مطلوبو البقاع يفرون إلى سوريا مع انطلاق الخطة الأمنية في المنطقة

رئيس بلدية بعلبك: عدد كبير منهم باتوا في طرطوس

TT

مطلوبو البقاع يفرون إلى سوريا مع انطلاق الخطة الأمنية في المنطقة

فر عشرات المطلوبين في منطقة البقاع الواقعة شرق لبنان إلى سوريا المحاذية مع انطلاق الخطوات التنفيذية للخطة الأمنية الجديدة المفترض أن تضع حدا للفلتان الأمني الحاصل في المنطقة والذي بلغ في الأسابيع القليلة الماضية مستويات غير مسبوقة ما دفع فعاليات المنطقة للتأكيد أنها أصبحت «أشبه بغابة في غياب أي دور للقوى والأجهزة الأمنية».
وأكد رئيس بلدية بعلبك العميد المتقاعد حسين اللقيس أن عددا كبيرا من المطلوبين الكبار فر إلى سوريا في الأيام الماضية وبخاصة إلى منطقة طرطوس حيث المنتجعات السياحية، لافتا إلى أن تنسيقا أمنيا بين لبنان وسوريا من شأنه أن يؤدي إلى توقيفهم. واعتبر اللقيس في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن العدد الفعلي للأشخاص الواجب توقيفهم في منطقة بعلبك – الهرمل المطلوبين بمذكرات قتل وإطلاق نار وتجارة مخدرات لا يتعدى الـ100. مشيرا إلى أنه لو تم توقيف 10 أو 20 منهم، فإن ذلك سيؤدي تلقائيا لضبط الوضع الأمني باعتبار أنهم سيكونون عبرة للبقية. مع العلم أن المعلومات تشير إلى وجود 37 ألف مذكرة توقيف بحق 1200 مطلوب في المنطقة.
وأوضح اللقيس أن وحدات من الجيش اللبناني انتشرت يوم أمس بشكل ملحوظ في شوارع بعلبك وضواحيها، معربا عن أمله في أن يكون وجودها فاعلا خاصة عند أي حادث أمني، فيكون من صلاحياتها ملاحقة المخلين بالأمن وتوقيفهم.
ويوم أمس، أفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأن وحدات من الجيش اللبناني بدأت منذ ساعات الصباح الأولى تسيير دوريات وإقامة حواجز متنقلة داخل مدينة بعلبك ووسط سوقها التجاري وضمن محيط متنزهات رأس العين بهدف حفظ الأمن في المدينة وضواحيها. وأصدرت قيادة الجيش بيانا أعلنت فيه «قيام دورية من مديرية المخابرات في بلدة فلاوة - بعلبك، بتوقيف المدعو حمزة صبحي الكيال المطلوب بجرم إطلاق نار باتجاه محلات تجارية في مدينة بعلبك ومشاركته في الأحداث الأخيرة في المدينة»، وهو ما يوحي بانطلاق الخطوات التنفيذية للخطة الأمنية في المنطقة.
إلا أن مصادر عسكرية رفضت الحديث عن موعد أو توقيت زمني للخطة الأمنية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «الجيش يتخذ الإجراءات المناسبة في الوقت والظرف المناسبين».
وتشهد بعلبك – الهرمل منذ انتهاء الانتخابات النيابية أحداثا أمنية بشكل شبه يومي. وتُسجل فعاليات المنطقة «إطلاق نار بشكل يومي تشهده المدينة من دون تحرك القوى الأمنية لملاحقة مطلقي النار، سرقة سيارات، تفشي آفة المخدرات سواء لجهة التعاطي أو الاتجار، إضافة لفرض خوات على التجار والمواطنين».
وشن اللواء جميل السيد، الذي انتخب مؤخراً نائباً عن المنطقة والمقرب من «حزب الله» وسوريا، منتصف الأسبوع الحالي هجوما شرسا على قيادتي الجيش وقوى الأمن الداخلي، واتهم ضباط الأمن بمختلف مواقعهم بـ«حماية الزعران» في البقاع، متوجها إليهم بالقول: «أنا لا أتهمكم بالتقصير بل أتهمكم بالتآمر على منطقة بعلبك - الهرمل وأهلها وعلى المقاومة من أجل بعث رسالة إلى الخارج بأن بيئة المقاومة تحتضن زعرانا».
وتعتبر مصادر «الثنائي الشيعي» أن «حزب الله» هو أبرز المتضررين من الفلتان الأمني الحاصل في البقاع وبالتحديد في منطقة بعلبك التي تُعتبر معقلا رئيسيا له، منبهة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» من أن «هناك من يسعى لتصوير بيئة حزب الله كبيئة خارجة عن القانون، ومن يدفع باتجاه لجوء الحزب لضبط الوضع، وهو فخ يُنصب له لتوريطه والقول بأنه تحول إلى العمل الأمني في الداخل اللبناني».
ولا يزال الوضع على الحدود اللبنانية – السورية وبالتحديد في منطقة الهرمل متوترا نتيجة تجدد الاشتباكات بين مسلحين من عشيرة آل جعفر وآخرين من آل الجمل مساء يوم الأربعاء على خلفية إطلاق نار باتجاه موكب من عدة سيارات يقل المطلوب نوح زعيتر وأشخاص من آل جعفر.
وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» بأنه على الأثر «قام عشرات المسلحين من آل جعفر من المناطق الحدودية المجاورة بسلوك طرق جبلية خارج نطاق الانتشار العسكري للجيش اللبناني والجيش السوري وهاجموا بلدة العصفورية بالأسلحة المتوسطة التي يسكنها آل الجمل، وهي عائلة لبنانية على خلافات ثأرية مع آل جعفر».
وكان الجيش اللبناني عزز مواقعه على الحدود اللبنانية ونشر حواجز في منطقة الهرمل، فيما انتشر الجيش السوري من ناحيته، سعيا لوقف الاشتباكات التي خفت وتيرتها مع ساعات ليل الأربعاء. وقالت الوكالة الوطنية أن المساعي تنشط لسحب المسلحين من التلال الجبلية المتقابلة.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».