البرلمان التونسي يبحث رسمياً خفايا «محاولة انقلاب» مزعومة

البرلمان التونسي يبحث رسمياً خفايا «محاولة انقلاب» مزعومة
TT

البرلمان التونسي يبحث رسمياً خفايا «محاولة انقلاب» مزعومة

البرلمان التونسي يبحث رسمياً خفايا «محاولة انقلاب» مزعومة

وجهت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان التونسي، التي يرأسها عبد اللطيف المكي، القيادي بحركة النهضة، دعوة إلى غازي الجريبي وزير الداخلية بالنيابة، ولطفي براهم وزير الداخلية المقال، وإياد الدهماني المتحدث باسم الحكومة، لحضور جلسة مساءلة، تعقد الاثنين المقبل على خلفية ما روجته بعض وسائل الإعلام المحلية عن محاولة انقلاب على الحكم، وتوضيح أسباب التنقيلات والتعديلات التي طالت عددا من المسؤولين الأمنيين في هذا الوقت بالذات، والاستغناء عن عدد كبير منهم، وتعويض العشرات إثر إقالة لطفي براهم المتهم بالتحضير لانقلاب سياسي.
وبدأ الحديث عن محاولة الانقلاب في تونس، بسبب ما روجه الصحافي الفرنسي نيكولا بو، الذي تحدث عن وجود محاولة انقلاب يقودها لطفي براهم وزير الداخلية المقال، وذلك بتخطيط ودعم من قوى أجنبية. غير أن براهم سارع إلى نفي هذه التهمة، وقال إنه سيقاضي الصحافي الفرنسي، ومكتب قناة «الجزيرة» بتونس لأنها روجت الخبر.
وبخصوص ما راج حول وجود انقلاب سياسي بتمويل خارجي، قال المنجي الحرباوي، المتحدث باسم حزب النداء: «إن كان هناك بالفعل من يريد الانقلاب فهذه خيانة عظمى يجب كشفها أمام التونسيين، وإن كانت إشاعة فهذه جريمة تهدد الأمن القومي، ويجب أيضا كشف من يقف وراءها، ومن أطلقها في هذا التوقيت بالذات»، وهو ما يعني، حسبه، ضرورة إجراء تحقيق في محاولة الانقلاب، سواء أكانت جدية أم مفتعلة.
من جهتها، دعت سامية عبو، القيادية في حزب التيار الديمقراطي وعضوة لجنة الأمن والدفاع، إلى سجن لطفي براهم وزير الداخلية السابق، في حال ثبت أنه حاول تنفيذ انقلاب سياسي؛ مشددة على أن «ما يروج من إشاعات عن محاولة انقلاب أمر خطير للغاية، ولا يستوجب مجرد الإقالة فحسب؛ بل أيضا إجراء تحقيقات جدية ومحاكمة المسؤولين».
وأوضحت عبو أن إدخال البلبلة والفوضى إلى الشارع التونسي «أمر مقصود، للإيهام بوجود منقذ من خطر داهم»، وذلك في إشارة إلى رئيس الحكومة يوسف الشاهد، وطالبت بالاستماع إلى الوزير المقال ووزير الداخلية بالنيابة، مع تقديم توضيحات رسمية أمام اللجنة البرلمانية المذكورة.
في السياق ذاته، استبق غازي الجريبي، وزير العدل ووزير الداخلية بالنيابة، هذه المساءلة البرلمانية بقوله في تصريح إذاعي، إن ما راج حول وجود محاولة انقلاب سياسي «يبقى مجرد معلومات صحافية لا غير، ولا تتطلب فتح تحقيق قضائي»، مبرزا أنه لم يتسن له حتى الآن «الحصول على ملف جدي يحتوي عناصر أساسية تخول لي إحالة هذا الملف على النيابة العامة» حسب تعبيره.
وبخصوص التعيينات الجديدة على رأس الإدارات الأمنية، وإن كانت قد جرت في إطار تطهير الداخلية من العناصر الداعمة للانقلاب المزعوم، قال الجريبي إن التغييرات التي تم إقرارها في وزارة الداخلية «كانت بنسبة 95 في المائة لسد الشغور الحاصل على مستوى الإدارة العامة للأمن والحرس الوطني، والمصالح الإدارية الأمنية الأخرى، فيما جاءت النسبة المتبقية لتسوية بعض الوضعيات الإدارية، وتثبيت البعض في مناصبهم الوظيفية».
أما بشأن الأشخاص الذين يخضعون للإقامة الإجبارية دون محاكمات أو تهم واضحة، فقد أوضح الجريبي أنها «إجراءات قانونية سليمة»، ترتكز على قانون الطوارئ، مشيرا إلى أن عدد الأشخاص الذين تم وضعهم تحت الإقامة الإجبارية في إطار حملة مكافحة الفساد، التي انطلقت في شهر مايو (أيار) 2017، بلغ 22 شخصا، بينهم 12 تم إيداعهم السجن، والبقية في حال سراح.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.