«مواجهة الميليشيات» تُجدّد المطالبة برفع حظر السلاح عن الجيش الليبي

دفعت معركة الجيش الوطني الليبي، التي خاضها لاستعادة منطقة «الهلال النفطي» من قبضة ميليشيات مسلحة، عدداً من السياسيين، خصوصاً في شرق البلاد إلى مطالبة المجتمع الدولي برفع الحظر المفروض على تسليح جيش بلادهم، منذ مارس (آذار) عام 2011، قصد مواجهة «انفلات سلاح الميليشيات، واستخدامه في إحراق مصدر رزقهم»، المتمثل في النفط.
وعلى الرغم من أن المبعوث الأممي إلى ليبيا الدكتور غسان سلامة لا يكف عن مطالبة مجلس الأمن بضرورة استمرار الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى ليبيا، فإن المستشار عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب في طبرق، جدد دعوته للأمم المتحدة ومجلس الأمن، أمس، رفع حظر التسليح عن الجيش الوطني.
وقال عقيلة في تصريح نقله مستشاره الإعلامي فتحي المريمي، لـ«الشرق الأوسط» إن جيش بلاده «يحارب الإرهاب ويدافع عن مقدرات الشعب الليبي»، مشيراً إلى أن إعادة تصدير السلاح إلى ليبيا يمكّن جيشها «من الحفاظ على حدودها المترامية من المهربين والمرتزقة والمجرمين وغيرهم».
من جهته، قال الدكتور صالح هاشم إسماعيل، عضو مجلس النواب، إن القوات المسلحة الليبية أثبتت في كل مراحلها، خصوصاً في الأحداث الأخيرة أنها «تحمي الوطن ومقدراته، وبالتالي لا بد من رفع الحظر فوراً عن تسليح الجيش».
وأضاف إسماعيل، الذي ينتمي إلى مدينة طبرق (شرق البلاد) في حديثه إلى «الشرق الأوسط» أن «القضاء على الإرهاب يعد هدفاً للعالم أجمع، لذا ليس من حق المبعوث الأممي أن يدعو إلى بقاء الحظر»، متابعاً: «سلامة مندوب أو موظف، مهمته تقريب آراء الليبيين، ويجب ألا يتجاوز حدود مهنته».
وكان سلامة قد قال في إفادة أدلى بها عبر دائرة تلفزيونية مغلقة من تونس أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي: «لم يكن الحظر الدولي المفروض على السلاح في ليبيا أكثر أهمية في أي وقت مضى من الوقت الحالي... فهذا البلد يحوي أكثر من 20 مليون قطعة سلاح».
ورد إسماعيل، وهو أستاذ في كلية القانون بجامعة طبرق، على تمسك سلامة بحظر السلاح، بالقول إن «بعض الأطراف الليبية أعطت المبعوث الأممي صلاحيات داخلية على مستوى البلاد، لا علاقة له بها، حتى أصبحت تعليقاته على (تويتر) وكأنها أوامر للشعب يجب التقيد بها»، لافتاً إلى ضرورة «عدم الالتفات للمنادين بحظر السلاح، حفاظاً على قوت الشعب من التدمير والإحراق، فضلا عن مواجهة تفلت سلاح الميليشيات».
وكان مجلس الأمن الدولي قد أصدر قراره رقم 1970 في مارس 2011، طلب فيه من جميع الدول الأعضاء منع بيع أو توريد الأسلحة وما يتعلق بها إلى ليبيا. وفي يونيو (حزيران) الماضي مدد المجلس الحظر عاماً إضافياً بسبب وجود كيانات مسلحة تتقاتل في البلد الغني بالنفط.
ومنذ أكثر من عام ونصف العام، لم يطالب فائز السرّاج، رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس، برفع حظر السلاح عن بلاده. لكن سياسياً ليبياً أرجع تخوّف المجتمع الدولي من رفع الحظر عن توريد السلاح لأمور عدة، «تتعلق بأي فريق تدعمه، هل الجيش الوطني في الشرق بقيادة المشير خليفة حفتر؟ أم الجيش في الغرب التابع لحكومة الوفاق المعترف بها دوليا؟».
وأضاف السياسي الليبي، الذي رفض الإفصاح عن اسمه لدواعٍ أمنية، لـ«الشرق الأوسط» أن «الميليشيات المسلحة في عموم البلاد أصبحت تتمتع بمكتسبات مالية وأمنية تحافظ عليها بقوة السلاح، وهذا يدفعها إلى الإفساد والتدمير في ثروات الليبيين إذا لزم الأمر، وبالتالي فإن السؤال المهم والضروري هو عن كيفية جمع السلاح من أيدي تلك التشكيلات، لما يمثله من خطورة على ليبيا؟».
في سياق آخر، رد القائد العام للجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر على تساؤل يتعلق بترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، بقوله: «هذا سؤال سابق لأوانه، وعندما تتوفر الشروط الدستورية ويصدر قانون الانتخابات ويُفتح باب الترشح عندئذ ستكون هناك إجابة».
ووفقاً لمجلة «الأهرام» العربي المصرية، تطرق حفتر أول من أمس للحديث عن مدى قبول الجيش بمشاركة الجماعة الليبية المقاتلة وجماعة الإخوان المسلمين في العملية الانتخابية، وقال إن «قانون الانتخابات هو الذي ينظِّم ذلك، ويضع شروط الترشح، وهذا أمر يختص به مجلس النواب دون سواه، وإذا حدث تحت أي ظرف إن أجاز القانون لهذه التنظيمات الترشح، فإن قرار فوزها من عدمه يبقى في يد الشعب صحاب السيادة، والليبيون بحكم التجربة المريرة التي مروا بها لن يُلدَغوا من جحر واحد مرتين».
وتابع حفتر موضحاً أن «الجيش كمؤسسة عسكرية نظامية غير معني بالعملية الانتخابية إلا من جانب واحد، وهو أن يتولى رئيس الدولة المنتخب منصب القائد الأعلى للقوات المسلحة، أما مسألة انتشاره الأفقي في البلاد فلا علاقة لها بالانتخابات»، مجدِّداً تمسكه بالمسار الديمقراطي لبناء الدولة المدنية، لكنه قال إن «المبدأ الثابت هو أن الجيش لا يخضع إلا لرئيس منتخَب من الشعب عبر صناديق الاقتراع».
وانتهى حفتر قائلاً: «إذا التزمت كل الأطراف بما تعهدت به في مؤتمر باريس، كل حسب دوره، بما في ذلك الأمم المتحدة والمجتمع الدولي فلا أرى سبباً لعدم إجراء الانتخابات... الاستحقاقات والتحديات التي سنواجهها كبيرة ولكن علينا أن نستعد لها».
غير أن السياسي الليبي، الذي تحدث إلى «الشرق الأوسط» رأى أن حفتر «سيخوض الانتخابات المقبلة حتماً معتمداً على ما حققه من انتصارات في درنة، والتصدي لميليشيات الجضران في منطقة الهلال النفطي»، وقال بهذا الخصوص: «على الرغم من اختلافنا حوله، فإنه الأوفر حظاً إذا ما فكر خوضها في ظل إخفاق منافسيه بعد تقارير تحدثت عن تفشي فساد في حكومة غرب البلاد».