزال مستمراً، والأمور تتقدم، لكن لا نستطيع القول إن هناك أي شيء حُسم بشكل نهائي».
ولا تزال عقدة التمثيل الدرزي قائمة، ففي حين برزت مقترحات لمنح «الحزب التقدمي الاشتراكي» وزيرين درزيين، على أن يكون الوزير الثالث متفقاً عليه بين «الاشتراكي» ورئيس الجمهورية ووزير المهجرين الحالي طلال أرسلان، يصر «الاشتراكي» على أن يكون الوزراء الدروز الثلاثة من حصته.
لكن «التيار الوطني الحر» يرفض أن يكون الوزراء الدروز الثلاثة من حصة «الاشتراكي»؛ إذ قال وزير الطاقة سيزار أبي خليل في حديث إذاعي أمس، إن «رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط كان لديه 13 نائباً في السابق ورضي بوزيرين، أما اليوم فلديه 9 نواب ويطالب بثلاثة وزراء»، مضيفاً: «نحن نريد مشاركة الجميع في الحكومة بشكل عادل ومع احترام مبدأ النسبة والتناسب في نظامنا البرلماني، وليس لدينا أي مشكلة مع أحد، لكن لا يحق لأي طرف مخالفة هذا المبدأ على حساب تكتلنا. فالعملية الحسابية بسيطة».



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.