سيغيف المتهم بالتجسس لإيران تسبب بـ «اختراق كبير» لأمن إسرائيل

مسؤولون سابقون في «الشاباك» يعتقدون بوجود جواسيس آخرين

سيغيف بين شرطيين في المحكمة في تل أبيب (أ.ف.ب)
سيغيف بين شرطيين في المحكمة في تل أبيب (أ.ف.ب)
TT

سيغيف المتهم بالتجسس لإيران تسبب بـ «اختراق كبير» لأمن إسرائيل

سيغيف بين شرطيين في المحكمة في تل أبيب (أ.ف.ب)
سيغيف بين شرطيين في المحكمة في تل أبيب (أ.ف.ب)

على الرغم من محاولات المخابرات الإيرانية والإسرائيلية التقليل من خطورة تجنيد وزير الطاقة الأسبق في حكومتي إسحق رابين وشيمعون بيرس، جونين سيغيف، أكد مصدر أمني كبير في تل أبيب أن ما قام به المتهم خلال 6 سنوات متواصلة، من دون أن يكتشف أمره، أحدث اختراقاً كبيراً، وألحق أضراراً أمنية من الصعب إحصاؤها في هذه المرحلة، ليس لإسرائيل وحدها، بل لدول أخرى تعاطى معها ومع دبلوماسييها، فيما توقع مسؤولون سابقون في جهاز الأمن الإسرائيلي العام (الشاباك) أن «يكون هناك المزيد من الجواسيس الإسرائيليين الذين يعملون لصالح أعدائها».
فقد كان سيغيف صاحب عيادة طبية ناجحة، تحولت إلى مركز طبي كبير، في مدينة أبوجا في نيجيريا. وبالإضافة إلى الاتهامات الواردة في لائحة الاتهام الرسمية، التي بقيت بمعظمها سرية يحظر نشرها، تخشى المخابرات الإسرائيلية أن يكون زوار العيادة من الدبلوماسيين الإسرائيليين والأجانب قد تعرضوا لعمليات اختراق لحواسيبهم.
ويقول جنرال كبير سابق في «الشاباك» إن «سيغيف كان وزيراً للطاقة، وقريباً من المعلومات الأمنية الدقيقة قبل 22 عاماً (1995 - 1996)، ولذلك فإن المعلومات التي يملكها تعتبر قديمة، ولا يشكل نقلها للإيرانيين خطراً فادحاً، لكنه تمكن من الإفادة من موقعه الرفيع السابق والعلاقات الواسعة التي أقامها، وسعى إلى توسيعها عبر السنين. ومن بين معارفه عدد غير قليل من الجنرالات السابقين في الجيش الإسرائيلي الذين تسرحوا من الخدمة، وخرجوا إلى أفريقيا يبحثون عن مستقبل اقتصادي. فهؤلاء وجدوا في سيغيف عنواناً للتعرف على رجال أعمال كثيرين من مختلف بلدان العالم، وبينهم إيرانيون يعتقد أنهم رجال أمن تخفوا كرجال أعمال».
ويضيف الجنرال المذكور: «هناك مشكلة أخرى خطيرة تكمن في المركز الطبي، فقد جند سيغيف إلى جانبه عدداً من الأطباء من مختلف دول العالم، وحرص على أن يكون مركزه الطبي بمستوى عالٍ، جذب دبلوماسيين من سفارات عدة، بينهم دبلوماسيون إسرائيليون».
ويتضح أن سيغيف يحمل سيرة ذاتية غنية بالتقلبات التي جعلت منه شخصية غريبة، وفي الوقت نفسه خطرة. وسيغيف من مواليد إسرائيل في عام 1956، بدأ طريقه في الجيش الإسرائيلي جندياً في سلاح الجو، لكنه استصعب الموضوع وانتقل إلى وحدة برية قتالية، ثم تدرج ليصل إلى رتبة ضابط. وخلال خدمته العسكرية، أصيب في أثناء لعبة لكرة السلة وأصبح معوقاً جزئياً، وحرص على الادعاء أنه أصيب خلال عملية قتالية. درس الطب وأصبح طبيب أطفال. وبسرعة شديدة، ترك الطب وانضم إلى رفائيل إيتان، رئيس أركان الجيش الأسبق، عندما أقام حزب «تسومت» اليميني في نهاية الثمانينات. وبعد اتفاقات أوسلو، خالف تعليمات إيتان، وصوت مع الاتفاقيات بشكل مفاجئ، فصبغه اليمين بدمغة الخيانة. وقد أخذه إسحق رابين وزيراً للطاقة في حكومته مكافأة على تصرفه. وبقي في الحكومة بعد اغتيال رابين، وتسلم شيمعون بيرس الحكم سنة 1996. وعندما فاز نتنياهو أول مرة، ترك سيغيف السياسة وتوجه ليعمل في قيادة إحدى شركات النفط في إسرائيل، وهي التي تدير مصانع تكرير البترول في حيفا.
وفي سنة 2003، علا نجم سيغيف من جديد في وسائل الإعلام، مع فضيحة الاتجار بالمخدرات. فقد ضبط في فندق في بلدة سكيبهول الهولندية وقد خبأ 32 ألف حبة «إكستازي»، لكنه تمكن من الإفلات والوصول إلى إسرائيل، بعد أن زيّف جواز سفره الدبلوماسي المنتهي الصلاحية. وهنا، تم اعتقاله ومحاكمته. وفي سنة 2005، قضت عليه المحكمة بـ5 سنوات ونصف السنة، و27 ألف دولار غرامة، وسحبت رخصة عمله كطبيب إلى الأبد. وخلال سجنه، اتضح أنه نفذ عمليات نصب واحتيال، ثم جرى إطلاقه في 2007، بعد أن تم تخفيض فترة الحكم نتيجة لحسن سلوكه.
وبدأت علاقات سيغيف مع الإيرانيين في سنة 1999، حيث قام قيس عبيد، المواطن العربي من مدينة الطيبة في إسرائيل، بالاتصال به والتحدث معه حول إمكانية التعاون التجاري. وعبيد كان رجل أعمال اعتقل في إسرائيل بتهمة الاتجار بالمخدرات وبالسلاح، وبالعلاقات مع «حزب الله» اللبناني. وقد تعاون سيغيف مع عبيد في تجارات مع الصين وأوروبا.
وفي سنة 2012، أقام سيغيف عيادته الطبية في نيجيريا، رغم أن المحكمة الإسرائيلية سحبت رخصته الطبية. وقد اتصل مع وزير الصحة الإسرائيلي يعقوب ليتسمان ليسترد رخصته، فلم يتجاوب معه. وتقول مصادر أمنية إن سيغيف حاول في هذه الأثناء أن ينتسب إلى الموساد (جهاز المخابرات الإسرائيلية الخارجية)، موضحاً أن بمقدوره الوصول إلى شخصيات إيرانية مهمة يحصل منها على معلومات، لكنه لم يقبل وشعر بالإهانة. وكما يقول يتسحاق إيلان، نائب رئيس جهاز «الشاباك» حتى عام 2010، فإن «هناك إشاعات أن سيغيف قام بما قام به بسبب المال، لكن هناك احتمالات أخرى، فقد كان يشعر أنه غير مرغوب فيه من قبل الإسرائيليين، فتولدت لديه دوافع للانتقام من إسرائيل». وعليه، فقد وجد طريقة للاتصال، بمبادرة منه، بالإيرانيين، منذ ذلك الوقت، وعمل 6 سنوات قبل أن يتم اكتشافه.
وذكر «الشاباك»، في بيان له، أنه تتبع خطوات سيغيف وتصرفاته الغريبة منذ سنوات، وانتظر أن يرتكب الخطأ الذي يوقعه، ليعتقله ويجلبه إلى البلاد. وفي مايو (أيار) الماضي، تم اعتقال سيغيف، بالتعاون بين الشرطة وأجهزة الأمن في إسرائيل وبين سلطات غينيا. فقد سافر من نيجيريا إلى غينيا الاستوائية، كما يبدو، بعد أن نجح طرف ما في إغرائه على الإقدام على هذه الخطوة. ورفضت غينيا إدخاله، وأرسلته إلى إسرائيل بناء على طلب من الشرطة الإسرائيلية. وفور وصول سيغيف إلى البلاد، تم إخضاعه للتحقيق من قبل الشرطة و«الشاباك»، بعد جمع معلومات أسست لأدلة على أن سيغيف طور علاقات مع جهات في الاستخبارات الإيرانية، وساعدها في أنشطتها ضد إسرائيل، بل سافر إلى إيران مرتين، حيث أجرى لقاءات وجلسات مع مشغليه من الاستخبارات الإيرانية. ويرجح أن سيغيف حصل أيضاً على معدات وآليات تستخدم في التجسس، وعلى وسائل ورموز سرية تساعده في التواصل مع المخابرات الإيرانية.
وأوضحت تحقيقات «الشاباك» أن الوزير الإسرائيلي الأسبق للطاقة سلم معلومات للمخابرات الإيرانية حول قطاع الطاقة الإسرائيلي، ومعلومات عن المنشآت الأمنية، وكذلك معلومات عن شخصيات سياسية وأمنية وعسكرية بارزة. ولكي يقوم سيغيف بالمهام التي أوكلت إليه من قبل المخابرات الإيرانية، اعتاد على الاتصال والتواصل مع مواطنين في إسرائيل على تماس بمجال الأمن والعلاقات الخارجية والدبلوماسية، حيث نشط سيغيف من أجل الوساطة بين مواطنين من إسرائيل والمخابرات الإيرانية.
لكن محامي الدفاع عنه يقولون إن لائحة الاتهام مضخمة، وإن بيان «الشاباك» مضخم أكثر، وهناك هوة سحيقة بين الحقيقة وما يقال. غير أن المحكمة رأت الأمر بشكل مخالف، وقررت تمديد اعتقاله حتى انتهاء المحاكمة، ما يعني أنها تصدق الاتهامات ضده. وأول ما قاله في التحقيق إنه حاول فتح طريق لخدمة الموساد.

جواسيس سابقون في إسرائيل
> عرفت إسرائيل، عبر تاريخها، كثيراً من الجواسيس الذين عرضوا وقدموا خدماتهم لدول معادية، بدءاً بجواسيس خدموا الدول العربية، وجواسيس لروسيا ولإيران وغيرهما. وقد كانت إسرائيل يقظة إزاء خطر نشوء جواسيس فيها منذ البداية، بل بالغت في حساباتها، فكانت تعتقل كثيرين من اليهود الذين هاجروا إليها من الدول العربية، ووضعت قادتهم موضع شك، ويقال إن أحد أسباب التوجه العنصري لليهود الشرقيين من اليهود الغربيين (الأشكناز) هو الخوف من أن يكونوا جواسيس. وقد أدى ذلك إلى خلود الشرقيين إلى أحزاب اليمين، ومحاولة إثبات إخلاصهم لإسرائيل عن طريق تبني مواقف عنصرية وعدائية ضد العرب.
وكانت الدوافع للتجسس مادية بالأساس، ولكن إسرائيل شهدت أيضاً جواسيس يهود عقائديين؛ شيوعيون تجسسوا لصالح الاتحاد السوفياتي، أو عامل في مفاعل ديمونا أراد فضح التسلح النووي، وهكذا.
من أبرز الجواسيس الذين ضبطوا:
- في سنة 1954، تم ضبط جاسوس لصالح مصر، هو ألكسندر يسرائيل. وقد قام الموساد بخطفه في أوروبا بعد تنويمه، لكن يبدو أن التنويم تم باستخدام مادة لا تلائمه، فتوفي في الطائرة، وألقوا به من الطائرة في البحر المتوسط.
- في سنة 1956، ألقي القبض على الدبلوماسي الإسرائيلي زئيف أفني، الذي أدين في المحكمة بتهمة التجسس لصالح روسيا، ونقل معلومات لها عن نشاطات عسكرية، وحكم عليه بالسجن 14 عاماً.
وفي السنة نفسها، تم اعتقال ألكسندر يولين الذي أدين بتهمة التجسس لصالح مصر وبعض دول أوروبا الشرقية. وبعد آخر زيارة للقاهرة، سلم نفسه للشرطة، وعرض أن يكون جاسوساً مزدوجاً، فرفضوا وحكموا عليه.
- في الخمسينات، عرفت قصة تجسس أخرى لصالح مصر، حظر نشر تفاصيلها الدقيقة. فقد تم إرسال مجموعة من رجال الموساد إلى مصر لينفذوا عمليات تفجير ضد أهداف أميركية في القاهرة والإسكندرية، بهدف تخريب العلاقات الودية التي بدأت تتطور بين الولايات المتحدة ومصر. أحد هؤلاء، ويدعى أبري غلعاد، قرر أن يسلم نفسه للمخابرات المصرية، وكشف عن المخطط، وتم إجهاضه، وتمكنت إسرائيل من خطفه ومحاكمته فيها، ثم هجرها بعد انقضاء محكوميته.
- في سنة 1960، حوكم عالم الفيزياء العالمي البروفسور كورت سيطا بتهمة التجسس لصالح تشيكوسلوفاكيا، الدولة التي هاجر منها. وكان سيطا عضواً في لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية، وتبين أنه لم يسلم معلومات كبيرة، فاكتفوا بالحكم عليه بالسجن 5 سنوات.
- سنة 1961، اعتقل الجنرال يسرائيل بار الذي كان معروفاً بقربه من رئيس الوزراء الأول ديفيد بن غوريون، وحكم عليه بالسجن 15 سنة بتهمة نقل معلومات عسكرية خطيرة إلى الاتحاد السوفياتي.
- في سنة 1973، تم القبض على تنظيم تجسس لصالح سوريا، قاده اليهودي إساف أديب، ومعه عدد من النشطاء العرب من فلسطينيي 48، وقد حكم عليه بالسجن 12 عاماً.
- في سنة 1983، حكم على ماركوس كلينبيرغ بالسجن 20 سنة، بعد إدانته بالتجسس لصالح الاتحاد السوفياتي لأسباب آيديولوجية.
- في سنة 1987، حكم على شبتاي كلامنوفتش بتهمة التجسس للاتحاد السوفياتي، وحكم عليه بالسجن 9 سنوات.
- في سنة 1988، حكم على مردخاي فعنونو بالسجن 18 عاماً، بعد إدانته بتهمة نقل أسرار المفاعل النووي في ديمونا إلى صحيفة «صنداي تايمز»، وقد تم خطفه من إيطاليا سراً، ونقل إلى إسرائيل.
- في 1997، ألقي القبض على رجل الأعمال ناحوم عنبار، وحكم عليه بالسجن 16 عاماً بعد إدانته بالتجسس لصالح إيران.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.