وفد إريتري إلى إثيوبيا... وأفورقي يرحب بـ «رسائلها الإيجابية»

ضابط إثيوبي في المنطقة المتنازع عليها التي قررت أديس أبابا إرجاعها لإريتريا (رويترز) و(في الاطار) الرئيس الإريتري أسياس أفورقي (صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية)
ضابط إثيوبي في المنطقة المتنازع عليها التي قررت أديس أبابا إرجاعها لإريتريا (رويترز) و(في الاطار) الرئيس الإريتري أسياس أفورقي (صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية)
TT

وفد إريتري إلى إثيوبيا... وأفورقي يرحب بـ «رسائلها الإيجابية»

ضابط إثيوبي في المنطقة المتنازع عليها التي قررت أديس أبابا إرجاعها لإريتريا (رويترز) و(في الاطار) الرئيس الإريتري أسياس أفورقي (صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية)
ضابط إثيوبي في المنطقة المتنازع عليها التي قررت أديس أبابا إرجاعها لإريتريا (رويترز) و(في الاطار) الرئيس الإريتري أسياس أفورقي (صورة وزعتها وزارة الإعلام الإريترية)

في تطوُّر لافت للانتباه، أعلن، أمس، الرئيس الإريتري أسياس أفورقي أنه يعتزم إرسال وفد إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، بينما رحَّب على الفور رئيس وزراء إثيوبيا أبيي أحمد بهذه الخطوة في سابقة هي الأولى من نوعها تؤشر لمرحلة جديدة في العلاقات بين الجارين اللدودين في منطقة القرن الأفريقي. وقال أفورقي في خطاب ألقاه أمس خلال فعالية لإحياء يوم الشهداء في العاصمة أسمرة، وزعته لاحقاً وزارة الإعلام الإريترية على الصحافيين مكتوباً: «سنرسل وفداً إلى أديس أبابا لقياس التطورات الحالية بشكل مباشر وعمق ووضع خطة للعمل المستقبلي المستمر».
وأنعش أفورقي البالغ من العمر (72 عاماً)، الآمال في حدوث انفراجة في واحد من أصعب الصراعات في أفريقيا عندما وصف مفاتحات السلام الأخيرة من جانب إثيوبيا، العدو اللدود لبلاده، بأنها «رسائل إيجابية»، وقال إنه سيرسل «وفداً إلى أديس أبابا للتعرف على موقف رئيس وزرائها الجديد» لرسم ما وصفه بـ«خطط مستقبلية».
واعتبر أن الشعبين الإريتري والإثيوبي، فقدا فرصة لجيلين ولأكثر من نصف قرن بسبب السياسات المصممة لتعزيز الأجندات العالمية الخارجية، لافتاً إلى أن الأحداث والتطورات التي تطورت في منطقتنا بشكل عام، وفي إثيوبيا على وجه الخصوص، في الفترة الأخيرة، تستحق الاهتمام المناسب.
واتهم الحزب الحكام بقيادته السابقة في إثيوبيا، بالمسؤولية عن إحباط النمو الإيجابي الثنائي والإقليمي الشامل الذي قال إنه كان يمكن تحقيقه من خلال موارد وقدرات البلدين مضيفاً: «27 عاماً هي فترة طويلة، وبالتالي فإن الخسائر المتكبدة والوقت الضائع هي كبيرة من حيث هذا المعيار».
ورأى أن الاحتجاجات التي ظهرت أخيراً في إثيوبيا، قد عجلت «نهاية الخدع، وأن اللعبة قد انتهت»، مشيراً إلى أن «إثيوبيا الآن في نقطة تحول أو انتقال». وتساءل: ما الوجهة؟ كيف سيحقق هذا؟ مضيفاً: «هذه أسئلة في الوقت المناسب يجب طرحها، ولكن الاتجاه الإيجابي الذي تم تحريكه واضح وضوح الشمس».
وقال إن تلميح رئيس وزراء إثيوبيا بالاستعداد للتخلي عن منطقة حدودية متنازع عليها بين البلدين، سيثير على الأرجح اعتراضات داخل الائتلاف الإثيوبي الحاكم، نشأ من رغبة البلدين في تحقيق «سلام» طويل المدى. وأضاف: «الإشارات الإيجابية التي صدرت الأيام الماضية يمكن اعتبارها تعبيرا عن هذا الخيار الشعبي. نستطيع القول إن هذه الرسائل الإيجابية... إشارات إلى خيار الشعب».
وهذا هو أول رد من إريتريا على تعهد أبيي المفاجئ هذا الشهر بمراعاة كل شروط اتفاق سلام أنهى حرباً اندلعت بين البلدين من عام 1998 إلى عام 2000. وشبه البعض هذا النزاع بالحرب العالمية الأولى مع إجبار دفعات من المجندين على السير عبر حقول ألغام نحو خنادق إريترية حيث حصدتهم نيران الرشاشات الآلية، إذ من المعتقد أن ما يصل إلى 80 ألفاً سقطوا قتلى في هذه الحرب.
وحتى بعد انتهاء الحرب، بقيت التحصينات العسكرية على الحدود المتنازع عليها خاصة عند بلدة بادمي التي أفاد تحكيم دولي في 2002 بأنها جزء من إريتريا، ومنذ ذلك الحين، تجاهلت أديس أبابا الحكم ورفضت سحب القوات أو المسؤولين، مما أثار غضب أسمرة.
لكن أبيي (41 عاماً) الذي شرع في إصلاحات اقتصادية وسياسية جذرية منذ توليه رئاسة الوزراء في شهر مارس (آذار) الماضي، فاجأ الإثيوبيين هذا الشهر بقوله إن أديس أبابا ستحترم جميع شروط التسوية بين البلدين، ملمحاً إلى استعداده للتنازل عن بادمي.
وكان دبلوماسي إريتري بارز قد قال إن أفورقي سيرسل وفداً إلى أديس أبابا «للتواصل البنَّاء» مع إثيوبيا بعد ما أبداه رئيس وزرائها الجديد من ميل للسلام، حيث كتب سفير إريتريا لدى اليابان استيفانوس أفورقي على «تويتر» أن الرئيس أسياس أعلن عن هذه الخطوة التي قد تمثل تقدماً كبيراً في سبيل تسوية واحد من أطول النزاعات في أفريقيا.
وفى أول رد فعل من العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، نقل فيتسوم اريجا مدير مكتب رئيس الوزراء الدكتور أبيي أحمد أنه شكر وهنأ الرئيس إسياس أفورقي على الرد الإيجابي على مبادرة السلام والمصالحة في إثيوبيا. كما أعرب عن استعداده للترحيب بحرارة بالوفد الإريتري في أديس أبابا.
ولا تربط إريتريا علاقات دبلوماسية بإثيوبيا، وإن كانت لها سفارة في أديس أبابا في إطار تمثيلها في الاتحاد الأفريقي الذي يوجد مقره في العاصمة الإثيوبية. وأقر أبيي في البرلمان هذا الأسبوع بأن التوترات تكبِّد البلدين خسائر اقتصادية كبيرة، وقال إن على أديس أبابا التوقف عن إخفاء هذا الأمر عن الشعب الإثيوبي، وهو ما يمثِّل أيضاً نقطة تحول عن الماضي.



«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
TT

«فاغنر» تعتقل 6 موريتانيين وسط مخاوف من «انتهاكات»

عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)
عناصر «فاغنر» في مالي (أ.ب)

اعتقلت وحدة من مقاتلي «فاغنر» الروسية الخاصة 6 مدنيين موريتانيين على الأقل في إحدى القرى الواقعة داخل الشريط الحدودي بين موريتانيا ومالي، وفق ما أكدت مصادر محلية وإعلامية موريتانية، الثلاثاء.

وقالت المصادر إن مجموعة من مقاتلي «فاغنر» دخلوا قرية لقظف، الواقعة على بُعد 40 كيلومتراً إلى الجنوب من مدينة باسكنو، أقصى جنوب شرقي موريتانيا، غير بعيد عن الحدود مع دولة مالي. مؤكدةً أن جميع سكان قرية لقظف يحملون الجنسية الموريتانية، رغم أن القرية تقع داخل شريط حدودي «غير مرسَّم»، وبالتالي تتداخل فيه صلاحيات البلدين: مالي وموريتانيا.

موريتانيان معتقلان من طرف مجموعة «فاغنر» (إعلام محلي)

وبسبب غياب ترسيم الحدود، نفَّذ الجيش المالي المدعوم من قوات «فاغنر»، خلال العامين الأخيرين، عمليات عسكرية كثيرة داخل الشريط الحدودي، ضمن ما تطلق عليه مالي «مطاردة العناصر الإرهابية»، لكنَّ هذه العمليات راح ضحيتها عشرات المدنيين الموريتانيين.

اقتحام واختطاف

وصفت المصادر المحلية ما حدث أمس في القرية بأنه «عملية اختطاف» تعرَّض لها ستة مواطنين موريتانيين، فيما تداول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي صور وأسماء «المختطفين»، وكان بعضهم يحمل بطاقة تعريفه الموريتانية.

وحسب المصادر نفسها، فإن قوات «فاغنر» اقتحمت القرية خلال تنظيم سوق محلية أسبوعية، وأطلقوا وابلاً من الرصاص في الهواء، قبل أن يجمعوا رجال القرية، ويقرروا توقيف 7 أشخاص، أفرجوا عن واحد منهم لاحقاً، كما صادروا خمس سيارات رباعية الدفع وعابرة للصحراء، تعود ملكيتها إلى رجال من القرية.

في غضون ذلك، نشرت الصحافة المحلية أن قوات «فاغنر» نقلت الموقوفين الستة إلى مدينة نامبالا، داخل أراضي مالي، وسلَّمتهم للجيش المالي، وسيجري نقلهم إلى العاصمة باماكو، «تمهيداً لإطلاق سراحهم»، على حد تعبير صحيفة محلية.

رعب «فاغنر»

خلال العامين الأخيرين قُتل عشرات الموريتانيين على يد الجيش المالي وقوات «فاغنر» الروسية، داخل الشريط الحدودي بين البلدين، وحتى داخل أراضي مالي، وهو ما أسفر عن برود في العلاقة بين البلدين، كاد يتطور إلى قطيعة نهائية.

وقُتل أغلب هؤلاء الموريتانيين بطرق بشعة، من بينها الحرق والدفن في قبور جماعية، مما أشعل موجة غضب عارمة في الشارع الموريتاني، لكنَّ الماليين برَّروا ذلك بالحرب التي يخوضونها ضد الإرهاب، والتي دعت الموريتانيين إلى اصطحاب هوياتهم، والابتعاد عن مناطق الاشتباك.

قوات موريتانية على الحدود مع مالي (أ.ف.ب)

ومنذ أكثر من عامين، تجري معارك عنيفة بين الجيش المالي المدعوم من «فاغنر» من جهة، و«جبهة تحرير ماسينا» التابعة لتنظيم «القاعدة» في منطقة على الحدود مع موريتانيا، وتحدث مطاردات تنتهي في الغالب داخل الشريط الحدودي.

شريط حدودي رمادي

يمتد الشريط الحدودي بين البلدين على أكثر من ألفي كيلومتر، وبعمق يزيد على 10 كيلومترات، حيث تقع فيه عشرات القرى التي يقطنها سكان من البلدين، دون تحديد إن كانت موريتانية أم مالية.

وحاول البلدان ترسيم الحدود عدة مرات منذ الاستقلال عن فرنسا قبل ستين عاماً، لكنَّ هذه المحاولات لم تُفضِ إلى نتيجة، ليشكل البلدان بعد ذلك لجنة مشتركة لتسيير الحدود.

وسبق أن هددت السلطات الموريتانية، التي احتجت على ما يتعرض له مواطنوها، بالرد والتصعيد أكثر من مرة، وطالبت في الوقت ذاته مواطنيها بالانسحاب من هذه المنطقة، حتى تنتهي المعارك. لكنَّ سكان المنطقة الحدودية من البدو، المشتغلين بتربية الأبقار والإبل والأغنام، ويعيشون منذ قرون على التحرك في المنطقة، بحثاً عن الماء والمرعى، لا يمتلك أغلبهم أي أوراق مدنية، وبعضهم الآخر يحوز الجنسيتين؛ الموريتانية والمالية.

ومع تصاعد استهداف الموريتانيين، زار قائد الجيش المالي نواكشوط، مطلع مايو (أيار) الماضي، وعقد لقاءات مطولة مع قائد الجيش الموريتاني ووزير الدفاع، أسفرت عن تشكيل لجنة مشتركة، والاتفاق على تنسيق العمليات على الأرض.

الرئيس الموريتاني أجرى مشاورات مع المسؤولين في مالي لمنع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي بلاده (أ.ف.ب)

وكان الهدف من هذا التنسيق، حسبما أعلن الطرفان، هو منع تسلل أي إرهابيين محتملين إلى أراضي موريتانيا، لكن أيضاً تفادي أي استهداف للموريتانيين بالخطأ داخل الشريط الحدودي. ومنذ ذلك الوقت لم يُقتَل أي مواطن موريتاني داخل الشريط الحدودي، فيما تراجعت بنسبة كبيرة تحركات قوات «فاغنر» في الشريط الحدودي، وتعد عملية توقيف الموريتانيين (الثلاثاء) الأولى من نوعها منذ ستة أشهر.