«سامر إن أكشن»... لوحات ترفيهية وفنية تجمع شمل العائلة

معرض لبناني يعود ريعه لجمعية «حماية» الخاصة بالأطفال

«سامر إن أكشن»... لوحات ترفيهية وفنية تجمع شمل العائلة
TT

«سامر إن أكشن»... لوحات ترفيهية وفنية تجمع شمل العائلة

«سامر إن أكشن»... لوحات ترفيهية وفنية تجمع شمل العائلة

عطلة نهاية الأسبوع في بيروت ليست تكون شبيهة بعطلة الأسبوع الماضي؛ لما تتضمن من نشاطات ترفيهية وأخرى مسلية. فتحت عنوان «سمر إن أكشن» (summer in action) انطلق المعرض الفني الذي يقام على الواجهة البحرية وسط بيروت ويعود ريعه لجمعية «حماية» خاصة بالأطفال مقدماً نشاطات مختلفة ترضي جميع أفراد العائلة، وذلك ابتداء من يوم أول من أمس ولغاية يوم غد. ويشارك في هذا المعرض الذي يقام لأول مرة في لبنان نحو 50 مصمماً وحرفياً جاؤوا من مختلف المناطق اللبنانية للترويج لأعمالهم الفنية من ألبسة ولوحات رسم وإكسسوارات على أنواعها.
«هذا المعرض يهدف إلى لمّ شمل العائلة اللبنانية من خلال ممارسة أفرادها هواياتهم المفضلة في مكان واحد». تقول سينتيا وردة، المشرفة والمنظمة لهذا الحدث. وتضيف في سياق حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «اعتدنا على إقامة هذا النوع من المعارض في مناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، وكان ريعها يعود إلى مستشفى سرطان الأطفال. أما اليوم فإننا وانطلاقاً من أهمية اجتماع أفراد العائلة الواحدة ومشاركتهم أوقاتاً حلوة مع بعضهم بعضاً قررنا أن يعود ريع هذا المعرض إلى جمعية (حماية) التي تعنى بالأطفال من مختلف الأعمار الذين هم في حاجة إلى العناية والرعاية».
والمعروف أن جمعية «حماية» هي المنظمة الوحيدة في لبنان غير الحكومية التي تقدم برامج متكاملة فيما يتعلق بحماية الأطفال، بما في ذلك الوقاية وإعادة التأهيل وإعادة الاندماج الاجتماعي من خلال برامج متخصصة تغطي كل المناطق اللبنانية. وهي المنظمة غير الحكومية الوحيدة في الشرق الأوسط المعتمدة من قبل برنامج غوردون للتدريب الدولي لإجراء تدريبات فعالة للأهل (PET) وتدريبات فعالة للمعلمين (TET)؛ وهو ما يعني أن أعضاء جمعية حماية هم المدربون الوحيدون المعتمدون في المنطقة. وتسعى حماية، من خلال العمل مع الطفل والأسرة والبيئة ككل إلى التغيير على المستوى الوطني من أجل ضمان استمرارية حصول الأطفال في لبنان على حياة رغيدة. وانطلاقاً من هذا الهدف، سيتخلل المعرض حلقات توعوية يديرها أعضاء الجمعية المذكورة بحيث يقدمون النصائح للأهالي والأولاد حول كيفية التنبه إلى المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها في مجتمعاتنا الضيقة والواسعة معاً. «سنزود الأطفال بتوصيات مباشرة حول التنبه إلى أي موقف مريب قد يصادفونه في حياتهم اليومية وبأن يتعلموا الإفصاح به لأحد يثقون به لتفادي أي حادث قد يتعرضون له» توضح سينتيا وردة.
هواية التسوق والرسم على الزجاج وقيادة السيارات والدراجات النارية ومشاهدة أعمال مسرحية منوعة، وغيرها من اللوحات الترفيهية التي يمكن أن يستفيد منها الرجال والنساء والأطفال يوفرها المعرض الذي يفتح أبوابه يومياً من الرابعة بعد الظهر وحتى منتصف الليل أمام زواره.
كما يتضمن معرض «سمر إن أكشن» وفي مناسبة «المونديال» مشاهدات مباشرة لمباريات كرة القدم العالمية التي تجري في هذا السياق، وذلك من خلال شاشة عملاقة تتوسطه. ومن بين المسرحيات التي ستقدم للأطفال «ديناصور الصين» للفنانة غنوة المختصة في تقديم أعمال فنية للأولاد. ومن ناحية ثانية، يشارك نحو 40 مطعماً ومقهى لبنانياً في المعرض بحيث يقدمون أشهى الأطباق اللبنانية والغربية لزوار المعرض.
«باستطاعة اللبنانيين أن يمضوا ساعات طويلة مع عائلاتهم في هذا المعرض فيمارسون هواية التسوق وركوب الدراجات النارية ويستمعون إلى عزف وغناء فرق فنية تقدم أجمل ما عندها مباشرة من على أرض المعرض». توضح سينتيا وردة، مفصّلة نشاطات هذا الحدث الذي يقام برعاية الرئيس سعد الحريري، بالتعاون مع بلدية بيروت.
ومع «سمر إن أكشن» ينطلق موسم النشاطات الترفيهية في لبنان من قلب العاصمة بيروت ليتوزع على التوالي على مختلف المناطق اللبنانية من خلال مهرجانات ونشاطات تقام في بلدات الزعرور وفقرا واهدن وجونية وجبيل وصيدا وصور وغيرها.



من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
TT

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)
وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

في الدورة الرابعة من مهرجان «البحر الأحمر السينمائي الدولي»، تنافست أعمال استثنائية نقلت قصصاً إنسانية مؤثّرة عن واقع المرأة في إيران وأفغانستان. وسط أجواء الاحتفاء بالفنّ السينمائي بوصفه وسيلةً للتعبير والتغيير، قدَّم فيلما «السادسة صباحاً» للإيراني مهران مديري، و«أغنية سيما» للأفغانية رؤيا سادات، شهادتين بارزتين على تحدّيات النساء في بيئاتهن الاجتماعية والسياسية.

«السادسة صباحاً»... دراما الصراع مع السلطة

يروي الفيلم قصة «سارة»، الشابة الإيرانية التي تتأهّب لمغادرة طهران لإكمال دراستها في كندا. تتحوّل ليلة وداعها مواجهةً مفاجئةً مع «شرطة الأخلاق»؛ إذ يقتحم أفرادها حفلاً صغيراً في منزل صديقتها. يكشف العمل، بأسلوب مشوّق، الضغط الذي تعيشه النساء الإيرانيات في ظلّ نظام تحكمه الرقابة الصارمة على الحرّيات الفردية، ويبرز الخوف الذي يطاردهن حتى في أكثر اللحظات بساطة.

الفيلم، الذي أخرجه مهران مديري، المعروف بسخريته اللاذعة، يجمع بين التوتّر النفسي والإسقاطات الاجتماعية. وتُشارك في بطولته سميرة حسنبور ومهران مديري نفسه الذي يظهر بدور مفاوض شرطة يضيف أبعاداً مرعبة ومعقَّدة إلى المشهد، فيقدّم دراما تشويقية.

لقطة من فيلم «أغنية سيما» المُقدَّر (غيتي)

«أغنية سيما»... شهادة على شجاعة الأفغانيات

أما فيلم «أغنية سيما»، فهو رحلة ملحمية في زمن مضطرب من تاريخ أفغانستان. تدور الأحداث في سبعينات القرن الماضي، حين واجهت البلاد صراعات سياسية وآيديولوجية بين الشيوعيين والإسلاميين. يتبع العمل حياة «ثريا»، الشابة الشيوعية التي تناضل من أجل حقوق المرأة، وصديقتها «سيما»، الموسيقية الحالمة التي تبتعد عن السياسة.

الفيلم، الذي أخرجته رؤيا سادات، يستعرض العلاقة المعقَّدة بين الصديقتين في ظلّ انقسام آيديولوجي حاد، ويُظهر كيف حاولت النساء الأفغانيات الحفاظ على شجاعتهن وكرامتهن وسط دوامة الحرب والاضطهاد. بأداء باهر من موزداح جمال زاده ونيلوفر كوخاني، تتراءى تعقيدات الهوية الأنثوية في مواجهة المتغيّرات الاجتماعية والسياسية.

من خلال هذين الفيلمين، يقدّم مهرجان «البحر الأحمر» فرصة فريدة لفهم قضايا المرأة في المجتمعات المحافظة والمضطربة سياسياً. فـ«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة، مع الإضاءة على دور الفنّ الحاسم في رفع الصوت ضدّ الظلم.

في هذا السياق، يقول الناقد السينمائي الدكتور محمد البشير لـ«الشرق الأوسط»، إنّ فيلم «السادسة صباحاً» ينساب ضمن وحدة زمانية ومكانية لنقد التسلُّط الديني لا السلطة الدينية، واقتحام النيات والمنازل، وممارسة النفوذ بمحاكمة الناس، وما تُسبّبه تلك الممارسات من ضياع مستقبل الشباب، مثل «سارة»، أو تعريض أخيها للانتحار. فهذه المآلات القاسية، مرَّرها المخرج بذكاء، وبأداء رائع من البطلة سميرة حسنبور، علماً بأنّ معظم الأحداث تدور في مكان واحد، وإنما تواليها يُشعر المُشاهد بأنه في فضاء رحب يحاكي اتّساع الكون، واستنساخ المكان وإسقاطه على آخر يمكن أن يعاني أبناؤه التسلّط الذي تعيشه البطلة ومَن يشاركها ظروفها.

على الصعيد الفنّي، يقول البشير: «أجاد المخرج بتأثيث المكان، واختيار لوحات لها رمزيتها، مثل لوحة الفتاة ذات القرط اللؤلؤي للهولندي يوهانس فيرمير، ورسومات مايكل أنجلو على سقف كنيسة سيستينا في الفاتيكان، وغيرها من الرموز والاختيارات المونتاجية، التي تبطئ اللقطات في زمن عابر، أو زمن محدود، واللقطات الواسعة والضيقة».

يأتي ذلك تأكيداً على انفتاح مهرجان «البحر الأحمر السينمائي»، ومراهنته على مكانته المرتقبة في قائمة المهرجانات العالمية، وترحيبه دائماً بكل القضايا المشروعة.

ونَيل «أغنية سيما» و«السادسة صباحاً» وغيرهما من أفلام هذه الدورة، التقدير، وتتويج «الذراري الحمر» للتونسي لطفي عاشور بجائزة «اليُسر الذهبية»، لتقديمه حادثة واقعية عن تصفية خلايا إرهابية شخصاً بريئاً... كلها دليل على أهمية صوت السينما التي أصبحت أهم وسيلة عصرية لمناصرة القضايا العادلة متى قدّمها مُنصفون.

وأظهر المهرجان الذي حمل شعار «للسينما بيت جديد» التزامه بدعم الأفلام التي تحمل قضايا إنسانية عميقة، مما يعزّز مكانته بوصفه منصةً حيويةً للأصوات المبدعة والمهمَّشة من مختلف أنحاء العالم.