«داعش» يعاود نشاطه في مناطق صحراوية وسط العراق

نسوة تعتقل قوات الأمن العراقية أزواجهن بشبهة الارتباط بـ«داعش» في مخيم للنازحين قرب كركوك شمال العراق في أبريل الماضي (أ.ب)
نسوة تعتقل قوات الأمن العراقية أزواجهن بشبهة الارتباط بـ«داعش» في مخيم للنازحين قرب كركوك شمال العراق في أبريل الماضي (أ.ب)
TT

«داعش» يعاود نشاطه في مناطق صحراوية وسط العراق

نسوة تعتقل قوات الأمن العراقية أزواجهن بشبهة الارتباط بـ«داعش» في مخيم للنازحين قرب كركوك شمال العراق في أبريل الماضي (أ.ب)
نسوة تعتقل قوات الأمن العراقية أزواجهن بشبهة الارتباط بـ«داعش» في مخيم للنازحين قرب كركوك شمال العراق في أبريل الماضي (أ.ب)

تشهد المناطق الصحراوية وسط العراق تزايدا في تحركات تنظيم داعش خصوصاً بعد العثور على جثث سبعة من رعاة الأغنام بين ثلاثين شخصاً من عشيرة شمر كانوا تعرضوا للخطف في منطقة تقع بين الشرقاط والحضر، شمال بغداد، بحسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.
وفي حادثه منفصلة، قام عناصر التنظيم بخطف ثلاثة من سائقي الشاحنات على الطريق السريع جنوب مدينة كركوك المجاورة لمحافظة صلاح الدين قبل أن يقوموا بقتلهم.
وتثير حوادث الخطف والقتل التي حدثت مؤخرا مخاوف من عودة «الدواعش» الذين طردوا من المدن بعد ثلاث سنين من سيطرتهم عليها.
وعلى إثر ذلك، أعلنت قيادة العمليات المشتركة انطلاق عمليتي تفتيش واسعتين النطاق في محافظتي ديالى وصلاح الدين، شاركت فيها قيادة العمليات وقوات «الحشد الشعبي»، استهدفت مجموعة من القرى.
وقال علي النواف رئيس مجلس قضاء الدور لوكالة الصحافة الفرنسية إن «قوات تنظيم داعش الإرهابي هاجمت عدة قرى متفرقة الأحد وخطفت 30 شخصاً». وأضاف: «عثرنا على جثث سبعة من الضحايا والقوات الأمنية لا تزال تبحث عن الباقين».
ونشر ناشطون صوراً للضحايا وجميعهم يرتدون «الدشداشة» ومعصوبي الأعين بكوفيات حمراء ومقيدي الأيدي ووجوههم إلى الأرض والدماء تحيط بهم.
وتابع النواف بأن «هذه المناطق كانت آهلة بالسكان لكنها الآن شبه خالية بسبب تهديدات الإرهابيين، باستثناء أعداد قليلة من عشائر شمر من رعاة الأغنام. إنهم أناس عزل لا يملكون قطعة سلاح واحدة، تعاقبت عليهم قوات عدة كانت تصادر أسلحتهم، من القوات الأميركية في البداية، ولاحقاً (داعش)، وبعدها الحشد والجيش، كل قوة تأتيهم تصادر سلاحهم».
والقرى التي تعرضت هذه المرة للهجوم تسكنها قبائل شمر الموالية للحكومة والتي حاربت المتشددين على مدى السنوات الثلاث الأخيرة.
وأعلن العراق «النصر» على «داعش» في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، وتراجعت معدلات العنف في البلاد بشكل كبير بعد المعارك التي خاضتها القوات العراقية طوال ثلاث سنوات تمكنت خلالها من استعادة غالبية المناطق التي سيطر عليها المتشددون عام 2014. وبعد الخسارة الكبيرة التي لحقت بهؤلاء الذين فقدوا السيطرة على المدن وبينها الموصل، انسحبوا إلى المناطق الصحراوية مستغلين الجغرافية الصعبة لهذه المناطق بغية شن هجمات، بحسب الوكالة الفرنسية.
إلى ذلك حذر الشيخ هيثم الشمري، أحد وجهاء شمر التي ينتمي إليها معظم الضحايا من «ظهور خلايا داعش مجدداً في مناطق الحضر وجزيرة سامراء والطريق المثلث بين كركوك وصلاح الدين». وأشار إلى «تزايد الخروقات التي تحدث على الحدود من جهة البوكمال»، لافتاً إلى «معلومات تشير إلى دخول عناصر داعش الأراضي العراقية».
وناشد النواف رئيس المجلس البلدي لقضاء الدور في محافظة صلاح الدين رئيس الوزراء والقيادات العسكرية وضع حد للخروقات في مناطق الحضر وجزيرة صلاح الدين. وقال إن «داعش بدأ يتجول في هذا المناطق في وضح النهار بعد أن كان لا يجرؤ على الخروج سوى في الليل». ووقعت عمليات الخطف في مناطق صحراوية مشتركة إدارياً بين محافظتي صلاح الدين ونينوى.
والدليل على تنامي نشاط «داعش»، بحسب المسؤول المحلي، ظهور عناصر التنظيم في وضح النهار في تلك المناطق بسب خلوها من قوات الأمن. وأضاف النواف أن «السكان هناك يشاهدونهم يجوبون المنطقة أحيانا بسيارة أو سيارتين، وأحياناً بواسطة رتل من عشر سيارات».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.